لرقص سبيل للتفاهم في مطار خالٍ من الاشارات مسافرون يتحاورون بلغة الجسد : عصمان فارس

المصدر : محمد سامي موقع الخشبة

علي صالة المسرح الكبير لبيت الرقص في العاصمة السويدية ستوكهولم فاجأنا الراقص والكوركراف البريطاني البنغالي الاصل اكرم خان بعرض (باهوك)، وهي كلمة بنغالية تعني الحامل. عرض يعتمد علي لغة الجسد في صياغة مسرحية رقصآ وتشكيلآ حركيآ واستخدام بعض الحوارات وترديد بعض الكلمات والجمل.
تنال عروض اكرم خان اعجاب الجمهور السويدي عادة، وفي عرض باهوك حقق التوازن بين جماليات اللغة الجسدية وبلاغة اللغة السردية. ثمانية ممثلين في صالة الانتظار لغرض السفر الي اوطانهم، شغل الممثلون الفضاء المكاني والزماني بالرقص التعبيري انطلاقآ من فرضية درامية هي مشاعر انسانية وازمة الحنين والارتباط بالمكان المعني الوطن وحالة الانتظار في المطار مع اشارة علي الشاشة تعني الانتظار او تأخير الرحلة. ثمانية راقصين من جنسيات وخلفيات ثقافية مختلفة، الانتظاروالكراسي وحقائب السفر وانتظار العودة وبلهفة الي اوطانهم رغم اختلاف لغاتهم لكنهم يمتلكون اجمل لغة للتفاهم من خلال لغة الجسد والرقص وكذلك التعبير والحديث عن ذكرياتهم والوطن الام.
كتب النص الروائي البريطاني وكاتب سيناريو الافلام حنيف القريشي وهو تأليف (تيتين ساوهني)، في هذا المكان المطار كل شيء مؤجل من خلال الشاشة فلا علامات ولا اشارات
والتعليمات تدونْ عليها كلمات وحروف ، شخصيات ترقص وتعبر من خلال الجسد عن خصوصية البحث عن الوطن ،شخص كوري وهو يهذي ويسرد لمن يلتقيه ويحكي قصته مع الوطن ,وعند بحثه عن الوطن والذي أضاع الطريق اليه واذا به يجد نفسه بجانب الوطن وهناك وجد النهر وشاهد رجال يبصقون وطلبوا منه ان يفعل مثلهم ولكنه رفض مبررآ ذلك انه في وطنهم لايفعلون ذلك.وهو يتجرد من ملابسه ويرقص هذه ماتفعله العزلة والحرمان . الكوركراف والراقص أكرم خان في هذا العرض إعتمد علي لغة الحوار اللفظي وعلي لغة الجسد فشكل صياغة مسرحية رقصآ وتشكيلأ حركيآ وهو اسلوب الحركة المسرحية البصرية ،وهذا الاسلوب الجديد في تقديم الراقص كممثل يتشكل بجسده مع صوته، وشارك اكرم في إعداد النص إثناء البروفات وصيغة اللقاء التلفزيوني وتوجيه الاسئلة ورسم الحركة، وحقق التوازن مابين اللغة ومفردات لغة ألأسئلة ولغة الجسد والرقص الدرامي. والسوأل الوحيد الذي رافق جميع الراقصين هل ضاعت إشارات مهمة علي الشاشة عن تعلق وارتباط الانسان بالوطن من خلال الماء، والهواء والتراب والنار. الوطن يعني المكان والذكريات والطبيعة الارض، وكان السؤال الاوحد هو ماذا تحمل معك ؟ الجسد الذكريات والامل هو الوطن . هذه اول مرة يعمل اكرم خان ككوريكراف بدلآ ان يرقص لوحده ،ربما إتجه الي منافد أخري لأن الرقص العالمي ماعادت تحكمه تقاليد معينة، هذه المرة أضاف شخوصاً تجيد فن الرقص جاءوا من معاهد فن البالية والرقص الحديث، مثلما نجد في بعض الفرق الاوروبية الكثير من ممثلي فن البانتوميم والسيرك احترفوا وابدعوا في فن الرقص، لذلك لن يكتفي اكرم خان كراقص ولكن وضع الكولاج وصمم الرقصات مع فرقته في باهوك واعتمد علي الرقص والحكاية وتصوير كل الردود والانفعالات.وكانت تجربة غنية ومدهشة الي حد كبير تكونت خبرة أكرم خان من خلال دراسته وعمله مع مخرجي المسرح أمثال بيتر بروك، لذلك كانت تجربته مكللة بالنجاح بسبب مضمونها الثقافي والتعليمي، وخلط وجمع عناصر الرقص الدرامي والانتقال مع حكابة الاشخاص والعلامات البصرية وكل الاسئلة والحوارت. اكرم استخدم الرقص التجريبي في باهوك بطرق وسياقات جدبدة لها مساس مهم بعصرنا من خلال الرقص الحديث، وفي السابق كان يعتمد علي الثراث البنغالي ولكنه هنا اتجه الي ارساء قيم جديدة، واستخدم الرقص وسيلة طيعة وطازجة للتعبيرعن الانفعال الانساني،مهد لما يحدث اليوم عندما يفقد الانسان وطنه ومدي انفعاله ولغة الحنين والرجوع اليه. ووفق هذه البيئة واالفضاء تحركت الشخصيات يغزوها مشاعر الحنين والبحث عن الاوطان.هذه الثيمة والموضوعة جادة وتشغل بال الكثير ربما اكرم نفسه وحنينه الي موطنه الاصلي (باهوك) عمل فني مثير وممتع في قدرة تجسيد الاحداث من خلال الرقص وإثارة المشاعر الانسانية وجميع الانفعالات وتقديم رسالة إنسانية إجتماعية ممكن التفاهم واللقاء مهما إختلفت اللغات وهي دعوة لملتقي الحضارات ولكن هناك لغة الرقص تجمنا من اي بلدان كنا، والجانب المثير في باهوك هو حالة الاخصاب المتبادل بين الافكار ويجمعهم الهم الواحد هو الغربة والحنين الي الوطن إعتمد أكرم علي عناصر الحركة المسرحبة والحوار والصوت والموسيقي والرقص وشاشة الاعلانات واستخدام الجسد كله وحركة اليدين واستخدام الهاتف النقال كوسيلة إتصال مابين الاوطان وكمدلولات سايكولوية لمعاناة الانسان والاشتياق وقدرة علي التواصل والتعاطف مع الاحساس الحركي والضوء والصوت كنشاط معبر، ولهذا العرض تأثير ساحر علي المتلقي من خلال التنوع الثقافي الموسيقي والحركة والرقص والتشكيلات ونوع وأهمبة الحكاية من الناحية الاجتماعية والانسانية.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *