مقابل عنوان نص مسرحي اسمه “موت المؤلف” علينا التفكير مليا في عنوان “موت المسرح” الذي نشعر بأعراض اقترابه ما عدا الجهات الرسمية التي تتعامل مع أبي الفنون على أنه “ترفيه وتسلية” بينما لدى الشعوب المتحضرة “قيمة ثقافية” لها رسالتها الحضارية، لكن الفارق في مستويات التفكير له دلالته أيضا.
نتذكر المسرح في المهرجانات، وطالما أن لدينا “مهرجان المسرح العماني” فإن وزارة التراث والثقافة تظن أنها تفعل (كل شيء) من أجل المسرح، كما تفعل وزارة التنمية الاجتماعية مع “مسرح الطفل” وربما إن صحت التسمية “مسرح ذوي الاحتياجات الخاصة” بما يحفظ له حضورهم بقضاياهم ورؤاهم.. وكما تفعل الحكومة مع مشاريع ثقافية كبرى تحتوي على مسارح مجهزة تعطي لهذا البعد الثقافي دوره المستحق.
بدأ المسرح العماني من الأندية، ومات فيها..
وتألق مسرح الشباب مع الهيئة العامة لأنشطة الشباب الرياضية والثقافية.. ومات معها.
وبقيت الفرق الأهلية تعاند فعل الموت لتثبت أنها حية، منتظرة مهرجان المسرح العماني المقام كل عامين، خشية الملل والإرهاق في حالة إقامته سنويا، ومعظم الفرق تعود إلى سباتها بعد أن تعلن النتائج، والتي عادة ما تأتي على غير المتوقع، لأن اختيارات لجنة التحكيم لا تختلف عن أسلوب اختيار أعضائها من قبل اللجنة الرئيسية.
بقي مهرجان مسرحي واحد تحشد الطاقات (التنظيمية والإدارية) من أجله عبر مجموعة من اللجان عددها أكبر من عدد الفرق المشاركة، ولا أستطيع الجزم بأن المكافآت الموزعة أكثر من قيمة الجوائز المقدمة للمسرحيين الفائزين.
عندما بحث مجلس الوزراء قبل يومين المراكز الثقافية في المحافظات، ووجه أن تكون خلال عامين سألت نفسي: هل نسي المجلس الموقر أن مسقط لا يوجد بها مركز ثقافي، عاصمة البلاد خالية من مركز، وهي التي يفترض أن تكون بها مراكز، وهل وضع الضمانة أن تتحقق أوامره لتكون هذه المراكز الثقافية قائمة في المحافظات بينما أوامر سلطان البلاد لم تنفذ: بخصوص مجمع عمان الثقافي.. وتوصيات اللجنة العليا لتطوير الدراما والمسرح في السلطنة!!
لجنة مشكلة من عدد واسع من الوزراء تابعت مجموعة عمل قدمت استراتيجيتين باركهما المقام السامي ووجّه لتنفيذهما، لكن السؤال: من ينفذ؟ أي جهة معنية بالأمر؟
لدينا عشرات الفرق المسرحية، لكنها تكاد تتسول لتستمر وتبقى، ولو على الورق.. وهناك اجتهادات لفرق كروية أرادت تجريب الفعل المسرحي، لكن العنوان ضائع، ولذلك فإن الوصول شبه مستحيل، بينما الجمعية العمانية للمسرح تبحث عن نفسها، وتبحث عن رئيس ومجلس إدارة في المرحلة المقبلة، وتبحث عن مقر.. وعن فنانين حقيقيين يريدون خدمة المسرح (العماني) لا خدمة أنفسهم.
فيا مجلس الوزراء.. عاصمة عمان وهي تشهد صرحا عظيما كدار الأوبرا لا يوجد بها مركز ثقافي كالذي تريدونه للمحافظات، ولا توجد بها خشبة مسرح صالحة، ونحن سندخل العام الرابع والأربعين من عمر نهضتنا المعاصرة
بقلم_محمد بن سيف الرحبي