الدورة 11 لمهرجان المسرح العربي
- كلمة الإفتتاح لوزيرة الثقافة السيدة د. إيناس عبد الدايم
- الكلمة الإفتتاحية للسيد الأمين العام للهيئة العربية للمسرح أ.اسماعيل عبد الله
- رسالة اليوم العربي للمسرح 2019 الفنان الجزائري أحمد أكَومي
- الكلمة الختامية للسيد الأمين العام للهيئة العربية للمسرح أ.اسماعيل عبد الله
كلمة اسماعيل عبد الله – الأمين العام للهيئة العربية للمسرح
في افتتاح الدورة الحادية عشرة
مهرجان المسرح العربي (مصر)
10 / 1 / 2019
معالي وزيرة الثقافة الدكتورة الفنانة إيناس عبد الدايم
أصحاب المعالي والسعادة والعطوفة الذين شرفونا بحضورهم اليوم.
أصحاب المقام العالي من جمهور المسرح وعماد حياته
السيدات والسادة النبلاء من مسرحيي الوطن العربي والعالم.
جنود العمل وأبطال التنظيم والإدارة والطواقم الفنية رفاق الجهد والعطاء.
مساؤكم مسرح
مساؤكم فرح
مساؤكم نهار وفجر جديد
مساؤكم عيد
مساؤكم أهلة وبشائر
مساؤكم رسائلُ أملٍ تطلقونها حمائمَ من سماء المحروسة إلى كل أرجاء الدنيا.
ها نحن اليوم ندشن الدورة الحادية عشرة من مهرجان المسرح العربي، في القاهرة، القاهرة التي منحت لهذا المهرجان شهادة ميلاده عام 2009، و راح بالأمل و العمل يطوف الأقطار العربية، و يراكم النجاحات، يعود من جديد ليشرب من نيلها العظيم (ألم يقولوا من يشرب من نيلها لا بد أن يعود؟!!).
إنها الدورة الحادية عشرة من المهرجان الذي تجاوز ما تفرضه مفردة مهرجان من شكل ومضمون لأن الحلم كبير، والنظرة بعيدة، ولأننا “لا نرضى بغير النجوم بديلاً”.
يا أهل المسرح.
لم يكن “بتاح” إله الفن ينحت كل ما أبدع في مصر الفرعونية إلا ليسجل للتاريخ أن الفن هو اللغة الباقية والشواهد المؤبدة على حضارة أهدت العالم روائع العمارة والموسيقى والرسم وفنون التعبير، وها نحن اليوم بين أحفاد “بتاح”، في مصر العروبة وقلبها النابض، حجيجاً مسرحياً من كل حدب وصوب، جئنا لنرفع في نيلها شراع المسرح، لنوقد في ليلها أنواره، ونرفع على خشباتها ستاره.
إنه اليوم العربي للمسرح، هذا اليوم الذي ندشن فيه دورتنا الحادية عشرة من مهرجان المسرح العربي، ندشن فيه فعاليات تقدح زناد العقل، وتفتح نوافذ القلب وتدوزن أوتار الروح، وتنصِّب المسرح سيداً في سبعة أيام وسبع ليالٍ يواصل فيها مئات المسرحيين تفاعلهم ويظهرون إقْدَامَهم في اجتراح الجديد والمتجدد، يبنون صرحاً للجمال ويحلقون نحو ذرى الخيال ليبشروا بالذي لا بد أن يأتي.
وهنا أعبر عن اعتزازنا بسيد رسالة هذا اليوم في هذا اليوم، الفنان الجزائري الكبير سيد أحمد أقومي، والذي ينضم إلى موكب العلامات المسرحية العربية، نصغي لخطابه النابع من تجربته الفنية والإنسانية التي نحترم.
طوبى للنقّاش والريحاني، لفاطمة رشدي ويوسف وهبي، طوبى لمنيرة المهدية وسيد درويش وبيرم التونسي، للإبياري والكسار، طوبى لزكي طليمات وجورج أبيض، طوبى لكل أولئك الذين لولا جهودهم لما كنا نقف الآن هنا، نقف لأن لهم دينَ الاعتراف في أعناقنا، و “الكلمة دين من غير إيدين.. بس الوفا ع الحر”
والوفاء لغتنا وجسر محبتنا لخمس وعشرين قامة مسرحية نكرمهم اليوم لنكرم من خلالهم تاريخ المسرح المصري وكل حبة عرق لمسرحي ولنكرم أنفسنا بتكريمهم.
نمد نهمة الشوق على مراكب الحب من الشارقة التي تشرق شمس وطننا العربي من بحرها، لتنتهي النهمة في “الأولة بلدي” على ضفاف النيل، ويتردد الصدى من أطراف وطننا الممتد من الماء إلى الماء، أسراباً من طيور تحلق، وقلوباً من الألماس تخفق، وقامات نخيل “تشرح الحب للخميل”.
تصل قوافل المسرحيين العرب إلى أرض الكنانة محملة بسحر المسرح وخوابي ما اعتصرت أرواحهم من الجمال، وها أنا آتي بينهم ومعهم محملاً بمحامل الحب والتحايا التي يزجيها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى لاتحاد الإمارات العربية المتحدة، حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، والذي يتابع كل تفاصيل هذا الحدث الكبير، وأصدر توجيهاته بنقل وقائع الاحتفال على الهواء مباشرة على قناة الشارقة، ليحتفي الناس هناك وفي كل مكان بمصر وبالمسرح.
كما لا يسعني إلا أن أعبر عن خالص امتناني وشكري لفخامة رئيس جمهورية مصر العربية السيد عبد الفتاح السيسي على رعايته الكريمة لهذه الدورة، الأمر الذي يؤشر إلى وعي القيادة بأهمية الفنون في حياة شعوبنا، وتقديرٍ للمهرجان كمنبر لإشاعة الثقافة في أوصال الأمة.
كما اسمحوا لي بتقديم الشكر لمعالي وزيرة الثقافة الدكتورة الفنانة إيناس عبد الدايم ومن خلالها أشكر كافة اللجان العليا والتنفيذية والمنظمة والفنية للمهرجان.
كما أتقدم بالتهنئة والترحيب بكافة المشاركين في فعاليات هذا المهرجان.
خلاصة القول يا سادة المسرح ومريديه ومواليه، ها أنتم تحضرون فتحضر أوطانكم ومجتمعاتكم وثقافاتكم في إهاب حضوركم، ها هو المسرح يجمع الوطن العربي في قلبه، وها هو قلبه يتسع لنا جميعاً.
اعتزازنا بأن العدد قد فاق كل توقع، فالقاهرة احتضنت حوالي 100 مسرحي حضروا على حسابهم ليكونوا جزءًا من هذا الحدث إلى جانب 400 من المشاركين رسمياً في المهرجان و250 من المشاركين من مصر، واعتزازنا بمئات العاملين الذين يصلون الليل بالنهار ليكون اسم مصر عالياً في هذه المناسبة، واعتزازنا بكل هذا الجمال الذي تضمره عروض وأبحاث المشاركين، كل هذه مصادر اعتزاز، لكن اعتزازنا الأكبر يأتي من أنكم تجتمعون هنا في الوقت الذي تتمزق فيه الأوطان وتتفرق فيه الأبدان وتتنازع فيه الأرواح على الحق والحق من تلك النزاعات براء.
وكأنني بكم قد تنزلت فيكم روح إيزيس، وقد شدت الحزام وعقدت العزم وضربت الأرض بحثاً عن شتات أوزيريس لتلم أشلاءه وتعيده للحياة ملكاً وتنجب منه حورس يحرس كل هذا البهاء… ها أنتم تعيدون سيرتها، تجمعون أشلاء البدن وشتات الروح، تعلنون أن الحياة من هنا تشرق بالدعاء، من هنا تصدح بالغناء، من هنا نقول هذا هو المسرح عشبة خلودنا وزهرته من جلجامش حتى اليوم، هذا هو سبرنا وسدرتنا، هذا هو منبرنا وهذا هو رسالتنا، المسرح الذي به نعيش ونحيا مصداقاً لما قاله سلطان الثقافة في رسالة اليوم العالمي للمسرح عام 2007 (نحن كبشر زائلون ويبقى المسرح ما بقيت الحياة).
هلموا وهبوّا وحلّقوا، لا توقفنكم معوقة ولا عاصفة ولا شباك ولا شراك ولا ما يصيب البدن من وهن، فالأرواح والنفوس كبار، وليس لنا غير الإبداع من سبيل للنجاة.
عشتم وعاش المسرح..
إسماعيل عبد الله
الأمين العام للهيئة العربية للمسرح
10 / 1 / 2019
رسالة اليوم العربي للمسرح
(10 يناير 2019)
كتبتها وألقتها المسرحي الجزائري
سيد أحمد أكَومي
المسرح الذي أريد ..
جئت إلى المسرح لأنه كان حلمي، المسرح هو فن الوهم الذي يؤازر الحقيقة ويقف في وجه الأكاذيب.
جئت إلى المسرح حين أدركت أن الخيال يستطيع أن يغير الواقع.
حين كان التاريخ دجلاً، أردت أن أعتلي الخشبة لأقول الحقيقة. لم يكن المسرح بالنسبة لي قناعة فكرية فقط، بل كان إيماناً يلامس الروح، كنت أحمل جمرة المسرح بغبطةِ و فرحِ من يحمل أغلى”كوهينور“(KOHINOOR) (ماسة) في العالم، المسرح عندي درب سري مدهش قادني إلى ماهيتي، إلى كينونتي الحقيقية؛ لم أكن أمثل، كلا أبداً، كنت أعيش، أعيش أسئلتي، عزلتي، حيرتي، دهشتي، تمردي، ثورتي، عذاباتي، فرحي، انسانيتي؛ كنت أنهمر على الخشبة بكل كياني و كان المسرح هو الخلاص.
جئت الى المسرح حين “كان الليل يخاف من النهار”.
دخلته في الزمن المناسب.
عشته مع فنانين استثنائيين..
دخلت تفاصيل حلمي الذي بدأ في سن السادسة، كان حلمي الوحيد أن أكون ممثلا مسرحيا لا غير.
كان المرحوم “محمد بوديا[1]“ ينظر إلي باندهاش ويقول: كيف لشاب فنان ومثقف مثلك ألا يدخل معترك السياسة؟! كنت اضحك وأجيبه:”لقد كذبت على أبي حين وعدته – من أجل أن يتركني في الحضرة المقدسة للمسرح – أن أكون سفيراً أومحامياً أوطبيباً لكنني أبداً لم أعده أن أكون سياسيا”.
وقد كنت على الخشبة سفيراً للحلم الإنساني ومحامياً لكل القضايا العادلة وطبيباً يحاول أن يجد دواءً للحماقة البشرية.
سأعود إلى بدايات هذا الحلم، إلى بدايات المسرح في الجزائر…
بعد زيارات الفرق المسرحية العربية المتكررة للجزائر خلال فترة الاستعمار الفرنسي، اكتشفت النخبة الوطنية أن هذا الفن خطير وفعال، يمكنه أن يغير ويخلق لدى الجمهور وعياً سياسياً. لذا تأسست الفرق المسرحية والجمعيات، وكان هدف هذا التأسيس هو تكريس وعي وطني من أجل تحرير الجزائر؛ من هذه الفرق الفرقة الفنية لجبهة التحريرالوطني التى تأسست بتونس والتي كان يشرف عليها أستاذي المرحوم مصطفى كاتب.
ولقد استمر هذا النهج بعد الاستقلال وهو خدمة القضايا الوطنية و كل قضايا الشعوب التي تسعى الى التحرر من كل أنواع الهيمنة؛ في هذا السياق أرى انه على الفنان المسرحي الحقيقي، كي لا يكون أداة دعائية , الاحتفاظ بشعلة الإبداع لديه و الابتعاد عن التسطيح .
إن المسرحي المسكون بالتمرد هو دائم الانخراط في القضايا الإنسانية. إنه اللامنتمي بامتياز، والمنتمي بامتياز أيضا للحق والخير والجمال؛ ذلك أن المسرح ليس بياناتٍ سياسيةً أو شعاراتٍ فارغةً أو خطبَ جوفاء.
إذا أصبح المسرحي في خدمة هذا النوع من المواضيع، فما عليه، إلا مغادرة بناية المسرح وحملَ الأبواق والاتجاه إلى مقرات الأحزاب والتجمعات السياسية، وليعلن موته هناك.
إننا نتقاسم مع السياسيين أحيانا نفس الفضاءات ونتوجه لنفس الجمهور، ومثلهم نطمح للتأثير على المتلقي، لكن الفرق شاسع بيننا.
قد يقول البعض إن شكسبير نفسه كان يهتم بالسياسة، هذا صحيح، لكنه لم يكن سياسيا، لقد كان فنانا مبدعا عملاقا، وتأتي إشاراته السياسية في ثنايا مسرحياته بذكاء ودهاء كبيرين، ولم تكن مسرحياته غارقة في السياسة والايدولوجيا.
يريد منا السياسيون أن نكون همزة وصل …
لقد قالها لنا ذات يوم الرئيس الراحل هواري بومدين” أريدكم ان تكونوا همزة وصل بين القمة والقاعدة”
عفوا أيها الحضور الكريم، المسرحي الحقيقي لا يمكن أبدا أن يكون جسراً أو بوقاً أو همزة وصل،
إنه صوت الحقيقة وضمير الأمة، عليه أن يحمل بأمانة الرسالة “ليكون رسولا وليس عبدا مأجورا” الرسالة التي وجد من أجلها المسرح، ألا وهي خدمة قضايا الإنسان، وعليه أن يجعل أي فضاء يتحرك فيه حدثاً مسرحيا يشجع على التفكير والمساءلة والنقد.
يتحدث الكثير من المثقفين والإعلاميين والسياسيين ضد العنف اللفظي والبدني الممارس على بعض الفئات والأفراد، لكنهم يتناسون او يتجاهلون العنف الذي مورس ويمارس منذ زمن طويل على الفنان المسرحي، والذي- للأسف الشديد – لم يصنف بعد كمبدع للقيم الجمالية، وإنما استُهجِنَ فنُّه بتصنيفه كمهرج – مضحك – عجاجبي.
هذا التصنيف ظل مكرساً في اللاوعي الجمعي إلى يومنا هذا، ولهذا ظل الفنان المسرحي في أدني المراتب الاجتماعية.
لقد تنازلت عن لقبي واخترت اسما مستعاراً “سيد احمد أقومي” من أجل المسرح والمسرح فقط، فالمسرح كينونتي، وهويتى التى أعتز بها حيثما أكون. وحتى حين أكون في المنفى، فإن لي في كل بناية مسرحٍ وطناً، وفي كل خشبة أقف عليها حبل سري يجمعني بأخي الإنسان.
وإذا كان المسرح الإغريقي قد بنى فلسفته على مبدأ الصراع بين البشر والآلهة، فعلينا نحن كمسرحيين عرب في هذا الزمن الشائك أن نوظف فننا السامي لخدمة مجتمعاتنا، وذلك بإرشاد المتلقي إلى منابع الفهم والحكمة ومن أجل التغيير، التغيير الذي لا يكون بالوقوف ضد أشباه الآلهة فوق هذه الأرض فقط، ولكن من أجل ذلك التغيير الذي يصنع منا متمردين حتى النخاع، تمرد الفهم المقدس الذي يعرف الكثير عن الأعالي والأعماق، وليس مجرد ثوريين سطحيين.
تلك هي رسالة المسرح..
وهذا هو المسرح الذي أريد..
شكراً للهيئة العربية للمسرح على هذا التكريم الذي أسعدني كثيراً، إنه تكريم للمسرح الجزائري العريق، وهو أيضاً تكريم للشهيدين الكبيرين علولة[2] ومجوبي[3].
شكراً لأنكم جعلتموني استحضر في هذه اللحظة أصدقائي وزملائي الذين رحلوا، وصنعوا من مسيرتهم مناراتٍ نهتدي بها كلما حاصرتنا الظلمات والعواصف.
شكراً لسمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي لدعمه المستمر للمسرح، ذلك لأنه يدرك أن المسرح يبني ما يعجز عنه السياسيون.
و”سيبقى المسرح ما بقيت الحياة[4]“
[1] محمد بو ديا (1932 – 1973) مقاتل ثوري ومسرحي وصحفي جزائري انخرط في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ولد في حي الباب الجديد (من أحياء القصبة العليا) فيالجزائر العاصمة. بعد تلقي تعليمه، تأثر بالتيار الوطني الاستقلالي ثم اهتم بالمسرح حيث التحق بالمركز الجهوي للفنون الدرامية في عام 1954. هاجر بعد اندلاع الثورة إلى فرنسا وانضم إلى فيدرالية جبهة التحرير هناك، شارك في عدة عمليات فدائية جرح في إحداها عام 1956، كانت أكثر عملياته شهرة هي تفجير أنابيب النفط في مرسيليا يوم 25 آب 1958م التي قبض عليه بسببها وحكم بالسجن 20 عاماً. نجح في الهرب من السجن عام 1961م ولجأ إلى تونس. عمل في فرقة المسرح التابعة لجبهة التحرير الوطني، وفي كانون الثاني عام 1963 أصبح مدير الإدارة للمسرح الوطني وهو أول مسرح أقيم فيالجزائر بعد الاستقلال. أسس جريدة ”نوفمبر” و”الجزائر هذا المساء/ المصدر ويكيبديا
[2] عبد القادر علولة (1939 – 1994) كاتب مسرحي جزائري. ولد يوم 8 يوليو 1939 في مدينة الغزوات بولاية تلمسان في غرب الجزائر، ودرس الدراما في فرنسا. وانضم إلى المسرح الوطني الجزائري وساعد على إنشاءه في عام 1963 بعد الاستقلال. وكان قبل مقتله في يناير 1994 يتهيأ لكتابة مسرحية جديدة بعنوان «العملاق»، ولكن يد الإرهاب الأعمى كانت أسرع.عندما أغتيل شهر رمضان في 10 مارس 1994، على يد جماعة مسلحة./ المصدر ويكيبديا
[3] عز الدين مجوبي ممثل ومخرج مسرحي جزائري ولد في مدينة عزابة بولاية سكيكدة في 30 أكتوبر 1945، ابن محام تعود أصوله إلي حمام قرقور (سطيف). أغتيل في 13 فيفري 1995 بالجزائر العاصمة/ المصدر ويكبيديا
[4] الجملة التي ختم بها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي رسالته في اليوم العالمي للمسرح عام 2007
كلمة أ.اسماعيل عبد الله – الأمين العام للهيئة العربية للمسرح
في ختام مهرجان المسرح العربي
الدورة الحادية عشرة (مصر)
10 / 1 / 2019
معالي وزيرة الثقافة الدكتورة الفنانة إيناس عبد الدايم
أصحاب المعالي والعطوفة والسعادة.
أصحاب السمو من الفنانين.
السيدات و السادة الأجلاء من الجمهور الكريم.
مساؤكم مسرح.
مساؤكم بهجة و أمل
مساؤكم وعد بمتابعة الطريق و العمل.
بداية أنقل لكم تحيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى لاتحاد الإمارات العربية المتحدة، حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية للمسرح، و الذي تابع أولاً بأول، بعين المحب و قلب المبدع الحالم، كل ما تم على مدار هذه الأيام المباركة، و هو يبارك لكم خطواتكم و رؤاكم و يوصيكم أن اقبضوا على جمرة الإبداع و ابقوها متقدة من وقود أرواحكم لكي يكون فجرنا.
واسمحوا لي أن أتقدم بالشكر العميق لسيادة رئيس جمهورية مصر العربية السيد عبد الفتاح السيسي، لتفضله برعاية هذا المهرجان، وأحيي في هذا المقام معالي الدكتورة الفنانة إيناس عبد الدايم، وزيرة الثقافة، التي سهرت على متابعة كل صغيرة وكبيرة في هذا المهرجان، كما أحيي كل اللجان العليا والتنفيذية والتنظيمية والعلاقات العامة والفنية، الذي عملوا بانسجام وانضباط بقيادة المايسترو المبدع خالد جلال.
قبل أسبوع كنا ها هنا في رحاب دار الأوبرا، نعلن افتتاح الدورة الحادية عشرة من مهرجان المسرح العربي، و كانت “وطني حبيبي الوطن الأكبر” فاتحة الكلام، و لم يك ذلك اليوم إلا تتويجاً لأشهر مضت بالاستعداد و الإعداد لهذا الحدث الكبير.
لم يكن الأسبوع الذي أصطخبت أيامه بالمسرح العربي عادي الأيام، فكل يوم كان يحمل سنة من العمل و الإعداد، قام به وأنجزه المبدعون العرب، فحولوا كل ما كان يعتبر حلماً أو فكرة مجردة إلى حقيقة، و جعلته مصر ينبض بنبضها، ليسعى المسرح العربي في شرايين مطارحها و مسارحها سعي المحب و نبض الحب و ليجمع المهرجان الشمل و يحمي الحلم الكبير.
و كأن الأمر قد مر بطرفة عين، هذا الماراثون اليومي لأربع عشرة ساعة عمل يومياً للمهرجانيين، قد اختزل الإحساس بالزمن وضاعف الفعل و الفعاليات، و ها نحن نقف اليوم على أعتاب بدأ التحضير للدورة الثانية عشرة، فهذا اليوم لا يعني نهاية، بل هو منعطف تصاعدي إلى الدورة القادمة.
سنحزم حقائبنا التي امتلأت بالحب، وعمرت بالإبداع، والتي لم تكن ولن تكون مجرد حقائب، إنها أسفار من الحقائق، والحقيقة الأسطع بينها حبِ “أم الدنيا” “بسماها وبترابها، بطرقها وأبوابها، ونقسم معها” بأولادنا وأيامنا الجاية، ما تغيب الشمس العربية” طالما فينا وبيننا هذه الأرواح العربية المبدعة من فنانينا الذين يحملون راية المسرح من الحيط إلى الخليج. ثمانمائة مسرحي عربي من خارج مصر وداخلها من الفنانين عمروا خشبات مصر في سبع وعشرين مسرحية، ستون من الباحثين عمروا الندوات الفكرية والنقدية، مئة وخمسون من الإعلاميين عمروا ثلاثين مؤتمراً صحفيا ونشروا مئات التقارير الإخبارية، وأصدروا ثمانية أعداد من مجلة المهرجان، لقد منحتنا القاهرة إلى جانب مسارحها شاشاتها وإذاعاتها وصحفها وقلوب أهل “النيل الاسمراني”.
عشرات عمروا الورش التدريبية الدولية التي نظمت لفائدة طلبة مصر وشباب الوطن العربي.. ندوة محكمة و تكريم لأحد عشر شاباً فائزاً في مسابقات التأليف و البحث العلمي التي تنظمها الهيئة، و وقفت قامة كبيرة في اليوم العربي للمسرح هو الفنان الجزائري سيد أحمد أقومي ليلقي رسالته..
كيف يحزم المسرح متاع أرواحنا ليغادر “بلد المحبوب”؟ كيف يصير “مسافراً زاده الخيال”، ذاك الخيال الذي اغترفه من قلب القاهرة ليتزود فيه عزيمة حتى اللقاء القادم.
“على باب مصر” دق المسرحيون دقات الإبداع الثلاث، “على باب مصر” رأينا بأم أعيننا أن هذا الحدث الذي نعتز بتنظيمه قد تجاوز فكرة المهرجان السائدة، ليكون الموسم الذي يُجنى فيه حصاد الجمال الذي يولد اليوم لنذهب به و معه إلى المستقبل.
في كل عام نطلق النداء، أن لا تكلوه للعتمة، لا تطفئوا أنواره هي شعلة المسرح فاوقدها من زيت خيالكم و بصيرتكم و نبضكم، و لا تسدلوا ستاره، و لا تفتحوها إلا على الجمال و الدهشة، ، هي خشبة المسرح فامنحوها القداسة التي تليق بها لتطهرنا وتسمو بنا، فليكن المسرح بكم نافذة لسلام العالم و الروح، إدرأوا عنه الغث و زينوه بالحكمة، طهروه من أي ملمح للإزدراء والكراهية، إرفعوا رايته خفاقة بالحق، المسرح صنو الأوابد و المعابد، و أهل المسرح سالكون في الطريق، يحترقون بالمعرفة و ينبعثون مثل طائر الرعد من الرماد، هو المداد و القرطاس و شعرية الصور، هو الصوت البين و الجسد البليغ والحركة التي لا لبس فيها، هو منصة تنفتح على الكون تأخذ منه و تهديه السواء..
عشتم وعاش المسرح
إسماعيل عبد الله
الأمين العام للهيئة العربية للمسرح
القاهرة – يناير 2019