المخرج المغربى حسن هموش : العالم العربى أعطى قدسية كبيرة للتراث.. وعليه أن يجدد

 

استعراض واحد لـ 34 فرقة بمختلف توجيهاتهم فى مهرجان مراكش كان تحديًا كبيرًا
نعرف عن التراث الفنى المصرى أكثر مما نعرف عن التراث المغربى

استطاع المخرج والكاتب المسرحى المغربى حسن هموش أن يضع الفنون الشعبية فى مشهد الصدارة باستعراض كبير ضم 34 فرقة و700 فنان بقصر البديع وسط مراكش بالمغرب خلال المهرجان الوطنى للفنون، ليفجر إبداعهم النابع من التراث الموسيقى والغنائى الأصيل عبرمجموعة لوحات تجسد كل واحدة منها نمط عيش القبيلة أو المدينة باختلاف المناطق الجغرافية وما يميزها عن غيرها على مستوى اللهجات والرقص والإيقاعات والنغمات وجميع الإيحاءات التى ترحل بالمتلقى لينغمس داخل تلك الطقوس التى توحدت مع تناسق الأضواء وروعة المكان التاريخى الذى منح العرض جمالية خاصة يستعصى على الحضور مقاومة سحره.
قدم هموش المديرالفنى للمهرجان رؤيتة وخبرته المسرحية ولمساته الفنية لتحقيق الهدف وهو التفاف الجمهور بمختلف ثقافته وإعماره حول ذلك النوع من الفن، وهو يرأس الفيدرالية المغربية للفرق المسرحية المحترفة، ولديه فرقة مسرحية فى مراكش هى «تانسيفت».
فى عام 2017، قدم عمله «الساكن» الذى يمزج بين الغناء والاستعراض والحوار فى كوميديا تُوظف الطرائف والمأثورات الشعبية والأمثال المغربية لإسقاطها على الواقع فى مستوياته المتعددة الاجتماعية والثقافية والسياسية.
كما يتمتع الكاتب والمخرج المغربى بحضور فاعل ومتميز على الساحة المسرحية المغربية والعربية، وذلك بفضل رؤى جمالية وفنية ومعالجات متفردة وطموحات فى خلق أجيال مسرحية متجددة ومتفردة، تصدر جميعها عن إيمان عميق بدور المسرح فى تشكيل الوعى وإثارة التساؤلات الإنسانية والجمالية، وأيضا لكونه متعدد مجالات الإبداع التى يمارسها والمسئوليات النقابية والمهنية التى يتحملها، مصر الشقيقة بلد الفن والفنانين والتراث والعطاء.
وقال حسن هموش: الاشتغال على التراث أمر صعب للغاية لأنك تعمل على محتوى من عمق التاريخ والجغرافيا، وعمل متصل بالوجدان والشكل واللون، وهو ما يتطلب جهدا فنيا بتفاصيل دقيقة مع فنانين يشتغلون بالفطرة من القلب من منظور أكاديمى، وكان على أولا أن أحترم عطاءات الفرق وفنانيها، ثم إبراز هذه الخصوصيات والتى تعبر عن عمق الفن المغربى من طنجة إلى مراكش وأن أبرز هذا التنوع فى الغناء والرقص الذى يبرز أن الإنسان العربى والمغربى يمتلك من قوة من الفن ما يجعله عالميا من خلال هذه التفاصيل ليكون لها وقع فى الوجدان، ولهذا أحاول أن أشتغل بهذا الإيقاع والألوان وعلى الرقصات والحركة وأن أبث المضمون الذى هو ملك لهذه الفرق وثقافاتها وبطولاتها وتاريخها، وبالتالى كان على أن أجد قواسم مشتركة بين هذه الأشكال المتنوعة من خلال إيقاع وصنع عرض فنى متكامل يعبر عن التكامل والاختلاف وعن التلاقى لهذه الفنون وخصائصها.

< كيف استطعت تقديم هذا «الهارمونى» بين فرق مختلفة متعددة الثقافات والفكر على خشبة المسرح وكأنه عرض واحد ومعزوفة واحدة؟
ــ جمال الحياة فى تنوعها واختلافها هذا الاختلاف يجعلنا نتوحد فى جغرافيا إنسانية وكأننا عالم واحد، حتى وإن كان لكل خصوصيته، نفس الأمر فى هذه الفرق التى تنتمى إلى قبائل ومناطق مختلفة يجمعها وطن واحد، وكانت التوليفة صعبة للغاية بين تيمات وإيقاعات وتقاليد مختلفة، ولكن هذه الصعوبة سهلت على أن أصنع سيمفونية تكمن فى اختلاف هذه التنويعات الجمالية، ولو كانت متشابهة لوقعنا فى فخ الملل، التنوع خلق الإيقاع، والإيقاع خلق الفرجة، والفرجة خلقت وحدة الموضوع.

< أنت بالفعل عكست حياة؟
ــ حياة الإنسان بصفة عامة تكمن فى هذا الموروث الشعبى الفنى، والمهرجان تعاقبت عليه أسماء كبيرة، ولهذا كان هناك تحدى المدة الذهنية لأقدم هذا العرض الفنى فى نحو ساعتين وكانت أمامنا تحديات وإصرار وأن ننتصر على أنفسنا.

< هل وضعت صورة عامة للمشهد قبل تنفيذه؟
ــ قبل التنفيذ اجتمعت مع الطاقم عشرات المرات ووضعت سيناريو للعمل ككل وترتيب الفرق حسب ايقاعها وفق تنويعات منسجمة ومتصلة فى الزمن والايقاع.

< أنت قدمت مسرحا يخاطب العقل والوجدان وفيها تختار أبطالك من الممثلين.. هذه المرة لديك فرق والبطل ليس من اختيارك كيف قسمت شخصيات الفرق؟
ــ أنا اشتغلت مسرح وكتابة نص وهنا سؤالك يقصد به تقسيم الفقرات، وهو يتطلب الذكاء الجمالى فى الجمع بين فقرات قد تكون متعارضة فنيا ولكنها منسجمة جماليا، تكون متعارضة ايقاعيا ولكنها متناغمة فكريا، وبالتالى هناك تقابل فى صناعة هذه الفرجة للتراث عكس ما يروج بأن هذه الفقرات ليس لها تواجد فى المستقبل بالعكس لها دور قوى لتأسيس الفرجة وأتمنى أن يكون هناك إنصات لهذه الفرق لنصنع خيطا رفيعا يربط هذه الفرق.

< هذا الحضور والتفاعل الكبير لهذا الجيل من الجمهور مع الفرق أبهرنا وكنت أعتقد أنه يهتم بمفردات فنية معاصرة أخرى؟
ــ بالعكس هذا الجيل من الجمهور لم ينفصل بل فقط هناك إيمان من طرفنا ومن المسئولين بأنه لابد أن نربط الوجدان العربى والمغربى بالتراث والتاريخ، ومن لا تاريخ له لا مستقبل له، الواقع يقول إن الشباب الآن له رغبة فى الاطلاع على تراثه وفنه، ويجب أن نقدم له هذا التراث باستمرار وأن ندمج هذا التراث فى المقررات الدراسية بالتعليم حتى يتمكن الطالب من الاطلاع بشكل مباشر على التراث، ويكتشفوا حضاراتهم، وهى قضية مجتمعية وتحد كبير.
لكل شىء سبب وتطلعات، كيف نجعل الفنون قضية مجتمعية من اجل الوجدان بوجود أنشطة فنية لهذا التراث فنيا فى المسارح والساحات من المؤكد أن الشباب سيتفاعل وسوف تتولد لديه رغبة فى الفضول والبحث عن مضامين التراث.

< لماذا لم يأخذ التراث العربى وضعه عالميًا؟
ــ العالم العربى اعطى قدسية كبيرة على التراث ولم يستطع أن يجدد ويتطور، فى التراث الفنى الروسى استطاعوا أن يطوروا وأن يخرجوا إلى العالمية، ثانيا نحن لانشتغل به ومعه إلا فى المناسبات بخلاف أننا يجب أن نشتغل معه فى المسرح والسينما.
يجب ان نعمل على تسويق الفلكلور بشكل حقيقى المحافظة على التراث لا تعنى الجمود تعنى التطور والبحث عن أشكال جديدة فى الموسيقى والبحث عن طاقات شابة نحن نخاطب العالم والتطورات وبالتالى يجب أن نساير هذه التطورات دون أن ننسلخ عن الأصل، أنا أشتغل على الفرجة التى تخاطب الجمهور ولها رسالة فكرية.

< ماذا ينقص المسرح العربى؟
ــ نحن اشتغلنا على الإخراج والتقنيات ولكننا لم نهتم بالممثل وتقنيات الممثل.

< كيف ترى التراث الفنى المصرى؟
ــ التراث الفنى المصرى رائع وكنا نعرف عنه أكثر مما نعرف عن التراث المغربى، وأسس لنفسه بطولات داخل المجتمعات العربية وكانت اللهجة المصرية لها دور كبير، والتراث المصرى له من العمق كتاريخ مصر من الفراعنة حتى اليوم..وهو التراث الذى صنع لنا موسيقى قوية وتشكيلا قويا لتراث إنسانى جميل.

حوار ــ خالد محمود:

https://www.shorouknews.com/

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …