نظرا لأهمية الدراما التلفزيونية في زمن السماوات المفتوحة والفضائيات، ولأننا كلما ذكرناها تذكرنا – على الفور- كاتبا روائيا ودراميا، سحر عقول وقلوب الملايين بأعمال من قبيل : “زيزينيا”، “أرابيسك”، “ليالي الحلمية”، “رحلة السيد أبو العلا البشري”، والعديد من الروائع التلفزيونية، المحفورة في الوجدان العربي . إنه المبدع الراحل، صاحب الاسم الثلاثي ذي الجرس الموسيقي المميز.. “أسامة أنور عكاشة”، وهو الحاضر الغائب.. اللامع بغيابه الفادح، كل رمضان !
1- ما الدراما؟
نبش تاريخي حول كلمة دراما :
إن كلمة دراما dramaمشتقة من الفعل اليوناني دراؤ drao بمعنى أعمل فهي تعني إذن أي عمل أو حدث سواء في الحياة أو على خشبة المسرح . الدراما – إذن- في حقيقتها هي التعبير الفني عن” فِعْل ” أو موقف إنساني، وبدون هذا “الفعل” لا تكون هناك دراما. الدراما هي التعبير المسرحي للسلوك البشري الناتج عن الفكر ، وجوهر المسرحية إذن “الفعل”، الذي يشكل موقفا فنيا، وهذا هو المعنى الحقيقي لكلمة دراما .. وهذه لا تعني المسرح، لأن المسرح إن هو إلا منصة، ورموز تصويرية لا يمكن ترجمتها إلى لغة الحوار المصاحبة لحركة أداء الممثلين، ولكن يجب أن نتذكر دائما : أن الدراما والمسرح لا يمكن فصلهما إلا من الناحية النظرية. وإذا نظرنا إلى كلمة “دراما” على أساس أنها عمل أو حركة أو حدث فهي محاكاة، لأن المحاكاة تشتمل على العمل والحركة والحدث، وقياسا على ذلك، هل الإنسان البدائي عرف الدراما أم أنها لم تنشأ إلا مع بدايات العصر الإغريقي؟
للإجابة على هذا السؤال ألقى عادل النادي نظرة سريعة على الأزمنة السالفة بحثا عن بدايات الدراما في التاريخ البشري، مشيرًا إلى أن الإنسان البدائي أو إنسان ما قبل التاريخ، كان يعيش في صراع مستمر مع قوى الطبيعة من حوله، من أجل الحصول على ضرورات حياته، وقد عُرف عن الإنسان البدائي أنه كان يهوى محاكاة الطبيعة، حيث كانت تلك هوايته المفضلة، وقد ساعده على ذلك أنه إنسان يمكن أن يقلد أصواتا ما، وحركات ما، وإشارات ما، لأنه يحمل صفات تختلف كثيرا عما حوله من حيوانات. ولما كان الإنسان المتحضر في الزمن الحاضر يعبر عن انفعالاته المفرحة والمحزنة أيضا بطريقة غريزية، بواسطة أفعال عملية، فمن الطبيعي أن يكون الإنسان البدائي بالرغم من قلة محصوله من أوليات الكلمات الأساسية. قد عبر عن نفس الانفعالات بالفرحة أو بالحزن، بطريقة لا تختلف كثيرا عن إنسان العصر الحديث، إذا أخضعناه لقانون التطور. وفي شرحه لنظريته عن التحدي والاستجابة، يرى المؤرخ”أرنولد توينبي” أن تاريخ الأمم ما هو إلا صراع بين الإنسان وبيئته : فالبيئة هي التي تدفع الإنسان إلى العمل والنشاط، وهي التي تحفزه على استغلال الموارد المتاحة . هكذا يتضح لنا أن المحاكاة فعل إنساني مرتبط بالمحيط الطبيعي الذي لا حدود له، “إن المحاكاة أمر فطري موجود للناس منذ الصغر، والإنسان يفترق عن سائر الأحياء بأنه أكثرها محاكاة وأنه يتعلم ما يتعلم بطريق المحاكاة”.
ويرى أحد الباحثين أن أرسطو أخذ مصطلح المحاكاة عن أفلاطون، وحاكاه في وصفه للعمل الفني بأنه محاكاة لأفعال نبيلة، كموضوع الملحمة والتراجيديا، أو بأنه محاكاة لأفعال دنيئة كموضوع الكوميديا، لكنه أغنى المحاكاة وعمّقها حتى اقتصر مفهومها عليه . بالإضافة إلى أنه غيّر جزئيا التصنيف القولي، الذي يحدد معنى المحاكاة الأفلاطونية، ولم تعد المحاكاة أحد قولي التمثيل والسرد، بل أصبحت قولا يشمل التمثيل والسرد كأجزاء نوعية منه. ولم يعد موضوع المحاكاة الأرسطية محاكاة العالم الحسي كما عند أفلاطون، بل أصبح محاكاة الإنسان بأخلاقه وانفعالاته وأفعاله، وبهذا رفض أرسطو نظرية المحاكاة السلبية كلها، لأن الواقع ليس في موضوعات الشعر من حيث هو واقع، بل من حيث هو ممكن، وخصوصا من حيث مشابهة الحقيقة، التي هي المقولة الأساسية، التي تأتي قبل الواقع وقبل الممكن، وهي المقولة التي تحكم علاقة الشعر بالواقع، والعمل الأدبي بالطبيعة.
ويخلص د. فايز ترحيني إلى أن نظرية المحاكاة إيجابية تجريبية ومرنة، وهي بهذا الوضع تمثل الأساس المتين للمذهب الكلاسيكي، كونها تعني نفاذ البصيرة في الكليات مع الاعتدال وعدم مجاوزة الاحتمال، ولا تعني التقليد الصرف للنماذج السابقة، والخضوع الكلي للقواعد الصارمة. لكن هذا المفهوم ما لم يلبث أن تغير، وأصبحت المحاكاة في أوربا تعني التقليد الحي للأدب اليوناني والروماني.
ويوضح النادي بأنه من البديهي جدا أن تكون الحركة الموزونة هي إحدى الوسائل الشائعة في التعبير عن أعماق مشاعره في ذلك الحين، ويرجع ذلك إلى أن الطبيعة نفسها من حوله هي التي أوحت إليه بذلك، فقد رأى الطبيعة تتحرك حركات إيقاعية، متمثلة في حركات الأمواج المائية، وتموجات الحقول تداعبها الرياح، وظاهرة شروق الشمس ثم غروبها، ثم ظهور القمر واختفائه في نظام ثابت، حتى دقات قلبه كانت وما تزال تحمل سمة الإيقاع. فكان من الطبيعي أن يدفع ذلك بالإنسان البدائي ليخلق الحركة ويعبر عما يخامره من فرح وبهجة، ومن هنا يكون الرقص هو وسيلة التعبير الأولى في فن الرجل البدائي. ذلك الرقص الذي يحاكي الخلق والانفعال والفعل بوساطة الأوزان الحركية.
لقد كان هذا الإنسان البدائي مثله مثل الطفل، يعيش على رغباته التي تشكل الدافع الأول لحياته، وتسير إرادته، ويظن مثله مثل الطفل أيضا، أنه يستطيع ببساطة تحقيق هذه الرغبات بمجرد التفكير فيها، ولأنه لم يكن يستطيع أن يعبر عن أفكاره في وضوح كاف، فقد لجأ إلى الحركة والمحاكاة . وبعد أن صارع الإنسان البدائي قوى الطبيعة من حوله، وبدأ يعبر عن رغباته بالرقص والتمثيل الإيمائي الصامت، كان يدرك أن تلك القوى- الطبيعة بعناصرها- هي التي تسيطر عليه، وهي التي يمكن أن تحقق رغباته، فدفعه ذلك إلى أن يرقص لها ليعبر عما يطلبه منها، وقلد حركاتها وأصواتها، لكي يتوافق مع تلك القوى، عسى أن تتحقق رغباته، فالطبيعة نفسها هي التي دفعت الإنسان البدائي إلى أن يحاكيها، ومن خلال ذلك نجد أن الدراما كانت تلازم الإنسان البدائي، ولكن في صورة مبسطة جدا، بل ويؤكد النادي أن الدراما مرتبطة بالإنسان، والإنسان مرتبط بالأرض منذ هبوط آدم، عليه السلام، من الجنة، فلا بد أن تكون الدراما مرتبطة بالإنسان منذ هذا الوقت حتى الآن، إذن فمن الطبيعي ومن المعقول أن تكون الدراما قد نشأت مع نشأة الإنسان على الأرض.
إرهاصات الدراما الإغريقية :
حسب فؤاد مخناش، دائما نؤرخ للدراما من بوابة قدماء اليونان باعتبارهم أول من بدأ بممارستها، وأول من كتب عنها، ومازال ما كتبوه موجودا، والواقع أنه في نهاية القرن السابع قبل الميلاد، وعبر منطقتي “كوتنوس” و”سيسون” عند الدرويين فإن نوع الطقوس التي كانوا يمارسونها، حسب رولان بارث ، أسفر عن ازدهار نوع نصف ديني ونصف أدبي يعتمد الإنشاد الجماعي والرقي عرف باسم الأمدوحة، وكان الشاعر “تيسبس” أول من أدخل الأمدوحة إلى “أتيكا”، وكان ذلك في حوالي 550 ق. م، وكان “تيسبس” نفسه أول من أوجد الذي يقوم بالأداء لتلك الأمدوحة، بينما يشير حمدي إبراهيم إلى أن الدراما لم تولد بمولد المسرح الإغريقي القديم في القرن الخامس قبل الميلاد، بل بدت بواكيرها كبذور في أشعار هوميروس، أول نتاج للفكر الإغريقي وصل إلينا؛ فرغم أن هذه الأشعار تعرف فنيا باسم الملاحم، والملحمة طراز أدبي قوامه السرد والرواية، حيث المضمون يتفق مع ذلك، إلا أننا مع ذلك نجد أن مشاهد الحوار (الديالوج) تحتل الجانب الأكبر من هذه الملاحم بحيث تقف جنبا إلى جنب مع السرد القصصي .
ولما كان الحوار هو وسيلة الدراما، وعن طريقه تتضح معالمها وتتطور أحداثها، فإنه يمكن القول إن العقلية الإغريقية منذ أطوارها الأولى كانت تميل بطبيعتها إلى التعبير الدرامي. ولم يكن الأدب وحده هو الذي يتميز بهذه الصفة؛ بل اتسمت بها أيضا الفلسفة، خاصة في مؤلفات أفلاطون وأرسطو . إن الطبيعة الإغريقية بتنوعها وتضادها المثير بين السهل والجبل، الخصوبة والجفاف، والغابة والمرعى، والنهر والبحر، قد مهدت بالفعل كي يكتسب الإغريق هذا التضاد المدهش في تفكيرهم، وأوجدت لديهم الاستعداد لخلق الدراما كفن أدبي متفرد الصفات. فالدراما ثنائية وليست أحادية، الدراما رؤية متجددة ومتنوعة لسلوك الإنسان ومواقفه؛ الدراما هي الحركة ولا تتفق مع السكون، وهي التنوع لا الرتابة.
كما أشرنا من قبل، فقد ولدت الدراما مع حاجة الإنسان البدائي إلى التواصل مع من حوله من أفراد قبيلته، ونقل لهم تفاصيل مغامرات الصيد، فوجد أن أفضل وسيلة للتعبير عن هذه التجربة هي الوقوف أمامهم، وتمثيل ما حدث له، وأجمع العديد من المؤرخين على أن المسرح الفرعوني هو الأسبق في تاريخ المسرح، مستدلين على ذلك ببعض الرسوم الفرعونية، التي تجسد الكهنة، وهم يضعون أقنعة يمثلون بها دور الآلهة، لكن لا أحد يستطيع أن ينكر أن “البداية الحقيقية للمسرح، بصورة هي الأقرب لما نعرفه اليوم؛ كانت في بلاد الإغريق، وجاء أرسطو ليستنبط قواعد المسرح ويقننها، وهو صاحب أبسط وأدق تعريف للمسرح.. إنه هو ذاته الذي حدثنا عن أسس المسرحية من خلال الوحدات الثلاث المعروفة : و حدة الموضوع ، ووحدة الزمان، ووحدة المكان، وهو الذي قال : إن الإنسان يتمتع بمشاهدة المسرحية أو تمثيل الحياة، إذ أنه بعمله هذا يمكن لمشاعر الشفقة والخوف، أن تستثار بعنف، ثم تزال بالتطهير، وذلك بإحساس التفريج المتولد عن أن الكوارث التي عانتها الشخصيات على خشبة المسرح لم يصبه شيء منها”.
أ -الوحدات الثلاث :
– وحدة الحدث : يقول أرسطو بوجوب معالجة الدراما لحدث واحد، كامل في ذاته، له طول معين، ويتميز بوجود ترتيب له بداية، ووسط ونهاية.
– وحدة الزمان : يجب أن تقع أحداث الدراما خلال دورة شمسية واحدة، أو يمكن أن تتجاوز تلك الفترة قليلا .
– وحدة المكان : ينبغي أن تقع الأحداث في مكان أو في أماكن بمدينة واحدة .
ووحدة الحدث هي أهم عناصر الدراما، وأيّا كان الاختلاف حول الوحدات الأخرى، التي نسبت إلى أرسطو كوحدة الزمن والمكان. فوحدة الحدث إذا توفرت، كانت الدراما وإذا نقصت انعدمت الدراما، وهذا كائن منذ أيام الإغريق إلى أيامنا، حتى في مسرح العبث، وفي مسرح بريخت، وهو أكثر المسارح ثورة على نظرية أرسطو ، ويوضح د. رشدي أن الشخصية أو الفكر لا يمكن أن تكون في ذاتها مادة للدراما، بل إن كيانها الدرامي مرتبط ارتباطا عضويا بالحدث، فعلى قدر ما يفصح الحدث أو الفعل عن الشخصية أو الفكر يكون اهتمام الكاتب بهذين العنصرين، اللذين هما في الواقع ضمن عناصر الحدث المكونة له… إن الحدث ليس مجرد ناحية من نواحي البناء الدرامي، فالحدث بالنسبة إلى أرسطو هو البناء الدرامي نفسه، وهذه حقيقة غابت عن أذهان الكثيرين بعد أرسطو، وهي تؤكد حقيقة أخرى هامة وهي وحدة الحدث ، و يرى ترحيني بأن ما قيل من أن وحدتي الزمان والمكان مأخوذتين عن أرسطو غير صحيح، فأرسطو لم يرد عنه أي ذكر للزمان سوى ما قاله من أن “التراجيديا تحاول بقدر الإمكان أن تحصر نفسها داخل دورة شمسية واحدة أو ما يتجاوز هذه الفترة بقليل”، أما وحدة المكان فلم يذكر عنها شيئا. ولقد فشل كتاب التراجيديا اليونانيين في الالتزام بهذا القيد الزمني، إلا أن الوحدات أصبحت في وقت لاحق مقدسة بالنسبة إلى الكتاب الإيطاليين والفرنسيين .
ب – العناصر الجوهرية للدراما : اشترط أرسطو وجود عناصر جوهرية في الدراما تراجيدية كانت أم كوميدية، وهي كالتالي :
– لا بد من وجود حكاية.
– تصاغ هذه الحكاية في شكل حدث لا سرد.
– الكلمات، أي اللغة، لا بد لها من خصائص محددة، فكل نوع له لغته؛ تراجيدي، كوميدي.
– لابد أن تعرض على جمهور.
– يؤديها ممثلون.
وقد تطورت الدراما، حسب النادي، عبر مراحل، حيث ظلت أمدا طويلا في احتياج شديد إلى عنصرين رئيسيين ومهمين حتى يكتمل معناها الحقيقي، وهما عنصرا الإنسان والحوار، اللذان هما عمود البناء الدرامي، لم يظهرا لا في العصور البدائية، ولا في مصر الفرعونية، ولا في سورية، بل ولا في المسرح الشرقي القديم، وإنما في اليونان القديم فقط، وهما : عنصرا الحوار والبطل / الإنسان، وبدخولهما تطورت الدراما ووصلت إلى صورتها المتكاملة عند اليونانيين القدامى؛ فهم أول من أدخلوا الإنسان أو البطل في العمل الدرامي؛ لكي يصارع الآلهة أو القوى الطبيعية المحيطة به، وكذلك هم أول من استخدموا الحوار كأداة تخاطب في الدراما.
ويرى عبد الستار جواد أن أبرز التطورات الشكلية والموضوعية التي شهدتها الدراما في بداياتها اليونانية هو ابتعادها عن وظيفة الشعر كأداة رئيسية في المسرح، واستبداله بالنثر؛ حيث أن كتّاب المسرح الأوائل – اليونانيون- كانوا يعبرون عن أنفسهم وشخوصهم بالشعر، وهكذا حذا حذوهم كتّاب الدراما في أوربا، الذين كانت لهم إسهاماتهم الكبيرة في تطور الفن الدرامي.
الرؤية الفلسفية للدراما :
لقد ارتبطت الفلسفة دائما بالمسرح منذ نشأته وعلى طول تاريخه، وكان أول من كتب عن فن المسرح ونظّر له في الغرب هو الفيلسوف اليوناني أرسطو في كتابه “فن الشعر”، الذي أرسى قواعد النظرية الدرامية، التي سادت وشكّلت ملامح المسرح العربي في أروربا حتى القرن العشرين.
والنظرية الأرسطية في الدراما لا تنفصل عن فلسفة أرسطو في تفسير الوجود، بل تنبع منها بصورة مباشرة، وتخدم نفس الهدف، الذي من أجله طرح أرسطو تصوره للوجود، فلم تكن فلسفته مجرد بحث موضوعي في الحقيقة و الوجود، بل كانت طرحا – على مستوى الوعي أو اللاوعي- لتصور نظري، أو رؤية للعالم، تتضمن تأصيل نظام سياسي اجتماعي أخلاقي معين .
ويبين د. صليحة أن أرسطو يفرق في ضوء رؤيته الفلسفية بين الأدب والتاريخ، وحدد من خلال هذا التفريق وظيفة الأدب والدراما. فالتاريخ وفق رأي أرسطو يسجل الواقع في تفاصيله الظاهرة، العابرة، المتغيرة، بينما يرصد الأدب الجوهر – أي الأنماط العالية المتكررة، والقوانين الثابتة في التجربة الإنسانية، ويبلور القيم، التي تفرزها هذه الأنماط والقوانين، فالأدب في رأيه يستخلص القوانين الثابتة والقيم المطلقة من خلال فحصه للتجربة الإنسانية في عوارضها وعشوائيتها ومتغيراتها التاريخية، ثم يعيد صياغة هذه القيم بصورة مؤثرة فعالة في عمل فني يخصص ويجسد هذه القيم والقوانين، ويربطها بمعاناة وتجربة فردية حساسة، أي أن الأدب يحاكي الواقع الإنساني بهدف ترسيخ مفهوم وتصور فلسفي لهذا الواقع مبينا حدوده، مساره، قيمه، وقوانينه .
هكذا جعل أرسطو من الأدب تابعا للفلسفة، أو وسيلة لتلقين النظرية الفلسفية إلى العامة، الذين لا يملكون القدرة على التفكير الفلسفي المجرد؛ أي أن نظريته في الأدب والدراما ما هي في حقيقة الأمر إلا نظريته في توضيح الدراما لخدمة وترسيخ تصور فلسفي يرسخ -بدوره- تصورا اجتماعيا سياسيا أخلاقيا .
ورغم ظهور تيارات فلسفية عديدة بعد أرسطو، إلا أن نظريته في الدراما – التي تقول بأن الفن محاكاة للواقع بغرض كشف وترسيخ القوانين الخفية التي تحكم هذا الواقع-، هذه النظرية ظلت مسيطرة على المسرح، وفي
تصور صليحة أن استمرار سيطرة النظرة الأرسطية في مجال الشعر والدراما يرجع إلى أن معظم التيارات الفلسفية المؤثرة، التي جاءت بعده لم تأت باختلاف جذري في جوهرها عن فلسفته؛ فكلها ركزت على دور الإنسان التأملي في استشفاف حقيقة مطلقة ثابتة خارج حدود الفعل الإنساني، والتجربة الإنسانية، والواقع التاريخي المتغير، وعلى ضرورة التزامه بطاعة القوانين والقيم، التي يمليها هذا الإدراك المقنن.
الدراما والدرامية :
يخلص حمدي إبراهيم إلى أنه على رغم ما اكتسبته كلمة “الدراما” عبر العصور من معان ومفاهيم جعلتها أحيانا تبتعد عن المفهوم القديم بحذافيره، إلا أنه يمكن القول بأن كلمة “الدراما” ينبغي أن تفهم دوما على أنها الفن، الذي يحاكي أفعال الإنسان وسلوكه عن طريق الأداء التمثيلي بوجه عام، بغض النظر عن الإطار الذي يقدم هذا الفن من خلاله؛ سواء أكان المسرح أم أي جهاز حديث مثل “السينما” أو “التلفزيون” أو الإذاعة.
إن هذه الأجهزة الحديثة قادرة على أن تقدم للمشاهد أو المستمع الفن الدرامي بعد تطويع هذا الفن وفقا لنوعية الإطار، ووفقا لإمكاناته ووسائله “التكنيكية” . فلقد غزت “الدراما” في عصرنا الحديث ميادين عديدة، بعد أن كان ميدانها الأوحد وإطارها البالغ القدم والكمال في الوقت نفسه هو المسرح، ومعنى هذا أن “الدراما” قد غدت بعد اكتشاف هذه الأجهزة الحديثة أكثر الفنون انتشارا وأعظمها تأثيرا.
والاختلاف الجذري بين الدراما وسائر الأشكال الفنية الأخرى مثل الرواية أو القصة مثلا، هو أنها تقوم على الحدث، الذي يتم خلقه عن طريق الحوار، في زمن مسرحي معين لا يزيد في الغالب على ثلاث ساعات.. ولذلك فإن عصر الزمن في الدراما يحتم على الكاتب المسرحي أن يعالج الماضي والمستقبل بطريقة خاصة، وأن يجعل هذه الأزمنة جميعا تصب في الزمن الحاضر، وتتجسد في سلوك الشخصيات – أثناء فترة العرض ـ وذلك عن طريق تصارع إرادتها، وتصارع الشخصية الواحدة داخل نفسها، والحوار هو وسيلة الكاتب في التجسيد .
ومن الخطأ الظن بأن الدرامية وقف على المسرح وحده، إذ ثمة تواصل عميق بين المسرح والرواية والملحمة… إلخ، وذلك لأن جميع هذه الأنواع الأدبية تؤدي وظيفة واحدة في جوهرها، ألا وهي نبش الدرامية المبثوثة في الوجود والمجتمع والنفس البشرية ، ونلاحظ هنا تحويرا في مصطلح الدراما إلى الدرامية، والدرامية هي فعل الدراما وأثرها، هي الحيوية والحركة قبل كل شيء. والدرامية في النقد الحديث ترتبط ارتباطا وثيقا بحشد المصطلحات مثل : الموقف والتوتر والاستجابة والعرض وغيرها .
2- نشأة التلفزيون وعلاقته بالمسرح والسينما :
يرى مصطفى محرم أن التلفزيون أحد نواتج المسرح، ومثلما لجأت السينما إلى المسرح لتحصل على ممثليها، لجأ التلفزيون، أيضا، إلى المسرح بصفة خاصة ليحصل على مؤلفين، وكان رأي المنتجين لبرنامج التلفزيون بالنسبة إلى الدراما التلفزيونية أن المؤلف، الذي تمرس على الكتابة للمسرح هو أقدر أنواع المؤلفين على التكيف مع مقتضيات الكتابة للتلفزيون، وهذا الكلام لا ينطبق إلا على السنوات الأولى لنشأة الدراما التلفزيونية، عندما كان يتم تصويرها كلها داخل الاستديو وعلى الهواء .
ويؤكد عادل النادي أنه عندما نشأ التلفزيون اعتمد على المسرح، بل والسينما وباقي الفنون الأخرى، ولم يستطع أن يستقل بنفسه ويصبح فنا مستقلا حتى الآن، بالرغم أن الكثيرين يحاولون جعله فنا ثامنا، ولكنه لم يصبح بعد “فنا ثامنا”، لأن التلفزيون منذ نشأته وهو يعتمد على السينما والمسرح، فالتلفزيون يعتمد على الصورة والكلمة، والصورة هي الوسيلة أو الأسلوب السينمائي، والكلمة هي الوسيلة أو الأسلوب المسرحي. إذن حتى الآن لم يستطع أهل التلفزيون أن يشقوا لأنفسهم أسلوبا خاصا بهم، لكي يصبح التلفزيون فنا ثامنا.
ومازلنا نجد حتى الآن أن أكثر البرامج جماهيرية لدى جمهور التلفزيون في كل أنحاء العالم هي “الأفلام السينمائية’ و”المسرحيات” . وهذا ما يجعل هدف التلفزيون غير مكتمل، بل ويجعل التلفزيون فنا مساعدا للسينما والمسرح، ويعيش على فضلاتهما، ولا يمكن أن يرتفع ويصبح فنا ثامنا. وهذا ما يسبب الأزمة لكاتب التلفزيون، بل ومخرجه أيضا، لأنه لا يمكن أن يقدم فنا حقيقيا لوسيلة مساعدة، فالأجدر به أن يكتب للسينما أو المسرح، وهذا من أسباب عدم وجود المؤلف التلفزيوني الجيد، الذي يكتب عمله للتلفزيون أساسا. رغم كثرة الإنتاج التلفزيوني الخاص في السنوات الأخيرة، بعد دخول بعض الدول العربية مجال الإنتاج، وبعد كثرة شركات الإنتاج الخاصة، وبعد انتشار أجهزة الفيديو، ولكننا نرى أن أغلب المسلسلات، التي تكتب للتلفزيون كانت قصصا سينمائية من قبل أو مسرحيات. وللأسف نجد أن أغلب من يكتب للتلفزيون يكتب له لمجرد الرزق فقط، وليس من أجل الخلق الفني والإبداع.
ويشير مصطفى محرم إلى أن استغلال السينما للتلفزيون كوسيلة لعرض الأفلام السينمائية، جعلت المشاهد يستغني عن مشاهدة بقية برامج التلفزيون، أو لا يلقي بالا إلى بعض برامجه، لكن الخسارة كانت كبيرة أيضا بالنسبة إلى السينما، فقد اكتفى عدد كبير من مشاهدي الأفلام بمشاهدتها في البيت عن طريق جهاز الفيديو، وقل ترددهم على دور السينما.
في حين أتى عرض الأفلام السينمائية بنتائج جيدة للدراما التلفزيونية، فقد اندلعت المنافسة بين الفيلم والتمثيلية، فإذا كانت السينما تتميز عن التلفزيون بالحرية في تناول موضوعاتها، فإن التلفزيون اختار الموضوعات الاجتماعية والعائلية، التي قد لا يهتم بها جمهور السينما، ولكن تدخل على الفور قلوب المشاهدين، الذين يجلسون أمام الشاشة الصغيرة، وبدأ المسلسل التلفزيوني يأخذ مكانه، ويصبح منافسا قويا للفيلم السينمائي، وذلك لاختلافه عن كل من التمثيلية التلفزيونية وعن الفيلم السينمائي.
ويخلص محرم إلى أنه في الوقت، الذي كانت فيه السينما تحاول الابتعاد عن مجال الأدب، وتصبح فنا قائما بذاته، وتحاول في نفس الوقت أن تبتعد عن المصطلحات الأدبية مكتفية بالمصطلحات السينمائية، كان التلفزيون يقترب من الأدب، ويحاول أن يعلن عن تمثيلياته ومسلسلاته بالدراما التلفزيونية، والفن الوحيد، الذي حاول أن يتخلص من براثنه هو المسرح، الذي كان الكثير من النقاد يقرنون كلمة “دراما” بالمسرحية، بحيث عندما كانت تذكر الدراما فكان يقصد بها المسرحية.
أما السبب الرئيس في تدهور الدراما التلفزيونية في الوطن العربي في السنوات الأخيرة، حسب مصطفى محرم، فهو أن “معظم من يقومون بكتابة الدراما التلفزيونية المسلسلة عندنا هم السبب في تأخرها الفني. فقد أخلد هؤلاء القائمون عليها إلى شكل ثابت، ولم يعد يعنيهم سوى نجوم التمثيل والمكاسب المادية من ورائهم، وشحن الأشرطة بالثرثرة واللغو في موضوعات متكررة لا إبداع فيها، ولا دراية بفن التعبير المرئي”.
مفهوم الدراما التلفزيونية :
تعد الدراما المقدمة في التلفزيون من أهم الأشكال البرامجية المحببة لدى الجمهور،”فالدراما التلفزيونية من أهم ما يربط المشاهد بالشاشة الصغيرة لأنها العماد الرئيسي في التسلية المنزلية الميسرة” ، وقد أضحت أهم ما يربط المشاهد بالشاشة الصغيرة، وتطورت خلال العقود الستة الماضية لتكون العماد الرئيسي في التسلية المنزلية الميسرة، على مستوى العالم، كما أنها مادة فريدة ومحببة لملء عدد ساعات الإرسال الطويلة ، وتطلق هذه التسمية على الأعمال الدرامية، التي تكتب خصيصا للتلفزيون، وإن كان التلفزيون يرتبط بالجماهير التي يتوجه إليها، فإن موضوع التمثيلية التلفزيونية ينبغي أن يعبر عن حياة الجماهير ومشاكلهم لما يتميز به هذا الجهاز من قدرة على الإيحاء ولفت الانتباه والإقناع، وهذا ما يرتبط مع أهداف المدرسة في الفن والتحليل الوظيفي للإعلام، حيث أنه من الضروري أن ينبع موضوع التمثيلية التلفزيونية من العلاقات، التي تجمع الأفراد بالمجتمع. إنها مرآة الحياة، وتعد انعكاسا للاهتمامات الخاصة بالبشر، كما أنها قادرة على ربط خبرات الأفراد بالبناء الأخلاقي والقيمي، وتكون قادرة على توسيع تعاطف المشاهدين، وجذبهم بعيدا عن قيود الواقع؛ لتقودهم إلى رؤية متعمقة أعظم في العلاقات الاجتماعية بين الأفراد من التشويق والتعاطف والإثارة.
وإذا كان “فن المسرح، وهو من أقدم الفنون البصرية، التي جمعت الفكر مع الصراع والموسيقى والرقص وأيضا الأداء الحركي والتمثيلي، فإن فن الدراما التلفزيونية قد نهل من نبع هذا الفن فيما يختص بقضية الصراع الدرامي والحدثي؛ لأن الحدث أو الفعل هو الباعث والمحرك لتلك الدراما والمسرحية، وهذا الحدث يحدث على مستوى الفعل الظاهري في المقام الأول، ثم تتبعه تداعيات نفسية وداخلية داخل كل شخصية تتفاعل وتتصارع مع الآخرين ومع ذاتها، وأيضا مع الأقدار من حولها؛ فالحدث والصراع يكونان المنظمومة الدرامية والحبكة الفنية لفن المسرح، وهما أيضا يمثلان التقنية الفنية التي استخلصتها الدراما التلفزيونية في مرحلة نموها بعد أن كانت تندرج تحت المسلسل التلفزيوني؛ أي التشويق والإثارة، لتتبلور الفكرة، ويشتعل الصراع فيما يسمى دراما؛ أي صراع على عدة مستويات: جسدية (الحدث)، فكرية (الصراع)، نفسية (الألم) .
التأليف الدرامي للتلفزيون :
يعتبر التأليف للتلفزيون أو الإعداد له – حسب النادي- من أشق ضروب الكتابة وأعقدها، فهو يستلزم من كاتبه أو معده فضلا عن بديهية التمكن من أسس الدراما وقواعدها العامة، يستلزم كثيرا من الموهبة، والاطلاع، والمعرفة الكاملة بإمكانيات التلفزيون كوسيط، وإمكانياته وحدوده كوسيلة اتصال جماهيري تعتمد على الصورة في المقام الأول لمخاطبة خليط من فئات لأعمار مختلفة وثقافات متعددة . فمشاهد التلفزيون شخص غير معروف، وغير متجانس مع غيره من المشاهدين، له ذكاؤه وقدراته، ولا يقبل الاستهانة بها، لا يقبل إلا ما يرغب فيه، ولا يقبل أشياء فوق إدراكه، ويحمل في داخله ناقدا أكثر من حاجته للمعرفة.
هذا بالإضافة إلى أن التلفزيون يتميز بالأسرية، وطبيعة مشاهدته تفرض على قصته بأن تكون أقرب إلى الطبيعة لجذب انتباه المشاهد، الذي يجلس وسط عائلته بالبيجامة أو الجلباب ليشاهد التلفزيون وهو في حالة استرخاء، فإذا لم يجذب العمل انتباهه منذ البداية، كان مجهود الكاتب وغيره ممن تعاونوا على إخراج العمل قد ضاع هباء.
والكاتب للتلفزيون يجب أن يدرك أن التلفزيون يتميز بالتواصلية، وهذا يفرض عليه ضرورة التمكن من سرد قصته في خط مستقيم، لا تقطعه فواصل أو استراحات في أثناء معالجة السهرة، أو المسلسل، أو السلسلة. ومن هنا لا بد أن يدرك الكاتب ماذا يريد؟ وأن ينبع ذلك من إدراكه لطبيعة التلفزيون، وإمكانياته واحتياج المشاهد وما يرغب في مشاهدته، واعتماد التلفزيون على الصورة من أجل التعبير الدرامي، حيث إن الصورة يمكن أن تقوم مقام صفحات كثيرة من الحوار. ثم بعد ذلك يدرك أي نوع من الكتابة سيكتب؟ وأي شكل سيتخذ؟
وقد اتصف التلفزيون بثلاثة أنواع من الكتابة هي : التمثيلية، المسلسل، السلسلة .
– التمثيلية :
وهي ببساطة قصة يتم معالجتها تلفزيونيا، كما يعرفها النادي، وتروى بواسطة أشخاص شبيهة بشخصيات الحياة، ويتوفر في هذه الشخصيات ما يجعلها مثيرة للاهتمام، ويجري على ألسنتها حوار واضح فيه سمات الحقيقة. ولا تختلف التمثيلية التلفزيونية عن المسرحية كثيرا، سوى في تكنيك العرض وطريقة المعالجة تبعا لاختلاف طبيعة التلفزيون عن المسرح. وبالرغم من ذلك فإن كثيرا من تمثيليات التلفزيون لا نجد فيها أدنى اختلاف عن المسرح، بل في أغلب الأحيان، نجد هذه التمثيليات بمثابة مسرحيات رديئة.
وطول التمثيلية في العادة يتراوح ما بين نصف الساعة إلى ساعة ونصف، وقد يزيد عن ذلك، أو قد تكون في جزءين إذا زاد الطول عن ذلك كثيرا، أو تكون في ثلاثة أجزاء. وهذا نادرا ما يحدث، ومن الأفضل ألا تتعدى تمثيلية السهرة أكثر من ساعة ونصف، خاصة أنه من الصعب أن يظل الكاتب أو المخرج محتفظا بانتباه المشاهد أطول من هذا الحد. وفي هذا النوع يتصاعد الحدث إلى أن يصل إلى الذروة الرئيسية، كما هو الحال في المسرحية تماما، ويعتبر هذا النوع المرحلة الأولى في سبيل إعداد نص تلفزيوني، والوصول إلى طابع مميز للتلفزيون.
– المسلسل :
المسلسل الدرامي أصبح الآن هو الشكل الأمثل في الدراما التلفزيونية، وذلك بناء على شعبيته الطاغية، فقد أصبح من أهم الوجبات الفنية للمواطن العربي، خاصة لمن يقضون أغلب أوقاتهم داخل البيوت . ويعتبر المسلسل إنتاجا تلفزيونيا خالصا، تميز به عن المسرح والسينما، كنوع من أنواع الكتابة الدرامية، “لا يختلف المسلسل في جوهره عن التمثيلية كعمل درامي من حيث البناء والحبكة وإن اختلف عنها في المعالجة.
يعتمد المسلسل على مجموعة من المواقف المهمة، التي توصل في النهاية إلى تتابع وتوالي الحلقات، والمسلسلات عادة ما تكون سباعية، أو ثلاث عشرة حلقة، أو ستة وعشرون حلقة، لتغطية دورتين كاملتين، أو ثلاثون حلقة لتغطية شهر كامل لو أذيع المسلسل يوميا”. وعادة ما تكون الشخصيات الأساسية في المسلسل قليلة، إضافة إلى وجود عدد من الشخصيات الأخرى المساعدة، وفيه عقدتان : عقدة كبرى لا بد أن تحل في نهاية الحلقات كلها وعقدة أخرى تدور في فلك العقدة الكبرى، وهذه العقدة الأخرى يتم تقسيمها إلى عقد فرعية بعدد حلقات المسلسل، بحيث تنتهي كل حلقة بعقدة من هذه العقد الفرعية، حتى يتم عنصر التشويق والإثارة، بالنسبة إلى المشاهد، وحتى يبقى متشوقا لمشاهدة الحلقة التالية. ويتحتم على الكاتب التلفزيوني أن يراعي أهمية تحديد نهاية كل حلقة بما يحقق التشويق، والترقب للحلقة التالية وتنفيذ الحلقات حسب الزمن المقدر عند الكتاب..
وحسب د.عبد القادر القط، فالمسلسل التلفزيوني “يحظى باهتمام بالغ من المشاهدين، ويؤثر تأثيرا كبيرا في عقولهم ووجدانهم وسلوكهم، بما يتضمن من امتداد زمني، وعناصر من التشويق والتمثيل والإخراج، تغري بالمتابعة. ومع ذلك لم يظفر حتى الآن بنقد جاد يحلل طبيعته، ومقوماته الفكرية والفنية”. وهناك من المؤلفين من يجعل العقدة زائفة في نهاية الحلقة، حيث يكتشف المشاهد في بداية الحلقة التالية أن عقدة نهاية الحلقة السابقة ما هي إلا زيف ووهم. وهذا النوع من النهايات الزائفة غير مفضل، فمن الأفضل أن تنتهي كل حلقة بذروة حقيقية وليست زائفة.
وهذا النوع من المسلسلات، التي تقدم عقدة أساسية وعقد ثانوية بعدد حلقات المسلسل يسمى المسلسل الصافي، وهناك نوع آخر من المسلسلات، وهو ما يسمى بالمسلسلات المتحايلة أو السلاسل.
ونظرا لطول مدة حلقات المسلسل، نجد في أغلب الأحيان أن المؤلف كثيرا ما يلجأ إلى الحشو والتطويل بغرض ملء المدة المقررة لكل حلقة، وهذا ما يفقد العمل قيمته.
– السلسلة :
هي خيط، أو سلسلة مفاتيح تنتظم فيها مجموعة من الأحداث، كل حدث قائم بذاته، وإن ربطتها جميعا فكرة واحدة. ففي كل حلقة من حلقات السلسلة، تبدو الأحداث بحيث تصلح كل حلقة منها أن تكون تمثيلية قائمة بذاتها، لها بداية وعقدة ونهاية، أي تمثيلية كاملة، بعكس الحلقة الواحدة من المسلسل.
وفي السلسلة لا بد أن يكون هناك ما يربط الحلقات بعضها ببعض، فإما أن يكون البطل واحد في كل الحلقات، والمواقف التي يتعرض لها في كل حلقة تختلف عن الحلقات الأخرى… وإما أن يكون مضمون الموضوع واحد في كل حلقة من حلقات السلسلة، والشخصيات هي التي تتغير من حلقة لأخرى.
عموما، يعتبر هذا الشكل هو المفضل لدى المشاهد، لأنه نادرا ما يستطيع أن يستمر في متابعة المسلسلات حتى يقع على مضمونها كاملا. أما السلاسل فيمكنه أن يشاهد حلقة مثلا دون أن يتابع باقي الحلقات، لأن كل حلقة كما عرفنا من قبل وحدة قائمة بذاتها .
أدب الدراما التلفزيونية:
تشترك الدراما التلفزيونية مع الرواية والمسرحية والسينما في كونها جميعا فنونا تقوم على عنصرين رئيسيين، هما القصة واللغة، وكم كان مدهشا أن تخلو دراساتنا النقدية من البحث الجاد حول السمات الخاصة التي تميز كتابة الدراما التلفزيونية بوصفها نوعا أدبيا خاصا ومتفردا عن غيره من الأنواع الأخرى كالرواية والمسرح .
ولأن التلفزيون وفنونه.. نشأ من تحت جناح المسرح على وجه الدقة، فإننا بذلك نثبت أن الأدب هو الأدب.. في المسرح، في القصة، في الرواية، في التلفزيون. وبذلك يكون الأدب التلفزيوني أحد الفروع الأصيلة والأصلية للأدب الذي عرفه مندور بأنه الشعر والنثر.. إذا وضعنا في عين الاعتبار الإضافات الغنائية للمسلسلات والأشكال الدرامية التلفزيونية الأخرى.. وبذلك يحق لأسامة أنور عكاشة أن يسعى إلى طموحه بأن يكون أديبا تلفزيونيا متميزا، وينبغي أن نشجعه ونشجع غيره على طبع الأعمال الدرامية الناجحة في كتب، مثلما تنشر المسرحيات وبعض سيناريوهات الأفلام العظيمة… لأننا بذلك نقرب المسافة بين المشاهدين والأعمال المميزة، ونعيد للكتاب لمعانه من خلال التلفزيون، الذي سحب البساط إلى حد كبير من تحت أقدامه.
ومثلما يمكننا قراءة النص المسرحي، فالسيناريوهات الجيدة يمكن الاستمتاع بها عند القراءة، قبل تجسيدها كصور حية نابضة، ويمكن للقارئ العادي أن يتحقق له نفس الشيء، ومع ذلك يظل تقديم السيناريو الجيد من خلال مخرج قدير وممثل متمكن وفريق عمل جيد هو الحل الأمثل لتقديم الأدب التلفزيوني، وهذا ما يتفق مع رؤية الكاتب والسيناريست وحيد حامد: ” أنت ترى السيناريو … كعمل أدبي، وأنا أرى الجزء الأدبي فيه متمثلا في الحوار فقط، أما ما عدا ذلك، فالسيناريو هو مخطط أو دليل لعمل المخرج، لأن السيناريو على الورق عمل ناقص، لا بد له من مخرج، وممثل، ومصور، ومهندس ديكور، ومعامل وماكياج، وملابس وإنتاج.. وعوامل أخرى لكي تمنحه – مجتمعة- شهادة الميلاد والبعث والتكوين” .
ديوان العرب الجديد :
نعى الناقد جابر عصفور الشعر في كتابه زمن الرواية وقال صراحة أنه لم يعد هذا الزمان زمن الشعراء، وإنما زمن الرواية والروائيين! واليوم مع ظهور التلفزيون يمكننا القول : إنه زمن المسلسل، زمن الدراما التلفزيونية بجدارة، حيث تحول الإنسان وخاصة في العالم العربي إلى كائن تلفزيوني صرف، لأسباب عديدة، لعل الظرف الاقتصادي الصعب في مقدمتها، حيث انشغلت الأذهان والأجساد في الركض وراء اللقمة وتغطية تكاليف الحياة العصرية المرهقة، فطغى أسلوب الحياة السريعة وثقافة “الوجبات الجاهزة” على كل شيء، فلا وقت للقراءة، وإنما للفرجة؛ حيث التلقي السهل دون مجهود ذهني.
لقد تحولت الدراما التلفزيونية إلى “ديوان العرب”، وأصبحت غولا التهم جمهور الشعر والرواية، ورغم محاولات عدد من كتاب الدراما العربية تخفيف آثار ابتلاع الدراما التلفزيونية للشعر والرواية من خلال إلباس مسلسلاتهم لبوس الرواية التلفزيونية، التي تغوص في قاع الشخصيات والمجتمعات، وتحاول تشريح أزمات المجتمع العربي على طريقة الروايات الأدبية، وربما نجح في ذلك إلى حد بعيد الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة.
والرواية المتلفزة – إن جاز هذا التعبير- رواية من نوع مختلف عن روايات محفوظ وإدريس والسباعي وعبد القدوس وغيرهم، وإن أخذت منهم وعنهم… إنها رواية بنت التلفزيون. الرواية المتلفزة تبعث الحياة في الأحداث والشخوص والزمان والمكان، هذه الرواية أصبح لها شكلها الخاص، وقد بنى صرحها بحق أسامة أنور عكاشة.
لقد حققت الدراما التلفزيونية نجاحا منذ بدايتها في مطلع الستينيات، ولكنه النجاح المرتكن على شغف جماهيري بهذا الجهاز الجديد الذي اقتحم البيوت المصرية .. إنه الشغف الذي جعل المصريين يلتفون حول هذا الجهاز لقضاء وقت ممتع يخرجهم من متاعب الحياة ومشاغلها.. لا يمكن بالطبع أن تكون هذه قاعدة عامة، ولكنها تمثل السواد الأعظم والأغلب الأعم. ومن ثم فإن أسامة أنور عكاشة كان بمثابة نقطة التحول في مسار الدراما التلفزيونية.. لقد تحول بها من حال إلى حال.. من حال التسلية والمتعة وتقضية وقت الفراغ، من خلال بعض الأعمال الدرامية القائمة على الإثارة مثل المسلسلات البوليسية… أو من خلال أعمال اجتماعية… أو حتى أعمال مست القلب والوجدان، بما فيها من مواقف إنسانية تثير مشاعر المتلقي مثل “أبنائي الأعزاء شكرا”. أقول إن عكاشة حول المسار من ذلك إلى خطاب جديد يرصد أزمات المجتمع الحقيقية، ويقدم شخصياته، التي يراها المتلقي في كل مكان حوله، ملبسا إياها ثوبا جديدا.. لم يكتف عكاشة بهذا، فقد خاطب العقل مع الوجدان والقلب.. طرح النقد والأسئلة والقضايا، وإلى جانب ذلك كله لم ينسَ التسلية والمتعة.
واستمرت الفترة الأولى للدراما التلفزيونية طوال الستينيات والسبعينيات، وهي الفترة ذاتها، التي قدم فيها عكاشة نفسه أول أعماله الدرامية.. ويرى د. أحمد عمار أن البداية الحقيقية لتغيير المسار كانت في النصف الأول من الثمانينيات من خلال مسلسل “الشهد والدموع”، ذلك المسلسل الذي حقق نجاحا غير مسبوق في هذا الوقت، وهو ما جعل الكثيرين يعدونه نقطة التحول الحقيقية في تاريخ الدراما التلفزيونية العربية.
لقد دخل حلبة السباق الدرامي كتّاب حولوا المسلسل الدرامي إلى نص درامي، وأضافوا أبعادا فنية جديدة، وتطرقوا إلى قضايا تهم وتشغل المجتمع المصري، وذلك في النصف الثاني من الثمانينيات، وبدأت بأعمال الكاتب
الكبير أسامة أنور عكاشة “الشهد والدموع” تخرج إلى النور ومعها “ليالي الحلمية”، والتي امتدت حتى منتصف التسعينيات، وأيضا بدأ كاتب رومانسي مثل محمد جلال عبد القوي في الكتابة التلفزيونية : “الرجل والحصان”، و”أولاد آدم” و”المال والبنون”، والتي امتدت إلى التسعينيات، وبهذا نجد أن وحيد حامد، ويسري الجندي، ومحفوظ عبد الرحمن قد بزغ نجمهم في سماء الدراما التلفزيونية مع نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات، فشكلوا حالة فنية غير عادية ومتميزة خرجت بالدراما التلفزيونية من حيز المسلسل الاجتماعي أو البوليسي إلى أطر غير عادية وتقليدية ترصد المجتمع المصري بكل تغيراته الاقتصادية والسياسية، وانعكاس ذلك على الشخصية المصرية والعلاقات الأسرية، وبناء جسور التواصل البشري بين المكان والزمان…
إن “فوز نجيب محفوظ بجائزة نوبل يؤكد مقولة إننا نعيش زمن الرواية، ولقاء نجيب محفوظ مع السيناريست أسامة أنور عكاشة، وما جرى بينهما يؤكد أننا نعيش “زمن الرواية التلفزيونية”. فقد قال محفوظ لأسامة : “ليالي الحلمية” وقبلها “الشهد والدموع” هي روايات مرئية ميزتها أن غير المتعلم يستطيع أن يقرأ ما فيها بسهولة ومتعة، وما أكثر غير المتعلمين في العالم العربي! وكأن محفوظ بهذه الكلمات يشير إلى أهمية رواية التلفزيون، التي يقدمها الكاتب في شكل مسلسلات.
وقبل ذلك بسنوات، كان الأديب عبد الله الطوخي قد أعلن صراحة في مقال حزين وشهير عن “غروب الأدب”، وكتب تحت هذا العنوان يقول: إن مسلسلات أسامة أنور عكاشة أكثر تأثيراً في مستوى القاع الشعبي من أعمال نجيب محفوظ، واقترح أن تعقد مصالحة أو يتم زواج الرواية الأدبية والتلفزيونية فيما يمكن أن يسمى بـ”التليرواية ” “.
ويشير عبد الله الطوخي في تلك المقالة إلى أنه “أصبحت الصورة الجميلة الملونة الأنيقة هي ما يستهوي الناس، ولم تعد الكلمة غير عنصر واحد ضمن عناصر شتى تتبارى في دائرة الجمال والإبداع.
أصبح الناس يستمتعون بأعظم القصص والروايات والدرامات، دون أبسط إجهاد.. جالسين متكئين في استرخاء عظيم ! بل إن جماهيرية أي كاتب أو أديب لم تعد تتأتى إلا إذا وصلت أعماله إلى شاشة التلفزيون على صورة أفلام أو مسلسلات !!
هل يصبح غريبا بعد ذلك أن يكون النجم الجديد الذي أحدث بأعماله دويا وشهرة، هو “أسامة أنور عكاشة” بمسلسلاته الاجتماعية والفنية الجميلة.. بل إننا لا نبالغ لو قلنا إنه أصبح – على مستوى القاع الشعبي- أكثر شهرة وفعالية من نجيب محفوظ !!” ، حتى قيل إن أعمال عكاشة هي مقبرة المسلسلات، التي تعرض بعدها أو معها في نفس الوقت على قناة أخرى.
لهذا كان مسلسل “الشهد والدموع” لأسامة أنور عكاشة والمخرج إسماعيل عبد الحافظ الترمومتر الأدبي الحقيقي، الذي عرف من خلاله أسامة كيف يصل إلى الناس، وكيف يحتفظ بطموحه الأدبي القديم بشكل تلفزيوني جديد ، فلا غرو أن يكتب السيناريست “محسن زايد” في مجلة الإذاعة والتلفزيون”: إن أسامة أنور عكاشة جعل من المؤلفين نجوما، وعندما صعد إلى القمة صعدنا معه، بعد أن كنا مجرد أسماء مجهولة للناس .. معروفة في الوسط الفني.. نعم إنه المؤلف النجم الذي يعرفه أهل الشارع.. عم سيد العجلاتي، والأسطى سوكه السمكري، والواد قلاووظ القهوجي.. يعرفه تلاميذ المدرسة، وبنات الجامعة.. تماما مثلما يعرفون “نجيب محفوظ” صاحب نوبل، وكباتن الكرة، ونجوم السينما، وعبد الحليم، وعبد الوهاب، وفريد، و أم كلثوم ، أما صاحب “أولاد حارتنا” فقد قال : “أسامة أنور عكاشة مؤلف مجتهد وخلاق، وعلى الرغم من ابتعادي عن شاشة التلفزيون، فإني أتابع أعماله، لأنها بالنسبة لظلام الشاشة مصابيح مشتعلة بالوعي والفن والأصالة .. وهو بحق صاحب فضل في نقل الأدب إلى التلفزيون، وخاصة للذين لا يعرفون القراءة والكتابة” .
ويعزى تفوق دراما كاتبنا الكبير أسامة أنور عكاشة، والذي لقب بنجيب محفوظ الدراما التلفزيونية إلى أن ما يسمى بــ “أدب الدراما التلفزيونية” كان مشروع عكاشة منذ البداية؛ أدب بملامح وخصائص تجعله متفردا عن كل الأنواع الأدبية، التي تقوم على القص كالقصة، الرواية، المسرحية والسيناريو السينمائي.. وأولى خصائص هذا الأدب “الجملة التي تقترب من اللغة الشعرية”، بتعبير د. أحمد عمار، فالكاتب “الذي وصف بأنه كاتب واقعي كان يسعى دوما إلى اللغة الشعرية !! وهل ثمة تعارض بين الأمرين؟ لقد اتهم عكاشة كثيرا بأن جمله ربما ترتفع عن مستوى شخصياته التي يكتبها.. يمكننا أن نقول الآن نعم، كان يفعل ذلك عامدا.. إن عكاشة لم يكن ناقلا لما يحدث في الواقع، فالنقل لا فن فيه ولا إبداع.. كان يلتقط الشخصية من الواقع ليدخلها داخل النسيج الأدبي، ذلك النسيج الذي لن يكون الواقع في ذاته أبدا.. لن يكون إلا تلك الشخصية التي خلقها المبدع داخل نصه الأدبي الدرامي منطقا إياها بلغة أدبية خاصة متفردة عن لغة الواقع مهما اقتربت منه أو جسدت قضاياه.. إنه الأدب وخصوصيته وتفرده.
الدراما ليست فنا أدبيا !!
للكاتب والسيناريست مصطفى محرم رأي مخالف، فهو لا يعتبر الدراما فنا أدبيا، ويستشهد بما قاله “ملتون ماركس” : “إن قراءة المسرحية قد ترضي بعض الناس ولا سيما ذوي الخيال المتقد، إلا أنها لا يمكن أبدا أن تحل محل مشاهدتها على المسرح. فقد يقرأ أحدنا مسرحية من المسرحيات ويدرسها مرات عديدة، إلا أنها لا تبرز حية أمام القارئ إلا حين يراها، وقد قامت بتمثيلها فرقة قديرة أمام جمهور من المشاهدين”. إن التفكير بالصورة موجود في مخيلة الإنسان أو في ذهنه قبل الكلمة، حسب محرم، وقد كانت الحركة بمثابة لغة عند البدائيين؛ لغة لا تعرف النطق ولكنها عرفت الصورة، فالحركة هي روح الحياة… وعندما تصبح الصورة هي اللغة السائدة والتعبير بها له معنى معين، يصبح للدراما مسميات أخرى كالسينما والتلفزيون، تصبح الدراما هنا بعيدة كل البعد عن عالم الأدب الذي تحكمه الكلمة .
“كان أوجستس توماس… يذهب إلى ترجيح الفعل البصري أي الموضوع الذي تعتمد المشاهدة أو “الفرجة” فيه على البعد أكثر مما تعتمد على السمع ولا سيما إذا كان الفعل سيجري أمام جمهور من النظارة من أصل أجنبي، وكانت حجة توماس التي لم تكن تخلو من بعض الوجاهة هي أن العين أكثر ثقافة من الأذن ونقل المعلومات عن طريق العين يجري بأسلوب مباشر أقوى مما يجري عن طريق الأذن، والعرض عن طريق العين ينقل إليك الشيء نفسه، أما العرض عن طريق الأذن فلا ينقل الشيء إلا بالرموز”.
ويشير مصطفى محرم إلى أن ريموند وليامز يفرق بين المسرحية والأدب من الناحية التقنية، معتبرا أن طبيعة الأدب تقتضي بأن يتم نقل التجربة التصورية من خلال كلمات وليس من خلال أداء إلا إذا تحول العمل الأدبي إلى عمل درامي، وهناك اعتقاد يصحبه إصرار جازم بأنه يمكن لتمثيلية أن تكون جيدة دون أن تكون أدبا جيدا في نفس الوقت.
ويخلص الباحث إلى أن تلك الآراء تجمع على أن الدراما شيء والأدب شيء آخر، فالدراما وجدت لكي تؤدى حسب الوسيط الذي يستخدمها، سواء كان مسرحا أو سينما أو تلفزيون، بينما قراءة الدراما لا تؤدي الغرض منها، وإنما تعتبر قراءة ناقصة، لأن قيمتها الحقيقية تبرز عندما يتم تجسيدها فنيا.
الهوامش :
د. إبراهيم سكر، “الدراما الإغريقية”، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، 1968، ص 3
حمدي محمد إبراهيم، “نظرية الدراما الإغريقية”، الشركة المصرية العالمية للنشر -لونجمان، القاهرة، ط. 1 ، 1994 ، ص 10
أحمد كمال زكي، “دراسات في النقد الأدبي”، دار الأندلس، القاهرة، ط 2. ، 1980 ، ص 35
عادل النادي، “مدخل إلى فن كتابة الدراما”، مؤسسة عبد الكريم بن عبدالله، تونس، ط 1.، 1987، ص 9
عادل النادي، م. س، ص 10
حمدي محمد إبراهيم ، م . س، ص 1
أرسطو طاليس، “فن الشعر”، ترجمة : شكري عياد، دار الكاتب العربي للطباعة والنشر، القاهرة، 1968، ص 3
د. فايز ترحيني، “الدراما ومذاهب الأدب”، المؤسسة الجامعة للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ط. 1 ، 1988 ، ص 95
شيلدون تشيني، “تاريخ المسرح في ثلاثة آلاف سنة”، ترجمة : دريني خشبة، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر، د. ت، ص 11
“فن الشعر”، ص 36
د. سمير سرحان، ” دراسات في الأدب المسرحي”، مكتبة غريب، القاهرة، د. ت ، ص 7
عادل النادي، م. س، ص 11-12
عادل النادي، م. س، ص 11
رولان بارث،” مقالات نقدية في المسرح”، ترجمة : د. سهى بشور، منشورات وزارة الثقافة، دمشق، 1987، ص 5
حمدي محمد إبراهيم، م. س، ص 5
د. حمدي محمد إبراهيم، م. س، ص 4
عبد المجيد شكري، “الدراما المرئية”، العربي للنشر والتوزيع، القاهرة، 1994 ، ص 99
د. إبراهيم حمادة، “معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية”، منشورات مكتبة الأنجلو مصرية، القاهرة، ط. 3، 1994 ، ص 290
د. رشاد رشدي، “نظرية الدراما.. من أرسطو إلى الآن”، هلا للنشر والتوزيع، القاهرة، ط. 1 ، 2000 ، ص 19
د. رشاد رشدي، م. س، ص 21
د. فايز ترحيني، م. س، ص 98
د. إبراهيم حمادة، م. س، ص 210
عادل النادي، م. س، ص 16
عبد الستار جواد، “في المسرح الشعري”، منشورات وزارة الإعلام والثقافة، بغداد، 1979 ، ص 3
د. نهاد صليحة، “المسرح بين الفكر والفكر”، الهيئة المصرية العامة للكتاب، 1986 ، ص 35-36
د. نهاد صليحة، م . س، ص 38
حمدي محمد إبراهيم، م . س، ص 11
د. سمير سرحان، م . س، ص 23
يوسف اليوسف، “ما الدرامية”، مجلة الحياة المسرحية، دمشق، ع. 7، 1979، ص 17
د. صبحة أحمد علقم، ” تداخل الأجناس الأدبية في الرواية العربية .. الرواية الدرامية نموذجا”، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، ط. 1، 2006، ص 39
مصطفى محرم، “الدراما و التلفزيون”، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، ط. 1 ، 2010 ، ص 94-95
عادل النادي، م. س، ص 218-219
مصطفى محرم، م. س، ص 95
مصطفى محرم، م. س، ص 95-96
مصطفى محرم، م. س، ص 114
طارق سيد أحمد الخليفي، “فن الكتابة الإذاعية والتلفيزيونية”، دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية، 2011، ص 199
فوزية فهيم، “التلفزيون فن”، سلسلة اقرأ، دار المعارف، القاهرة، 1981 ، ص 76
مخناش فؤاد،” طبيعة النص المسرحي الإذاعي بالجزائر.. محمد الطاهر الفضلاء أنموذجا”، رسالة ماجستير غير منشورة ، كلية الآداب والفنون، جامعة وهران، 2015
عبد الرحيم درويش، “الدراما في الراديو والتلفزيون، المدخل الاجتماعي للدراما”، مكتبة نانسي، دمياط، 2005 ، ص 20
د. عزة أحمد هيكل، “الدراما التلفزيونية.. رحلة نقدية”، المجلس الأعلى للثقافة، 2016 ، ص 10
عادل النادي، م. س، ص 224
دويدار الطاهر، “برامج التلفزيون كاملة النص”، مجلة الفن الإذاعي، اتحاد الإذاعة والتلفزيون، ع. 70، القاهرة، يناير 1976، ص 71-75
عادل النادي، م. س، ص 226-225
مصطفى محرم، م. س، ص 114
حسن مرعي، “كيف تكتب تمثيلية تلفزيونية”، رشاد برسي للطباعة والنشر، بيروت، ط. 1، 2003، ص 144
حسن مرعي، م. س، ص 155
حسين حلمي المهندس، “دراما الشاشة )بين النظرية والتطبيق( للسينما والتلفزيون” ، ج 1.، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط. 1 ، 1989 ، ص 72
د. عبد القادر القط، “الكلمة والصورة”، الهيئة العامة المصرية للكتاب، القاهرة، 1989 ، ص 191
عادل النادي، م. س ، ص 227
عادل النادي، م. س، ص 227-228
د. أحمد عمار،” عصفور النار، دراسة تحليلية لأدب الدراما التلفزيونية”، دلتا للنشر والتوزيع، القاهرة، 2017، ص 20-21
سمير الجمل، “فن الأدب التلفزيوني” كتب عربية، القاهرة، د. ت، نسخة الكترونية PDF، ص 24
حوار مع وحيد حامد أجراه سمير الجمل، (نقلا عن) كتاب “المهنة .. كاتب سيناريو”، سمير الجميل، كتب عربية، د. ت، نسخة PDF ، ص 134
حسن علي، “الدراما التلفزيونية إلى أين؟”، ورقة بحثية مقدمة إلى مؤتمر المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، فبراير 2010
حسن علي، م. س
حسن علي، م. س
أحمد عمار، م. س، ص 51-52
د. عزة أحمد هيكل، م س، ص 15
سمير الجمل، “هل هو زمن الرواية التلفزيونية حقا؟”، مجلة العربي، الكويت، ع. 504 ، نونبر 2000
سمير الجمل، “فن الأدب التلفزيوني”، ص 42-43
سمير الجمل، م. س، ص 10
سمير الجمل، م. س، ص 19
سمير الجمل، “المهنة.. كاتب سيناريو”، ص 159
أحمد عمار، م. س، ص 55-56
ملتون ماركس، “المسرحية كيف ندرسها ونتذوقها”، ترجمة : فريد مندور، )نقلا عن( مصطفى محرم، م . س، ص 22
مصطفى محرم، م. س، ص 23
روجر إم. بسفيلد، “فن الكاتب المسرحي”، ترجمة دريني خشبة، )نقلا عن( مصطفى محرم، م. س، ص 23
مصطفى محرم، م. س، ص 21-22
مصطفى محرم، م. س، ص 23
هشام بنشاوي – المغرب