عين على المسرح- الأيـام الوطنية للمسرح والفنون الدرامية بخميستي في دورة رابعة محاضرة في ضوء المونودراما فرجة شاملة بصيغة المفرد أسالت الحبر الكثير فهل أجابت عن كل الاستفهامات …؟- بـقـلـم : عـبـاسـيـة مـدونـي – سـيـدي بـلـعـبـاس- الـجـزائـر

تواصلت فعاليات الأيام الوطنية للمسرح وفنون العرض بخميستي ولاية تيسمسيلت ، لتلامس على مستوى دار الشباب رقم ” 1″ الجانب الأكاديمي ، أين نظّمت محاضرة تحت مسمى ” المونودرما فرجة شاملة بصيغة المفرد” نشطتها الدكتورة ” كريم خيرة ” من قسم الفنون جامعة سيدي  بلعباس ، وقد أدارت الجلسة الدكتورة ” برمانة سامية ” من ذات القسم بنفس الجامعة .

المداخلة كانت بحضور جمع من المهتمين ، ولفيف من الفرق المشاركة بفعاليات التظاهرة حتى يتم الاستفادة مع تحقيق نسبة من التواصل مع الآخر ، في محاولة شرح وتبسيط مفهوم المونودراما كمصطلح  وفن الممثل الواحد ، أين استعرضت الجانب التاريخي والمراحل التي مرّ بها هذا النوع من الفن ، وحاولت قدر المستطاع تقريب المفهوم ، بخاصة وأن  الأغلبية لا يفرق  بينه وبين بقية الأنواع من الفن الرابع .

 

عنوان المداخلة المتداول بكثرة على أكثر من صعيد ، ولدى كثير من الباحثين والمهمتمين بحقل المونودراما ، فهل أجاب حقّا عن عمق الاستفهامات التي تؤرق الباحث سواء أكان ممارسا أم أكاديميا ، باعتبار أن المونودراما كما ذكرت الأستاذة المحاضرة أنها مسرح الممثل الواحد ، وأن سبب ظهوره يرجع الى الاقتصاد في التكاليف والتجهيزات ، ومع ذلك فهو يتطلب ممثلا ذا قدرات ابداعية واسعة .

ومع ذلك يبقى فن المونودراما يثير عديد الاشكاليات والاستفهامات ، لدى لفيف من الباحثين أمثال الدكتور ” جميل حمداوي” الذي تناول ذات الصيغة من الطرح الذي يرى فيه أن المونودراما من أهمّ الأشكال المسرحية التي استعملت الكتابة، التشخيص والاخراج وتعتمد الممثل الواحد ، فهو مرتبط بشخص واحد يؤدي أو يتقمص عديد الشخصيات ،   كما أنه ثمة تظاهرة مسرحية تسمى بمهرجان المسرح الفردي ، وقد أرّق ذات التساؤل القائمين عليها والمنظمين ، وضبطوا ذات المحور المتمثل في المونودراما فرجة شاملة بصيغة المفرد محاولين أيضا الوقوف عند معناها ، تاريخها وشروطها .

هذا ، وقد وقفت الأستاذة المحاضرة عند عتبة المونودراما لتؤكد دوما أن فن الممثل الواحد ، وأنها ذات مقومات وشروط ، مشيرة إلى أن هذا النوع من الفن في حاجة إلى دراسة أعمق ومتابعة.

من جهتها الدكتورة ” برمانة سامية ” مديرة الجلسة ، قد شرحت بالتفصيل الممل فحوى وماهية فنّ الموندراما كشكل من أشكال الفن الرابع ، كما وقفت بدورها عند أهمّ شروط ومقومات المونودراما التي يجب توافرها لدى الممثل المقبل على دخول هذا المجال ، وفي باب البعد التاريخي لهذا الفن فتحت نافذة أهم لتؤكد على مسامع الحضور والمتتبعين أن المونودراما فن قديم وضارب في الجذور منذ عصور ، بخاصة وأن المسرح بدأ كشكل مونودرامي ، وأنه ارتبط بإرهاصات المسرح الأولى لدى اليونانيين منذ النشأة ، واستعرضت شتى مراحل تطور هذا الشكل من المسرح ، ولامست خصائصها وشروطها .

وأهم نقطة وقفت عندها ذات المتحدثة ، أنه المونودراما لا يجب دوما ربطها بالغرب أو تلقف العرب لها متأخرين ، بل العكس تماما ، حيث أنه بالجزائر تحديدا وفي الفترة الأمازيغية كان ثمة طقوس معينة ومحددة تعدّ رافدا للمونودراما ، بخاصة الاحتفالات الخاصة بالغيث وما كان يقام من طقوس في ضوء ذلك ، جميعها كانت تدلّ على  مقياس الممثل الواحد .

ناهيك عن  ملامستها جانب التراث ، ومنحت أمثلة عديدة جميعها مركّزة على الحكواتي ، السامر والراوي ، مرورا بطقس الحلقة ، المداح أو القوال الذي يعدّ بدوره مونودراميا ، وكيف لخصائصه سمات المونودراما حيث يعتمد الأداء الفردي ، الحكاية ، التشخيص والحضور ، كما استرسلت في ذكر مقومات وشروط المونودراما ، ملامحها الفنية والفكرية ، وبهذا قرّبت للحضور ما يتعلق المونودراما وأبانت الفرق بين أشكالها وضرورة الوقوف عند الخلط الحاصل بين بقية الأشكال .

من جانب آخر ، كان المخرج المسرحي والفنان ” زموري سمير ” من بين من أثروا أمسية المداخلة أين طرح تجارب عدّة تخصّ المونودراما ، وتحدّث بشكل صريح عن التضارب في المصطلحات والمفاهيم ، ومدى استغرابه من  أن جميع الباحثين والمهتمين بحقل الفن الرابع ، يربطون كل شكل بالغرب ، مع أن العرب والجزائر بشكل خاص كانت منذ عصور غابرة أول الروافد للمسرح ، وأنه لابدّ ألا يربطوا نشأة المسرح بجورج أبيض سنة 1926  لأن هذا خطأ ، كون الجزائر وفي العهد أو الفترة الأمازيغية كانت أول المحطات التي عرفت وعانقت الفن الرابع ، بحكم الطقوس المقامة آنذاك ، وأن المونودراما على وجه الخصوص كمصطلح وفن ، قد ترعرعت في كنف القوال أو الحلايقي ، لأن الحلقة شكل مسرحي يعتمد المونودراما وبها كل المقومات والخصائص المتعلقة بهذا الفن ، هذا وقد أشار إلى موجة الشباب الذي يخلط في المفاهيم ولا يفرق بين ما هو مونودراما ، وما هو مونولوج ، أو ستاند آب وغيرها من الأشكال التي تفرض نفسها حاليا ، مركزا على أهم نقطة ألا وهي التكوين وضرورة توسيع دائرته لاستغلال الطاقات الشبانية وتوجيهها ، والعمل على خدمة الفن الرابع وفق أسلوب واعي وهادف ، داعيا كل المهتمين بضرورة البحث في مجال المسرح لتوسيع دائرة اهتماماتهم بخاصة في ظل التدفق المعلوماتي الحاصل الذي يجب استغلاله بشكل ايجابي .

تجدر الإشارة إلى أن الفنان ” زموري سمير” صاحب رصيد فني ومعرفي معتبر ، وله باع في مجال المسرح والتكوين على حدّ سواء ، وأنه بعد تجربة خمس وعشرين مسرح وتكوين ولج عالم المونودراما ، وهذا ما ركّز عليه في مداخلته وأعرب عن حيرته كيف لشاب غير متكون وليس له تجربة واسعة ، أول ما يقدم عليه عرض مونودراما ، ورأى ذلك غير صائب وأكبر خطأ ، فالمونودراما لها خصائصها ، شروطها وقواعدها .

ومن جهته الفنان المخرج ” حليم زدام” وفي مجال فتح باب المناقشة ، ركّز في كلمته على أن المونودراما فن ضارب في الجذور منذ عصور غابرة ، وأنه كفن لابدّ من الوقوف عنده بعمق ودراسة ، وأنه يتطلب التكوين والممارسة والاطلاع ، ولجيل اليوم مسؤولية أكبر تّجاه الفن والمسرح بشكل خاص لا سيّما فن المونودراما ، مع تفادي الخلط في الأشكال والأنواع ، حيث أنه ثمة مونودراما وثمة مونولوج ، والبون بينهما شاسع ، كما وجّه رسالته للشباب الحاضر وكل المهتمين أن عصر التكنولوجيا الذي نحياه لابدّ أن نستغله استغلالا ايجابيا ، لنطالع ونتكوّن ونمارس ، وعلى كل ممثل أو مهتم المونودراما أن يكون على استعداد تامّ لولوج هذا العالم أو النوع من المسرح ، لأنه ليس بالهيّن ويتطلب الكثير من الجهد والتجربة والمتابعة والاهتمام .

وعليه ، فان المونودراما فرجة شاملة بصيغة المفرد  محطّة أسالت الكثير من الحبر ، وتداولها كثير النقاد والباحثين ، فهل أجابت عن كل تساؤلاتنا واستفساراتنا ، في ظلّ الطرح المعتمد ، وهل فعلا هذا النوع أو الشكل من المسرح سيجد طريقه في ظل التدفق المعلوماتي الشاسع وفي ظل تغييب التكوين والمتابعة ؟ جميعها أسئلة تثير الجدل ، وتفتح أبواب الاهتمام والمتابعة في المستقبل القريب ، مع إلزامية تحديد المصداقية في تناول موضوع المداخلة الذي أثارته المحاضرة ، موازاة مع باقي المتدخلين الذين اعتمدوا الشمولية في الطرح وتقريب الإشكاليات على أمل أكبر في توسيع دائرة كذا جلسات ، وهذا تحقيقا للبعد التواصلي والرفع من مستوى الحوار الجادّ والفاعل بخاصة في حضور شباب متعطّش للفن الرابع ، وفي حاجة للكثير من التوجيه .

شاهد أيضاً

ورشة التمثيل المسرحي مع استاذ التمثيل د. هيثم عبد الرزاق فنان مسرحي عراقي واستاذ اكاديمي وباحث

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

حمل استمارة المشاركة في

This will close in 5 seconds