«كنبال».. عن العنف والخوف والحقيقة

تابع جمهور المسرح في دبا الحصن أول من أمس، مسرحية «كنبال»، لفرقة «كانفاس» الجزائرية، من إعداد سفيان عطية، وإخراج هشام شكيب، وتمثيل سفيان عطية وإدريس بوشرنين، والعمل مأخوذ عن نص مونودرامي للكاتب السوري ممدوح عدوان «آكلة لحوم البشر»، تمكن المخرج من تطويعه ليكون مناسباً للمسرح الثنائي، على الرغم من حيرة بعض من تابع العرض بين كونه عرضاً «مونودرامياً» أو عرضاً «ديودرامياً».

الندوة التطبيقية

8ae6c6c5502ee51c0152e5fac3991049

تلا العرض ندوة تطبيقية ناقشت المسرحية، وأدارت الندوة الباحثة بسمة فرشيشي، حيث أشارت إلى أن العرض كان ممتعاً واحترافياً، وبرع الممثلان في أداء الدور، وكان المخرج صارماً في تعليماته للممثلين اللذين أجادا تماماً. ولفتت إلى أن العمل برمته قام على تيمة جميلة رغم قسوتها وعنفها، حيث رأينا فيه العذابات الإنسانية البشرية، التي قدمها المخرج هشام شكيب بلغة شاعرية ورقيقة، مكنتنا من تحمل القسوة التي جاء بها العمل، الذي قدم لنا فيه قراءة جميلة لما يمكن أن تؤول إليه الذات البشرية في أقصى حالات العنف، مشيرة إلى أن سينوغرافيا العمل جاءت غارقة في الرمزية، وهو أمر مقبول كون العمل يتناول موضوعات الكبت والعنف.

وأشار عدد من المتحدثين في الندوة إلى أن العرض برمته كان صاعداً، ولم يترك المخرج فيه أي فرصة للارتجال، حيث بدا دقيقاً في اختياراته، كما ان الموسيقى والأغاني الأمازيغية التي حضرت في بعض المشاهد كانت ممتازة ومعبرة. وأكدوا قوة حضور المخرج في العمل الذي تعامل مع نص فلسفي صعب. ولفت البعض إلى أن النص في الأصل هو مونودراما تم العمل على تطويعه ليكون ديودراما.

من جانبه، أشار المخرج هشام شكيب إلى انه اعتاد دائماً الاهتمام بالتفاصيل في أي عمل يقدمه، وقال إن همه دائماً ينصب على ادارة ممثليه، إلى جانب اهتمامه بأحداث التجديد في السينوغرافيا والإضاءة، موضحاً: «في مسرحية (كنبال) حاولت الخروج عن الطابع الكلاسيكي في الإضاءة، وأن اتجه نحو التجديد فيها».

وكما هو معروف فإن «آكلة لحوم البشر» هو أحد النصوص المسرحية الأربعة لممدوح عدوان التي رأت النور في منتصف تسعينات القرن الماضي، وهي «حال الدنيا»، «القيامة»، «الزبال»، إضافة إلى هذا النص، وتلك النصوص ناقشت وفق رؤية عدوان الفلسفية، قضايا عدة تتعلق بحياة الفرد. وعموماً تتحدث المسرحية التي عرضت على مسرح المركز الثقافي في دبا الحصن ضمن فعاليات مهرجان دبا الصن الأول للمسرح الثنائي، عن الوجود الإنساني والصراع بين الخير والشر، والشك والحقيقة والحلم والواقع، والبداية والنهاية. ويدعو النص إلى أن نتغير من الأعماق في المستقبل كيلا يكون هناك مكان للصراع الإنساني، من أجل تقوية الروابط الاجتماعية. والنص عموماً هو نص فلسفي، لكن تم الاشتغال عليه كبناء درامي يخدم مقولة النص ومفاهيمه التي تكدست بين النصوص، وبتسلسل درامي قادر على التواصل مع الجمهور بكل مستوياته الفكرية والثقافية.

ما إن أزيحت ستارة المسرع حتى ظهر رجلان، أحدهما جالس على أرجوحة في بقعة ضوئية دائرية كأنه معزول عن الكون، والثاني جالس في بقعة ضوئية أخرى على مقعد، وبيده قيثارة يعزف عليها، ويبدو الرجل الأول مشوشاً يحس بالخوف، ويتحدث للرجل الثاني عن أنه مراقب من قبل المجتمع، وذلك بسبب الطبيعة المادية النهمة للبشر، وما يقترفونه من جرائم بشعة في سبيل الحصول على المكاسب المادية، وأصبح هو بدوره يراقبهم، ويفضح جرائمهم، ويضرب لذلك مثلاً بالشركة التي تصنع المرتديلا، فقد اكتشف أن أحد العاملين فيها سقط بين آلات صناعة المرتديلا، وتشبث بزميله، لكن الآلات جرفته وجرفت معه زميله وطحنتهما وخلطتهما مع العجينة التي تصنع منها المرتديلا، ليذهبا إلى العبوات، ويصبحا جاهزين للأكل، دون أن يعلم أحد عن ذلك شيئاً، وقد احتج الرجل على ذلك وأدان الشركة، فأصبح أصحابها يراقبونه كما يتوهم، ويصرح بأن كل إنسان وكل شيء في الكون مراقب، ويشعر بأنّ أعيناً تتابعه.

ثم ينتقل الرجل بالحديث إلى حياته الخاصة، وعلاقته بأخيه وزوجة أخيه التي يظن أنها تمتص دم أخيه وتريد أن تقضي عليه، ويأخذ في حديث طويل عن المرأة، وكيف أنها مصاصة دماء الرجال، لا تخطط إلا لإغوائهم وجلبهم إلى الموت، ويتقمص الرجل الثاني أدوار بعض الشخصيات التي يتحدث عنها الرجل الأول، فهو تارة يمثل أصحاب الشركة التي اكتشف الرجل جرائمها، وتارة يمثل دور أخيه، كما أنه يتولى طرح الأسئلة أو الإجابة عن بعض استفسارات الرجل الأول، وهو في الوقت ذاته يعزف الوصلات الموسيقية.

العمل مأخوذ عن نص مونودرامي للكاتب السوري ممدوح عدوان «آكلة لحوم البشر»، تمكن المخرج من تطويعه ليكون مناسباً للمسرح الثنائي. من المصدر

«حبيبي زكريا»

شهد اليوم الأخير من المهرجان عرض مسرحية «حبيبي زكريا» وتدور أحداث المسرحية حول امرأة عجوز في الستينات من عمرها حرمت الإنجاب، وتعاني الوحدة مع زوجها المسن، ما يزيد من حدة الخلافات بينهما، ليصل الوضع إلى حد المصارحة والمكاشفة بعد سنوات من الصمت. وتنتمي المسرحية الى المسرح الجاد الذي تعشقه سماح باعتبارها خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية قسم تمثيل وإخراج.

تعود المسرحية إلى فرقة المسرح الكويتي، وهي من تأليف ناجي الحاي، وإخراج أحمد السلمان، وتمثيل أحمد السلمان، وسماح.

 

 

محمد جرادات ـــ دبا الحصن
http://www.emaratalyoum.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *