عندما مات وليم شكسبير كان قد كتب وصيته والتى لم يعلق فيها بأى شىء عن مسرحياته، التى أصبحت بعد ذلك أشهر ما ترك هذا الكاتب الكبير ، وصارت من أهم المسرحيات الأدبية فى العالم بعد الكتابات اليونانية القديمة، ومن مسرحياته المشهورة “روميو وجوليت، هاملت، تاجر البندقية” وغيرها الكثير ، وقد تمت ترجمتها للعديد من اللغات كما تم تمثيلها، وما زال على كبرى مسارح العالم، وتحولت شخصيات مسرحياته إلى رموز وحملت إسقاطات فكرية وسياسية على مر العصور وعبرت عن أزمة الإنسان الدائمة. العالم مسرح كبير ثم اتضحت فلسفة شكسبير فى الكتابة بأنه يكتب عن العالم وما العالم إلا مسرح كبير، وأننا مجموعة من الشخصيات التى تؤدى دورا ما على خشبة مسرح كبير بسعة العالم، وانعكست هذه الفكرة على الرؤية الشخصية للأفراد وللمثقفين بوجه خاص، وأصبحت معادلا للعبث والمبالغة والتراجيديا التى يلاحظونها فى العالم، وبما كانت أوروبا الدموية التى خاضت حروبا على طول تاريخها خير مثال لفلسفة “شكسبير” ولجملته المفتاحية، فما كانت هذه القارة العجوز تخرج من حرب إلا وتدخل أخرى أكثر تراجيديا مثلما كانت تتحدث المسرحيات القديمة عن الحروب الدائمة التى يجد الإنسان نفسه جزءا منها. وكان لمجتمعاتنا العربية أن تأثرت بشكل كبير بهذه المقولة، وإن كان كثيرون قد نسبوها إلى الفنان الكبير يوسف وهبى والذى اقتبسها من “شكسبير” لكنها ارتبطت به أيضا وعكست أفكاره فى المسرح، وربما ترددت هذه الجملة فى ثقافتنا العربية أكثر مما ذكرها الغرب لأنها لدينا أخذت منحى آخر متصل بالمسرحية أيضا، حيث مثلت نوعا من التطهير النفسى فكون العالم مسرحا كبيرا، إذن فنحن نؤدى أدوارا ليست لنا فى الحقيقة، وهذا يخفف كثيرا من الضغط النفسى الذى كان موجودا لدى المثقفين الذين كان يؤرقهم الوجود الأجنبى وانتشاره فى البلاد العربية وهم يقاومون لكن هذه القوى كانت شرسة لا تمنحهم وعدا إلا وتتراجع عنه ولا تفى به، لذا هم كانوا يعيشون أزمات وجودية طوال الوقت تتعلق بالعلاقة بين المثقف ودوره والواقع وجاءت جملة العالم مسرح كبير لتعبر عن تصورهم لهذه الأزمة.
كتب أحمد إبراهيم الشريف
http://www1.youm7.com/