صدر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة كتاب “يعقوب صنوع رائد المسرح المصري ومسرحياته المجهولة دراسة أبستمولوجيا ويقف الكتاب على جزء هام من تاريخ المسرح المصري بمنهج نقدي لكشف الأخطاء ومحاولة تصحيحها وجاء الدافع خلف الكتاب هو ما اعلنته مؤلفته حيث قالت ( ولقد هالني ما حدث في مهرجان المسرح العربي 2019بالقاهرة حيث حددت الندوة الفكرية بداية المسرح المصري 1905 حيث يمثل هذا التاريخ عبثا لتاريخ وذاكرة مصر وجاء السؤال لصالح من اغفال وتقليم أظافر القوي الناعمة لمصر ) لقد أعلنت د نجوي عانوس ترفعها عن الرد على مغالطات التأريخ للمسرح المسرحي والتي انتشرت على مدار عشرين عاما تقريبا ايمانا منها أن البحث الجاد سيسقط كل تلك الاخطاء التي اعتمدت منهج المغالطات السفسطائية والتي ارادت أن تعتمد ريادة للمسرح الحديث لغير صنوع وروجت لها كتابات اتخذت من يهودية صنوع سببا لأقصاء تاريخه وليس من البحث والتدقيق والتمحيص فأصبح غير موجود تاره ثم له وجود باهت تارة أخرى.
صنوع ذلك العبقري الذي قد نختلف معه لكن لا يمكن أن نختلف على ريادته للصحافة الهزلية والكاريكاتير والمسرح والصحف المصورة واللعبات التياترية، كانت كل محاولات اقصاء يعقوب صنوع تعتمد علي تقصير الباحثين في عدم البحث عن مصادر. وهو ما دفع دة. نجوي عانوس للسفر إلى أكثر من مكتبة، والبحث في ارشيفات وطنية لبدان مختلفة تحتفظ بوثائق عن مصر في القرن التاسع عشر. وهو ما نحجت فيه حيث وصول إلى أدلة دامغة تؤكد فاعلية صنوع، بل أن جمهور حفلاته وصل إلى ألف شخص في بعض الحفلات.
استطاعت دة.نجوي عانوس أن تبحث في دوريات وادي النيل والجوائب وايجبت… وأيضا البحث في مكتبة أتاتورك لدحض تلك المغالطات المزعومة. وتقف د نجوي عانوس تأتي مقدمة كتابها علي أساسيات مشروعها الرائد في دراسة تاريخ المسرح المصري. حيث قدمت في هذا المجال أكثر من 30 كتابا وبحثا محكما.. منها : العمدة في المسرح المصري / التمصير في المسرح المصري/ مسرح يعقوب صنوع / اللعبات التياتيرية/ مسرح أمين صدقي / مسرح يونس القاضي وغيرها…
ويعد هذا الكتاب هو الثالث الذي تتناول فيه دة.نجوي عانوس مسرح يعقوب صنوع.. ويأتي التمهيد لترد فيه على المغالطات التي أفرد لها كتاب (محاكمة مسرح يعقوب صنوع) وأسس لكل الافكار الخاطئة التي استدعت معها التشكيك في وجوده ثم التقليل من أهمية دوره، رغم أن ريادة يعقوب صنوع للمسرح المصري من الثوابت التي اتفق عليها مؤرخو المسرح المعاصر. وتوضح دة.نجوي عانوس أن كتاب (محاكمة مسرح يعقوب صنوع) أسس دافعه البحثي على فرضيات سياسية ورغبة في اقصاء صنوع من المشهد لكونه “يهودي” وهو ما يتنافي ومنطق البحث العلمي، بل وطبيعة الحياة الثقافية في مصر التي اعتمدت مبدأ الاحتواء والاستفادة من كافة العناصر لتكوين الوعي الحضاري عبر تاريخ مصر من مبدأ التراكم وليس الاقصاء…
وتقدم الباحثة بداية الاسماء التي وقع بها صنوع لنفسه.. وتوضح سبب اختياره لاسم يعقوب بالضبط، تدرج توضيحه لذلك والمتمثل في أن وعيه الفكري والسياسي كان حافزه المسيطر على طرح هويته من خلال ابداعاته المختلفة. ثم تقدم من خلال التمهيد عددا من الاخبار الصحفية المنشورة وقت عرض المسرحيات، والتي تؤكد بما لا يدع مجالا للشك على وجود مسرح يعقوب صنوع، ووجود أثره الواضح في المجتمع. وتشرح تفاصيل تجربته الفنية، وكيف أن مسرح صنوع هو شكل للتمدين الذي يرنو اليه الخديوي.
إن أهم ما طرحته دة.نجوي عانوس في هذا التمهيد بخلاف الاعلانات المسرحية، هو توضحيها للأسماء المختلفة والهويات التي قدم يعقوب صنوع من خلالها نفسه. والتي تعتبر سببا في كثير من اللبس وهي(ميسو جيمس/الخواجة جيمس سنوا/الخواجه جميس /مستر جيمس/جيمس سنوا المصري مؤسس التياتيرات العربية /أبو نظارة وأبو نضارة / وكتب على مذكراته بقلم الشيخ –جيمس سنووا –أبو نضاره-شاعر الملوك)
وتؤكد دة.نجوي عانوس أن ماسونية يعقوب صنوع هي ما دفعه لتفريغ اسمه من الدلالة الدينية. فيعقوب دلالته عربية مسلمة لذا اختار لنفسه جيمس ليفرغ اسمه من الدلالة الدينية ويكون مدعاة لطلب الحماية من الدول الغربية. وتفند د نجوي عانوس في تمهيدها المغالطات التي تم الترويج لها حول كتابات صنوع.. وتنهي التمهيد بما يلي : (أكدت في هذا التمهيد على ريادة يعقوب للمسرح من 1970-1872وأقصد هنا بهذا التاريخ العرض على خشبة المسرح واستمر صنوع يكتب مسرحياته الي 1910اذ كتب بعد 1872 موليير مصر ومايقاسية والزوج الخائن وكتب ثلاثين لعبة تياترية منشورة في المجلة …)
جاء الفصل الأول من الكتاب تحت عنوان (عالم يعقوب الفكري التي تقف على ماسونية يعقوب صنوع واثر ووعي الحركة الماسونية في المجتمع أنذاك وعلاقة صنوع بالمصلح الاجتماعي الثوري جمال الدين الافغاني الذي كان عضوا بمحل كوكب الشرق الماسوني… وتنهي دة.نجوي عانوس الفصل الأول بمقولة عبد الوهاب المسيري (ان يعقوب صنوع عبقري يهودي وثمرة رائعة للمجتمع المصري العربي الاسلامي بتركيبته وعراقته وتسامحه ومع هذا لابد أن نشير الي أن البعد اليهودي قد يفسر حركية يعقوب صنوع الزائدة وقدراته الفائقة على التحرك داخل تشكيلات حضارية مختلفة واستيعابها وتعلمها العديد من اللغات ومع هذا يظل انتماؤه الي مجتمعه والمصري العربي المسلم هو العنصر الأكثر تفسيرية )وجاء الفصل الثاني تحت عنوتن عالم يعقوب الفكري في لعباته التياتيرية وتقف د نجوي في هذا الفصل على دراسة المسرحيات المصورة اللعبات التياتيرية كشكل لابداع جديد في المسرح العربي وتقف علي اثر التراث الشعبي في تشكيل تلك اللعابات خاصة القرادتي /وحكم قراقوش/ والواد المرق أبو شادوف ) كذلك تقدم للمسرحيات المصورة عنده ووعيه الاخراجي الذي طرحه من خلال الرسم المصاحب كذلك وقف الكتاب بالتحليل على سلطان الكنوز أو رشيد سلطان الكنوز وغيرها من اللعب اتلعبه ستي وحيدة أم نضارة بيضا الطف وافخر هوانم شيخ الحارة ولعبة “يالله بنا على السودان” و”لعبة الجهادي”
وقدمت دة.نجوي عانوس في القسم الثاني من الكتاب : المسرحيات المجهولة ليعقوب صنوع جميس وما يقاسيه/ وعدد من اللعبات التياتيرية منها القرادتي / حكم قراقوش/ بالوظة أغا وعدالته /الكبانية لعبه تياتيرية/الدخاخني /زمزم المسكينة /جرسة اسماعيل/ثم قدم الكتاب المسرحيات المصورة سلطان الكنوز/وملعوب الحدق/ومحاورة بين سي مرجان اغا واشيخ منصور وجعفر اغا وعلي افندي وعشيق جمال هانم في سلاملك من سلاملكات فرعون /وعصبة الانجال على الوزير الدجال /والبارلمنتوا المصري /والجهادي وشيخ الحارة /والواد/والواد المرق زابوشدوف الحدق/وستي وحيدة ام نظارة بيضا/وسقوطنوبار/ويالله بينا على السودان وتشكر الانكليز ولفة توفيق الصعيد بالزفاف والحيل الانكيزية والاسد الافريقي والخديو عباس الثاني النسر الاسود الالماني وفتح بربروالمستر بول بلع الاسطول ورواية فتح السودان ويا مسكين ياسوداني وانتصار الفلاح والخديو عباس والانجليزي الخساس وغيرها
يمثل الكتاب حلقة مهمة في تاريخ المسرح المصري ليفتح باب النقاس مجددا حول يعقوب صنوع خاصة أن مؤلفته واحدة من أهم المتخصصين في المسرح المصري ويؤكد الكتاب على عبقرية مصر التي احتوت الجميع لتصنع حضارتها ونهضتها الحديثة.
د.نبيل بهجت – مصر