توزر التونسية: عمل مسرحي جديد بروح عراقية
تونس
بقلم: أ. مكرم السنهوري
المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بتوزر:
انطلق نشاط المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بتوزر في أواخر شهر ديسمبر من سنة 2019 وقدم العديد من الدورات التدريبية التي قدمها خالد بوزيد ونوال اسكندراني ومستر كلاس للدكتور معز المرابط كما قدم المركز عديد الورشات لذوي الحاجيات الخاصة وشارك بعمله الأول 18 أكتوبر من تأليف بوكثير دومة في عديد المهرجانات على غرار 24 ساعة مسرح بدون انقطاع للمركز الوطني للفنون الدرامية بالكاف ومهرجان دوز العربي للفن الرابع.
أصدر المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بتوزر مجلٌة جديدة بعنوان بصمات وهي مدوٌنة المسرح الجهوي كما قدمها مدير المركز وتصدر مجلة بصمات بمعدٌل عددين في السنة.
عبد الواحد مبروك مدير المركز الوطني للفنون الدرامية:
المخرج المسرحي عبد الواحد مبروك لم يأت من فراغ، بل هو أحد أبرز أبناء الحركة المسرحية في الجنوب التونسي وأحد أبناء جمعية المسرح الجريدي بتوزر وهي من أعرق الجمعيات المسرحية في الجنوب الغربي للبلاد التونسية حيث يعود تاريخ تأسيسها لثلاثينيات القرن الماضي وكان من رواد ومفكري تأسيسها شاعر تونس الكبير أبو القاسم الشابي سنة 1934.
عبد الواحد مبروك مدير مركز الفنون الدرامية والركحية بتوزر أستاذ أول مميز درجة استثنائية للفنون المسرحية تحصل على شهادة ختم الدراسات المسرحية من المعهد العالي للفن المسرحي بتونس سنة 1994 عمل في تدريس المسرح لسنوات عديدة في وزارة التربية وتنقل من المعهد النموذجي بالكاف الى تدريس مادة الشكل الفني بالمعهد العالي للدراسات الإنسانية بتوزر وشغل خطة مرشد أكاديمي ومتفقد الجنوب التونسي في وزارة التربية والتعليم لمادة التربية المسرحية من سنة 2009 الى سنة 2012 قدم الكثير من الأعمال المسرحية كممثل في أغلب أعمال جمعية المسرح الجريدي بتوزر وسينوغراف فتنقل بين نوارة الملح لعلي اليحياوي وحديث الأجبال للهادي عباس وأخرج أخر أعماله المحترفة وباكورة انتاج المركز مسرحية 18 أكتوبر .
عمل جديد: الهروب من التوبة عمل مسرحي بروح عراقية
بدعم من وزارة الشؤون الثقافية صندوق التشجيع على الإنتاج الأدبي والفني انطلق مركز الفنون الدرامية والركحية بتوزر في اعداد عمله الثاني من تأليف الكاتب المسرحي العراقي فلاح شاكر صاحب رائعة قصة حب معاصرة ويعمل المخرج عبد الواحد مبروك هذه المرة على نص الهروب من التوبة ويقدم ملخص مسرحيته فيقول بأنها حكاية ثلاث شخصيات تعاني من قلق نفسي ووجودي تحت وطأة الشعور بالذنب الأزلي الذي يدفع الضحايا أن يصبحوا جلادين أتيحت لهم الفرصة ليعيشوا دوامة وجع الضمير والبحث عن الخلاص وربما الاتجاه إلى المخلّص أحد أكثر الأساليب شيوعا؟ لكن هل من الممكن الخلاص دون خسارات موجعة؟ هذا ما تحاول الشخصيات في عرضنا المسرحي الوصول اليه وعن رؤيته الاخراجية لنص الكاتب العراقي الكبير فلاح شاكر يقول عبد الواحد مبروك مخرج العمل: لقد حاولنا منذ بداية الإنتاج في هذا العمل تجديد منهجنا والذهاب في المغامرة الفنية إلى حدها الأقصى، فنحن لا نروي قصة فقط بقدر ما نقترح صورة بلاغية.
تعتمد مسرحية “الهروب من التوبة“على جمالية تمزج بين الصوت والصمت والصورة والمونتاج، حيث يتطور التعبير والفضاء بطريقة متشظية، ويتدفق النص المتشظي أصلا عبر الصوت والصمت، وحتى ما يقدم من خلال شاشة خلفية هو يتحاور مع ما يحدث على خشبة المسرح فيعري أفعالا وأحداثا ويصمت حينا، يضيف إلى المعاني أفعالا أحيانا أخرى، فالكلمات والحوارات في مسرحية “الهروب من التوبة” لا تفصح عن الحقيقة، بل تحاول إخفاءها، فالكلمة هنا هي سلاح للدفاع والهجوم من أجل إخفاء الحقيقة وهي وسيلة جديدة للمراوغة والهروب.
يساعد عبد الواحد مبروك فريق عمل يتميز بتجربة مسرحية كبيرة فتشارك كل من حليمة عيساوي وبلقيس جوادي في التمثيل وجليلة مداني في تصميم الملابس وموسيقى العرض لرياض البدوي.
مقر المركز الوطني للفنون الدرامية بتوزر حلم ينتظر التجسيد على الواقع:
تعاني عديد المدن في الجنوب التونسي على غرار مدينة قبلي ودوز وتوزر منذ سنوات الاستقلال من نقص في البنية التحتية الثقافية من مسارح ودور ثقافة مجهزة بأعلى معايير العروض العالمية باعتبار المنطقة من بين أهم الوجهات السياحية والثقافية الشتوية في الجنوب التونسي ولذلك ينتظر المسرحيون والفاعلون الثقافيون بفارغ الصبر مشروع انجاز مسارح مراكز الفنون الدرامية التي قطعت مراحل مهمة في التصورات والإجراءات الإدارية ولم يتبق لوزارة الاشراف والمتدخلين جهويا سوى التسريع في التنفيذ على ان نراها تتجسد على ارض الواقع قريبا لتكون منارة مسرحية ومساحة أمل وحياة لكل أبناء تونس الخضراء.