رحيل الفنان المغربي حمادي التونسي
رحل عن عالمنا صباح اليوم الأحد 11 أكتوبر 2020 الفنان المغربي حمادي التونسي عن عمر يناهز 84 عاما..
ولد الفنان الراحل حمادي التونسي عام 1934، بمدينة فاس، قبل الانتقال إلى العاصمة الرباط، حيث نشأ وسط عائلة محافظة، ودخل الميدانَ الفني بمحض الصدفة عندما كان يرافق إحدى الفرق الهاوية في طفولته، حيث ”غاب أحد ممثلي الفرقة ذات يوم، ليقترح عليه رئيسها تعويض الغائب، فأقنع في تجسيد الدور، ومنذ ذلك الحين، وخاصة بد أن أدّى دورا في مسرحية ”مالك والخيانة”على خشبة المسرح الملكي، والتي نالت إعجابَ الجميع، كانت الانطلاقة نحو مسيرة طويلة من التعلم والعطاء والتضحية.
كتب الفنان حمادي التونسي، العديد من الأعمال الإذاعية و المسرحية مها:
”المخدوعة”، ”حرمان”، ”الحب المصنوع”، ”ضريبة العمر”، ”بلا نهاية”، ”التائب”، ”الورد والشوك”، ”عدالة السماء”، ”الكيادر الثلاثة”، ”هذي والتوبة”و غيرها…
شارك حمادي التونسي في بعض الأفلام السينمائية المغربية من بينها ”عندما تنضج الثمار”(1968) لعبد العزيز الرمضاني و العربي بناني، و ”فين ماشي يا موشي”(2007) لحسن بنجلون، كما شارك في بعض الأفلام الدولية من بينها الفيلم الإيطالي الإسباني ”الجسم الجميل يجب قتله”(1972) و الفيلم الأمريكي الكندي ”مريم أم المسيح”(1999) الذي شارك فيه ممثلون مغاربة آخرون، وهو فيلم تم بعد تصويره تحريف مضمون الحوار ليصبح مضمونه مسيئا لهؤلاء الممثلين المغاربة، مما أثار قلقهم وغضبهم و احتجاجهم.
تم تكريمه من طرف الاذاعة المغربية، ضمن برنامج ”هذي ليلتنا” الذي يعده ويقدمه الحسين العمراني، كما تم تكريمه من طرف الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين فاس بولمان وجمعية فضاء الإبداع للسينما والمسرح بفاس…
قال عنه الفنان عبد العظيم الشناوي ”إن الحديث عن حمادي التونسي يُعيده إلى الزمن الجميل، زمن الأصالة والرقي الفني الذي ساهم فيه هذا الفنان المتميز، الذي قدم رفقة جيل الرواد المئات من التمثيليات، والذي كان يتصور كل ما يتعلق بالعمل، من ملابسَ وديكور، والذي أعطى الفنَّ في بلادنا الشيءَ الكثير، دون أن ينال في المقابل إلا حبَّ زملائه الفنانين وحبَّ الجماهير، لأدائه الجميل، بنبرته الصوتية التي تدخل القلوب بلا استئذان ”.
وقال المحجوب الراجي، من جهته، إن ” أول مرة أرى فيها حمادي التونسي كانت وهو فوق خشبة المسرح في مسرحية – ثمن الحرية -، عام 1957، فهو من الرواد الأوائل ضمن فن التمثيل.. جميلٌ في طلعته وفي تحركه فوق الخشبة، وكان بالنسبة إلى الفرقة – الفتى الأول – في المئات من التمثيليات الإذاعية، التي كان يشاركه فيها مجموعة من الممثلين الأكفاء، أمثال عبد الرزاق حكم، محمد حماد الأزرق، العربي الدغمي، بلعيد السوسي ووفاء الهراوي وغيرهم… إلا أن حمادي لم ينل حقّه وحظّه لا في مجال السينما ولا في التلفزيون، مع أنه أعطى الكثير”.
أما عبد القادر البدوي، فقال ” إن التونسي، من الفنانين القلائل جدا ممن يصعب العثور على مثلهم في الميدان الفني، وهو ممن ضاعوا وسط هذا الكم الهائل من التطفُّل والتشرذم واللا فنّ .. إن عطاءاته كثيرة جدا، وهو ذو تكوين رصين ومتين وذو تجربة، ورغم كل ذلك – للأسف – لم يتمَّ تكريمه ولو مرة واحدة، ببساطة لأنه وقع بين أيدي أشخاص هوأكبرُ منهم قيمةً وأدباً..
وبخصوص أغنية ”بريء”، التي أداها عبد الوهاب أكومي، فالتونسي وهو في غمرة اشتغاله على عمل مسرحي، عنّت له فكرة تحويل القصة إلى عالم الإيقاعات، فجاءت ”بريء”تعبيراً فنيا صادقا عن تعبير إنسانيّ جميل وعميق تجاه المرأة، يفتقده بشكل كبير حالياً في ما يروج في الساحة من أغان، إن جازت التسمية.
فأغنية ”بريء”، التي تحيل على معاني جميلة وتؤدي وظائف على المستويَيْن الإنساني والوجداني والعاطفي، اذا وضعنا هذا الإبداع في سياقه الثقافي، ففي حقبة الستينيات والسبعينيات كانت الساحة الفنية تشهد إرهاصات وتحولات سياسية وثقافية كان طبيعيا أن تفرز واقعا فنيا خاصا”..
وقد أطرب التونسي عشاق الأغنية المغربية بكلماته الجميلة في العديد من الأغاني التي لحنها وغناها أكبر الملحنين و المغنيين من بينها، أغاني الملحن المقتدر محمد بنعبد السلام مثل ”الشمس غربات”، ”للا مولات الدار”لمحمد الإدريسي، و ”التليفون”، و من بينها أيضا ” ناديني يا ملكي” و”المدد يا رسول الله” لإسماعيل أحمد، ”هل هلالك يا رمضان” و ”لا بان عليه اخبار”لعبد الوهاب الدكالي، ”بريء بريء”لعبد الوهاب أكومي، ”مافيك خير ياقلبي”لعبد الهادي بلخياط، و أغاني أخرى من أداء مغنيين آخرين من بينهم؛ بهيجة إدريس، المعطي بنقاسم، عبد الواحد التطواني، أحمد الغرباوي، محمد علي، إبراهيم العلمي، الطاهر جيمي، و تعامل مع كل الملحنين المغاربة الكبار باستثناء أحمد البيضاوي الذي كان ميالا إلى تلحين القصائد.
(موقع المغربي/ المعلومات من كتاب “للإذاعة المغربية.. أعلام”، وكتاب “للتلفزة المغربية.. أعلام” – محمد الغيداني)