الهيئة العربية للمسرح اسم كبير لمؤسسة مسرحية تعمل بدأب ومنهجية لتأسيس عمل مسرحي جاد في كل البلاد العربية وفي كل اشكال وانواع المسرح المختلفة، وهي تحاول جاهدة ان تبث الحياة في الحركة المسرحية في كل أنحاء البلدان العربية وأن تعين المسرح الذي يكاد ينقرض من الوجود والاشتباك مرة أخري مع الواقع المتردي في بلاد عريقة في فن المسرح ولكنها تواجه الصعوبات والتعثر هذه الأيام. والهيئة تقع في بلد عربي صغير ولكنه كبير بروحه وبثقافته وبعروبته الأصيلة، منشأها وراعيها هو حاكم البلاد المؤمن بالعروبة والمؤمن بالثقافة، وهل هناك في العالم العربي حاكم مؤمن بالمسرح مثل الشيخ سلطان القاسمي.
الحقيقة ان سلطان القاسمي ظاهرة متفردة بين الحكام العرب، فمن منهم أحب المسرح الحقيقي وليس حفلات الغناء والمديح التي تقام في المناسبات؟ ولنترك الحكام! ولننظر حتي علي مستوي وزراء الثقافة العرب كم وزير عربي من وزراء الثقافة والفنون أحب أو حتي اهتم بالمسرح في بلده؟ شخصيا لقد عاصرت في مصر اكثر من وزير لا يعرفون ما هو المسرح، واغلبهم يضيق بفن المسرح ومعارضته، وكشفه سلبيات وعورات المجتمع والحكومة، ومنهم من يكرهه ويكره ناسه فهو يراهم فقراء ليس لهم بريق نجوم السينما ولكنهم مزعجون فهم معارضون ولا يسبحون بحمد الحاكم مما يسبب له شخصيا المتاعب وقد يتسبب في تحرك أو ضياع الكرسي الذي يجلس عليه.
وهم لايدركون ان فن المسرح فن معارض بطبيعته فحتي لو أراد المسرحيون نفاق الحاكم أو السلطان أو الرئيس فإن جمهور المسرح، سينصرف عنهم لأنهم يقدمون له بضاعة فاسدة.
إن أي حدث يعمل علي تأصيل الظاهرة المسرحية في العالم العربي، هو تأصيل لفن الحوار وتأصيل للديمقراطية وتأصيل للفكر الحر.
لذلك كان إعجابي الشديد باهتمام الهيئة بالمسرح المدرسي والمناهج المسرحية في المدارس والمعاهد والجامعات، الاهتمام المبني علي اسس علمية ، بل كان هناك اجتماع تأسيسي في الشارقة لوضع استراتيجية عربية للتنمية المسرحية.
وتحت عنوان (المسرح المدرسي اساس التنمية المسرحية) كان الملتقي التمهيدي في مارس (٢٠١٤) مع وزارات التربية العربية، ثم ملتقي الخبراء واصحاب التجربة في العالم العربي في يونيو (٢٠١٤).
ولمن لايعمل في مسرح الطفل قد يجد ماتفعله الهيئة التي تقدم عاديا، ولكن لنا نحن العاملين في مسرح الطفل وثقافة الطفل منذ سنين طويلة، وقد اكتوينا من الاهمال والعشوائية والمظهرية وتهميش كل القواعد الفنية والمسرحية والفكرية في مسرح الطفل، حيث يتعامل معه البعض علي انه مضحكة وزغزغة لمشاعر الاطفال بشكل فج وسوقي والبعض الآخر يتعامل معه علي انه مواعظ وحكم ودروس ، حتي بعدت تماما فكرة المسرح الجميل النبيل الذي يمتع ويربي ويثقف في اسلوب بسيط وجذاب، هذا للاسف بالرغم من البدايات القوية والعلمية في كل اشكال مسرح الطفل في مصر.
لذلك نحن ننظر لتجربة الشارقة بكثير من التقدير والاهتمام والحب.
وقد أقيم (الملتقي العربي لفنون الدمي والعرائس وخيال الظل) في تونس من (٢٠ إلي ٢٥ اكتوبر) كرافد من روافد المسرح المدرسي ومسرح الاطفال ،ولهذا الملتقي المحترم حديث شامل ان شاء الله.
إنهم يحاولون ويعملون بجدية وبرغبة حقيقية في الاصلاح والمساعدة والدعم، قد يخطئون قد لايكونون كاملين، ولكن الأكيد أنهم محترمون يعملون من أجل الوطن العربي كله.
فاطمة المعدول
http://www.alwafd.org/