ضحى عبدالرؤوف المل – المدى
استثار الرقص والضوءعبرالمادة وتفاعلات الظل بين الجسد وماورائيته العدسة التصويرية الفنية ل” لودفيك فلوران” ludovic florent) )ودفعه نحو رغبة الاستكشاف الاختطافي لتصويرغبار الضوء في الظل بعمق فني مع الرقص والإيقاع الحركي للمادة ومؤثراتها القوية في التناغم مع الجسد الراقص أمام عدسة تلتقط الصدى الضوئي، بتضخيم لأجزاء حبات الرمل او الدقيق ، ليعزز جمال الجسد من خلال الرقص مع الغبار في ازدواجية يحاكي من خلالها جمالية الفن التصويري الابتكاري على المسرح التعبيري الراقص. فهل تشكل التربة المسرحية قوة الاداء التصويري بعدسة تبحث عن الابتكار؟
تبلغ جدلية التصوير الفوتوغرافية ذروتها عندما نتحدث عن التصوير الفني الذي يجعل من الصورة قيمة تخطيطية مسبقة لبلورة الأفكار التي تنتج عنها بشكل راقص أو مسرحي أو درامي أو حتى تلك التي يستخرج منها ما تستحقه من ابتكار خلّاق يؤدي وظيفة جمالية تلتصق بالفلسفة والادب، والدراما والمسرح وحتى السياسة. ان غريزة الضوء تثير الحس الذوقي الفني عند الفوتوغرافي فيتأمل حركة الظل التي تنتج الشعور بأهمية الرسم بالعدسة، وما ينتج عنها لكن بالتأكيد تصبح طريقة التلاعب باخراج الصورة هي فن أيضاً لا يقل أهمية عن التقاطها . إلا أن الطابع الشخصي للبصيرة والإدراك والملكة الفنية هي التي تبرز قوة هذا الفن وضعفه عندما تخرج مهنة التصوير من الوظيفية الى الفنية والخلق الابداعي والاستيلاء على كينونة الرؤية من خلال العين وخاصيتها الحساسة المنسجمة مع العدسة كوسيلة للتعبير، وفقا لدرجات الدقة الابتكارية في التقاط الهدف وبتفاوت بين المفاهيم . اذ يبلغ الترتيب الفوتوغرافي جدلية في تصنيفه والحصول على رتبة مقترحة من الفنانين انفسهم وخاصة من الذين يشتغلون على الصورة الحركية على مسرح أو سينما او حتى في الدراما .
انثروبولوجيا فوتوغرافية تختصر التكوين الضوئي عبر الحركة ، وغموض التلاشى الفراغي المحفز، لإعادة إحياء الجماد بتنوع يحتفظ بصور الكائنات التي تتناغم مع حركة الجسد والألفة القابضة على لحظة حيوية من الحياة الغامضة، لكائنات يتفاعل معها الإنسان باحترافية ينتج عنها معرفة مصحوبة بتطوير تقني سلبي ايجابي، وبتوازن متناقض رياضياً في ظل المتغيرات الحالية في العالم حيث اتخذت الصورة عدة مسارات كالصورة الفوتوغرافية في الأزياء وفي اللقاءات السياسية وفي الريبورتاج، والوثائقي والتصوير الابداعي للمسرح الراقص الذي نحن بصدده في هذا المقال، وأيضاً عبر الفيديو كليب أوالسرعة البصرية المتفطعة والمتشكلة من عدة مفاهيم تصويرية تصل لحد الهوس، والربط الفلسفي أو الماورائي. كما في اسلوب الفنان “لودفيك فلوران” والتمثيل الحركي أو الراقص المؤدي الى استخراج صدى الجسد، وكأن للجسد المادي صداه التفاعلي مع الظل والضوء والمادة غير المرئية بالعين المجردة، التي ينتج عنها عدة تفاعلات لكل منها لوحة بصرية مستقلة تشكل إبداعاً في رؤيتها وأبعادها الثنائية والثلاثية على خشبة المسرح إن شاء التعبير. لأنها تلتقط مع الرقص والتأليف الفوتوغرافي.
تتدفق الأحاسيس الضوئية لاستجلاب البصر ودفعه نحو اكتشاف ماهية اختلاط المادة مع حيثيات الحركة وتشكلها المادي حين تمتزج مع العناصر الحسية والضوئية. اذ تلتقط عدسة الفنان “لودفيك فلوران” جزءاً من الصورة غير المكتملة ، فهي تتضح كجزء من ثانية استطاع تشكيلها الضوء، وأبهرت الحس الفني عند الفنان الذي استطاع خلق حركة ضوئية يرسم من خلالها الصور الفوتوغرفية بفن انثروبولوجي يعتمد على الجسد، والهالة المادية للضوء التي تتخطى بأشكالها التقاء الحركة بحركة أخرى. لاستخراج الصدى البصري الذي ينتج عن ذلك، وهو تحليل كيميائي تنتزعه العدسة من لحظة تكوين هي اختفاء الواقع بين فيزيائية الجسد وكيميائية الحركة الابتكارية في الصورة الفوتوغرافية.
تكشف عدسة” لودفيك فلوران” عن هالات غير مرئية تتناغم مع الجسد بقوة المادة للأشياء من حولنا ، وروحانيتها التي تشارك جزئيات الحركة العابرة في مجالات مغنطسية تحيط بالجسد. فتشكل تناغمات راقصة يبسطها بغبار الرمل أو أي مادة حساسة للضوء. بكيميائية لها تحوّلاتها ومتغيراتها الحركية التي تسمح للجسد بالتقاطها ايضا ، كأنه يبحث عن الروح المحركة للمادة والضوء الذي يغمرها. لمنحها الحيوية المخفية القادرة على إبراز ظهور الاشكال المختلفة الناتجة عن دوران حبيبات الغبار التي استفزت عدسة لودفيك ودفعته الى هذا الخلق الابداعي، وسلطته الفنية في رسم اللوحات أو الصور الفنية الجدلية إن شاء التعبير.
يتضمن التصوير الفني الفوتوغرافي قوة درامية راقصة ايحائية مسرحية تساعد على التأثير البصري حين يراها المشاهد بشكل مستقل بعد انتهاء العرض. ليدرك قوة الحركة التي لم تلتقطها العين المجردة، واستطاعت العدسة الضوئية التقاطها بأقل من جزء في الثانية، ورسمت ما يذهل الحس لاكتشاف انعكاس قيم فنية كثيرة تعتمد على الفيزياء والكيمياء والرياضيات، والاتصال الرومانسي في مساحة تتميز بقوة نقاطها وتباعد عناصرها، وايضا سينوغرافيتها المصممة تصميما وفق الابعاد المدروسة بدقة من قبل الفوتوغرافي وحساباته مع الضوء والظل والعدسة، وقوة الانكماش والانفلات .فهل سنشهد فلسفة للصورة الفنية ونقاطها المحورية في التنافس المسرحي أو الدرامي أو التكوين الحركي التمثيلي أو الرقص التعبيري الحديث القائم على معجزة الجسد في إبراز قوة الوجود وما ورائياته أيضاً؟
——————————————————-
المصدر : مجلة الفنون المسرحية