عقدت صباح أمس الندوة الفكرية الأولى المصاحبة لمهرجان المسرح العربي الخامس المنعقد بالدوحة خلال الفترة ما بين 10 و15 يناير الجاري، والموسومة بـ»همزة وصل.. المسرح في قطر ريادة وتجارب مميزة»، أدار جلستها الأولى الخبير بوزارة الثقافة والفنون والتراث موسى زينل.
وألقى كلمة الهيئة العربية للمسرح، إسماعيل عبدالله، رئيس مجلس الأمناء الأمين العام للهيئة، مشيرا فيها إلى أن الهدف من الندوة هو الوصول إلى هذه الموسوعة العربية الموثقة لمسيرة المسرح من خلال قامات كبيرة وما تشكله التجربة عبر محطات كانت بمثابة القدوة.
وألقى المسرحي الكبير عبدالرحمن المناعي، كلمة باسم رواد المسرح القطري، أشار فيها إلى أن المسرح في قطر حديث نسبيا، وأن الريادة بمفهومها الحقيقي قد لا تنطبق على البعض، وأن ما تعنيه الريادة هو الاستمرارية في العمل المسرحي والحلقات المتصلة والكفاءات العربية التي كانت متواجدة وأعطتهم دفعة من قبيل المخرج الراحل هاني صنوبر الذي كان له دور أساسي في إبراز نشاط فرقة المسرح القطري ونبيل الألفي وآخرون، مشيرا إلى أنهم كانوا يمارسون المسرح في إطار مسرح السد ابتداء من عام 1972 ثم فرقة الأضواء التي تحولت إلى فرقة مسرحية، معرجا على بعض الأسماء المحلية من قبيل حمد الرميحي وغانم السليطي.
وأوضح المناعي أن موسى زينل يعد الداعم الأساسي للحركة المسرحية، وكان يساهم في كل التفاصيل بدءا من النص وانتهاء بالديكور، وأنه كان بمثابة الأب للحركة المسرحية، ملفتا إلى أن المسرح القطري حاليا يعاني الكثير، وأنه كان يدار بفكر مختلف عن الإدارة الحالية، معتبرا نفسه جزءا من حلقات، مسديا شكره لكل من ساهم في الحركة المسرحية القطرية.
وقدم الشاعر والفنان علي ميرزا ورقة بين يدي الحضور عنونها بـ»عاشق المسرح الكبير» و»الصندوق المبيّت المزخرف بالفنون جميعا و»نوخذة الفنانين».
وذكر علي ميرزا أن المناعي لم يقف عند هذا الحد، بل خاض بنسفه أيضا في مياه وبحور مسرح الطفل الذي لم يحرمه من إبداعه فسقاه إياه لبنا سائغا للشاربين في «قطار المرح» و»الحذاء الذهبي.. الفسيكرة» و»الاختراع» و»المهرج». وقال: نجمنا الساطع في سماء قطر الذي يشار إليه بالبنان كلما ذكر المسرح.. فكما يقولون مسرح توفيق الحكيم ومسرح الطيب الصديقي ومسرح فواز الساجر، فإننا ولا شك في قطر نقول مسرح عبدالرحمن المناعي».
وقدم الرائد البحريني خليفة العريفي تعقيبا على ما تقدم به الفنان علي ميرزا، واصفا ورقته بـ»الوثيقة الأدبية» التي أرّخت لسيرة المناعي، معتقدا أنها ستكون ورقة نقدية وتتعرض لبعض نصوص المناعي، مبرزا أن المناعي لا يفارق زمن الغوص ومحيطه، وأنه رجل تعمق في التراث المحلي الخليجي، ورغم كل هذه السنوات فإنه لم يتوقف، فضلا على أن الورقة لم تتطرق إلى عبدالرحمن المناعي مخرجا.
وقال جون قسيس، نقيب الممثلين في لبنان إنه يعرف المناعي فنانا كبيرا، مشيرا إلى مجهوداته الشخصية في توثيق تاريخ المسرح لكل بلد يزوره، معربا عن تخوفه من فقدان ما اعتبره الذاكرة الحية للمسرح في البلدان العربية.
وقال عبدالله إسماعيل، إن تجربة المناعي ثرية سواء في التأليف أو الكتابة المسرحية أو الإخراج المسرحي.
وحيّى د. علي العنيزي، إخوته في دوحة العرب، واصفا ورقة ميرزا بالقيّمة في شقها الأدبي والمستمع إليها وكأنه يصغي لقصيدة شعرية وليس ورقة نقدية.
وأبدت كاملة العياد، رئيسة قسم المسرح بالمجلس الوطني للثقافة بالكويت، إعجابها وتأييدها لفكرة التوثيق في البلدان العربية.
وخلال الجلسة الثانية التي كان من المفترض أن تكون هي الأولى، وأدارها الفنان أحمد المفتاح، قدم عبدالله أحمد، بعض المحطات في المسيرة المسرحية القطرية سواء بتأسيس فرقة الأضواء عام 1966 وتحولها إلى فرقة مسرحية ثم تأسيس الفرقة الشعبية للتمثيل سنة 1968 بمبادرة من موسى عبدالرحمن ، ليخلص إلى أن الجمهور يرغب أن يرى نفسه على خشبة المسرح ويريد أن يضحك، متمنيا من الفرق المسرحية الأهلية والخاصة أن تقدم أعمالا اجتماعية تلامس الواقع المعاش وأن نقول للجمهور عذرا سامحنا.
وأكد الدكتور مرزوق بشير أثناء تعقيبه، أن ورقة عبدالله أحمد، تأتي أهميتها من أهمية كاتبها باعتباره شاهدا على الحركة وموثقا لها واصفا إياه بالمؤرخ الوحيد للحركة المسرحية في قطر ولو أنها غير معمقة.
وفضل الدكتور مرزوق تسمية مرحلة الارتجال بـ»مرحلة الفطرة»، منبها إلى أن الدراما التلفزيونية مارست «الغواية التلفزيونية» وأثّرت على المسرح القطري فضلا عن غياب النقد الموضوعي، إذ اختطف النقد في الصحافة وأصبح مُجاملا ومنافقا إلا ما نذر، وأن هذا كان مضرا أكثر مما نفع.
ونوه المتحدث إلى إلغاء التوجيه المسرحي وغياب المسرح الجامعي، وتوقف الابتعاث للخارج في مثل هذه المجالات والتخصصات وعدم وجود مقرات ثابتة لتكون مسارح وعدم وجود تجمع وجمعية للفنانين المسرحيين، فضلا عن الدور الرقابي وتعدد مستوياته سواء سلبا أو إيجابا.
وتساءل الفنان غانم السليطي: «وين رايحين؟»، ليؤكد أن هناك إشكالية ضخمة، إذ في السابق لم تكن عوائق، وأن أهم معضلة لخصها غانم السليطي في «الاعتقال الاقتصادي للمسرح»، وأن وزارة الثقافة لم تدافع عن هذا الاعتقال ولم تتعامل معه كمنتج إنساني»، مبرزا في الآن ذاته أن المبنى يؤثر في المعنى» (يقصد المباني).
ولاحظت كاملة العداد الكويتية بكل أسى أن المسرح في بعض الأحيان أصبح أشبه بـ»كباريه» يقدم الرقص الشرقي مما نفر الأسرة الخليجية، داعية إلى احترام القيم والأخلاق، مرجعة هروب المسرحيين إلى الدراما التلفزيونية إلى العائد المادي الذي لا توفره الخشبة.
وكانت الجلسة ما قبل الأخيرة والتي أدارها الفنان دسمال الكواري، بعنوان «الرواد الأوائل ـ الفنان غانم السليطي، تحدث خلالها مرعي الحليان من الإمارات العربية وقدم ورقة بعنوان «غانم السليطي.. الخطاب المسرحي ضد سطوة الجهل».
في حين خصصت الجلسة الأخيرة للفنان حمد الرميحي تحدث خلالها الفنان سعد بورشيد معرجا على أبرز محطات الفنان حمد، وأدار الجلسة سالم ماجد.
الدوحة – عبدالغني بوضرة
http://www.alarab.qa