“أبدية بيضاء” نص مسرحي جديد لمحمد الحر

كتاب أبدية بيضاء
غلاف كتاب “أبدية بيضاء”

“أبدية بيضاء” نص مسرحي جديد لمحمد الحر

     صدر حديثا عن منشورات أكون بالمغرب نص مسرحي جديد للمسرحي محمد الحر، تحت عنوان “أبدية بيضاء”.. النص الذي أهداه المؤلف إلى روح صديقه الراحل مولاي عبد الله سليم السعيدي كما عبر على صفحته الخاصة.. وكتب محمد الحر عدة اعمال مسرحية مقتبسة عن أعمال روائية وأخرى مسرحية..  ومن بين النصوص التي اشتغل عليها الحر: رواية “شرق المتوسط ” عبد الرحمان منيف، مسرحية “هاملت” شكسبير،  مسرحية “مهاجر بريسبان” جورج شحاتة، رواية “ليلة القدر” الطاهر بن جلون و”يرما” غارسيا لوركا هذه الأخيرة التي عنون مسرحيته المأخوذة عنها (كتابة حرة) ب “سماء أخرى” وقد فاز محمد الحر بجائزة أفضل إخراج عن هذه المسرحية ضمن فعاليات المسابقة الرسمية للدورة 21 لأيام قرطاج المسرحية العام الماضي (2019)..  أما مسرحية “صولو / Solo” فقد أهدت فرقة “أكون” الجائزة السابعة لسمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي لافضل عرض مسرحي عربي العام 2018، ضمن فعاليات الدورة  10 من مهرجان المسرح العربي التي نظمت بتونس..

   

قرطاج
جائزة افضل إخراج – أيام قرطاج المسرح (2019)

 فيما يلي جزء من الرسالة /المقدمة التي سطرها المسرحي ذ.عبد اللطيف فردوس متحدثا عن النص المسرحي “أبدية بيضاء”:

حينما أكون أمام أي عمل من أعمال المبدع محمد الحر، تطوقني أسئلة الفهم والغوص والشك . تساؤلات من قبيل: ماذا يريد أن يقول لنا الحر في هذا العمل ؟

     أضع هذا السؤال لأنني أعرف بأن المؤلف لا يكتب من أجل الكتابة فقط ؛ الكتابة عند محمد الحر مسؤولية، وليست عملية “ادعاء” لتحقيق متعة غير حقيقية سريعة الزوال. كيف سيبث لنا الحر رسالته ؟ و هو سؤال يكتسب مشروعيته من أننا أمام مبدع حقيقي من طينة الكبار. ما هو هامشنا نحن كمتلقين في التفاعل مع ما سيستعرضه أمامنا ؟ ذلك لأن الحر يستدعينا إلى فرجة تتطلب مني شخصيا استنفار جميع الحواس، بما فيها “حاستي السادسة” التي الجأ إليها للتنبؤ بأفق انتظاري فكريا وجماليا ؛ وغالبا ما تكون النتيجة أكبر من أفق هذا الانتظار . فعروض محمد الحر، كما هي الحال مع نصوصه ، لا تستنفذ مع نهاية العرض أو نهاية القراءة، بل تجبرنا على أن نحمل في دواخلنا عوالم من التساؤلات والمتع والنشوة .
لن أخفيـك سـرا إذا بحت لك بأنني في هذا النص ، وكعـادتي مع جميع عروضك و نصوصك، لم أستجر أدوات التحليل الأكاديمي والقراءة النقدية للنص، لأنني انطلقت في البداية برغبة المستكشف ، وانتهيت بمتعة المتلذذ .

(..)
     في قالب يجمع بين الحكي المسرحي والسرد الفيلمي، تسرد المسرحية رحلة عبر أزمنة متداخلة ؛ رحلة يجـاور فيها الحاضر الماضي و نستكشف من خلالها خارطة زمن يستعصي عن الفهم، و عوالم النساء العجيبة و علاقتهن بالشعر و الإبداع . هي لقـاء بين زمنين ؛ بين عالمـين ؛ بين شاعرتين . حيكت حكايات النص بشكل حدثي (نسبة إلى الحدث) رغم أنه نص سردي . ففي نظري، أغلبية الكتابات السردية التي أتيحت لي فرصة الاطلاع عليها ، (باستثناء عروضك وبعض العروض) ، تغلب عليها اللغة أو الصور ، فيغيب الحدث أو يتوه ، ويصبح، فقط، مطية لاستعراض هذين العنصرين. وهذا ما لم يحدث قط في أية محطة من محطات نص “أبدية بيضاء”، رغم سلاسة اللغة وقوتها وشاعرية الصور التي كان من الممكن ان تغيب الحدث/الأحداث.

النص لم يكن نصا بكائيا مأساويا رغم مآسيه ؛ ورغم سوداوية أجوائه ومسحة الحزن الغالبة عليه، فهو غني بسخرية لاذعة يمكن أن تجعل منه كوميديا درامية ” حسب طبيعة المخرج” . الحكاية هنا رغم قوتها لا تستجدي لا الخوف ولا الشفقة ؛ بل هي حكاية تفضح وتعيد الفضح وتدين الصمت.
هناك تدرج محكم في البناء الدرامي من الشاعرية الرمزية مرورا بالواقعية السحرية و وصولا الى الواقعية الصادمة ؛ حيث تنبثق أحداث النص من المجتمع ، دون أن تنغمس فيه أو تبتعد عنه. إننا أمام نص يستنطق و يسائل ، أكثر مما يحــاكم أو يديـن ، مع أن أكبر إدانة فيه موجهة للصمت و القبول؛ نص غني بالصور الشاعرية التي تمنح العين والأذن متعتها و “متعها” ؛ نص يتضمن مواقف نبيلة ، حسب المفهوم الأرسطي ، أي يتضمن أفعالا محسوبة و مؤثرة ، وذات أبعاد رحبة . كما أنها تسائل السلوك الإنساني في كونيته .
(..)

     من جميل الصدف أن نهاية كتابة النص المسرحي ارتبطت بفصل الخريف الغني في دلالاته وأبعاده . التعري ؛ نفظ الأوراق ؛ بداية الحياة وليس نهايتها. النهـاية هنا ليست نهـاية بالمعنى الحرفي، بل هي -كما شاء أن يعنونها مؤلفها بنباهة – “باب آخر”، باب سيفضي حتما الى أبواب أخرى، حيث تحمل النهايات في ذاتها بدايات جديدة .

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …