مونولوجات لخمس نسوة يعانين ألم فقدان الرجل

 

 

نضال قوشحة – العرب 

النساء، في الأزمة السورية، كن من دفع ثمنا غاليا، فكن الأمهات والزوجات والبنات الثكالى اللواتي رحل الرجال عن بيوتهن، وتركن في مهب الريح بين مخيمات لجوء أو مراكز إيواء أو ربما في أماكن أكثر سوءا.

بخمس حكايات مؤلمة، لخمس نساء من سوريا، تجمع آنا عكاش، المسرحية السورية، تفاصيل عرضها المسرحي الذي قدم على خشبة مسرح أبوخليل القباني في قلب العاصمة دمشق، لتروي من خلال حكاياتهن الوجع السوري. قامت بأداء الأدوار خمس ممثلات هن: إيمان عودة، إنعام الدبس، رشا الزغبي، لبابة صقر وجولييت خوري.

في العرض الذي أنتجته مديرية المسارح والموسيقى في المسرح القومي، التابع لوزارة الثقافة، تجتمع نساء خمس، ليروين بأسلوب متواز قصصهن من خلال مشهد استهلالي يجمعهن وهو مجلس العزاء، ثم تبدأ على ألسنتهن حكاية كل منهن لتفاصيلها، التي ربما تتقاطع مع حكاية امرأة أخرى في بعض تفاصيلها وأوجاعها.

هنا، لم تعتمد آنا عكاش على مبدأ مسرحي ودرامي أساسي، وهو الصراع الدرامي الذي يجب أن يكون موجودا في العرض المسرحي حتى يخرج مشوقا، بل عرضت الحكايات الخمس بشكل متواز حينا، ومتقاطع حينا آخر مع حكايات أخرى.

عن خطورة هذا الأسلوب والمغامرة في اتباعه في عرض مسرحي يفترض التشويق والإثارة تقول آنا عكاش مخرجة العرض إن “النص عبارة عن مونولوجات لخمس نسوة يعانين ألم فقدان الرجل في حياتهن من ابن وزوج وحبيب. حتى لتكاد حكاية كل منهن تشابه حكاية الأخرى من حيث ألم الفقد. وتلك هي المفاصل التي اعتمدت فيها على الجوقة.

فالكثير من الجمل الشخصية المعينة قابلة تماماً لأن تلفظ على لسان شخصية ثانية أو ثالثة. العمل بمجمله كان مغامرة، فكل طرح جديد من حيث النص وطريقة التقديم يكون بمثابة الصدمة في البداية، ومن الطبيعي أن تختلف الآراء حوله بين القبول والرفض، دون وجود مساحة وسطى بين الرأيين. لكن بالعموم تلك هي الطريقة التي أحب العمل بها. والمتعة تأتي من التجريب وكسر السائد والمتعوّد عليه في المسرح السوري”.

العرض المسرحي “هن” دخل في موضوعة هامة وعميقة، تعاش الآن في المجتمع السوري بالكثير من الحرقة والألم، وتحدث عنها بوجع، وهي مسألة الحرب، بمظالمها وأوجاعها. لكن رغم كل ذلك الألم طرح العرض فكرة الأمل، وأن الحياة ستكون أقوى وأفضل، وسوف تكون لهؤلاء النسوة أيام أجمل في مستقبلهن.

تقول عكاش “المرأة في هذه الحرب ابتلعت السكين وسكتت على الوجع، وهي الآن تنتظر أن يمر الوقت خفيفاً كي يخف الألم، لكنها لن تنساه. ورغم كل ما مرت به ما زالت تحمل في قلبها أمل أن يأتي اليوم الذي يتوقف فيه كل ذلك. والدليل هو ختام العرض حيث قامت النسوة بفك مجلس العزاء رافضات كل هذا الموت”.

كان لافتا للنظر استخدام المخرجة في العرض للديكور البسيط، المتغير، في تموضعاته المكانية عبر حركات الممثلات، وكذلك تداخل العنصر البصري عبر سلايد الصور الضوئية التي كانت تعرض بين حين وآخر على قطع الديكور لتزيد من كثافة اللحظة الدرامية، كذلك كان حاضرا اعتماد أسلوب الجوقة، والموقع أحيانا، على نقرات الدفوف التي بين أيدي هؤلاء النسوة، وكأنها وجدت لتعزز فكرة النبض، التي تتعالى أو تنخفض حسب مجريات الحكايات المقدمة.

ونلفت هنا إلى أن آنا عكاش أكاديمية مسرحية، درست اللغة الإنكليزية، ثم المسرح في المعهد العالي للفنون المسرحية، قسم النقد، في دمشق، ثم تحصلت على ماجستير في العلوم الثقافية من المعهد العالي للفن المسرحي في تونس. كتبت في النقد المسرحي، وألفت العديد من المسرحيات والأعمال التلفزيونية، وبعضها كان للأطفال، وعملت في الترجمة، حيث ترجمت كتاب “تاريخ الأزياء المسرحية”. لها مجموعة قصصية بعنوان “الفرح”.

———————————————————

المصدر : مجلة الفنون المسرحية 

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *