أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية .. الحلم القاسمي الأبدع في مسرحنا العربي .. بقلم : يوسف الحمدان

أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية ..

الحلم القاسمي الأبدع في مسرحنا العربي ..

بقلم : يوسف الحمدان

ما من مناسبة ثقافية أقيمت برعاية ودعم سمو الدكتور الشيخ سلطان بن محمد القاسمي ، عضو المجلس الأعلى حاكم شارقة الثقافة والفكر والفن والعلم في وطننا العربي ، إلا وكان لأهلها حظوة بشارةٍ يعلنها في حفل ختامها ، ومن أهم هذه البشائر التي ظل المسرحيون في الوطن العربي يتطلعون إلى تحققها منذ زمن طويل ، إعلان سموه بدء الالتحاق بأكاديمية الشارقة للفنون الأدائية ، بعد أن أطلق اكتمال هذا المشروع الأدائي العالمي بالكلمة والصورة في حفل ختام مهرجان الشارقة للمسرح الخليجي الثالث .

وتضم أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية ، استوديوهات حديثة وقاعة مسرح رئيسية ومسرح استديو وقاعات لإجراء تمارين رياضية ومرافق مجهزة بأحدث التقنيات السمعية والبصرية ، هذا إلى جانب إناطة المسئولية التأسيسية والإدارية والأكاديمية فيها إلى أساتذة وخبراء ومختصين دوليين ، تم استقطابهم من أهم الجمعيات والأكاديميات الدولية بالمملكة المتحدة .

ولعل أجمل ما في هذه البشارة القاسمية ، هو إتاحة الفرصة للشباب الموهوب في مجال المسرح والرقص والموسيقى والإنتاج من مختلف البلدان العربية ، وتحمل تكاليفهم الدراسية والإقامة كاملة على نفقة سمو الدكتور الشيخ سلطان بن محمد القاسمي ، وهي بادرة كريمة أشبه بالحلم بالنسبة لمن يتوق الالتحاق بمثل هذه الأكاديمية الاستثنائية المصممة على الطراز الدولي الفريد والتي ستصبح واحدة من أهم الأكاديميات العالمية ، بل هي أول أكاديمية دولية للفنون الأدائية يتم تأسيسها في وطننا العربي ، لتصبح بذلك أيضا واحدة من الأكاديميات التي ستكون محل اهتمام الشباب الموهوب في أوربا ، شأنها في ذلك شأن أهم الأكاديميات في بلدانهم ، لذا كان رهان الدكتور القاسمي على أنه لا توجد أكاديمية على هذه البسيطة كلها بهذا المستوى ، يأتي مؤكدا ومعززا لكل الممكنات الأكاديمية والمعرفية والتقنية والفنية التي هيأها لهذا المشروع الإبداعي الضخم ، ويبقى الرهان الآخر والمهم أيضا ، على مدى جدية من سيلتحقون بهذه الأكاديمية وعلى رغبتهم الصادقة في أن يكونوا أهلا لما تلقوه فيها من علوم ومعارف وتقنيات في مختلف فنون الأداء .

إن افتتاح أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية ، يعتبر فجرا جديدة في بناء مرحلة جديدة ومغايرة في حراكنا المسرحي العربي ، وعليه ينبغي على معاهدنا وأكاديمياتنا المسرحية العربية الأخرى ، مشرقا ومغربا ، أن تمعن النظر جليا في مستوى ونوعية معاييرها الأكاديمية ومناهجها النظرية والتطبيقية ، إذ لو تأملنا نتائجها ومخرجاتها ومحصلاتها الأكاديمية وخاصة في الثلاثة عقود الأخيرة ، لربما أصبنا بالخيبة واليأس والهلع ، فهناك معاهد وأكاديميات تدنى مستواها إلى درجات سحيقة ، وهناك أخرى طالها الخراب والدمار إلى درجة لم تعد تحتمل ، وأخرى تفتت هياكلها ولم تعد مرغوبة حتى لم تطلبه للدراسة أو الالتحاق بها ، وقس على ذلك من مصائب وكوارث نجد معطياتها واضحة في كثير من العروض المسرحية التي تقدم في وطننا العربي ، لذا ينبغي على إدارات مثل هذه المعاهد والأكاديميات الاستفادة من المعطى الدولي الذي قام على أساسه مشروع أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية ، للحد ولو قليلا من تسرب العطب المطلق في كامل أساسات بنيانها .

كما أن أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية ، ستسهم مستقبلا ، وفق معاييرها الدولية ، في نيل الحظوة الاعترافية من أهم الأكاديميات الفنية العالمية ، وبالتالي ستكون مؤهلة بجودة معطياتها الإبداعية الرفيعة والعالية للمنافسة العالمية ، خاصة وأنها ستنتج جيلا أكاديميا قادرا على مجاراة أعقد وأصعب ما تنتجه أكاديميات الفنون ذات التجربة والخبرة الطويلتين والضالعتين في العالم ، وهنا سيٌفتح بابا جديدا للتحدي الذي سيجد له مستقبلا صدى واضحا ومؤثرا على الصعيد الدولي متى ما استمرت روح الخلق متأججة ومتصاعدة في هذه الأكاديمية القاسمية .

ولعل أهم التحديات ، تلك التي تتعلق بالمنتج التأهيلي للفنان متعدد المواهب ، المتقن لمختلف الأنواع الأدائية من تمثيل ورقص وموسيقى ، الأمر الذي سنشهد معه تحولا جديدا في فنون المسرح الراقص والكوريغرافي تحديدا ، بناء على ما أنتجه أهم المؤسسين لهذا النوع في العالم .

وفي سياق هذا الحلم الأكاديمي ، نتمنى على الدكتور الشيخ القاسمي أن يجد حلا لبعض الشباب العربي الموهوب الذي يتمتع بطاقات فنية وأدائية فريدة ، إلا أنه قد يعوزه إتقان اللغة الإنجليزية ، ولعل ذلك قد يكون من خلال تهيئتهم بدراسة هذه اللغة لمدة سنة أو سنتين تمهيديتين يكون مؤهلا بعدها للالتحاق بالدراسة الأكاديمية .

ولعلني في هذه السانحة أتساءل : ماذا بشأن اللغة العربية ؟ هل سيكون لها ولو موقعا بسيطا في هذه الدراسة ، خاصة وأنه لدينا تراث مسرحي عربي إبداعي يستحق من يوليه أهمية كبرى ، ومن بينها نصوص الدكتور الشيخ سلطان بن محمد القاسمي ؟ كما أنني أعتقد ، حسب دراستي الأكاديمية بالمعهد العالي للفنون المسرحية بدولة الكويت ، أن هناك مواد تعنى بالإلقاء النظري والتطبيقي ، وهي ضرورية جدا لكل دارس ومشتغل في المسرح ، فهل ستكون مثل هذه المواد في وارد الاهتمام مستقبلا ؟

عدا ذلك .. فإني أجدد مباركتي لسلطان الثقافة والفكر والفن هذا الإنجاز الدولي الكبير ، فهل هناك عيد أجمل من إعلان افتتاح أكاديمية الشارقة للفنون الأدائية ؟ إنه فتح جديد في عالم المسرح الذي نريد ..

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …