تضمين التراث الاسلامي في مسرح عدنان مردم بيك – فاتن حسين ناجي

عدنان مردم بيك
عدنان مردم بيك

تضمين التراث الاسلامي في مسرح عدنان مردم بيك – فاتن حسين ناجي

ولد الشاعر المسرحي عدنان مردم بك في سوريا عام (1917 _1988م) ويعد رائدا مهما من روّاد كتاب المسرحية الشعرية في الوطن العربي، حيث جاء تركيزه على جمالية اللغة العربية في الكثير من نصوصه التي حملت صوتا شعريا يفوق الصوت الدرامي، وبهذا نجد ان شعرية والده خليل مردم بيك قد أثرت عليه بصورة مباشرة وعلى مدى منتجه المسرحي في صورته الخاصة.

ومن خلال صياغته معظم اعماله المسرحية، على وجه الخصوص، ضمن اطار شعري لربما كان صعبا ايجاده في ذلك الوقت مع انتشار المسرحية النثرية، الأمر الذي اعطى لمسرحيات الكاتب خصوصية عالية من حيث الصياغة والتنظيم والوزن الشعري.
نشر مردم مسرحيته الأولى (فتح عمورية) وهو في عمر ستة عشر عاماً. ورغم عمره الصغير الا ان صياغة الحدث الدرامي للمسرحية جاء ذو توازن متكامل، وبعد عام واحد نشر مسرحية «عبد الرحمن الداخل» وأتبعها مسرحية «مصرع الحسين»، ثم نظم مسرحية «جميل بثينة»..
لينقطع بعد ذلك مدّة لا بأس بها عن النشر استمرت حتى العام 1956.
جاءت بعدها مسرحيات (غادة أفاميا، العباسة، الملكة زنوبيا، الحلاج، رابعة العدوية…) وفي إبداعاته المسرحية الشعرية هذه، ركز على توظيف مصادر التراث بصورة خاصة، من خلال تناوله شخصيات اسلامية تراثية امثال الحلاج ورابعة وحتى العباسة التي اثارت انذاك اعجاب الكثير من كتاب المسرح المعاصرين، ليؤلف بعد ذلك مسرحية «مصرع غرناطة».. ثم المسرحيات التالية: (فلسطين الثائرة)، (فاجعة مايرلنغ)، (ديوجين الحكي)، (دير ياسين) ،(أبو بكر الشبلي)، (المغفّل)، (القزم).

اعتمد مردم على استدعاء النصوص التراثية المتداولة، وضمنها في بنية النص المسرحي بصورة الحاضر. ليُحدث نوعا من التلاحم البنيوي بين كلا النصين، القديم والمعاصر.. وتناول القضايا التاريخية التي حدثت تناولا موغلا وليست لمجرد انها ظواهر تاريخية حدثت وانتهت بانتهاء المحدد الزمني وإنما لأنها تمتلك دلالات شمولية قابلة للتجدد عبر مختلف الفترات .

ومن بين مجمل مسرحياته التي تحدث فيها عن التراث الاسلامي بصورة مباشرة وشاملة، هي مسرحية الحلاج، والتي تتحدث عن قصة الصوفي العربي (الحسين بن منصور الحلاج) وقد ابرز فيها مردم تأثره بالفكر الصوفي الذي لم يتناوله فقط في مسرحية الحلاج، بل جاءت النظرة والمعالجة الصوفية واسعة كذلك في مسرحية رابعة العدوية..
والملاحظ أن مردم بصوته الشعري واللغوي لم ينقل الصورة والابيات نقلا حرفيا بل إنه حور وبدل ووظف بعضا من الابيات توظيفا يخدم المعنى المراد التعبير عنه ويتناسب مع الفكر المعاصر، والذي اتخذ شكلا آخر مغايرا للصورة التي تناولها صلاح عبد الصبور من حيث الشكل في تضمين صورة معاصرة للحادثة التاريخية، مؤكدا مردم على الموقف السياسي الذي سلط عليه الضوء أكثر مما سلط عليه عبد الصبور.. محاولا ربط ما هو معاصر بما هو تراثي او قديم.

بنتاه كل حقيقة        []          لا يفزعنّك باطلٌ
بحر وهل يطوى العباب    []   فالآثمون هم السراب .

فاتن حسن ناجي – العراق

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش