مسرح أوال ومقامات بن تايه

مسرح أوال احتفى في الفترة من 2-8 فبراير 2016 بمهرجانه التاسع تحت رعاية معالي الشيخة مي بنت محمد آل خليفة رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار على صالة البحرين الثقافية بالمنامة. وقد وسع مسرح أوال مهرجانه ليشمل مسرحية مقامات بن تايه من فرقة رأس الخيمة بدولة الإمارات العربية المتحدة، ومسرحية بعيدا عن السيطرة من مسرح الطائف بالمملكة العربية السعودية، ومسرحية العيد من فرقة الرستاق بسلطنة عمان بالإضافة إلى مسرحية السايكو لمسرح أوال، ومسرحية النافذة لمسرح أوال، ومسرحية الصفقة لمسرح الريف، ومسرحية صح النوم لنادي المسرح بجامعة البحرين وهي أعمال مسرحية بحرينية وبدأ الحفل بكلمة شاملة جامعة من الفنان الأستاذ عبدالله ملك رئيس مجلس إدارة مسرح أوال، وكان قد سبقه حفل استعراض بسيط يعبر عن افتتاح هذا المهرجان التاسع بإبداعات شبابية واعدة بأداء تعبيري بأبعاد تنم عن الرغبة في أن يتواصل عطاء المسرح البحريني على مدى الأجيال التي حملت أمانة الأداء المسرحي طوال مسيرة العطاء المسرحي بمملكة البحرين.
وفي مبادرة طيبة وفنية راقية قام مسرح أوال بمنح العضوية الشرفية لعدد من المكرمين بلغ عددهم أربعة عشر مكرما وكان لي شرف أن أكون من بين هؤلاء «أعضاء الشرف المكرمين» وهي لفتة إنسانية من مجلس إدارة مسرح أوال ومن أعضائه الكرام وهي سنة حميدة درج عليها مسرح أوال، فالحركة المسرحية في مملكة البحرين يشار إليها بالبنان وعندما نتذكر العطاء المسرحي ومشاركة الفنانين البحرينيين في المهرجانات العربية، والخليجية والمحلية تشعر بأن هذا الفن لم يتأخر يوما عن بقية الفنون التي تزخر بها بلدنا، وقد كان المسرح ولايزال هو الرافد للإبداعات القيمة في الإذاعة والتلفزيون والسينما من خلال التمثيليات والمسلسلات والأفلام، ولا تنهض الأمة ولا يتميز شعب إلا بفنونه وإبداعاته وإذا كان العطاء الإنساني جزءا لا يتجزأ من مسيرة الشعوب فإن التطور والنمو الحضاري والاقتصادي والاجتماعي يستدعي بالضرورة أن يكون هناك تطور ونمو في الإبداع الفني ولقد كان استقبال صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر لأعضاء مجلس الإدارة رسالة واضحة للدعم الدائم الذي يوليه سموه حفظه الله للمثقفين والفنانين بشكل عام وإلى مسرح أوال بشكل خاص، وهو تقدير يستحق الشكر والثناء وهو إشارة بليغة لأهمية التأكيد على دور الثقافة والفنون والإبداع في التنمية الوطنية الشاملة والتي تحرص عليها الدولة.
وعندما نقول بأن المسرح هو أبو الفنون فإننا لا نجافي الحقيقة فمن خلال مسيرة المسرح البحريني الطويلة منذ نشاط الأندية الرياضية والثقافية في البحرين، والأندية الثقافية والمدارس برز على الساحة المؤلفون، والمخرجون والممثلون ومهندسو الديكور وفنيو الإكسسوارات إلى المؤثرات الصوتية والإضاءة والتصوير أو ما يسمى «بالسينوغرافيا» وأصبحت البحرين زاخرة بهؤلاء المبدعين الذين أثروا بعطائهم الساحة البحرينية كما كان لهم اسهامهم في دول الخليج العربي وكان الحضور البحريني واضحا في مهرجان دمشق المسرحي، ومهرجان قرطاج المسرحي ومهرجانات الخليج العربي التي أقيمت في معظم دول مجلس التعاون ومهرجان المسرح بالعراق، إلى أن توارت هذه المهرجانات لظروف سياسية وثقافية مختلفة، ولكن ظل المسرح البحريني يعطي الكثير، وينتج إبداعات ومسارح شملت المدن والقرى في البحرين، وإن الأمل كبير في أن يستعيد المسرح في البحرين عافيته ويسترد قواه الكامنة فيه وقواه الناعمة التي نأمل فيها الخير الكثير.
وانا أتصفح الوجوه التي حضرت مهرجان أوال المسرحي التاسع شعرت بأمل كبير في أن يستعيد المسرح البحريني نشاطه، فعندما شحت علينا المسارح كصالات وشعرنا بحرقة في ظل غياب مسرح الجفير، لم يتوقف المسرحيون عن أداء أدوارهم بل فتحت مدارس التربية والتعليم صالاتها أو بعض صالاتها للمسرح، فقدمت مسرحيات رغم عدم وجود البنية اللازمة والتجهيزات الملائمة للمسرح، ولكن بعزيمة وإصرار الفنانين والمبدعين تم التغلب على كثير من هذه العقبات وتعاونت أجهزة كثيرة للنهوض بالمسرح على المستوى الفردي أو على المستوى الأهلي أو مستوى مؤسسات الدولة ومن بينها الإذاعة والتلفزيون، وكل شعر بمسؤوليته تجاه هذا الفن الأصيل الذي لن تتخلى عنه مملكة البحرين ولا مبدعيها.
والسؤال الذي نطرحه دائما على أنفسنا هو هل نحن كشعب بحريني نستطيع أن نتخلى عن الفن بتقسيماته المتعددة؟! الجواب بالقطع لا، لأن شعبا يمتلك رصيدا ثقافيا وإرثا حضاريا لا يمكن أن يتجاوز ويتساهل في أن يتغاضى عن إبداعاته وملكاته وقدراته الكامنة فيه، ولكننا بالمقابل مطالبون بأن نوفر الإمكانيات، والتسهيلات، وأن نتلاحم جميعا في النهوض بفنوننا جميعها من حيث توفير الصالات والمقار والمراكز الثقافية وتزويدها بكل الإمكانيات الفنية اللازمة، وإذا كان الكلام عن المردود من وراء هذه التجهيزات فإن الامر يتعدى فقط صقل القدرات والإمكانيات والطاقات الشبابية وإشغالها بما يفيد الثقافة والفن والإرث الحضاري إلى المردود السياحي بمفهوم السياحة الثقافية الراقية، ونحن في محيطنا العربي والخليجي نستطيع أن نكون مركز استقطاب بالإضافة إلى الجهود الواضحة والبينة التي تبرزها وتؤكد عليها هيئة البحرين للثقافة والآثار ومختلف المراكز الثقافية والأدبية في مملكتنا الغالية.
ومن المهم فعلا هو أيضا النظر بعين الاهتمام والرعاية للمبدعين البحرينيين من حيث توفير الظروف والإمكانيات والدعم المادي والمعنوي لمن بقى بيننا من رواد الفنون البحرينية بأنواعها، وكذلك للجيل الذي يمكن أن نطلق عليهم بالوسط والذين هم يتواصلون بإبداعاتهم إلى يومنا هذا في البحرين وخارجها، وكذلك ما نأمله في الجيل الجديد والشباب المبدع في بلادنا وإذا كانت الظروف المحيطة بنا تجعلنا أحيانا لا نلتفت إلى الإبداعات الفنية لكننا يجب أن نؤمن بأن هذه الظروف مرت وتمر بها شعوب أخرى، ولكن يبقى الفن والإبداع والعطاء يظهر ويبرز من رحم هذه المعاناة، ولا بد لنا أن نؤمن بأن البحريني متى ما توفرت له الظروف والإمكانيات والاهتمام والرعاية فإن المعدن الأصيل فيه، والطاقات الكامنة عنده وقواه الناعمة يستطيع من خلال كل ذلك أن يكون بارزا ومتميزا وقادرا على العطاء الذي لا حدود له، ولا سقف يقف عنده، وهذه نظرة متفائلة قد يظن البعض أن فيها مبالغة، ولكنها حقيقة لا يتغافل عنها إلا من هو لا يعرف إمكانيات وقدرات هذا الشعب.

وعلى الخير والمحبة نلتقي

خليل الذوادي

 

http://www.alayam.com/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *