ناجي صوراتي.. تجربة مسرحية مثيرة للجدل

مشهد من مسرحية “ذرة رمل في عين الشمس ” لناجي صوراتي

 

 

 

نوقلا طعمة 

في ظل استمرار المخرج اللبناني ناجي صوراتي في تقديم تجاربه المسرحية -التي تحمل مقاربات ذهنية وفلسفية وتعتمد بشكل كبير على الديكور وقوة أداء الممثلين- يتواصل الجدل بشأن تجربته الفنية، حيث وصفها نقاد بأنها نخبوية، وتدخل ضمن ما يعرف بـ”مسرح الهاوية”.

 

ولئن أطلقت عبارة “مسرح الهاوية” على عدد من التجارب المسرحية العالمية، إلا أن الوصف المتعلق بتجربة صوراتي، هي في استشعار بعض النقاد لمخاطر في العروض التي يقدمها، حيث يعبر أحيانا عن موقفه من خلال مشاهد خطرة يؤديها الممثلون على خشبة المسرح.

قوة الأداء

ويبرر صوراتي وصف الهاوية بقوله “أضع الممثل على الهاوية، فديكوراتي كبيرة ومرتفعة لستة أمتار أو ثمانية أحيانا وعلى الممثلين التدريب، وأداء مشاهدهم عليها. وهناك نار أو مياه أو حديد على المسرح. هكذا مكونات تظهر الممثل كأنه على هاوية”.

ويضيف في تصريح  للجزيرة نت أن “التجربة فرضت نفسها علي منذ بداياتي قبل عشر سنوات خلت، وقد وصفتها الصحف بمسرح الهاوية، وأنا لا أميل إلى هذا التعريف”.

ويؤكد صوراتي أنه “عبر نظرة أولية سطحية يبدو الخطر على الممثل حقيقيا، لكن عندما نعرف أنه خضع لتدريبات متخصصة تمكنه من مواجهة أخطار كهذه، ندرك أنه ليس في خطر حقيقي، سحر المسرح أنه يضع الإنسان بمواجهة ذاته”.

وتتوافق المخرجة والممثلة عايدة صبرا في رؤيتها مع صوراتي إذ تقول إن “الممثل المدرب بشكل جيد يستطيع أن يتلاءم مع كل الوضعيات، فإذا تعرض لمواقف صعبة يعرف كيف يتلافى خطرها”.

إلا أن الكاتب جاد الحاج انتقد تجربة صوراتي ويقول للجزيرة نت “صوراتي فنان وموهوب، والمسرح غير بقية الفنون، يصل إلى الناس بصورة مباشرة، وهذا ما لمسناه في مسرحيته (قاسيم عراكية)، التي تناولت فكرة الرعب، وقد وصلت كما يجب. لكنه في تجربته الأخيرة (ذرة رمل في عين الشمس) انصرف إلى هاجسه الشخصي، ونرجسيته، وغاب الهم الاجتماعي عنه”.

أعمال نخبوية

وتعتبر (ذرة رمل في عين الشمس) وهي آخر أعمال صوراتي، المستوحاة من نص لإيتيل عدنان، فلسفية الأبعاد، تعالج عمى البصيرة، وتحكي قصة عالم فيزياء أصيب بالعمى، واعتقد الناس أنه أعمى نفسه بفقء عينه، ويتحدث الممثل خلال العرض مع الجمهور، ويفسر أنه لم يعم نفسه، بل أنه صار أعمى لأنه رأى أمرا ما.

ويرى صوراتي أن النص المسرحي “ليس بالضروري أن يكون حوارا، فهو يتكون من إضاءة وديكور وممثل وملابس وصوت، ومن جمل حوارية أيضا”.

وتعلق صبرا على تجربة صوراتي بأنه “يعتمد على نصوص ليست مسترسلة على مستوى الحكاية، لكن من خلال المخيلة وتقنيات الإخراج والسينوغرافيا ينتج نصوصا بصرية تعتمد أكثر على التعبير الجسماني”.

لكن جاد الحاج انتقد نخبوية المقاربة المسرحية لصوراتي، وصعوبة الأسئلة التي يطرحها على الجمهور وقال “المسرحي مدين بمستوى معين للمجتمع، لكن صوراتي في مسرحيته الأخيرة كان نخبويا، ولم يقدم للمشاهد ما يجيب على هواجسه وأسئلته”.

في المقابل يرى صوراتي أن “هذا النمط من المسرح ليس صعبا، لكنه بالتأكيد ليس مثل مسرح القرن التاسع عشر -القصة الواحدة- الذي لا يعبر عن تطلعاتي”. 

يذكر أن صوراتي درس الحقوق، ثم السينما والتلفزيون، وبعد تخرجه، اكتشف -من خلال التدريس- قوة المسرح المتمثلة بنظره في “التواصل مع الجمهور”. قرر الاستمرار في المسرح والإخراج، بعد أن تابع دراسته العليا في لندن، ويعلق بقوله “تركز عملي واهتمامي على المسرح حيث أجد نفسي فيه، ومنذ أن عدت من لندن ٩٨، أنتجت مسرحية كل عام”.

——————————————————-

المصدر : مجلة الفنون المسرحية – الجزيرة

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *