مسؤولو الثقافة سبب عرقلة المسرح

أكد الفنان غانم السليطي أن المسرح صناعة إنسانية وجدت لخدمة المجتمع وليست لوزارات الثقافة، معتبرا أن ما يعرقل تحقيق نهضة مسرحية هو عدم سعة صدر المسؤولين عن الثقافة لمقولات الفنانين وعدم الفهم الحقيقي لدور المسرح الذي ابتدعه الإنسان للتعبير عن ذاته منذ العصر الحجري.

وقال السليطي في حوار مع الراية إن المسرح القطري يعاني الصمت نافيا وجود أزمة أفكار فهي على قارعة الطريق، لكن الأزمة تكمن في كيفية “التناول” فالمشكلة الحقيقية ليست ماذا تقول لكنها إشكالية كيف تقول، مؤكدا أن المجتمع المحلي بحاجة لمناقشة العديد من الموضوعات التي لا يستطيع أن يكشفها إلا المسرح، وهنا يجب مراعاة كيفية التناول من أجل الوصول إلى قاعدة جماهيرية كبيرة، وهو الأمر الكفيل بإعادة الجمهور من جديد لمتابعة المسرح.

وعبر السليطي عن فخره باختياره ليكون الشخصية المسرحية العربية المكرمة في الدورة السادسة والعشرين لأيام الشارقة المسرحية كاشفا أنه يقرأ حاليا عدة سيناريوهات درامية بالإضافة إلى تحضيره لمسرحية “الكومبارس” .

 

> كيف تلقيت خبر تكريمك بمهرجان الشارقة المسرحي ؟

– تشرفت باختياري لأكون الشخصية المسرحية العربية المكرمة في الدورة السادسة والعشرين لأيام الشارقة المسرحية، والتي اعتبرها بحق فضاء لتكريم المبدعين، وعندما أبلغني مدير المهرجان أحمد أبو رحيمة الخبر انتابتني مشاعر السعادة والاعتزاز، خصوصا أن الاختيار جاء من خلال المهرجان الذي يقام تحت رعاية الراعي الأول للمسرح في الوطن العربي، وراعي المسرحيين الخليجيين والعرب وهو حاكم الشارقة، ومن أسباب سعادتي واعتزازي بهذا الاختيار، أنه يجعلني بين قائمة من رواد المسرح العربي، ولقد تشرفت بحضور المهرجان في دوراته السابقة، وشهدت تكريم رواد مسرح من القاهرة والكويت وبلدان عربية أخرى، كان من بينهم سعد أردش وسميحة أيوب وعبدالحسين عبدالرضا، وسعد الفرج، وغيرهم من كبار المسرحيين، وبلا شك أن يوضع اسمي في قائمة تضم هؤلاء الرواد مبعث فخر واعتزاز لدي.

> هل أنهى هذا التكريم حالة الإحباط الفني التي كنت تعاني منها؟

– هذا التكريم بالذات له طعم خاص كونه جاء من مدينة الشارقة التي تعد مركز الإشعاع المسرحي حالياً في الوطن العربي، وربما الذي زاد الطعم جمالاً هو توقيت التكريم حيث جاء في وقت كنت أحتاج فيه من يساندني على مقاومة حالة الصمت المسرحي الذي نعاني منها محلياً، ومن حسن الصدف أنه قد تم تبليغي بهذا التكريم أثناء اشتغالي على كتابة مسرحية جديدة بعنوان “الكومبارس” وهي المسرحية التي أستعد لتقديمها على خشبة المسرح القطري في القريب، ولعل هذا التشابك بين التكريم والرغبة بإنجاز عمل يلامس هموم الناس جاء دافعاً لي لمواصلة العمل عبر بوصلتي الداخلية التي ظلت على مدار تاريخي الفني تعمل دون أن تتضرر أو تتأثر بالظروف الصعبة التي أحاطت بالمسرح القطري في الفترة الماضية، وبلا شك فإن كل صراعاتي التي دخلتها من قبل كان سببها إصراري على إعلاء الحركة المسرحية المحلية ومحاولاتي الدؤوبة لإنهاضها من غفوتها وقد جاءت كل تلك الصراعات خارجة عن إرادتي وتسببت في الأغلب عن الحقد أو الحسد، حيث أدخلاني إلى معارك ليس لي بها أي ذنب.

> ما طموحاتك المسرحية والدرامية؟

– هذا التزامن بين كتابتي لمسرحيتي الجديدة “الكومبارس” والتكريم زادني إصرارا على الانتهاء من كتابتها قبل ذهابي لنيل التكريم بالشارقة الشهر المقبل، وفي الوقت الذي أقرأ فيه أكثر من سيناريو لأعمال درامية خلال شهر رمضان وأقوم باختيار الأنسب لدي رغبة ملحة لعودة قوية إلى المسرح بشكل خاص، حيث أسعى أن أعيد الاحترام من جديد لعنصر الإضحكاك وهو الأمر الذي ظللت أعتبره همي الأول خلال مشواري الفني، إيماناً بضرورة ملامسة المسرح لمشاكل الناس، والاجتهاد في جذبهم لحضور عروض راقية وجادة.

> متى سيتم تقديم “الكومبارس” وكيف جاءت فكرتها؟

– كانت لدي نية للمشاركة في مهرجان الدوحة المسرحي من خلال عرض يتم تقديمه ليلة الافتتاح لكني وجدت أن أغلب الفنانين الذين سأحتاجهم للعمل سيكونون مشغولين في هذا التوقيت وهو ما جعلني أفكر في تأجيله وتأخير عرضه في وقت مناسب خلال هذا العام، ولقد كنت أنوي في البداية إنجاز عمل مختصر للاحتفاء بالمهرجان في انطلاقه، لكن ما حدث معي هو إثبات لمقولة “لن تسطيع أن تكون إلا أنت” فبعد أن شرعت في التنفيذ تطور الأمر معي وأصبح نصاً يصلح لعمل مسرحي ضخم يمكن تقديمه فيما يقرب من ثلاث ساعات.

> هل أنت راض عن الكوميديا المسرحية حاليا؟

– للأسف أصبح الذوق المسرحي المتواجد حالياً بشكل عام هزيلا، وبالتحديد فيما يخص فن الكوميديا، وعلى الرغم من أن هذا الفن مرتبط بشكل أساسي بعقل الإنسان، إلا أنه قد تم إهانته كثيراً من قبل المسرحيين أنفسهم بعد أن استسهلوا الإضحاك فوقعوا في شرك وانزلاقات الإسفاف، مبتعدين عن القضايا التي يجب السخرية منها والضحك عليها، فالضحك حركة عقلية لا تنفصل عن التفكير، لكن ربما يعود السبب في حالة الانحدار الفني والذوق العام التي نعاني منها إلى انحدار المنطقة العربية ومسخ هويتها، وهو ما يتجلى في أوج صوره من خلال انتشار مهرجين على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث سمحت تلك الحالة المتردية لهؤلاء من الظهور على السوشيال ميديا ولأول مرة يظهر ما أعتبره “نجوم اللا شيء” ولا أقصد بذلك التفاهة التي تتمثل في تقديم ما هو سطحي وتافه لأنه أمر موجود بطبيعة الحال على مر العصور، لكن الغريب أن هناك من أصبحوا نجوم بعد أن لم يقدموا شيئا من الأساس.

> هل توجد أزمة نص مسرحي كما يدعي البعض؟

– بشكل عام تعتبر النهضة المسرحية المعبر الحقيقي لتطور أي مجتمع، وفي سبيل تحقيق ذلك يحتاج الأمر إلى الكثير من الجمهور ولعل توفير نصوص مسرحية جيدة يعتبر من الضروريات، وعلى كل فالأفكار على قارعة الطريق، لكن الأزمة ليست أزمة أفكار لكنها أزمة تناول فالمشكلة الحقيقية ليست ماذا تقول لكنها إشكالية كيف تقول، فالمجتمع المحلي بحاجة لمناقشة العديد من الموضوعات التي لا يستطيع أن يكشفها إلا المسرح، وهنا يجب مراعاة كيفية التناول من أجل الوصول إلى قاعدة جماهيرية كبيرة، وهو الأمر الكفيل بإعادة الجمهور من جديد لمتابعة المسرح إذا ما اهتم بقضايا الناس، كما أن التراث يعتبر مصدرا مهما بالنسبة للفنان شريطة عدم اعتباره محصوراً على بيت قديم بحاجة إلى ترميم، فالشخصيات وحكاياتها وقيمها ورسالتها هي الأولى إلى إعادتها من جديد وترميمها بما يتناسب مع الوقت الراهن.

> ما سبب تدهور حال المسرح العربي في رأيك؟

– فقدنا الاستقرار في عالمنا العربي فاهتز المسرح بطبيعة الحال، لأن المسرح يحتاج إلى الاستقرار حتى وإن توفرت الإمكانيات المادية، ولعل أبرز ما يفتقده مسرحنا الرعاية الحقيقية، علماً بأن الرعاية يجب ألا تقتصر على إقامة مهرجان فقط كل عام بل أن تمتد لتشمل الإيمان بدور الفنان في التنبيه بأزمات المجتمع وإشكالياته، فالمسرح صناعة إنسانية وجدت لخدمة المجتمع وليست لوزارات الثقافة، ولعل ما يعرقل تحقيق نهضمة مسرحية هو عدم سعة صدر المسؤولين عن الثقافة لمقولات الفنانين وعدم الفهم الحقيقي لدور المسرح الذي اخترعه الإنسان للتعبير عن ذاته منذ العصر الحجري.

 

أشرف مصطفى:

http://www.akhbarqatar.net/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *