استضاف اتحاد كتاب وأدباء الإمارات في أبوظبي، مساء أمس الأول، في مقره في المسرح الوطني المسرحي الدكتور جواد الأسدي في محاضرة تحت عنوان: “المسرح الإماراتي وجيل جديد”، قدّم المحاضرة الشاعر والتشكيلي محمد المزروعي .
تحدث الأسدي في البداية عن تجربته مع المسرح الإماراتي من خلال مسرحية “مقهى أبو حمدة”، التي شكلت الانطلاقة الأولى في مسيرة تجربته الإخراجية والتدريبية في الإمارات، وهي تجربة كانت مفعمة بالحب والعشق للمسرح، وأضاءت مرحلة مهمة من تاريخ المسرح الإماراتي، في الشارقة وخورفكان وأبوظبي، مستحضراً كوكبة من الجيل الإماراتي المثقف، الذي كان شغوفاً بالمسرح، ويتفاعل معه تفاعلاً كبيراً، سواء بالكتابة أو الأداء، أو الحضور من أمثال نجوم الغانم، وظبية خميس، وأحمد راشد ثاني، وخالد البدر، وعبدالله المناعي وغيرهم .
وتطرق الأسدي إلى تجربة الشاعر والكاتب الإماراتي الراحل أحمد راشد ثاني في الكتابة المسرحية، “حيث كان مسكوناً بحب المسرح، وعانى الكثير من المتاعب والمصاعب التي انعكست في حرارة نتاجه، وتميز عطائه الثقافي” .
وأكد الأسدي أنه يطمح ويتطلع إلى مسرح يروي ظمأ المتلقي، ويكون على درجة كبيرة من التميز، وعلى تماس مع حساسية النص والجمهور، ويجمع كوكبة من الممثلين الذين يجمعون بين قوة العرض، والتمثّل لروح النص ومحتواه ومغراه، لتقديم عرض لجمهور نوعي لم يفسد ذائقته التلقي الساذج الذي لا يلوك المادة الجمالية والإنسانية، ويضيع لمساتها الجمالية والفنية .
وأوضح الأسدي أن واقع المسرح اليوم واقع يرثى له، وقد وصل إلى مفترق خطر أصبح من اللازم معه إعادة النظر والتفكير في محاولة لرتق ما انفتق، وتصحيح مسار المسرح الذي حاد عن الطريق، مشيراً إلى أن هذا الواقع بما يحمله من تنافر وتناقض صارخ أدى إلى إفساد الذائقة الأدبية، وأثر في تلقي الجمهور، حتى اختلفت الأمزجة، وتباينت المعايير، وأصبح العرض المسرحي الذي يحمل إشارات غرائزية وبدائية يحظى برواج أكبر بينما لا يلقى العرض المتماسك الذي يحمل رسالةً وهدفاً الرواج نفسه، “وهذا ما جعلنا نحس اليوم بجملة من “الغرائبيات”، غربة الإخراج، غربة النص، غربة التمثيل، ولن يتغير هذا الواقع إلا إذا تغيرت نظرتنا للأولويات التي نفكر فيها، وتصبح للثقافة سيادة ودعم مالي سخي ووفير، عند إذ يمكن أن نفتش عن كاتب متميز، ونص متميز، ومسرح متميز، وثقافة متميزة” .
واستعرض الأسدي ما يعانيه الجيل المسرحي الجديد من همّ وصعوبات، رغم الطاقات الهائلة الكامنة فيه، مشيراً إلى أن آماله وأحلامه في الحصول على مسرح يخدم تطلعاته وطموحاته، تتبدد يوماً بعد يوم في ظل ما يعانيه المسرح من عوائق ويخترقه من صعوبات، مادية ومعنوية، وهذا ما يجعله يحس بنوع من التشاؤم، أو فقدان الأمل إذا لم يتم تدارك هذا الفن الأصيل والحساس من هاوية السقوط .
أبوظبي – منّي بونعامه:
http://www.alkhaleej.ae/