مهرجان المسرح العربي في دورته الثامنة والبحث في مقومات المسرح العربي الجديد …!!!!

تسعى الهيئة العربية للمسرح ومنذ قيامها للبحث عن أساليب وأطر جديدة ومغايرة لعروض مسرحية عربية تؤكد على القيم العربية الإنسانية والأخلاقية الداعية عبر خطابها المسرحي إلى تأكيد اللحمة والتكاتف والتعاون بعيدا عن العنف والاستبداد والقمع ، لذا شكلت العديد من اللجان تعمل مجتمعة في الإعداد والتخطيط والتحضير لموا سم الهيئة العربية المسرحية التي تنعقد سنويا في بلد عربي من بلدان الوطن العربي بغية تأكيد هدف الهيئة في خلق علائق عمل وتلاقح وترويج وتعريف عبر العروض المسرحية المشاركة بأسماء فناني تلك البلدان العربية ومبدعيها العاملين في عناصر الظاهرة المسرحية المتنوعة إخراجا وتمثيلا وتأليفا وسينوغرافيا وتقنيات ، وهي لم تقف عند أسماء بعينها بل حاولت أن تنتقي وتختار عددا من المبدعين العرب المعروفين والفاعلين في خارطة المشهد المسرحي في  مسارح بلدانهم أو في كليات ومعاهد الفنون  في تلك البلدان العربية ليكونوا ضمن تشكيلاتها الهيكلية المتحركة والمتغيرة كل أربع سنوات أو ضمن تشكيلاتها المشاركة والمنشطة لكل مهرجان سنوي ينطلق في أحد البلدان العربية التي يقع عليها الاختيار شريطة أن تكون بلدانا مستقرة وهادئة لا مشاكل فيها على المستوى الأمني والاجتماعي حيث لا حرب ولا إرهاب ولا تقاتل بين أبناء البلد الواحد ، لذا قدمت دوراتها الثمانية ما بين مصر وتونس ولبنان والمغرب والأردن وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت ولم تعلن في ختام مهرجانها  المقام في دولة الكويت عن البلد الذي سيكون الحاضن لفعاليات الدورة التاسعة لمهرجان المسرح العربي الذي تقيمه الهيئة العربية للمسرح وهي التي كانت حريصة في مهرجاناتها السابقة أن تعلن في الختام عن البلد العربي الذي وقع عليه الاختيار للدورة الجديدة ، وللهيئة شروط وضعتها للمشاركة تتعلق بطبيعة النصوص ومواضيعها  واللغة المكتوبة بها ورصانتها وزمن العرض المسرحي وهي شروط مكتوبة ومعلنة على موقع الهيئة العربية للمسرح كما أنها حددت عن فترة التقديم للمشاركة في الفعاليات المقامة والموعد الذي يغلق فيه باب القبول، إضافة إلى أن الهيئة تعمل قبل انطلاق أي دورة جديدة الإعلان عن المشاركة في المسابقة الخاصة بتأليف النصوص المسرحية المقدمة للكبار والنصوص المسرحية المقدمة للأطفال ناهيك عن تكريم القامات العربية المؤثرة والمتواصلة في المشهد المسرحي العربي من كتاب ومخرجين وتقنيين وممثلين ، وبعد كل ما تقدم من استعراض وتثمين لدور الهيئة في تنشيط وتفعيل الحراك المسرحي العربي لابد لنا من طرح عدد من الملاحظات والتساؤلات التي يدفعنا الحرص والرغبة الصادقة في إدامة زخم الهيئة ونشاطها الثقافي والفني ، لاسيما وأن من لم يشارك في مهرجان الهيئة العربية للمسرح عبر حضوره لفعالياتها كضيف أو كمشارك ضمن فريق عرض مسرحي أو مشارك في الندوات والمحاور الفكرية والورش الفنية أو مكلف ببحث داخل ندوة فكرية مكرسة لمناقشة بعض من عناصر المسرح وتفرعاته فأنه بالتأكيد استطاع أن يواكب العروض المسرحية المشاركة والندوات التقيمية والملتقيات الفكرية وفعاليات الورش من خلال البث المباشر على اليوتوب الذي كان متواصلا ومستمرا  طيلة أيام انعقاد المهرجان وهذه تحسب للهيئة العربية للمسرح حين وضعت المهرجان بكل أنشطته  وفعالياته وورشه أمام المتابعين والمهتمين والمريدين للهيئة وأهميتها ، فهي أعانت هؤلاء جميعا ومنهم كاتبة هذه السطور على أن يكونوا داخل الأحداث وفي قلبها الظاهر، كما أنها أرشفت وأرخت لمن يرغب بالتعرف والاطلاع والكتابة عن الهيئة ومهرجاناتها من خلال هذه الأشرطة المسجلة لما دار وتقدم وبحث كما أن للهيئة نشرتها اليومية التي تكرس للقاءات والكتابات التقيمية وتأكيد منهاج العروض اليومية وتوثيق الفعاليات عبر الصور الفوتغرافية، سعت الهيئة من خلال مهرحاناتها أن تكون محفزا ومجسا مستفزا وساحة مفتوحة أمام العاملين على الظاهرة المسرحية بكل تجلياتها ليكونوا على موعد سنوي للتنافس والترويج والاجتهاد كي يحلوا ضيوفا أعزاء على الهيئة أينما تختار حاضنة ورحما لانجاز رسالتها الثقافية والفنية التي كانت وجها من أوجه الحلم العربي والإنساني في التوحد والتكاتف والتناصر عبر قيم الجمال والفكر الحر والدعوة إلى التنوير وبذا نجحت الهيئة في تحقيق وحدة مسرحية كانت فيه خيمة المسرح ظلا وارفا لها ، ومع ذلك تبقى هناك ملاحظات واستفهامات لابد من البوح بها بصوت عال حرصا منا على تواصل التجربة الإبداعية للمسرح العربي وحفاظا على الحماسة الواعية التي نتلمسها لدى المبدعين العرب في وجود الهيئة العربية وفي أهمية رسالتها وضرورتها ،ومن خلال الملاحظة والمتابعة والحضور لدورتين من دورات الهيئة العربية ومهرجاناتها نطرح ما يلي :

1 للهيئة العربية شروط وضعتها بمسؤولية العارف بما يفعل والمطلع على التجربة المسرحية عبر المهرجانات المقامة في بلداننا العربية والمتعلقة بالنصوص المسرحية والتي يجب أن تكون تأليفا محليا أو عربيا ناطقا باللغة العربية الفصحى  وأن لا يقل زمن العرض المقدم عن الخمسين دقيقة ، فلماذا جاءت عدد من العروض الداخلة في المسابقة الرسمية ذات مرجعيات أوروبية لم يتم الإشارة إلى أصولها وجاءت أغلب العروض ناطقة باللهجة العامية أو كسرت المود الذي اختطته وأدخلت اللهجة المحلية وعروض أخرى جاء وقتها أقل من الخمسين دقيقة علما أن العرض المسرحي الذي يستوفي شروطه الإبداعية ليس بالضرورة أن يتجاوز الخمسين دقيقة لكي يكون مؤهلا للمشاركة وكثير من العروض المسرحية تعطي كل ما لديها في الدقائق العشر الأولى وتبقى تدور في ذات الإيقاع والفكرة والرسم الحركي دون خلق مفاجئة أو دهشة، وقد أشار البيان الختامي للجنة التحكيم في دورة الثامنة لمهرجان المسرح العربي إلى موضوع اللهجة الدارجة و اللغة العربية الفصحى .

2- حددت الهيئة العربية للمسرح موعدا لاستقبال العروض الراغبة في المشاركة في التنافس على جائزة الشيخ القاسمي كما أعلنت بشكل واضح عن تاريخ الإغلاق وقد مددت هذا التأريخ لفترة محددة وتم تكليف لجان مقترحة من فنانين مزكاة أسماؤهم  ليقوموا باختيار العروض الراغبة بالتقديم في كل بلد عربي وفي ذات الوقت منحت الراغبين بالتقديم إلى المشاركة خارج أطر هذه اللجان الموافقة على تقديم عروضهم بشكل فردي إلى الهيئة العربية للمسرح والتي حولتها بدورها إلى اللجنة المختصة بفرز واختيار العروض وغربلتها ضمن عدد محدد يفترض أن يكون هو الأفضل بين جموع الطلبات المقدمة، لذا كيف دخلت عروض مسرحية وهي لم تعرض بعد وعروض جاءت تسميتها والموافقة عليها بعد غلق باب التقديم للمشاركة !!! ثم كيف تم ترشيح خمسة عروض من تونس واحد منها داخل المسابقة والأخرى على الهامش وترشيح عرضين من المغرب والثاني على الهامش وليس ثمة عرض واحد لبلدان عربية أخرى هذا سؤال يوجه إلى لجنة اختيار العروض التي نظمتها الهيئة العربية للمسرح لمعرفة الأسباب الموجبة لذلك !!

3- من ضمن شروط الهيئة العربية للمسرح والتي هي معلنة أيضا هو أن تكون العروض المتنافسة على جائزة الشيخ القاسمي عروضا لم يسبق لها المشاركة في مهرجانات تنافسية سابقة كي تأخذ حقها في التنافس داخل مهرجان الهيئة العربية للمسرح وإذا كان ثمة لبس في ذلك أرجو أعادة النظر في شروط المسابقة الرسمية للجائزة وخصوصية وطبيعة تلك المشاركة لوجود عروض مسرحية سبق لها التنافس وتحقيق الفوز في مهرجانات عربية وبذلك حققت حضورها الواثق واختبرت تأثيرها الجمالي والفني أمام عروض تدخل دائرة التنافس للمرة الأولى وحافزها  رغبة في تأكيد الحضور وتقديم المنجز المسرحي  وهنا تكون المقاربة صعبة ما بين الاثنين .

4- هل أن مهمة الهيئة العربية للمسرح دعم وتفعيل الحراك الفني والثقافي في البلدان العربية الآمنة والمستقرة أمنيا ومعاشيا واجتماعيا وتقديم الرعاية وتوفير الاحتياجات على مستوى العمران والدراسة والتأهيل لبنى تحتية وبيوت ومراكز ثقافية وجعل المسرح ضرورة للكبار والصغار دون الالتفات إلى بلدان تعاني من الإرهاب والعنف ومسارحها مهدمة ومدارسها مبعثرة وحياة طلبتها مهددة وحكوماتها غافلة ونحن نعرف أن الفنون والآداب وسائل لمقاومة القبح وترقيق النفوس وتهذيب الطباع والأخلاق أليس من  حق هذه البلدان العربية أن يكون للهيئة وقفة معها وهي البلدان  التي أقامت أولى المهرجانات الثقافية والفنية الكبيرة في تأريخ الحركة المسرحية العربية !! أم أن وضعها غير مشجع لأن يقام على أرضها مهرجان عربي أو أن تمد لها الهيئة العربية للمسرح يد الدعم والرعاية لإقامة فعاليات خاصة بمسرح الطفل أو المسرح المدرسي أو مهرجان مسرحي تحل فيه الهيئة العربية للمسرح ومن معها ضيوفا على تلك البلدان معلنة تضامنها مع فنانيها ومثقفيها لأجل حرية المسرح وحرية الفكر وتأكيدا لقيم الحياة والجمال لغة  للعيش الآمن بعيدا عن العنف والفقدان والموت العبثي  !!!

5- النصوص الفائزة بجوائز الهيئة العربية للمسرح سواء تلك المكتوبة للصغار أم للكبار لم لا تعمد الهيئة إلى إنتاج عرض مسرحي منها يكلف به واحد من المخرجين العرب وبمشاركة عدد من الممثلين المتميزين في الوطن العربي ويكون عرض الافتتاح لمهرجان الهيئة في البلد العربي الذي وقع عليه الاختيار ليكون المهرجان على أراضيه بدلا من أن تكون عروض الافتتاح عرضة للارتجال والضعف والمحدودية ويكون في هذه الحالة تأكيد على هدف الهيئة الساعي إلى تفعيل الحراك المسرحي العربي و تكون هناك أهمية لمسابقة النص المسرحي. إذ يتحول إلى منجز حي بدل خزنه في بنك النصوص المسرحية .

6- لابد وأن يكون للشباب حضوره الفاعل في مهرجان الهيئة ولاسيما الشباب الذي يشتغل على مسرح حديث حسب إيقاع العصر وتحولاته وحسب أحلام الشباب وإرهاصاته وأن تكرس إحدى الدورات للجسد في الرقص التعبيري والكيروكراف والتعبير الإيمائي لاسيما وأن إحدى الورش المقامة في الدورة الثامنة تكرست لهذا اللون المسرحي، ولا بأس أن نغادر المنطوق ونقترب من التعبيري فهذا لن يفقد المهرجان هويته بل يؤكد هدف رسالته الداعية إلى تفعيل الحراك المسرحي بكل ألوانه وتجلياته  كما وأنه يتوجه إلى قطاعات كبيرة من الشباب  المسرحي من الذين يبحثون ويجتهدون في تقديم الجديد والمغاير في الظاهرة المسرحية .

وتبقى الهيئة العربية للمسرح إحدى العلامات المضيئة في تأريخ الحركة المسرحية العربية لذا سقنا هذه الملاحظات والمقترحات وعبرنا عنها بوعي الحرص والمسؤولية الهادفة للتطوير والتجديد فالحركة والابتكار والمغايرة ركيزة للانطلاق نحو مسرح عربي ينفتح على الفكر الإنساني النير ويجتذب عوالم المسرح الساحرة وإبهارها الآسر ولا يسقط في النمطية والرتابة آفة الملل والتكرار .

 

تسعى الهيئة العربية للمسرح ومنذ قيامها للبحث عن أساليب وأطر جديدة ومغايرة لعروض مسرحية عربية تؤكد على القيم العربية الإنسانية والأخلاقية الداعية عبر خطابها المسرحي إلى تأكيد اللحمة والتكاتف والتعاون بعيدا عن العنف والاستبداد والقمع ، لذا شكلت العديد من اللجان تعمل مجتمعة في الإعداد والتخطيط والتحضير لموا سم الهيئة العربية المسرحية التي تنعقد سنويا في بلد عربي من بلدان الوطن العربي بغية تأكيد هدف الهيئة في خلق علائق عمل وتلاقح وترويج وتعريف عبر العروض المسرحية المشاركة بأسماء فناني تلك البلدان العربية ومبدعيها العاملين في عناصر الظاهرة المسرحية المتنوعة إخراجا وتمثيلا وتأليفا وسينوغرافيا وتقنيات ، وهي لم تقف عند أسماء بعينها بل حاولت أن تنتقي وتختار عددا من المبدعين العرب المعروفين والفاعلين في خارطة المشهد المسرحي في  مسارح بلدانهم أو في كليات ومعاهد الفنون  في تلك البلدان العربية ليكونوا ضمن تشكيلاتها الهيكلية المتحركة والمتغيرة كل أربع سنوات أو ضمن تشكيلاتها المشاركة والمنشطة لكل مهرجان سنوي ينطلق في أحد البلدان العربية التي يقع عليها الاختيار شريطة أن تكون بلدانا مستقرة وهادئة لا مشاكل فيها على المستوى الأمني والاجتماعي حيث لا حرب ولا إرهاب ولا تقاتل بين أبناء البلد الواحد ، لذا قدمت دوراتها الثمانية ما بين مصر وتونس ولبنان والمغرب والأردن وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت ولم تعلن في ختام مهرجانها  المقام في دولة الكويت عن البلد الذي سيكون الحاضن لفعاليات الدورة التاسعة لمهرجان المسرح العربي الذي تقيمه الهيئة العربية للمسرح وهي التي كانت حريصة في مهرجاناتها السابقة أن تعلن في الختام عن البلد العربي الذي وقع عليه الاختيار للدورة الجديدة ، وللهيئة شروط وضعتها للمشاركة تتعلق بطبيعة النصوص ومواضيعها  واللغة المكتوبة بها ورصانتها وزمن العرض المسرحي وهي شروط مكتوبة ومعلنة على موقع الهيئة العربية للمسرح كما أنها حددت عن فترة التقديم للمشاركة في الفعاليات المقامة والموعد الذي يغلق فيه باب القبول، إضافة إلى أن الهيئة تعمل قبل انطلاق أي دورة جديدة الإعلان عن المشاركة في المسابقة الخاصة بتأليف النصوص المسرحية المقدمة للكبار والنصوص المسرحية المقدمة للأطفال ناهيك عن تكريم القامات العربية المؤثرة والمتواصلة في المشهد المسرحي العربي من كتاب ومخرجين وتقنيين وممثلين ، وبعد كل ما تقدم من استعراض وتثمين لدور الهيئة في تنشيط وتفعيل الحراك المسرحي العربي لابد لنا من طرح عدد من الملاحظات والتساؤلات التي يدفعنا الحرص والرغبة الصادقة في إدامة زخم الهيئة ونشاطها الثقافي والفني ، لاسيما وأن من لم يشارك في مهرجان الهيئة العربية للمسرح عبر حضوره لفعالياتها كضيف أو كمشارك ضمن فريق عرض مسرحي أو مشارك في الندوات والمحاور الفكرية والورش الفنية أو مكلف ببحث داخل ندوة فكرية مكرسة لمناقشة بعض من عناصر المسرح وتفرعاته فأنه بالتأكيد استطاع أن يواكب العروض المسرحية المشاركة والندوات التقيمية والملتقيات الفكرية وفعاليات الورش من خلال البث المباشر على اليوتوب الذي كان متواصلا ومستمرا  طيلة أيام انعقاد المهرجان وهذه تحسب للهيئة العربية للمسرح حين وضعت المهرجان بكل أنشطته  وفعالياته وورشه أمام المتابعين والمهتمين والمريدين للهيئة وأهميتها ، فهي أعانت هؤلاء جميعا ومنهم كاتبة هذه السطور على أن يكونوا داخل الأحداث وفي قلبها الظاهر، كما أنها أرشفت وأرخت لمن يرغب بالتعرف والاطلاع والكتابة عن الهيئة ومهرجاناتها من خلال هذه الأشرطة المسجلة لما دار وتقدم وبحث كما أن للهيئة نشرتها اليومية التي تكرس للقاءات والكتابات التقيمية وتأكيد منهاج العروض اليومية وتوثيق الفعاليات عبر الصور الفوتغرافية، سعت الهيئة من خلال مهرحاناتها أن تكون محفزا ومجسا مستفزا وساحة مفتوحة أمام العاملين على الظاهرة المسرحية بكل تجلياتها ليكونوا على موعد سنوي للتنافس والترويج والاجتهاد كي يحلوا ضيوفا أعزاء على الهيئة أينما تختار حاضنة ورحما لانجاز رسالتها الثقافية والفنية التي كانت وجها من أوجه الحلم العربي والإنساني في التوحد والتكاتف والتناصر عبر قيم الجمال والفكر الحر والدعوة إلى التنوير وبذا نجحت الهيئة في تحقيق وحدة مسرحية كانت فيه خيمة المسرح ظلا وارفا لها ، ومع ذلك تبقى هناك ملاحظات واستفهامات لابد من البوح بها بصوت عال حرصا منا على تواصل التجربة الإبداعية للمسرح العربي وحفاظا على الحماسة الواعية التي نتلمسها لدى المبدعين العرب في وجود الهيئة العربية وفي أهمية رسالتها وضرورتها ،ومن خلال الملاحظة والمتابعة والحضور لدورتين من دورات الهيئة العربية ومهرجاناتها نطرح ما يلي :

1 للهيئة العربية شروط وضعتها بمسؤولية العارف بما يفعل والمطلع على التجربة المسرحية عبر المهرجانات المقامة في بلداننا العربية والمتعلقة بالنصوص المسرحية والتي يجب أن تكون تأليفا محليا أو عربيا ناطقا باللغة العربية الفصحى  وأن لا يقل زمن العرض المقدم عن الخمسين دقيقة ، فلماذا جاءت عدد من العروض الداخلة في المسابقة الرسمية ذات مرجعيات أوروبية لم يتم الإشارة إلى أصولها وجاءت أغلب العروض ناطقة باللهجة العامية أو كسرت المود الذي اختطته وأدخلت اللهجة المحلية وعروض أخرى جاء وقتها أقل من الخمسين دقيقة علما أن العرض المسرحي الذي يستوفي شروطه الإبداعية ليس بالضرورة أن يتجاوز الخمسين دقيقة لكي يكون مؤهلا للمشاركة وكثير من العروض المسرحية تعطي كل ما لديها في الدقائق العشر الأولى وتبقى تدور في ذات الإيقاع والفكرة والرسم الحركي دون خلق مفاجئة أو دهشة، وقد أشار البيان الختامي للجنة التحكيم في دورة الثامنة لمهرجان المسرح العربي إلى موضوع اللهجة الدارجة و اللغة العربية الفصحى .

2- حددت الهيئة العربية للمسرح موعدا لاستقبال العروض الراغبة في المشاركة في التنافس على جائزة الشيخ القاسمي كما أعلنت بشكل واضح عن تاريخ الإغلاق وقد مددت هذا التأريخ لفترة محددة وتم تكليف لجان مقترحة من فنانين مزكاة أسماؤهم  ليقوموا باختيار العروض الراغبة بالتقديم في كل بلد عربي وفي ذات الوقت منحت الراغبين بالتقديم إلى المشاركة خارج أطر هذه اللجان الموافقة على تقديم عروضهم بشكل فردي إلى الهيئة العربية للمسرح والتي حولتها بدورها إلى اللجنة المختصة بفرز واختيار العروض وغربلتها ضمن عدد محدد يفترض أن يكون هو الأفضل بين جموع الطلبات المقدمة، لذا كيف دخلت عروض مسرحية وهي لم تعرض بعد وعروض جاءت تسميتها والموافقة عليها بعد غلق باب التقديم للمشاركة !!! ثم كيف تم ترشيح خمسة عروض من تونس واحد منها داخل المسابقة والأخرى على الهامش وترشيح عرضين من المغرب والثاني على الهامش وليس ثمة عرض واحد لبلدان عربية أخرى هذا سؤال يوجه إلى لجنة اختيار العروض التي نظمتها الهيئة العربية للمسرح لمعرفة الأسباب الموجبة لذلك !!

3- من ضمن شروط الهيئة العربية للمسرح والتي هي معلنة أيضا هو أن تكون العروض المتنافسة على جائزة الشيخ القاسمي عروضا لم يسبق لها المشاركة في مهرجانات تنافسية سابقة كي تأخذ حقها في التنافس داخل مهرجان الهيئة العربية للمسرح وإذا كان ثمة لبس في ذلك أرجو أعادة النظر في شروط المسابقة الرسمية للجائزة وخصوصية وطبيعة تلك المشاركة لوجود عروض مسرحية سبق لها التنافس وتحقيق الفوز في مهرجانات عربية وبذلك حققت حضورها الواثق واختبرت تأثيرها الجمالي والفني أمام عروض تدخل دائرة التنافس للمرة الأولى وحافزها  رغبة في تأكيد الحضور وتقديم المنجز المسرحي  وهنا تكون المقاربة صعبة ما بين الاثنين .

4- هل أن مهمة الهيئة العربية للمسرح دعم وتفعيل الحراك الفني والثقافي في البلدان العربية الآمنة والمستقرة أمنيا ومعاشيا واجتماعيا وتقديم الرعاية وتوفير الاحتياجات على مستوى العمران والدراسة والتأهيل لبنى تحتية وبيوت ومراكز ثقافية وجعل المسرح ضرورة للكبار والصغار دون الالتفات إلى بلدان تعاني من الإرهاب والعنف ومسارحها مهدمة ومدارسها مبعثرة وحياة طلبتها مهددة وحكوماتها غافلة ونحن نعرف أن الفنون والآداب وسائل لمقاومة القبح وترقيق النفوس وتهذيب الطباع والأخلاق أليس من  حق هذه البلدان العربية أن يكون للهيئة وقفة معها وهي البلدان  التي أقامت أولى المهرجانات الثقافية والفنية الكبيرة في تأريخ الحركة المسرحية العربية !! أم أن وضعها غير مشجع لأن يقام على أرضها مهرجان عربي أو أن تمد لها الهيئة العربية للمسرح يد الدعم والرعاية لإقامة فعاليات خاصة بمسرح الطفل أو المسرح المدرسي أو مهرجان مسرحي تحل فيه الهيئة العربية للمسرح ومن معها ضيوفا على تلك البلدان معلنة تضامنها مع فنانيها ومثقفيها لأجل حرية المسرح وحرية الفكر وتأكيدا لقيم الحياة والجمال لغة  للعيش الآمن بعيدا عن العنف والفقدان والموت العبثي  !!!

5- النصوص الفائزة بجوائز الهيئة العربية للمسرح سواء تلك المكتوبة للصغار أم للكبار لم لا تعمد الهيئة إلى إنتاج عرض مسرحي منها يكلف به واحد من المخرجين العرب وبمشاركة عدد من الممثلين المتميزين في الوطن العربي ويكون عرض الافتتاح لمهرجان الهيئة في البلد العربي الذي وقع عليه الاختيار ليكون المهرجان على أراضيه بدلا من أن تكون عروض الافتتاح عرضة للارتجال والضعف والمحدودية ويكون في هذه الحالة تأكيد على هدف الهيئة الساعي إلى تفعيل الحراك المسرحي العربي و تكون هناك أهمية لمسابقة النص المسرحي. إذ يتحول إلى منجز حي بدل خزنه في بنك النصوص المسرحية .

6- لابد وأن يكون للشباب حضوره الفاعل في مهرجان الهيئة ولاسيما الشباب الذي يشتغل على مسرح حديث حسب إيقاع العصر وتحولاته وحسب أحلام الشباب وإرهاصاته وأن تكرس إحدى الدورات للجسد في الرقص التعبيري والكيروكراف والتعبير الإيمائي لاسيما وأن إحدى الورش المقامة في الدورة الثامنة تكرست لهذا اللون المسرحي، ولا بأس أن نغادر المنطوق ونقترب من التعبيري فهذا لن يفقد المهرجان هويته بل يؤكد هدف رسالته الداعية إلى تفعيل الحراك المسرحي بكل ألوانه وتجلياته  كما وأنه يتوجه إلى قطاعات كبيرة من الشباب  المسرحي من الذين يبحثون ويجتهدون في تقديم الجديد والمغاير في الظاهرة المسرحية .

وتبقى الهيئة العربية للمسرح إحدى العلامات المضيئة في تأريخ الحركة المسرحية العربية لذا سقنا هذه الملاحظات والمقترحات وعبرنا عنها بوعي الحرص والمسؤولية الهادفة للتطوير والتجديد فالحركة والابتكار والمغايرة ركيزة للانطلاق نحو مسرح عربي ينفتح على الفكر الإنساني النير ويجتذب عوالم المسرح الساحرة وإبهارها الآسر ولا يسقط في النمطية والرتابة آفة الملل والتكرار .

 

**  د عواطف نعيم |  كاتبة ومخرجة مسرحية عراقية

شاهد أيضاً

وادي الذئاب تعيد للمسرح الصومالي حياته بعد ثلاثة عقود من التوقف

        وادي الذئاب تعيد للمسرح الصومالي حياته بعد ثلاثة عقود من التوقف …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *