هذا هو جوهر رسالة العرض المسرحي «مواطن»، الذي قدمته فرقة الهيئة العامة للشباب على مسرح الدسمة، ضمن منافسات مهرجان الكويت المسرحي السابع عشر، العرض تأليف الراحل قاسم مطرود، وإعداد وإخراج عبدالعزيز النصار، وتمثيل عبدالله الحمود وعلي الششتري ومحمد فايق وحسين الحداد. وهي المسرحية التي تتضمن العديد من المواضيع والدلالات، لكن تم اختزالها وأخذ بعض الأفكار منها، مثل سحق المواطن والخوف من الواقع، وأمراء الظلام الذين يعيشون بين الواقع والخيال.
تدور الأحداث حول مواطن مقهور تمنى ألا يخرج إلى الدنيا يفقد أمان والدته ووجودها وهي التي تعيش معه كل لحظات ألمه. وهو يتمنى الموت ويحسد كل إنسان يموت اليوم قبل الغد بسبب متاعب الحياة التي أهلكته، في حين لا يجد موطناً أو انتماء يتكئ عليه.
وتعكس المسرحية أجواء أعمال الراحل قاسم مطرود، التي تخوض في معظمها في قضايا المواطنة والغربة ومايدور من حروب في كل بلد وفي كل وقت وزمان.
وجاءت السينوغرافيا مناسبة وغير متكلفة، حيث لم يبالغ المخرج عبدالعزيز النصار في التعقيد والفلسفة في أي من عناصرها. كما جاءت الموسيقى ملائمة للأحداث والحوارات، وأجاد المخرج في الاعتماد على الخدع البصرية لكسر الرتابة والملل في العرض، فيما كانت الإضاءة مريحة، واعتمد النصار على ألوان متعددة منها الأخضر والأحمر والأسود، أما الممثلون فكان التناغم والتفاهم في أدائهم التمثيلي لافتاً.
ندوة تطبيقية
وأعقب العرض ندوة تطبيقية، بحضور مدير المهرجان فالح المطيري وحشد من المسرحيين والجمهور، قدمها علي عليان، وعقب على العرض خلالها الدكتور حسن رشيد، وشارك فيها المخرج معد النص عبد العزيز خالد النصار، واستهلها عليان متسائلا عما إذا كان العرض يعبر عن واقع عربي معاش فعلا. وعبر المعقب الباحث القطري الدكتور حسن رشيد عن سعادته بوجود جيل يؤتمن الآن على المسرح، مشيرا إلى أن الكويت تحديدا فيها عائلات حملت المسرح على عاتقها، من بينها عائلة الشطي والسريع والمنصور والآن عائلة النصار وغيرها من العوائل التي تحب المسرح، ولافتا إلى أن المؤلف قاسم مطرود حمل هموم الوطن. وقال رشيد: «في هذه الدورة من مهرجان الكويت المسرحي شاهدت الكثير من العروض يقدمها (المخرج المعد)، وعندما طالعت عنوان مسرحية (مواطن) تساءلت كيف يغوص المخرج في اللوحات، إلا أنني فوجئت بأن النصار قام بتوصيل الرسالة بشكل رائع».
واعتبر رشيد أن من الصعب عندما تشاهد عملاً متميزاً أن تفكك اللوحة الفنية ببعض الجمل النقدية، مجددا التأكيد على أن هذا الجيل سيحمل رسالة المسرح ويحمل معها أحلامه، خصوصا بعد هذا العمل الذي يحمل قضية واضحة وصريحة، مشيرا إلى أن كل عناصر العرض المسرحي ساهمت في توصيل الرسالة، رغم بعض الهنات التي رافقته سواء في اللغة أو غيرها، إلا أن ذلك يعود إلى حماس الشباب الزائد.
واختتم مخرج ومعد العرض عبد العزيز خالد النصار الندوة، مؤكدا أنه سيضع كل ما تم الحديث عنه بعين الاعتبار، كاشفاً عن أن النص تقدم به إلى ثلاث فرق مسرحية رفضته جميعاً لأنه 9 صفحات فقط، رغم أنه عولج على خشبة المسرح في 45 دقيقة، وهو ما يؤكد إيمانه أن المخرج هو من يصنع العمل المسرحي، مشيدا بكل من عمل أو وقف معه ودعمه في المسرحية.
وتوجه النصار بالشكر إلى والدته ووالده اللذين يحضران دائما عروضه ويدعمانه، مثمناً لهما أنهما علماه حب الوطن، كما تقدم بالشكر إلى أستاذه ومعلمه هاني النصار، متمنيا لو كان موجوداً اليوم ليشاهد ثمرة جهوده التي بذلها معه وتربيته له.