«الهيئة العربية للمسرح» تطلق صندوق الرعاية الاجتماعية للفنانين

.jpg
من حفل تكريم رواد المسرح في الأردن – مهرجان المسرح العربي

عمّان: محمد إسماعيل زاهر

مندوباً عن الملك عبدالله الثاني، عاهل الأردن، رعى وزير الثقافة الدكتور باسم الطويسي، حفل افتتاح مهرجان المسرح العربي في دورته ال12 التي أقيمت على مسرح قصر الثقافة في مدينة الحسين للشباب في العاصمة الأردنية عمان، بتنظيم من الهيئة العربية للمسرح بالتعاون مع وزارة الثقافة ونقابة الفنانين الأردنيين. واستهل الحفل الذي قدمه الفنانان أمل الدباس، والدكتور محمد واصف، بعرض توثيقي بصري لصور فنانين أردنيين بعضهم رحل عنا وما يزال في الذاكرة، بمصاحبة تعليق بصوت الفنان هشام الهنيدي، يؤكد دور الفنانين الأردنيين في الحركة الإبداعية، كما تم عرض فيديو قصير للأعمال المشاركة في المهرجان.

أصبح المسرح من المفردات الثقافية الدالة على الشارقة في الوطن العربي من الماء إلى الماء، هنا في يوم عرس المسرح العربي يجتمع مئات الفنانين من مختلف أقطار الخليج والمغرب والجزائر وتونس ومصر والأردن ولبنان والسودان، الكل يحدوه الشغف لمتابعة ما سيتضمنه المهرجان من عروض وندوات فكرية وتطبيقية، الكل يحمل المسرح في قلبه، والجميع يشعرون بالفرح وهم يتحدثون عن دعم الشارقة الدائم لأبي الفنون، ليس المهرجانات والندوات وحسب، ولكن ها هي أيضاً تدعم الفنان وترعاه بكافة الوسائل الممكنة، بوصفه الفاعل الأول والأساسي في نهضة مسرحية ينشدها الجميع.

جاء ذلك في افتتاح المهرجان الذي شهد تكريم نخبة من رواد المسرح الأردنيين، وجاءت كلمات المتحدثين أيضاً لتعبر عن هموم المسرحيين العرب، خاصة في تلك اللحظة المفصلية التي تمر بها المنطقة، فالمسرح أداة للم الشمل وتجاوز الخلافات، ووسيلة فعالة ومهمة في مواجهة قوى الظلام التي لا تريد لبلادنا أي خير.

المسرح أكثر من فن يهدف إلى الإمتاع والتثقيف، إنه مدرسة فكرية لإنارة العقول، وزرع قيم المحبة والسلام في القلوب.

بدت جميع المفردات السابقة واضحة بقوة من خلال كلمات إسماعيل عبدالله الأمين العام للهيئة العربية للمسرح، والفنان البحريني خليفة العريفي الذي ألقى كلمة اليوم العربي للمسرح، وكلمة نقيب الفنانين الأردنيين حسين الخطيب.

وبعد أن أعلن إسماعيل عبدالله عن إطلاق صندوق الرعاية الاجتماعية للمسرحيين، أشار إلى أهمية رابطة أهل المسرح قائلاً: «رابطة تتطور بتطور وعينا وجهدنا لتكون عوناً لكل أهل المسرح، المؤمنين به خلاصاً والمخلصين له، رابطة تهدف إلى المساهمة في حفظ كرامة المسرحيين».

يعي إسماعيل عبدالله قيمة المسرح ورسالته والآمال الكبيرة التي يعلقها عليه كافة المثقفين العرب، ومن هذا الوعي تحدث عن المسرح كأداة لكسر العزلة قائلاً: «نحن هنا في عمّان.. من أجل جسر الهوة وكسر العزلة، من أجل اللحمة في زمن التشرذم والقطيعة، من أجل أن ننسج معاً شمسنا الطالعة».

حامل المشعل

ويتابع عبدالله الحديث عن قيمة المسرح في اللحظة الراهنة بالقول: «لا مناص ولا خلاص بغير المسرح؛ سنام الثقافة ومحرابها، ولا خلاص بغير إعلاء ما يمثله من ديمقراطية، فهنا في المسرح تختلف المذاهب ويبقى المسرح جوهر الإجماع، هنا تختلف المشارب ويبقى المسرح سيد الإمتاع، هنا نختلف لكننا لا نفترق، هنا نتنوع ولا نقصي.. في هذا الزمن الصعب يظهر جوهر المسرحي المبدع الملتزم بإحياء الحياة في مواجهة الموت، في إيقاد نار المعرفة في مواجهة الظلام، في هذا الزمن ما أحوجنا للمسرحي المناضل حامل المشعل، حامل الراية، المتقدم الصفوف بالفن، المبشر بالسلام حين يغوص القتلة في الدم، فحين ينتعش تجار الموت يكون المسرحي رسولاً للحياة». ولفت عبدالله إلى أهمية الدراسة العلمية للمسرح، وضرورة توثيق مراحل المسرح العربي وتجاربه، إضافة إلى أهمية السجال المعرفي والعصف الذهني حول قضاياه، ومنح الشباب فرصاً لتجديد المسرح وتزويده بأفكار خلاقة.

البطولة الصورة

وتجاوبت كلمة خليفة العريفي في اليوم العربي للمسرح مع شعار المهرجان في هذه الدورة «المسرح معمل الأسئلة ومشغل التجريب»، حيث قدم رصداً تاريخياً للمسرح الذي بدأ محتفياً بالشعر والفلسفة والملاحم الكبرى، ولكن مسرح المستقبل سيركز على الصورة بالدرجة الأولى، فلم يعد البطل في هذا الفن هو الكاتب أو الممثل، ولم يعد المشاهد ينتظر تلك الحوارات الفكرية المطولة وأطروحاتها الذهنية النخبوية، ولكن البطل في المسرح الآن هو الصورة التي نبتت من مناخ العصر، حيث تحيط بنا من جهاتنا كافة: وسائل الإعلام، مواقع التواصل.. فالصورة تغزو حياتنا وتقض مضاجعنا وتؤرقنا، فلابد أن نستوعبها، ونؤسس نتيجة لذلك مسرحاً يخطف البصر. وذهب العريفي إلى أن المسرح العربي لا يزال متخلفاً في هذا المجال مقارنة بمسارح العالم، وطالب الفنانين العرب بضرورة الاهتمام بالصورة، وبالتجريب وكسر الأشكال التقليدية للعرض، والتفكير في وسائل جديدة تجذب الجمهور وتستعيد شغفه بالخشبة.

أما حسين الخطيب فأشار إلى أهمية أن يتحلى الجميع بإيمان أكبر بدور المسرح، وقال: «يجب أن نؤمن أكثر بالدور الحقيقي للمسرح، نمضي اليوم في هذه الدورة من المهرجان ونحن نتكاتف مع كل المبدعين، نتوهج وإياهم بمشاعل النور، نضيء العتمة بقناديل تبدد الظلام ونسمو بالحرية، وبقامات وهامات تطال السماء».

وتضمن حفل الافتتاح تكريم نخبة من رواد المسرح الأردنيين، ومنهم: حابس حسين، وحاتم السيد، وباسم الدلقموني، وخالد الطريفي، وعبد الكامل الخلايلة، ود. مجد القصص، ونادرة عمران، ونبيل نجم، ويوسف الجمل.

أما أوبريت الافتتاح فجاء تحت عنوان: «مغناة السنابل» إخراج محمد الضمور، وأشعار طارق شخاترة، وألحان د. ليندا حجازي، وتكون من مشاهد استعراضية غنائية راقصة تطرقت لكثير من القضايا، ففي أحد المشاهد تطالعنا رقصة التنورة الصوفية الشهيرة في دعوة إلى ترسيخ التسامح والمحبة بين البشر، وفي مشهد آخر يعلو صوت الشعر الحماسي مصحوباً بخلفية مصورة للمسجد الأقصى المبارك، وفي مشهد ثالث نجد أنفسنا في حضرة عرض أشبه بالباليه.

رابطة أهل المسرح

في ختام الدورة السابقة من أيام الشارقة المسرحية في مارس/آذار الماضي، أعلن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، عن تأسيس رابطة أهل المسرح بهدف دعم ورعاية المسرحيين العرب وذويهم، لمواجهة ظروف الحياة الصعبة، وبعد عدة أشهر قليلة أطلقت الهيئة العربية للمسرح أولى مراحل عمل الرابطة وتتمثل في «صندوق الرعاية الاجتماعية للمسرحيين». جاء ذلك خلال حفل افتتاح مهرجان المسرح العربي في دورته الثانية عشرة أمس الأول، بقصر الثقافة في العاصمة الأردنية عمان.

(الخليج)

شاهد أيضاً

وادي الذئاب تعيد للمسرح الصومالي حياته بعد ثلاثة عقود من التوقف

        وادي الذئاب تعيد للمسرح الصومالي حياته بعد ثلاثة عقود من التوقف …