قدم الكوريغرافي حافظ زليط مساء السبت 24 ديسمبر العرض الاول لعمله الجديد «الهنك» المدعوم من وزارة الثقافة في فضاء مسرح سينما الريو بحضور عدد كبير من أحباء الموسيقى والرقص والمسرح.
طيلة سنوات كان الفنان الشاب حافظ زليط يعمل في صمت محاولا شق درب فني صعب، الرقص الذي يعاني من التهميش والصورة الفولكلورية او النمط الغربي الذي لم تستطع الذائقة التونسية أستيعابه ألاٍ أن حافظ زليط الذي درس الرقص في إيطاليا عن طريق منحة من وزارة الثقافة نجح في التوفيق بين تقنيات الرقص المعاصر والموروث الشعبي التونسي وبعد مجموعة من المشاركات في أعمال أخرى لفاضل الجزيري والبشير الدريسي وغيرهما أستقل زليط بأعماله الخاصة فقدم مجموعة من الأعمال أخرها « عروق الرمل « التي توجتها أيام قرطاج المسرحية قبل أن يفاجىء الجمهور بعرضه الباهر «الهنك».
متعة الرقص والفرجة
الهنك هو مصطلح موسيقي المقصود به الدرجة القصوى من البهجة والأمتاع والذين تابعوا العرض الاول لهذا العمل عاشوا فعلا هذه النشوة التي تحدثها الموسيقى في الجسد فينخرط في الرقص في حالة وجدانية يستحيل التحكم فيها وهو ما يعنيه مصطلح « الهنك « .
هذا العرض الذي يستغرق حوالي ساعة واربعين دقيقة يمكن أن نسميه عرض العودة الى تونس، تونس من صحراء تطاوين ودوز الى بنزرت والحلفاوين وقرى الساحل في زمن الوهابية التي تعمل منذ ست سنوات بل أكثر على تغيير النمط الثقافي والأجتماعي للتونسيين.
من خلال اللباس والحركة والرقصات يستعيد زليط الروح التونسية بكل زخمها الوجداني والروحي والرمزي والأسطوري نرى في هذا العمل رقصات تستحضر تراث الزنوج في الجنوب الشرقي التونسي مثل « طبالة دوز « و» عبيد غبنتن « و» قوقو جرجيس « وفرسان جلاص « وموسيقى الأحياء الشعبية في الحلفاوين والملاسين وصراع « الأكباش « والسفساري في أزقة المدينة العتيقة وزينة نساء قابس والجنوب الشرقي والحرام الجريدي واللحفة المرزوقية الخ …
حوالي ساعتين من البهجة والرقص والغناء الصوفي والشعبي وأغاني الجبال والبحارة وأربطة العاصمة قدمها زليط في عرض « الهنك « كرحلة في التراث الشعبي زادتها لوحات الرقص التونسي الشعبي الذي كانت فرقة الفنون الشعبية مراته ألقا وتميزا.
العودة
يمكن أعتبار هذا العمل محاولة حقيقية للعودة الى تونس بل إستعادة تونس كما نعرفها قبل أن يسطو عليها الأسلاميين الذين حولوها الى بلاد مستباحة للعصابات القادمة من كهوف الجبال ومن دكاكين الوهابية النفطية، عرض ممتع يحيي الروح التونسية لذلك صفق الجمهور طويلا لهذا العمل المبهج الذي شارك فيه عدد كبير من الفنانين في مختلف الأختصاصات منهم ضيفة الشرف ناجية الورغي والموسيقي ياسين الزيتوني وغناء رانية الجديدي ونوفل سويدان ومحمود الحبيب وصفية الركروكي والملابس زينة بن شعبان وآمال الصغير والأضاءة والسينوغرافيا طه حراث وتصميم الرقصات سعدية سويح وعماد عمارة وخيرة عبيدالله أحد العناصر الأساسية في الفرقة الوطنية للفنون الشعبية.
وبعد عرض الريو سيكون للجمهور مواعيد مع هذا العرض الذي ينهل من الموروث الثقافي التونسي والذاكرة الشعبية.
المصدر/الشروق
محمد سامي / مجلة الخشبة