المسرح ما بعد “كورونا” .. اسئلة ثقيلة ومستقبل مجهول – أحمد الطراونة #الأردن

أسئلة ما بعد كورونا

المسرح ما بعد “كورونا” .. اسئلة ثقيلة ومستقبل مجهول – أحمد الطراونة #الأردن 

(الرأي) عمان – لا احد يستطيع ادراك شكل عالم ما بعد “كورونا”، ورغم ان التركيز على المستقبل الصحي والاقتصادي لما بعد هذه الجائحة إلا ان الفن والأدب هو الاخر يتعرض لانقلاب خطير في آلية التعاطي معه ويظهر اكثر ارتباكا من غيره من الحقول الانسانية في التعاطي مع هذه الجائحة والتنبؤ بمالاتها.

لا مسرح بلا جمهور.

التأثيرات العميقة للأزمة على تغير المؤسسات المسرحية وأنماط إنتاجها سوف يأخذ وقتاً طويلاً كما يرى مسرحيون، الا ان المسرح وارث الادب او لحظة التجلي الانساني فيه هو الاخر يبدو غير قادر على ان يتحسس موطئ قدمه في هذا العالم الذي بات اكثر ارتباكا من اي وقت مضى، الامر الذي يدفع المشتغلين في المسرح لطرح اسئلة غاية في الخطورة تجاه مستقبل المسرح وامكانية تعاطيه مع هذه الجائحة وامكانية هضمها وإعادة انتاجها كنص انساني مهما كانت تراجيديته، كما يرى مراقبون.

ما هو مستقبل مهرجانات المسرح؟ وما هو مستقبل الانتاج للمسرح؟ وما هو مستقبل الكتابة للمسرح؟ وما هو شكل الاخراج الجديد بعد كورونا؟ هل سنرى أعمالا مسرحية تُقحم الموضوع بطريقة سطحية؟ هل سنرى مسرح توعوي كوميدي ساذج يلتهم قشور الفكرة ولا ينتج جديدا؟ هل سيتعطّل كل شيء وتعلّق الاسباب على شماعة الفيروس؟ يتساءل مسرحيون.

كيف ستكون طبيعة العروض القادمة؟ ماذا عن المنشآت المسرحية، وهل تسمح طبيعة الفن المسرحي بالاستجابة السريعة، أم أن الأمر يلزمه بعض الوقت ليستوعب المسرحي خلاله ما حدث ويتأمله عميقاً، ثم يأتي الإبداع لاحقا؟

يجمع مسرحيون عرب ومحليون على ان الإبداع الحقيقي في المنتج الأدبي والفني عامة لا يتحقق بشكل آني متزامناً مع مظاهر أو حوادث حياتية شكلية سريعة وانما يحتاج ذلك الى صهر حقيقي لاستخراج جوهر المعاناة والمكابدة الانسانية في مقاومة اي جائحة، وكلما كان النص الابداعي اكثر انسانية كلما كان اكثر حضورا وخلودا في الذاكرة.

ويرى مسرحيون ان العالم مسرحيا ما بعد كورونا يخضع لعلاقة الكاتب والمبدع ومدى انصهاره مع التجربة وتأثره فيها، وقدرته على تحويل هذه التجربة الى نص ادبي او نص بصري يقفز فوق الشكل ويذهب الى العمق حتى لا يظهر الفعل المسرحي يعتمد على اللحظة ويغيب معها.

ويؤكد مسرحيون ان جائحة كورونا كانت سبباً في تغيير العالم بكل قطاعاته، والمسرح هو جزء من هذه القطاعات ويتأثر ويؤثر بشكل مباشر او غير مباشر فيها، وهذا يؤكد ان هناك مرحلة فنية انتهت هي ما قبل كورونا وسيظهر مسرح يعبر عن وجع الناس وحاجاتهم وظروفهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وان هنالك تغييراً جذرياً فى شكل المسرح فنياً وأدبياً، وستظهر مدارس فنية وأساليب جديدة غير التي كانت.

ورغم ان البعض يرى ان المسرح العربي بشكل عام ليس بمعزل عن المسرح العالمي لذلك فانه سيتأثر بطبيعة القادم، حيث سيقف المسرحي الانسان امام صعاب الحياة وألم الواقع الذي سيعانيه من عواقب هذه الجائحة كأي عامل في اي قطاع أخر، الامر الذي يستدعي ان يكون هنالك استراتيجية واضحة تضمن لهذا القطاع والمشتغلين فيه اسباب الحياة والاستمرار فيها وان يتم الالتفات إلى أن الفنان المسرحي هو انسان ويحتاج الى ضمانات اجتماعية كغيره.

ويتساءل اخرون: ما جدوى المسرح اذا كان شباك التذاكر قد اغلق منذ زمن بعيد؟ ولم يعد يرتاد العروض والمهرجانات سوى المشتغلون فيها، وان هذه الجائحة لم تؤثر اصلا في حجم العروض او كثافة الحضور، ولعلها يمكن ان تنبّه لهذا المسرح من جديد ليكون مؤثرا في حياتنا، وان الخطاب والمنطلقات والثوابت التي كانت تقود الفعل المسرحي ستتغير لتحل مكانها منطلقات وثوابت جديدة اكثر مساسا مع المتلقي.

مهرجانات تأجلت ومشاريع انتاج لأعمال جديدة اجهضت، ومستقبل اكثر غموضا فيما يتعلق بمهرجانات عربية كانت هي المحرك الاساسي للمسرح.

أحمد الطراونة – الاردن

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش