في حفل افتتاح جمالي وابداعي بهيج ومتنوع
انطلاق فعاليات الدورة الأولى لمهرجان العراق الوطني للمسرح (دورة سامي عبد الحميد)
وزير الثقافة: نؤكد أهمية المسرح في صنع الحياة ونحيي الفن العراقي الذي يبدع في ظروف غير مؤاتية
رئيس اللجنة العليا: أنتم الزمن الجديد المستمر الذي سيرسم خرائط مسرحية عراقية موجهاً العصر وقوة المخيّلة
الأمين العام للهيئة العربية للمسرح: المهرجان يضاف إلى كل المبادرات الثقافية والفنية الرامية إلى إعادة الدفء للمسرح في أرض الرافدين
رئيس المهرجان: أثني على جهود كل العاملين في المهرجان بلجانه كافة بما فيهم رعاة المهرجان واحداً واحداً
المهرجان شهد زفة فولكلورية لوفوده وعروضاً مسرحية واستعراضية وموسيقية وأفلاماً توثيقية وافتتاح معارض تشكيلية ونصب ثورة تشرين
عرض أولى مسرحيات المشاركة في مسابقة المهرجان الرسمية (بوق اسرافيل) لعلي دعيم
كتب – عبدالعليم البناء
على بركة الله تعالى ..وفي حفل افتتاح جمالي وابداعي بهيج ازدان بمبدعي المسرح العراقي بمختلف تمظهراتهم وابداعاتهم من أجل أن تستعيد خشبة المسرح بهاءها وبريقها، وبرعاية كريمة من لدن رئيس جمهورية العراق الدكتور برهم صالح، إنطلقت مساء الأحد الأول من آب 2021 ، فعاليات مهرجان العراق الوطني للمسرح بدورته الأولى ( دورة سامي عبد الحميد)، الذي تنظمه نقابة الفنانين العراقيين بالشراكة مع الهيئة العربية للمسرح تحت شعار (المسرح حياة)، وتضمن فعاليات ثقافية وفنية ومسرحية عدة وسط حضور كبير للفنانين والمثقفين والاعلاميين من بغداد والمحافظات بينهم 400 شخصية مسرحية وثقافية، فضلا عن وسائل الاعلام المرئية والمسموعة والمقروءة العراقية والعربية والاجنبية، تقدمتها شبكة الإعلام العراقي الراعي الاعلامي الرسمي للمهرجان.
وأناب رئيس الجمهورية وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور حسن ناظم، الذي إفتتح في مقر نقابة الفنانين وبصحبته الدكتور جبار جودي نقيب الفنانين العراقيين، المعرضين التشكيليين (لا أحد يأتي.. لا أحد هناك) للمصور صلاح القصب، و(أفق) للفنان محمد حياوي، في غاليري نقابة الفنانين العراقيين، وتوقف عند جدار المشاهير بصحبة نخبة من قيادات النقابة والمهرجان ونجوم المسرح العراقي ليتوجه معهم الى إفتتاح مسرح النقابة الجديد،الذي أنجز بوقت وجهود قياسية، وإزاحة الستار عن نصب (شهداء تشرين) للفنان فاضل وتوت المطل على نهر دجلة الخالد والذي انطوى على رموز وعناصر فنية موحية ومعبرة ودالة عن احداث ثورة تشرين الباسلة .
وانتقلت وفود المهرجان من مقر اقامتها في فندق فلسطين الدولي، في زفة بغدادية عراقية جميلة ومبتكرة تليق بالمهرجان وضيوفه وكل المشاركين فيه، تتقدمهم كوكبة من الدراجات النارية وبمصاحبة الاغاني والموسيقى الشعبية، وصولاً الى رحاب المسرح الوطني الذي أقيم فيه حفل الافتتاح الرسمي، وعند باحته الأمامية، استقبلت فرق الغناء والرقص الشعبي والموسيقي، وفود المحافظات وجمهور المهرجان بالأهازيج والدبكات المتنوعة التي تعبر عن ألوان الطيف العراقي.
وشهد الحفل عرض العمل الاستعراضي الجميل (الوشاح)، الذي قدمت فيه فرقة ضياء الدين سامي صوراً المفعمة والضاجة بالمعانى الإنسانية والوطنية والإبداعية المتميزة ، جسد فيه قصة سقوط الوشاح من على رأس إمرأة عربية بأداءات تعبيرية رفيعة الجمال، مستعرضاً ملامح عدة من ملحمة الألم والوجع العراقي الطويل، لتعقبه فقرة ( تحية الشهداء) التي تمثلت بعربات (التكتك) تحمل أعلام العراق ورموز المحافظات من شهداء انتفاضة تشرين، دارت على خشبة المسرح الوطني في مشهد معبر ودال على الوفاء للشهداء الذين قدموا أرواحهم من أجل الوطن، لتكون لمسة وفاء لمن جادوا بأنفسهم في سبيل حرية الوطن ورفاه الشعب.
أدارت الفنانة آلاء حسين، حفل الافتتاح التي أكدت أن مهرجان العراق الوطني للمسرح، بدورته الاولى (دورة سامي عبد الحميد)، ينطلق اليوم لتستعيد خشبة المسرح بريقها مرحبة بالوفود المشاركة بمسرحياتها، داعية الجميع لقراءة سورة الفاتحة على شهداء العراق وقوفاً.
وألقى ممثل رئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح وزير الثقافة والسياحة والآثار الدكتور حسن ناظم كلمة أكد فيها أهمية المسرح العراقي في صنع الحياة محيياً الفن العراقي الذي يبدع في ظروف غير مؤاتية. وأكد أنَّ الأمم لا ينتهي فنها في مخاض الظروف الصعبة، وأن المسرح حياة مسيرة، وأنَّ البشرية اعتمدت على هذا الفن للتعبير عن الحياة، مشيراً إلى أن المسرح مازال يمثل حياتنا وطريقاً لبناء أنفسنا ومدننا. وقدم السيد الوزير شكره لرئيس الجمهورية الدكتور برهم صالح لدعمه الفن، كذلك شكره لنقابة الفنانين.
وألقى رئيس اللجنة العليا للمهرجان المخرج المسرحي صلاح القصب، كلمة مشحونة بصور ووصايا جمالية أخاذة قال فيها:: “نورٌ على نور.. يا مهندسو حضارات العالم.. أيها المسرحيون .. ياموج الزمن داخل مسارات الزمن ..مهرجاننا المسرحي هذا سحرٌ لطقوس شرقية يطير بنا فوق مدن وقارات ملونة لينشر موجات جوهرها السلام والجمال، ادخلوا الى عصر التكنولوجيا وأحلام الدهشة التي تعتمد الشعر المركّب وعلوم الفيزياء والرياضيات والفلسفة وأرقام الجبر ومعادلات الفيزياء .
أغزوا الزمن بالزمن، أرسموا أطلساً مسرحياً جديداً لمسرح عراقي يسمو ويبحر في فضاءات جمالية حُلمية شاسعة تدفعنا الى عالم المساحات البعيدة .. اقتربوا الى واحات الشعر والرواية والفنون التشكيلية والموسيقى .. فكّو شفراتها .. هندسوا جينات جديدة، اقتربوا الى موج الحداثة والمغايرة، افتحوا الأبواب المغلقة لتدخلوا الى عصر مسرحي عراقي جديد لتجارب ورؤى عالمية.. قلّصوا المسافة التي أبعدتنا عن حداثة التجارب العالمية الجديدة وعن تكنولوجياتها المركّبة .. قلّصوا تلك الفراغات لأنكم تمتلكون حركة التغيير وطاقة الديالكتيك.. أنتم الزمن الجديد المستمر الذي سيرسم خرائط مسرحية عراقية موجها العصر وقوة المخيّلة.
باقة ورد لنقابة الفنانين العراقيين ومجلسها المتميز ورئيسها المهندس المعماري السينوغرافي الدكتور جبار جودي الذي هندس أطلسية هذا المهرجان والذي سيشكل مدخلاً لعصر مسرحي جديد يعتمد دهشة التكنولوجيا وقوّتها ويقرّبنا الى الموج المسرحي العالمي.. محبتي لكم ياصنّاع الجمال .. المسرحيون جوهرة العصر وخلاصة التاريخ.. سلاماً سلاماً أيها الأصدقاء”.
وبعث أمين عام الهيئة العربية للمسرح الكاتب المسرحي اسماعيل عبد الله، كلمته متلفزة، قال فيها: “أيها المسرحيون ياصفوة الزمان وخلاصته.. السلام عليكم وعلى العراق الذي يشبهكم جمالاً، فالمسرح سفينتنا في طوفان الجنون الذي يجتاح هذا العالم، والمسرحي حمامة تعود بغصن أخضر مبشرة بنهاية.. الطوفان، أولسنا من يضيء العتمة ويتجاوز الزمان، يؤقته على خاطر الحب، يقدمه ويؤخره؟ نحن اليوم معكم على موعد رسمناه منذ سنوات، حلم لم يمت، حلمنا يتناسخ في أرواحنا، حملتموه، وحملناه معكم كي يكون، وها هو اليوم حقيقة، يعلن ميلاد حدث فاصل، مهرجان العراق الوطني للمسرح، وهذه دورته الأولى، وإني أرى دورات تلي دورات، فما مات في العراق على مدى التاريخ جمالاً، وما اندثر في العراق على مدى التاريخ إبداع، وما جمع العراقيين بعد حبهم للعراق شيء أكثر من حبهم للفن والإبداع.. من شارقة المسرح والثقافة إلى بغداد الفكر والحضارة، أهديكم أطيب عبارات الود والإخاء وأزكى آيات المحبة والوفاء، راجياً من الله تعالى أن يمتعكم بالصحة والعافية وأن يجنبكم آفات هذه الجائحة العاتية..ونقل عبد الله تحيات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي.. عضو المجلس الأعلى لدولة الإمارات العربية المتحدة.. حاكم الشارقة، الرئيس الأعلى للهيئة العربية.
إن مهرجان العراق الوطني للمسرح يضاف إلى كل المبادرات الثقافية والفنية الرامية إلى إعادة الدفء للمسرح في أرض الرافدين، ويعيد للأذهان ما حققته الحركة المسرحية العراقية عبر عقود من الزمن من خلال أسمائها الكبيرة والكثيرة.
يأتي هذا المهرجان في إطار المبادرة الكريمة لصاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، الهادفة إلى تنظيم مهرجانات وطنية للمسرح تعنى بالمسرح المحلي في أرجاء الدول العربية، و يأتي أيضا في إطار تفعيل الستراتيجية العربية للتنمية المسرحية التي أعدتها الهيئة العربية للمسرح والرامية إلى تنمية وتطوير الفن المسرحي في الدول العربية والتي أقرها مجلس وزراء الثقافة العرب في الرياض سنة 2015.. إن ما يميز هذا المهرجان هو الرعاية الكريمة لفخامة الرئيس العراقي الدكتور برهم صالح التي أحاط بها فخامته المهرجان والتي ستعطيه دفعة قوية، إلى جانب دعم كل المؤسسات المعنية بالشأن الثقافي والفني بالعراق، وهو ما يجعلنا نشعر بالفخر والإعتزاز لهذه العناية التي يحظى بهاأبو الفنون هنا في العراق.. ولا بد من الوقوف وقفة تقدير واحترام لنقابة الفنانين العراقيين وعلى رأسها السيد النقيب الدكتور جبار جودي وسائر أعضاء المكتب التنفيذي للنقابة”.
وأثنى رئيس المهرجان نقيب الفنانين العراقيين د. جبار جودي، الذي أذن بانطلاق المهرجان ، على جهود كل العاملين في المهرجان بلجانه كافة، بما فيهم رعاة المهرجان واحداً واحداً، وعرض فيلم عن سيرة الراحل الكبير ومعلم الاجيال الفنان القدير سامي عبد الحميد، ووصيته الى ابناء الوطن ومن بينهم المسرحيين فيما يشبه المحاورة بينه وبين الفنان والمخرج والسينوغراف الدكتور جبار جودي العبودي نقيب الفنانين ، وريبورتاج تلفزيوني بعنوان (قصة نجاح) عن خطوات اقامة المهرجان منذ لحظات التوقيع على اقامته من قبل نقابة الفنانين وبدعم مباشر من الهيئة العربية للمسرح ، كما قدم بيت العود في بغداد بقيادة المتألق الموسيقار محمد العطار قطعتين موسيقيتين ليختتم الحفل بهما.
وتوجهت الوفود المسرحية وجمهور المهرجان بعد ذلك الى قاعة سمير أميس لمشاهدة أول عروض المهرجان المسرحية المشاركة ضمن المسابقة الرسمية (بوق إسرافيل) تأليف واخراج الكيروغراف علي دعيم، وانتاج مؤسسة بغداد للسينما والفنون، أمام جمهور غفير غصت به قاعة العرض، حيث انتهجت المسرحية نهج (الكيروغراف) أو المسرح الراقص واعتمدت في طرح مضمونها على السينوغرافيا وحركة الجسد، وتركت فضاءً مفتوحا للتفسير والتحليل حالها حال الاعمال المشابهة في هذا النمط من المسرحيات، التي تعتمد على لغة الجسد بدرجة أساسية وكبيرة مع توفر العناصر الاخرى باستثناء الحوار.