مسرح عالمي: “آنا كارنينا” لتولستوي.. في تكييف مسرحي جديد لمارينا كار/ترجمة: عادل العامل

ليس من الصعب إدراك أن الكاتبة المسرحية مارينا كار سوف تنجذب إلى (آنا كَارَنينا) للكاتب الروسي الشهير ليو تولستوي. فالكثير من مسرحياتها الخاصة  تسلط الضوء على بطلات انتحاريات، منبوذات اجتماعيات، ويحيط عملها بموضوعات الحب الفلسفية وإمكانية السعادة التي تتخلل رواية تولستوي العتيدة الصادرة عام 1877، كما تقول هَيلين مَيني في مقالها هذا.
وتتبع كار والمخرج وين جوردن، في استخلاصهما عملاً درامياً من الرواية المؤلفة من 800 صفحة، تكييفات مسرحية وسينمائية عن طريق التركيز على ضفتين سرديتين رئيستين: العلاقة الفضائحية خارج الزواج بين كارنينا ( التي تقوم بدورها لايزا دوان ) والضابط العسكري فرونسكي ( ويقوم بدوره روري فليك بيرن )، ومغازلة وزواج مالك الأرض المثالي ليفين ( بول مالون ) وأخت زوج كارَنينا، كيتي ( جولي مغواير ). ونرى أسرهم الأرستقراطية المتّسعة وأسراب أطفالهم من شبكة من المصاهنرات، المستعادة من قِبل المخرج جوردن في مشاهد موحدة كاسحة، وهي تتغير سريعاً على خلفية من العزف الوافر على البيانو. وطريق قطارات ينقل الشخصيات بخفة بين موسكو، وسانت بيترسبيرغ، و عزبات الريف التي يديرها أقنان حُرروا حديثاً.
وقد أوجدت المصممة سارة بَيكون مسرحاً عارياً، بآثاث قليل جداً، وستائر مخملية، وثريا منعكسة في أرضية خشبية مصقولة. ويصبح هذا محيطاً لإحدى القطع التي تتكون منها الرواية: حفلة الرقص المهيبة التي تشتعل فيها عاطفة فرونسكي وآنا. وتبدو لايزا دوان، في دور آنا، متألقة في روبها الأسود، وهي تدور بسرعة في ذراعَي فرونسكي، لكنها تلوح واعية لذاتها وغير واثقة في آخر مشاهد التحطم. ويبدو كارَنين، زوج آنا، مهيباً هنا. وتبدو لحظة غفرانه، حين أنجبت آنا طفل فيرونسكي والرجلان يجلسان خائفين عند سريرها، حالة منتزعة من أعماق متألمة.
وفي الوقت الذي يُغلف فيه هذا التكييف بخيالٍ فتّان ــ قبعات الفرو والثلج المنهمر ــ فإنه ينساب داخل البؤرة وخارجها. ومع التأكيد القاءم على تصميم أدوار طاقم التمثيل الكبير، فإن التمييزات الفردية تتّسم بالتخطيط. وتميل الأداءات إلى الطابع الكاريكاتيري، خاصةً في النصف الثاني، ويبدو بعض تركيب المشاهد مفتقراً إلى التناغم أو الانسجام. وبينما تُستبعد من التكييف محاولة انتحار فيرونسكي وسباقه المدمر للأعصاب في سباق الخيل مع الحواجز، فإن انتباهاً طويلاً يُعطى للتنافس الحاد على عزبة ليفين الريفية. وتتجلى هناك كوميديا واسعة عن حروب الجنسين gender قائمة بشكل غير مريح إلى جنب انحدار آنا إلى اليأس.
ونجد أخت زوج آنا تقول لها هنا، ” إنك تحولين ذلك إلى تراجيديا أغريقية “، في إشارة إلى الدرامات الأغريقية التي أعادت كار كتابتها كثيراً، من ميديا إلى فيدرا. كما ترد أيضاً مزاحات أخرى داخل النص مع تولستوي نفسه معبرة عن مخاوفه عبر شخصية المصلِح الزراعي ليفين ــ الذي يصادف أنه يكتب رواية عن الحرب والسلام.
وتثق آنا بأنها قد اعتادت على التفكير بأنها بطلة أدبية، وهي تؤلِّف  كتاباً يتجاوز الزمن، ولا يضر بأحد. وتبدو كار ناظرةً بتهكم إلى استغراقاتها الخاصة، بشخصياتٍ تهزأ من أنفسها حتى وهي تعاني بشدة. والتيجة، في هذا الانتاج، مسيرة كثيرة المطبات نحو خاتمة بهيجة، تفتقد العمق الانفعالي المطلوب.
 عن/ The Guardian

المصدر/ المدى

محمد سامي / موقع الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *