مهرجان نيويورك السنوي للمسرح الأيرلندي..”Afterplay”.. حيث تلتقي شخصيتان من عملين مختلفين لتشيخوف ترجمة: عادل العامل

إن الوحدة ليست بعيدة والماضي قريب جداً على الدوام في مسرحية ” Afterplay”، ( ويعني العنوان، في الأصل، مداعبات ما بعد ممارسة الحب ) ، وهي مسرحية برايان فريل الصغيرة، الحزينة المؤدّاة على مسرح ريبيرتوري الأيرلندي، خلال الفترة 22 أيلول ــ 6 تشرين الثاني 2016. ومع أن هناك شخصيتين على الخشبة، فإن أيّاً منهما لا يمكنه أن يقوم بخطوة من دون أن يصطدم بأسف قديم.
وقد يحلو لك أن تشجعهما بلطف قائلاً، “حاولا أن تضعا كل ذلك وراءكما “، بينما هما يتفجعان على حياتيهما ويتوقان لشبابيهما. فتحس بأنهما يوافقان على هذا، ثم يعودان للتفكير. وهما، بعد كل شيء، من الروس.
والسيد فريل، بإعادة تصوره لشخصيات من تشيخوف ــ أندريه من ” الأخوات الثلاث ” وسونيا من ” الخال فانيا ” ــ يجمع بين هاتين الشخصيتين بعد ما يقرب من عشرين سنة من تلك القصص التي صورتهما. فنجدهما يلتقيان في مقهى من الدرجة الثانية من مقاهي موسكو في عشرينات القرن العشرين. وقد جاء كل منهما إلى المدينة لأسباب تتكشف خلال حديث واحد. كما يسردان، خلال ذلك، تأريخيهما ويجهران بالفزع من المستقبل. “إنه سهلٌ لا نهاية له من الوحدة، من الوحشة، يمتد أمامي. وأستطيع، معظم الوقت، أن أجمع ما يكفي من الشجاعة للاستمرار “، كما تقول سونيا.أما أندريه، فيزعم أنه مستثار بالعالم. و يقول متفاخراً، ” إنني متحمس كبير. وترى أخواتي أنها طبيعتي: الاهتياج “. لكنه لا يستطيع أن يُخفي خيبات أمله طويلاً وراء الابتسامة التي يشتاق كثيراً لأن تتألق. وكلما ازددنا معرفةً بهذين الاثنين أكثر، كلما شهدنا المزيد والمزيد من الأكاذيب التي يقولانها ويقولها الآخرون.
لقد أُنتجت المسرحية، في عرضها الأول في نيويورك، عام 2002 ، مع جون هَرت وبيتيلوب ويلتون. وظل السيد فريل على امتداد مسيرته الفنية، وقد توفي العامَ الماضي، يقارَن على الدوام بتشيخوف، بدعابته اللطيفة وكتابته الدقيقة التأملية.وذلك ما نجده بالتأكيد هنا. ومع هذا، فإن “Afterplay ” التي تستغرق ساعة، هي عمل صغير لهذا الأديب الأيرلندي الكبير، وفد تبدو ضئيلة القدر لو لم تُقرن بهذين الممثلين القديرين ديرموت كرولي وديربالا مولوي، اللذين يبدو حوارهما هنا ارتجالياً، أما مناجاتهما أو حوارهما الداخلي monologue، فأصيل وصادر من القلب. وكلٌّ منهما يُصغي للآخر بحنان ظاهر. وقد تولّاهما بإخراجه جو داولنغ الذي أبقى على لهجتهما الأيرلندية وهما يتكلمان الروسية.
ولا يحتاج الأمر إلى معرفة مسبقة بتشيخوف لفهم المسرحية ( وليس لتقييم أداءات التمثيل البارعة ). فهذان الاثنان يمكن أن يكونا أي شخصين منا، تلازمهما أيام الأمس التي غالباً ما ترشح في الحاضر. وهو ما يجعل سونيا تقول متخيلةً، ” انفصال تام عن الماضي .. ذلك سيكون انعتاقاً عظيماً”.
وهو أمر لن يحدث، كما نعرف. لكن بالنسبة لي من اللطيف أن نحلم.
 عن: THE NEW YORK TIMES

المصدر/ المدى

محمد سامي / مجلة الخشبة

 

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *