مسرحية ايام اللولو

أيام الشارقة المسرحية 2016.

مسرحية أيام اللولو .

——————–

كتب كامل الباشا – فلسطين المحتلة

———————-

– مسرحية أيام اللولو – قلادة أرتصّت حبّاتها فأدهشت وأمتعت –

كما تتشكّل حبة اللؤلؤ داخل صدفتها بهدوء ودقة وكثير صبر ، ثم تجمعها يد صياد عشق الغوص فأتقنه ، فينقلها الى يد صانع ماهر ينظمها في قلادة برّاقة تبهر الابصار بجمالها وتجعل عاشقي الجمال يتنافسون على اقتنائها ، كذا ابدع منجزوا العرض فامتعونا وابهرونا بجمال كل لؤلؤة شكّلت تلك القلادة .

اللؤلؤة الاولى – جيل الحقيقة يواجه جيل الادعاء – النص .

امرأتان تختزلان التحولات الاجتماعية التي مرّت بها دولة الامارات خلال العقود الماضية ، لتكشفا زيف الرغبة في تقليد الغرب والانتماء الى منظومته الشكلية استنادا الى الثروة ومظاهرها المفرّغة للانسان من انتماءه للأرض والبحر وبساطة الخليجيّ المنتمي لثقافته وتراثه .

قصة بسيطة لفتاة اراد اهلها التظاهر بالمدنية شكليّا فارسلوها لتعيش في مدرسة داخلية في بريطانيا ، بعيدا عن جذورها وعن حب جدتها وجدها ، اجبروها على تعلّم رقص الباليه كمظهر من مظاهر تلك الحضارة ، فاذا بها تواجههم بزيفهم وثرثرتهم المفرغة من الوعي المستندة الى المال الذي اسائو استغلاله فخسروه ليعيشوا وهم مال لا معنى لوجوده دون الانسان الواعي والمنتمي ، والذي يحمل ذاكرة قوية يواجه بها من اصيبو بالزهايمر .

الثانية – السينوغرافيا والاضاءة .

في الخلفية انتصبت لوحة بلون رمل الخليج وجدران بيوته لتذكرنا في كل لحظة بالبساطة وبالجمال الذي لن يغادرنا وان حاولنا ، وعلى يمين المنصة مساحة مضاءة ومحددة الاطار توحي بغرفة محكمة الاغلاق وكأن الفتاة سجنت هناك مرغمة رغم الفضاء المفتوح حولها ، واختار لها المصمم لون السواد لا ليوحي بالقتامة بل ليذكّرنا باناقة البساطة وبالالم الذي تعيشه الفتاة ، وفي الوسط انتصب مقعد فكتوري تعددت الوانه المبهرجة في مزيج من الابيض والاصفر والبرتقالي والازرق والفضي ، بهرجة مزيفة لا تنتمي للمكان ولا للزمان ، ولكن دون ان تشكل نشازا بصريا ، وعلى اليسار انتصبت طاولة زينتها فاكهة بلاستيكية مزيفة زيف واقع المرأة العجوز وبتنوّع مواضيع ثرثرتها عن امجاد في الغرب وعلاقات مع علية القوم هناك . ثم اضاءة تنير المساحة بالوان مختلفة تزيد الصورة جمالا وقدرة على ايصال الحالة النفسية للشخصيات وتخدم التنامي الدرامي باناقة وببساطة السهل المتنع .

الثالثة – الموسيقى .

البيانو ، التشيلو ، الفلوت ، الكمنجات وبعض الات ايقاعية هو ما استطاعت اذني التقاطه خلال العرض وقد تم توظيفها باناقة واتقان فاتت الحانها متممة للفعل الدرامي ومتساوقة مع الشجن والالم والرفض .

كما رافقت العرض موسيقى اخرى لا تقل ابداعا وجمالا ألّفها مخرج العرض وعزفتها باتقان الممثلتان المبدعتان بتلوينات صوتيهما وانتقالهما من طبقة الى اخرى ومن مستوى شعوري الى اخر منذ بداية العرض وحتى النهاية دون فقدان ولو نوطة واحدة في هذه السمفونية الجميلة والدقيقة .

الرابعة – التمثيل .

صدق في المعايشة ، الفعل يحدث هنا والآن ، براعة في تقنية الحركة على الخشبة ، مخارج حروف سليمة وكلمات مصقولة كحبات لؤلؤ من الطراز الاول ، رشاقة واناقة ودقة في التسليم والاستلام ، ومشاعر متدفقة متلونة بالوان شتى ولا املال ولا ملل . فما المطلوب من الممثل اكثر من هذا ؟ انه سحر المسرح .

الخامسة – الاخراج .

مفردات بسيطة وشديدة الوضوح تخدم الغرض ، دراية واعية بالفراغ المسرحي وتوظيفه لخدمة الحدث ، دون فذلكة او استعراض ممجوج ، محورين الاول تمثله الام الثابتة في مكان واحد لا يتغيّر تمثّل الخمول والعجز وفقدان الذاكرة والشيخوخة الملعونة ، والثاني تمثله الابنة المتحركة عابرة الفراغ بكل مساحاته راقصة متألمة حزينة ،ضاحكة ، صارخة ، ضحكنا وبكينا وغضبنا وتمتعنا بصريا وسمعيا وفكريا ، فهل نريد من المسرح اكثر من كل هذا ؟ ودوما نريد المزيد !!

اجل استطاع المخرج ان ينظم من كل ما سبق قلادة جميلة انيقة ، وان يزرع في وعينا جملا وترميزات نصيّة وحركيّة سترافقنا كلما شاهدنا عملنا جميلا اخر يقارب جمال ايام اللولو التي شاهدناها في ايام الشارقة المسرحية2016 .

—————————

بطاقة تعريفية :

تأليف واخراج : ناجي الحاي.

أداء ومعايشة : بدرية احمد وبدور .

مساعدو المخرج :

المخرج المساعد : عبد الله صالح .

دراماتورج : حافظ امان .

تصميم وتنفيذ الاضاءة : محمد جمال .

تصميم وتدريب الاداء الحركي : عبير وكيل .

تأليف الموسيقى : محمد مال الله .

توزيع وتنفيذ الموسيقى : ايهاب عزمي .

الهندسة الصوتية : هيثم جاسم .

الماكياج : موشجان / محسن ملكي .

مدير الانتاج : طارق خميس .

مساعدو الانتاج : مجدي مصطفى / عمر خليل .

انتاج : مسرح دبي الاهلي .

———————————–

رابط المسرحية على اليوتيوب – انصح عشّاق المسرح بمشاهدتها .

https://www.youtube.com/watch?v=qFKH_CAmE0o

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *