للتعريف بالكتاب نقطتف من المقدمة:
فمن تحويل المفردة المجردة المكتوبة على الورق إلى مفردة نابضة بالحياة , ومن تغيير قطعة شعرية كتبت قبل آلاف السنين إلى لوحة تشكيلية ترسم بأجساد الممثلين أمام أعين المشاهدين , كل ذلك يتطلب دراسة علمية دقيقة .
من جانب آخر أن جميع الفروع المكملة للإخراج المسرحي أصبحت تحمل اختصاصاتها النادرة المنفصلة التي لا يستغني عنها العمل المسرحي في نفس الوقت , فقد تطورت صيغ العمل المسرحي التي تمكن المخرج من العمل في مناخ أفضل نتيجة التطور الحاصل في تعدد الاختصاصات المسرحية التي يعمل معها بنفسه ويشرف عليها .
نعم , لقد انتهى ذلك الزمان الذي كان المخرج يتحمل فيه كل أعباء الإخراج المسرحي منفرداً, فهنالك ( الدراماتورج ) و (السينوغراف ) ومصمم الحركات , وغيرهم من متخصصي العلوم الأخرى التي سيشار إليها في فصول هذا البحث لاحقاً.
إضافة إلى ذلك فإن مهمة هذا البحث هي التركيز على عمل المخرج وعلى أدواته الفنية وشروط عمله الإبداعية . فكثيراً ما يظن بعض العاملين في حقل المسرح وبعض المهتمين الآخرين , إن الوظيفة الأساسية للمخرج لا تتعدى قراءة النص و رسم الخطوط البيانية الحركية التي يقوم بها . بيد أن الحقيقة غير ذلك .
كما أنه ليس الهدف من هذا البحث أن يكون بحثاً أدبياً صرفاً , لأنه يتناول التجارب العملية في الإخراج التي لا يمكن فصلها بأية حال من الأحوال عن قاعدتها الأساسية ,إلا وهي النصوص المسرحية ومدارسها الفنية المختلفة . فهو يعطي فكرة واضحة عن طبيعة العمل المسرحي وعمل المخرج بالذات, باعتباره العنصر الرئيسي في أي عرض مسرحي .
إن الولادة الجديدة للعمل المسرحي تمر بمخاض عسير, ابتداء من دراسة المراحل التاريخية لأية مسرحية وتحليل مضمونها , وكيفية بعثها إلى الحياة من جديد , وبأية طرق وأساليب إخراجية يتم التعامل معها , انتهاء بتقديم العرض على خشبة المسرح بصورته النهاية التي يمكن أن تمر أيضاً بمراحل تجديد وتطوير .
من جانب آخر , إن التواصل مع الجمهور في ظل هذا التطور الحاصل في وسائل
الإعلام الأخرى وتأثير ذلك على ذائقة المشاهدين , يتطلب أيضاً من المخرج اختيار الكيفية المثلى التي تساهم كثيراً في إيجاد أفضل صيغ الترابط مع الجمهور اعتماداً على لغة جمالية راقية . لأن هذا التواصل لم يعد كما كان في السابق .هذه إذن هي أهداف هذا البحث التي أريد تحقيقها , من خلال تحليل كل العناصر الأساسية في الإخراج المسرحي تحليلاً أكاديمياً معمقاً .
في الختام كل الشكر والتقدير للذين ساعدوني كثيراً في إنجاز هذا البحث.