اختتام ندوة أشكال الفرجات الشعبية بالجزائر

اختتام ندوة أشكال الفرجات الشعبية بالجزائر

المشاركون يوصون بإنشاء مركز للدراسات وجائزة  لتشجيع البحوث في الفرجة الشعبية 

أ.د. حميد علاوي ــــــــ الجزائر /   تغطية خاصة بالهيئة العربية للمسرح

     شهد اليوم الثالث من الندوة الفنية والفكرية “المسرح وأشكال الفرجة الشعبية من خلال كتابات الرحالة العرب والأوربيين”، يوم الثلاثاء 23 ماي 2023 انطلاق فعاليات منتدى” الأشكال شبه المسرحية: المنجز والنقد ” بالمسرح الجهوي أحمد بن بوزيد بولاية الجلفة (300 كلم شمال جنوب الجزائر)، حيث قدمت عدة مداخلات ركزت على مظاهر فرجوية نقلتها كتابات الرحالة العرب والغربيين.

      واسْتُهل المنتدى بكلمة مدير الندوة الأستاذ عبد الناصر خلاف الذي أشاد بالمساهمات البحثية الغنية وذات الصلة بموضوع المنتدى والندوة ككل، وأكد أن هذه الدورة التأسيسية تشكل منعرجا حاسما في مجال الفرجات الشعبية بالجزائر.

من جهته أكد المنسق العام للندوة الأستاذ الدكتور حميد علاوي أهمية الأشكال الفرجوية التي تقدم، في نظره، بديلا لاستلهام منجز المسرح الغربي بالاهتمام بالإبداع الشعبي الذي هو منبع بكر ومصدر غني للتوظيف الفني، ودعا إلى الغرف من هذا اليم الصافي الذي لا ينضب، وأعطى بعد ذلك إشارة افتتاح المنتدى الذي دار في جلستين.

  • غوص في أعماق الطقوس والثقافة الشعبية

        ترأس الجلسة الأولى الأستاذ محمد بوكراس وقدم خلالها الأستاذ ياسين العابد مداخلة حول دور المخطوطات في التعريف بأدب الرحلة، وتناول الباحث الأستاذ نواري بن حنيش موضوع تلقي المسرح المبني على أساس الفرجة الشعبية من زاوية سيكولوجية في ورقة موسومة( ثقافة الفرجة وسيكولوجية التلقي في الظاهرة المسرحية بالجزائر).

وفي مداخلة معنونة(شعرية التشكيل الفرجوي الشعبي في الخطاب المسرحي الجزائري) تعرض الدكتور سليم بركان من جامعة سطيف بالدراسة للفضاء الفرجوي عند عبد القادر علولة. وضمن هذا المنظور تحدث الدكتور حمزة جاب الله عن فرجوية التشكيل السينوغرافي في مسرحية المشدالي وشرح بالتفصيل والدقة استلهام السينوغرافيا من الموروث الشعبي الجزائري.

وفي موضوع ارتبط بالثقافة الشعبية تحدث الدكتور محمد زعيتري من جامعة المسيلة عن طقوس الولائم لدى عرش العبازيز بالجلفة في مواسم الولي الشيخ سيدي عبد العزيز الحاج.

كما تحدث الأستاذ فيصل لحمر عن مسرحية “فضاء الحوار” من زاوية البعد الشعبي في تشكيل المكان المسرحي، واختتمت الجلسة بمداخلة الأستاذ القاص سعيد بن زرقة بمداخلة موسومة ( التشاكل شبة المسرحي في ضوء كتاب ” قصر البخاري مدينة الشمس”).

      واستهلت الجلسة الثانية بورقة الدكتور ليلى بن عائشة في حديث نقدي عن احتفالية (بوغنجة) التي يشتهر بها المجتمع الزراعي بالجزائر وبخاصة في منطقة الأوراس بالشرق الجزائري قصد استدرار المطر، وفي موضوع ذي صلة، توقفت الأستاذة مروة كوسة عند كرنفال ” شايب عاشوراء” بمنطقة تكوت بقلب الاوراس، وهو احتفالية كبرى يختلط فيها الطقس بالأسطورة ويشارك فيها جل أهل المدينة أثناء موسم الخريف وما زال يحييه أهل المنطقة إلى اليوم، حيث يُعد من أقدم الطقوس بالجزائر إلى جانب طقس (الأيراد) بمنطقة بني سنوس بتلمسان.

     وتحدث الشاعر الدكتور عيسى لحيلح عن فرجة شعبية معروفة بمنطقة جيجل تسمى (التسباح) وهي وصلات أدائية تؤدى في الأعراس ولها بعد فني وديني واستفاض المتدخل بالحديث عن تقاليد فنية قديمة جدا في هذه المنطقة والتي تتقاطع مع مظاهر فرجات عديدة بمناطق أخرى من الجزائر والمغرب العربي.

وعاد الأستاذ خلوف مفتاح من جامعة المسيلة بالحضور إلى المداح في الأسواق الشعبية واستفاض في شرح ظاهرة الفرجة في هذا الفضاء  المفتوح.

وأثارت المداخلات المقدمة نقاشا طويلا وعميقا تطرق لمسائل تخص توظيف الفرجة الشعبية في العروض المسرحية مثل تأثيث الفضاء والمصطلح النقدي مثل الأداء والتمثّل والفرجة والاحتفالية وغير ذلك.

  • تغاريد وتحليق خارج العلبة الايطالية

وكان جمهور المسرح الجهوي بالجلفة في (ضيافة الحكواتيين) من خلال أمسية فنية نشطها الحكواتي ماحي الصديق رفقة الفنان صالح روان في جو حميمي انسجم فيه الجمهور مع السرد والأداء وسط ديكور جاذب مؤثث من أشياء تقليدية تعكس عراقة الثقافة الصحراوية بالجزائر، وتنفس الحضور عبق البخور الجلفاوي في مشهدية حفها الأنس وأحاطتها الأصالة من كل الجوانب.

    وخلال اليوم الرابع والأخير من الندوة عَرَض الكاتب أحميدة عياشي كتابه الجديد (بشطارزي في أمريكا الرحلة الأخيرة) في جلسة نقدية ترأسها الإعلامي فيصل مطاوي، واسترسل الكاتب في شرح موضوع الكتاب ومكانة بشطارزي في المسرح الجزائري وأهمية هذه الرحلة وما أضافته إلى مسيرته في المسرح وتقويم رؤيته الفنية، وختم اللقاء ببيع نسخ من الكتاب موقعة من قبل المؤلف.

    كما عقدت جلسة احتفائية بالعرض المسرحي المشهور اليوم السابع بعنوان (العودة إلى اليوم السابع) الذي استلهم فنونا شعبية محلية كرقص العيساوة والحضرة. وتحدث مخرج العرض عمار سيمود والفنان أحسن سراج خلال هذه الجلسة التكريمية التي ترأسها الفنان مراد جغري، عن فكرة المسرحية والخيارات الفنية الموظفة في تصميمها الفني، وعاد النقاش بالحضور إلى السياق التاريخي(نهاية الثمانينيات من القرن الماضي) الذي قُدم فيه (اليوم السابع) بقسنطينة كمرحلة فاصلة وفارقة في المسرح الجزائري المعاصر.

    وشهدت الفترة المسائية عرضا فنيا متميزا كان ثمرة ورشة مسرح الشارع التي أقيمت خلال الندوة لفائدة شباب مدينة الجلفة، العرض حمل توقيع الفنان خالد بلحاج بعنوان (مسرح الشارع) واستهل بعرض حركي صامت ليمتزج بعد ذلك الأداء بالغناء الشعبي المحلي ويعكس مظاهر الفروسية لدى عرش النوايل المشهور بمنطقة الجلفة وخرج الجمهور من كل القيود في فضاء مفتوح ومتمرد على العلبة الإيطالية وقواعد المسرح الغربي.

أما العرض الثاني الذي أخرجه الفنان (هارون الكيلاني) فكان تتويجا لعمل ورشة فنية وجاء تكريما للحكواتي العالمي سوتوقي كوياتي، قدمت خلاله لوحات فنية امتزج فيها السرد والتمثيل والرقص الشعبي الإفريقي والعربي، وجلبت جمهورا كبيرا استلطف تلك الأجواء الفنية ذات الأبعاد الفرجوية الشعبية الإفريقية والعالمية.

 واحتضنت قاعة المسرح مراسم اختتام الندوة التي استهلت بتلاوة التوصيات من قبل الأستاذ حميد علاوي وضمت لجنة  التوصيات كلا من الأستاذ الدكتور حميد علاوي والدكتور محمد بوكرس والأستاذ نوال ابراهيم والدكتور محمد زعيتري والدكتورة ليلى بن عائشة.

    وتقدمت اللجنة بخالص الشكر والتقدير إلى السيدة معالي وزيرة الثقافة والفنون د. صورية مولوجي على رعايتها ودعمها للندوة، كما أسدت شكرها الخالص للهيئة العربية للمسرح التي انخرطت في هذه المبادرة بقوة إلى جانب المعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري والسلطات المحلية لولاية الجلفة قصد دعم هذا اللقاء الفكري والفني الهام، كما شكرت اللجنة كل من ساهم في إنجاحه من منظمين وأساتذة محاضرين وفنانين.

ودعت اللجنة إلى تبني وثيقة الملتقى كأرضية مرجعية للنشاط البحثي في مجال الفرجة، وعرض الأسباب من أجل بيان تأسيسي للفرجات الشعبية في الجزائر.

وأوصت اللجنة بإنشاء جائزة الفرجة الفنية تشجيعا للبحث، وتثمين التجارب المتعلقة بها، وذلك بالتعاون مع هيئات عربية على غرار الهيئة العربية للمسرح وصندوق دعم الإبداع التابع لوزارة الثقافة والفنون بالجزائر.

كما دعت إلى العمل على إنشاء مركز إعلام وتوثيق يهتم بالفرجة الفنية يكون تابعا للمعهد العالي لمهن فنون العرض والسمعي البصري بالتعاون مع المسرح الجهوي للجلفة باعتباره صاحب المبادرة.

     وتم خلال حفل الاختتام تكريم المنظمين والمشاركين في الملتقى والمنتدى بالإضافة إلى تكريم الفنانين المبدعين في العروض الفنية، واختتمت الجلسة بكلمات مدير الندوة ومدير الثقافة اللذين أشادا بنجاحها الكبير وأكدا أنها الخطوة التأسيسية الحقيقة في مجال علاقة المسرح بالفرجات الشعبية في الجزائر.

 

 

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …