قواعد العشق .. الروحانية علاج العالم

فلا قيمة للحياة من دون عشق. لا تسأل نفسك ما نوع العشق الذي تريده، روحي أم مادي، إلهي ام دنيوي، غربي ام شرقي .. فالانقسامات لا تؤدي الا الى عديد من الانقسامات. ليس للعشق تسميات ولا علامات ولا تعاريف.. إنه كما هو نقي وبسيط”..هذه الكلمات التي يرددها الدرويش شمس التبريزي هي أحد قواعده التي يحاول ينشد من خلالها عالم أكثر روحانية وحبا.
 
لماذا قواعد العشق الـ40؟
يبدو أن رواية قواعد العشق الأربعين أصبحت أحد المصادر المهمة للاقتباس في المسرح المصري،  اﻷمر الذي يطرح تساؤلا حول اختياراها.
جزء من الرواية يحكي عن عصر سادته روح التعصب والنزاعات الدينية، بشر شمس إلى روحانية عالمية شاملة، مشرعاً أبوابه أمام جميع البشر من مختلف المشارب والخلفيات.
 
وبدلاً من أن يدعو إلى الجهاد الخارجي، الذي يعرف “بالحرب على الكفار”، الذي بشر إليه الكثيرون في ذلك الزمان، بشر الرومي إلى الجهاد الداخلي.
 
هذا الملخص يجعلنا نجد الجواب “لماذا قواعد العشق الأربعين” فالعالم العربي في الوقت الأخير أصبح يسيطر عليه النزاعات والتعصب والحروب، هذا الأمر الذي يجعل الرواية مرجع لكثير من المخرجين الشباب.
 
 بين النص والعرض
 
في عرض كلية حقوق عين شمس والذي ساهم في المهرجان التجريبي للمسرح  في دورته الـ24، اعتمد المخرج على جزء واحد من الرواية التي  تدور في  زمنين مختلفين الأول من خلال شخصية إيلا وعائلتها الذين يعيشون في ولاية ماساشوستس في الزمن الحاضر والعام 2008  والثاني في القرن الثالث عشر ميلادي حيث يقابل الشمس التبريزي بتوأمه الروحي مولانا جلال الدين الرومي.
 
تبدأ أحداث المسرحية من رحلة  شمس التبريزى التي تمتد من سمرقند وبغداد، إلى قونية التركية، والذي طلب من الله أن يساعده لأن ينقل حكمته التي جمعها من تنقلاته وطوافه في أرجاء العالم إلى الشخص المناسب، فطلب منه ملاكه الحارس أن يمضـي إلى بغداد يقابل برفيق جلال الدين الرومي.
في عام 1244 ميلادي، التقى الرومي بشمس الدرويش الجوال وقد غير لقاؤهما هذا حياة كل منهما، وبعد لقاء الرومي بهذا الرفيق الاستثنائي، تحول من رجل دين عادي إلى شاعر يجيش بالعاطفة، وصوفي ملتزم، وداعية إلى الحب، فابتدع رقصة الدراويش، وتحرر من جميع القيود والقواعد التقليدية.
 
فضاء المسرح 
 
اعتمد العرض الذي عرض في مسرح العرائس ، على عدد من التقنيات التي ساعدت في تحول الفضاء باستخدام الإضاءة وبعض الاكسوارات إلى أماكن مختلفة تدور في الأحداث منها “بيت الرومي، السوق، الحانة”.
وفي عدد الأحيان كانت تقسم خشبة المسرح إلى عدد من الأماكن المختلفة للتشابك الأحداث، فتاره فضاء فتاه الليل التي تسعى التخلص من حياتها، وفي نفس الوقت نجد جلال الدين وشمس التبرزي في وسط المسرح غارقين في عالمهم الخاص، وفي الناحية الأخرى يجلس حراس السلطان وغيرهم والداعية الذين يحاولون التخلص من شمس التبريزي.
 
واعتمد المخرج على تقنية المنولوج ليعرف الجمهور على الشخصيات ومشاعرها وما يدور داخلها، مثل مشهد زوجة جلال الدين الرومي عندما تحكي ديانتها الأصلية وهي المسيحية، وعن تغير زوجها بعد تعرفه على شمس التبريزي.
 
الموسيقى والأغاني 
 
 كانت الموسيقى والأغاني دور مهم في نقل الأجواء الروحانية التي يسعى العرض للوصول للمتلقي  ومنها رقصة “السما” الذي يقدمها عدد من الممثلين في نهاية العرض، فضلا عن الحضرات الصوفية كان لها حضور مؤثر خلال العرض.
 
 الروحانية علاج العالم 
 
“إذا أراد المرء ان يغير الطريقة التي يعامله فيها الناس، فيجب أن يغير اولا الطريقة التي يعامل فيها نفسه” كانت هذه القاعدة سبب في تبديل الشخصيات لتكون أحسن وأن تبحث داخلها عن نقطة نور، يتحولون بعد ذلك إلى أعضاء في رقصة الدراويش،  وهو  الرقص الدائرى لمدة ساعات طويلة، حيث يدور الراقصون حول مركز الدائرة التي يقف فيها الشيخ، ويندمجون في مشاعر روحية سامية ترقى بنفوسهم إلى مرتبة الصفاء الروحى فيتخلصون من المشاعر النفسانية ويستغرقون في عثر كامل يبعدهم عن العالم المادي ويأخذهم إلى الوجود الإلهي كما يرون.
 
 ينتهي العرض بمقتل شمس التبريزي، لكن لم تكن هذه النهاية بل  تخليد  لقواعد العشق الـ40.
 
 
————————————————————–
المصدر : مجلة الفنون المسرحية – مصر العربية 

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *