تتواصل فعاليات المهرجان المسرحي الرابع للأشخاص ذوي الإعاقة بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذي تستضيفه السلطنة ممثلة في وزارة التنمية الاجتماعية خلال الفترة من السابع والعشرين من شهر ديسمبر الجاري وحتى الثاني من شهر يناير القادم، حيث تشهد خشبة مسرح الكلية التقنية العليا بالخوير مساء اليوم تقديم مملكة البحرين عرضها المسرحي “نصف ساعة حلم”.
النول
وكانت قد قدمت دولة الإمارات العربية المتحدة يوم أمس العرض المسرحي “النول” الذي تدور حكايته كالآتي: ” كان يا مكان في قديم الزمان ..
لكن حكايتنا حدثت وتحدث في كل زمان ..
فوالي حكايتنا الغارق في الملذات هو شخص موجود بيننا ..
فينا ..
بداخلنا ..
فقد تسقط ضحية الوهم برضانا وغايتنا ..
المحتال” شاؤولوش ” يستغل ولع الوالي ” شرهالوش ” بالثياب الفاخرة، فيعرض عليه صنع ثوب سحري يعمل على الحالة النفسية للبشر، فإذا كان من ينظر إلى الثوب منافقا أو كاذبا أو مخادعا فإنه لا يرى الثوب..
وهكذا لم يجرؤ أي شخص على أن يعترف بأنه لا يرى الثوب، حتى الوالي نفسه رآه، حيث إن النص المسرحي ” النول ” يمثل واقعنا الحالي وكيف نغوص في الملذات والأوهام بالدرجة التي تعمينا عن البديهيات وتجعلنا تفقد البصر والبصيرة، وهذا ما وقع فيه شخصيات العرض المسرحي وأوقعوا في نهايته، فالعرض يعتبر صدمة لإيقاظنا مما يدور حولنا “.
قدم العرض الإماراتي كل من: ماجد إبراهيم المازمي ” وزير الخزنة “، وعلي محمد رقيط ” شهبندر التجار “، وعبدالله علي الزرعوني ” الحاجب “، ومحمد عبدالله الزرعوني ” خادم شاؤولوش “، وفارس ميرغلي الهادي ” الوالي “، ومحمد راشد الغفلي “شاؤولوش النصاب “، وإبراهيم مؤمن خان ” قائد الشرطة “، وماهر محمد مزوق ” الرواي، وأحمد يوسف محمد ” الرواي “، وإيمان عبدالكريم إبراهيم مساعد مخرج، وظلال محمد جابي سينوغرافيا.
مسرح احترافي لهم
قال أحمد يوسف مخرج ومؤلف مسرحية ” النول”: إن فكرة المسرحية مستوحاة من قصة عالمية لكاتب دنماركي تم تحويرها لتتناسب والواقع العربي الحالي، ويضم الكادر المسرحي عدداً من الأشخاص ذوي الإعاقة من نادي الثقة للمعاقين بجانب ممثلين من غير فئة المعاقين، حيث تم ترشيح الكادر من قبل وزارة الشؤون الاجتماعية بدولة الإمارات العربية المتحدة، وأعرب أحمد يوسف عن أمله في إيجاد مسرح احترافي للمعاقين ليأخذوا حقهم كاملاً في هذا الجانب، وظهورهم بشكل متواصل وفي مختلف المحافل ؛ لأنهم لا يجدوا تلك الصعوبة البالغة بالقيام بأي أدوار تمثيلية، بل على العكس تماما فهم يتحلون بكافة الصفات التي يحتاجها كل من يقف على خشبة المسرح.
إضافة للساحة الثقافية
كذلك التقينا بالفنانة العمانية شمعة محمد فحدثتنا عن أهمية وجود مسرح لذوي الإعاقة قائلة: من الرائع أن يكون لدينا مسرح، والأروع هو مشاركة ذوي الإعاقة لنا في المسرح، واشكر السلطنة على استضافتها لهذا المهرجان، كما أشكر كل من فكر وعمل على تنفيذ فكرة المهرجان المسرحي الخليجي لذوي الإعاقة، فهذه الفئة مبدعة بحق، وقد التقيت مسبقا بمجموعة من المبدعين في مجال المسرح بجمعية النور للمكفوفين، وشاهدت بعض أعمالهم المسرحية، وقد دُهشت بأن لديهم كل هذا الابداع، ومن هنا تأتي أهمية وجود هذا المهرجان المسرحي، حيث يضيف كثيرا للساحة الفنية والثقافية بدول الخليج، وسيعرفنا على الممثلين المسرحيين من ذوي الإعاقة، وعلى قدراتهم وطاقاتهم الإبداعية، وعلينا أن نستثمر هذه الطاقات في أعمالنا الدرامية، بأن نُشرك هؤلاء المبدعين في الأعمال الدرامية التلفزيونية الخليجية وتكون لهم نجومية في هذه الأعمال، كونهم جزءا من مجتمعنا وحياتنا، كما أتمنى أن يشاركوا على مستويات عربية ليبرزوا لدينا مبدعين ونجوم من ذوي الاعاقة.
تطور تصاعدي
وذكرت فاتن كمال، خبيرة في لغة الإشارة ورئيسة الوفد البحريني: إنها تواجدت في الثلاث نسخ السابقة للمهرجان حيث كانت البحرين حاضرة فيها وفازت بجوائز متنوعه منها العروض المسرحية والإخراج والسينوغرافيا، وأشادت فاتن كمال بالتنظيم الذي يرافق المهرجان وكافة التجهيزات التي تسهل الحصول على النتيجة المرجوة من هذا المهرجان كتوفير ترجمة لذوي الإعاقة البصرية والسمعية، وأكدت أن المهرجان المسرحي الخليجي للأشخاص ذوي الإعاقة في تطور تصاعدي واضح منذ انطلاقته وإلى الآن، حيث تتسم العروض المسرحية بدمج أكثر من إعاقة خلال العرض، كما أن افكار العروض المسرحية باتت مختلفة لا تتعلق بتاتا باحتياجات المعاقين أو صعوباتهم بل تناقش قضايا اجتماعية وسياسية عامة، وبأي نوع من العروض كالدراما او الكوميديا، وذلك لأن هذه الفئة بإمكانها أن تقوم بأي دور خلال المسرحية دون التطرق لقضاياهم الخاصة فقط، وأشادت فاتن كمال بأحد بنود استضافة المهرجان المسرحي والمتعلق بضرورة أن يكون 50% من جمهور المهرجان من الأشخاص ذوي الإعاقة.
دعم التجارب
وأفاد الدكتور حسين خميس الأنصاري عضو لجنة تحكيم المهرجان أن هذا النشاط جزء من البناء البشري والإسهام التنموي الكبير الذي تساهم فيه السلطنة وهي تقيم على أرضها هذا المهرجان الإبداعي للأشخاص ذوي الإعاقة الذين هم جزء من هذا المجتمع، ويتحتم علينا دعم هذه التجارب وتعميمها على جميع بلداننا العربية، باعتبار أن المسرح يمثل الحياة أو الصورة المختصرة للحياة، وهؤلاء المعاقون لابد أن يساهموا في صنع الحياة ونجعلهم جزءا مشاركا وفاعلا، والمسرح هو هذا الميدان الكبير الذي يجعلهم يتفاعلون ونتفاعل مع إبداعاتهم، وبذلك يصبح الإنسان شاعرا بوجوده وبوعيه وثقافته ومساهمته، وليس إنسانا هامشيا كما يفهم البعض.
وعن المعايير التي تعتمدها اللجنة في تقيم العروض المسرحية فقد ذكر الأنصاري أن هذا النمط من المهرجانات يختلف عن المهرجانات التقليدية العادية التي ينظر لها من منظار آخر، فهذا المهرجان ينبغي أن نضعه في إطار مميز وأن ننظر إلى طبيعة ونوعية الإعاقة لدى المشارك، وطبيعة العمل أن يكون أكثر من نصف الممثلين من ذوي الإعاقة، وإذا وجدنا في بعض الأعمال مقاربة أو تفاضل كيف نوازن بين هذه الحالات، إذا علينا أن ننظر إلى جوانب إضافية لكي نختار الأفضل نوعية ومستوى الإضافة النوعية التي قام بها الممثل، وهذه معايير اتمناها كي نصل إلى مقاييس حقيقية ومنصفة في هذا المهرجان، ومشاركتنا في لجنة التحكيم تعد خطوة بسيطة جدا، ونأمل من الزملاء الفنانين والمبدعين والكتاب والرسامين وكل المختصين الذين يسهمون في مجال الثقافة الالتفات إلى هذا الجانب الإنساني الكبير الذي ساهمت به الدول الغربية قبلنا وأقامت له العديد من المهرجانات والفعاليات.
عامل معزز
وذكر إدريس بن خميس النبهاني نائب رئيس فرقة مسرح الدن للثقافة والفن بأن المهرجانات بحد ذاتها عامل معزز ومغذ لثقافة النشاط المسرحي، وتأكيد لنظرية بأن المسرح هو أبو الفنون، ويحق للجميع أن يكون حاضرا على هذه الخشبة، وهناك توجه عام لدمج هذه الفئة في الثقافة الفنية، ويحق لهم أن يكونوا حاضرين في جميع تفاصيل هذه الفنون، وإقامة مثل هذه المهرجانات عامل معزز لمواهب ذوي الإعاقة، وهم مبدعون يحق لهم أن يكونوا حاضرين بمثل هذا الإبداع في أعمالهم المسرحية، وهذه المهرجانات المسرحية فرصة لتقديم رؤية إبداعية، وهذا المهرجان وهو يحتفي بدورته الرابعة يؤكد على النجاح وبالتالي يجب أن يكون هنالك توجه في الاهتمام العام سواء على مستوى الفرق المسرحية للنظر إلى هذه الفئة من المبدعين في النشاط المسرحي، بحيث يكون لهم حضور واضح خلال الأعمال المسرحية، ومن الواجب أن نعمل لهؤلاء الشباب وتحفيز القدرات والطاقات الإبداعية، بأن يكون هناك حضور محفز ومشجع في استمرارية التواصل لعطائهم المسرحي والفني، ويدعو جميع العاملين في المسرح على مستوى الفرق المسرحية الأهلية أن يكون هناك توجه لرعاية هذه الإبداعات الشبابية وصقلها وإدماجها ضمن الأعمال المسرحية.
فن راق ومؤثر
وأعرب بدر بن ناصر الحجري من الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية وعضو في لجنة تقنية المعلومات بالمهرجان المسرحي بأن المهرجان المسرحي الخليجي للأشخاص ذوي الإعاقة له دور كبير جدا في إيصال رسالة واضحة وجليلة للمجتمع بأن الأشخاص ذوي الإعاقة لهم بصمتهم وتأثير واضح وبليغ، حيث إن المسرح فن راق ومؤثر في عرض وإيصال الصورة والفكرة والحكمة والعبرة، وهو بمثابة البيئة الخصبة لتوصيل هموم ومعاناة وأفكار الأشخاص ذوي الإعاقة.
http://alwatan.com/