«غفار الزلة»… حين يطعن الثأر المشاعر الإنسانية!

حين يعمي الثأر العيون وينادي بالانتقام مهما كان الثمن… تتلقى المشاعر الإنسانية طعنة قاتلة تجرّد صاحبها منها.
فالحفيد لا يعود حفيداً، بل ابن قاتل لا بد من استرداد «الدَّيْن»، فيباح قتله… حتى لو من جدته.
كتل من المواقف والمشاعر المتناقضة، حملها ثالث عروض مهرجان الكويت المسرحي بدورته الثامنة عشرة، بعنوان «غفار الزلة»، والذي قدمته فرقة مسرح الخليج العربي على خشبة مسرح الدسمة.
تبدأ الأحداث مع «شيخة»، التي تؤدي دورها حنان المهدي، والتي وجدت نفسها ملزمة بأخذ ثأر والدها شيخ القبيلة الذي اغتاله «حمود» (يؤدي دوره عبدالله البدر)، والذي استطاع الحصول على تجاوز الثأر بعد دفع الفدية إلى جد وعم «شيخة». بعدها، يتم تنصيب العم شيخاً على القبيلة، فيطلب من «شيخة» الزواج من «حمود» كي يتم عقد الحلف. ولكن رغم الحب، هناك شيء يسبقه، وهو الثأر. إلا أن حال «شيخة» تتبدل حين تحب بكل إحساس زوجها وتنجب منه ابنهما «عيسى».
هذا الحب لم يشفع له حقد والدتها (هبة العيدان) التي لا تتوانى عن طلب الأخذ بالثأر من حمود، فتطلب من ابنتها مراراً وتكراراً أن تنتقم من زوجها وتقتله، لكن حب الأخيرة لحمود يمنعها، ما يعقد الموقف مع والدتها، التي تتجرأ بعد أن تتجرد من مشاعرها الإنسانية وتُقدم على قتل حفيدها، ابن شيخة، معتقدة بتسرعها هذا أنه جزء من الثأر الذي وُلد داخلها منذ سنوات.
«غفار الزلة» من تأليف محمد المهندس، إخراج عبدالله العابر، مساعد المخرج ياسر الحداد وتمثيل عبدالله البدر وحنان المهدي ومشاري المجيبل وهبة العيدان ومحمد ملك وآخرين، فيما الأزياء لفهد المذن والديكور لمحمد الربيعان والإضاءة لعبدالله النصار.
ويُحسب للمسرحية، توظيف عناصر السينوغرافيا من إضاءه وديكور وموسيقى وأحداث في مصلحة إنجاح العرض فودمة البناء الدرامي. فالقصة التي كتبها المؤلف، ترجمها المخرج على المسرح من دون تقعيد.

الندوة النقاشة
تلت العرض في صالة الندوات بمسرح الدسمة ندوة نقاشية لعرض «غفار الزلة»، أدارتها الفنانة الأردنية أمل الدباس. أما المعقب، فكان الفنان البحريني عبدالله ملك، وبحضور كل من مخرج العمل عبدالله العابر والمؤلف العماني محمد المهندس.
بعد ترحيب أمل الدباس بالحضور، تحدث المعقب الفنان عبدالله ملك، فقال: «قرأت النص والشخصيات مباشرة. ومعطيات النص، أي أحد يراها، فهي عبارة عن مشاهد قد تكون تلفزيونية وبدوية وصحراوية، وهناك شخصيات قوية كما هما البطلة والبطل. وعبدالله العابر أعطانا نصاً خدعنا فيه بفنه، وفي القالب أراه أميناً مع النص ولم يغير أي شيء». وأضاف: «متحسف على مشهد قتل الطفل. يجب أن يستفز المخرج أكثر ويجد له حيلة، رغم أنه مشهد مفهوم. الطفل هو الأمل وهو ينشر الحب بدل الانتقام المتوارث. بشكل عام، جهد جميل ويحترم، وكنت أتمنى أداء أقوى، ولكن المبرر لأداء الممثلين كونهم يعانون من المرض ويمثلون تحت تأثير المسكنات».
بعد ذلك، فُتح باب المداخلات، وكانت البداية مع الدكتور سيد علي إسماعيل، الذي قال: «قدم العرض لنا جرعه فنية، ويحمل اليوم نقطة لم تمر على دورات المسرح في الكويت وهو الاستعانه بنص من سلطنة عمان». وأضاف: «المشهد الخاص بالاستعراض كان مميزاً، والأزياء كانت معبرة، لكن ضاع الجمال وسط السواد. الديكور فكرة جيدة للغاية، وفي التمثيل، استطاع مشاري المجيبل توصيل الدور، ومن بعده محمد ملك. أما صوت وتمثيل الأم، فكان جامداً».
أما الناقد علاء الجابر، فقال: «العرض اليوم مباراة، عمل ناعم، وسرعة المشاهد وتعاقبها لا بد منها ولا مجال للتأمل. ودرس شاهدناه اليوم من خلال التعاون مع المجاميع الذين كانوا أيضاً أبطال العمل».
بدوره، شكر المؤلف العماني محمد المهندس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب على التنظيم والحفاوة، وكذلك فرقة مسرح الخليج العربي وطاقم العمل، معرباً عن سعادته الغامرة بما رآه على الخشبة، لافتاً في الوقت نفسه إلى الملاحظات قيمة ويستفيد منها.
أيضاً، تقدم المخرج عبدالله العابر بالشكر لمسرح الخليج العربي على إتاحته الفرقة ولكل من ساهم في العمل، لافتاً إلى شخصية «حمود» بالقول: «أعتقد أن الشخصية لمحب، والحب لا يعرف القوي والضعيف… ولا بد أن يكون بهداوة ويعبر عن المشاعر». وأضاف: «تعمدت في مشهد قتل الطفل ألا يكون مباشراً، وألا أبيّن كيف قتل، ولك أن تتصور كمشاهد ما تشاء، لأوصلك إلى العاطفة».

 

  • حمود العنزي
  • https://www.alraimedia.com

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *