مرت أمس الذكرى الرابعة والثلاثين لوفاة الفنان صقر الرشود الذي توفي في الخامس والعشرين من شهر ديسمبر عام 1978.
ولم يكن الفنان الراحل صقر سلمان صقر الرشود اسما عاديا في تاريخ الحركة الفنية الكويتية بل كان فنانا مبدعا خاصة في مجال الإخراج المسرحي، ولن أكون مبالغا حين أقول انه أحد أركان العصر الذهبي للمسرح الكويتي، وأنه من أفضل المخرجين الخليجيين والعرب رغم وفاته قبل أكثر من ثلاثة عقود من الزمن ورغم تأسيس المعهد العالي للفنون المسرحية في السبعينات.
وكان الرشود ممثلا جيدا ومذيعا متمكنا من اللغة العربية، وهو صاحب أول نص مسرحي مكتوب بعد مرحلة الارتجال في المسرح الشعبي الكويت، اذ كتب مسرحية «تقاليد» عام 1958 التي أخرجها الفنان محمد النشمي للمسرح الشعبي.
عشق المسرح
وكل من عرف صقر الرشود او قرأ عنه يستشف مكانته الفنية المرموقة حيث قام مع مجموعة من الموهوبين بتأسيس فرقة مسرح الخليج العربي الذين أصبحوا نجوما فيما بعد منهم الفنانون منصور المنصور ومحمد السريع وخالد العبيد وعبد الرحمن العقل ومحبوب العبدالله وعبدالله خلف وآخرون.
كان يعشق المسرح بصورة كبيرة لدرجة ان كان يتحمل ما ساقه القدر اليه في وفاة ابنه اثناء عرض إحدى أعماله المسرحية، فصبر كالجبل ايمانا منه بالفن الذي يقدمه.
أول عمل
وكانت مسرحية «بسافر وبس» هي أول عمل مسرحي من إخراج صقر الرشود مع فرقة مسرح الخليج حيث عرضت في الخامس عشر من شهر يوليو من عام 1963، وأخرج مسرحيات عدة منها «الخطأ والفضيحة» من تأليف مكي القلاف و«مجنون سوسو» و«بخور أم جاسم» من تأليف محمد السريع و«متاعب صيف» من تأليف الأديب سليمان الخليفي.
ثنائي ناجح
شكل الراحل صقر الرشود ثنائيا فنيا ناجحا مع صديقه الكاتب عبد العزيز السريع، اذ أخرج له بعض المسرحيات مثل «عنده شهادة» و«فلوس ونفوس» و«الدرجة الرابعة» و«ضاع الديك»، ثم اشترك معه في تأليف بعض المسرحيات مثل «4 3 2 1 بم» و«شياطين ليلة الجمعة» و«بحمدون المحطة»، واستمر تعاونه مع عبد العزيز السريع ليتخطى إطار المسرح، إذ قاما معا بتأسيس شركة للإنتاج الفني في السبعينات لإنتاج المسلسلات التلفزيونية، وكان لرحيله الأثر الكبير في من حوله وفي المسرح الكويتي بشكل عام.
إبداعات الراحل
وكان الفنان الراحل قد كتب وأخرج بعض المسرحيات مثل «الأسرة الضائعة» و«أنا والأيام» و«الحاجز» و«المخلب الكبير» و«الطين»، كما شارك في التمثيل في العديد من المسرحيات والمسلسلات التلفزيونية والإذاعية، ولعل البعض لا يعلم بأن المخرج صقر الرشود قد أكمل تعليمه الجامعي من كلية التجارة في جامعة الكويت.
وللمخرج صقر أعمال مسرحيات خالدة ولعل اشهرها مسرحية «حفلة على الخازوق» لمؤلفها محفوظ عبد الرحمن الذي قال لي في لقاء سابق معه أن صقرا أضاف النكهة الكويتية على المسرحية بطريقة جميلة، وأدخل فن الصوت.
وهذا ما أكده لي المؤلف الفريد فرج أيضا حين أخرج له صقر الرشود مسرحية «علي جناح التبريزي وتابعه قفة»، إذ قال انه يجد أن صقرا كان افضل مخرج تعامل مع هذا النص من خلال الصفقة الكويتية التي هي جزء من التراث الكويتي والخليجي دون أن يشوه المحتوى، بل انه أضاف بعدا جماليا على الرغم من أن هذه المسرحية قد تم إخراجها في اكثر من دولة عربية، ولا عجب في ذلك حين نرى أن صقر الرشود حصد الجوائز في المهرجانات المسرحية العربية.
مسرح المعقدين
وعلى الرغم من أن البعض كان يطلق لقب «مسرح المعقدين» على مسرح فرقة مسرح الخليج العربي نظرا الى طبيعة الأعمال التي تقدمها الفرقة، وهي أعمال مسرحية فكرية راقية وجادة لا تخلو من الكوميديا الراقية.
وكان صقر الرشود يملك قناعة كبيرة في نوعية المسرح الذي يقدمه كان ماضيا في طريقه الفني الذي يؤمن به، على الرغم من ذلك فإن تلك الأعمال هي الآن أعمال خالدة في ذاكرة المسرح الكويتي.
وذهب الرشود إلى دولة الإمارات العربية المتحدة كي يشارك في دفع عجلة الحركة الفنية في الإمارات، وساهم في الإشراف على مسلسل «شحفان» وهو من تأليف وبطولة الفنان الراحل سلطان الشاعر.
الفنان الراحل صقر الرشود ظاهرة فنية ومسرحية لن تتكرر في الكويت، لأن إبداعاته وإنجازاته خالدة رغم قصر السنوات التي منحها للمسرح، الذي منحه الخلود في الذاكرة بعد أن توفي في حادث في دولة الإمارات العربية المتحدة.
فيصل العلي
http://www.alqabas.com.kw