عواطف نعيم :فضحت المسكوت عنه فأحالوني إلى التقاعد

عواطف نعيم  في حوار :فضحت المسكوت عنه فأحالوني إلى التقاعد – فنون – احمد جبار غرب

الفنانة الدكتورة عواطف نعيم  احدى فناناتنا القديرات والتي رفدت الفن بمختلف النتاجات في المسرح والتلفزيون والاذاعة والسينما  وتتمتع  بالثقافة الفنية  والشخصية التي تتيح لها التعامل مع  ادوارها المجسدة على خشبة المسرح او في الاستوديوهات بأداء وفهم واعي لمتطلبات الشخصية  حيثما تكون  وهي كاتبة ومؤلفة عملت الكثير من النصوص الفنية واخرجتها لامتلاكها رؤية فنية  وكتبت الدراسات الفنية والتي كانت مثار اعجاب وتقييم ايجابي من ذوي الاختصاص وايضا تؤدي مختلف الانماط من الادوار الفنية منها  الكوميديا والمركبة والتراجيديا بكل تفرد وتميز عبر مسيرتها الفنية الطويلة  ويضفي صوتها الذي يتميز بالشجن  مسحة من الجمال  على ادائها الفني والقائها وايضا دخلت المعترك الاداري ونجحت فيه رغم كل الصعوبات في وسط يفتقد التماسك والتوحد اما مصالحه واهدافه الخاصة  قريبا من الولاءات والتحزبات ..حاورتها لاستخلص تجربة  ثرة لأجيالنا الفنية الجديدة لامرأة  وفنانة ناجحة  بكل المقاييس  لتستلهم وتتعلم  منها الشيء الكثير

{  كيف تقدمين نفسك  للقارئ عبر اهم محطاتك الفنية في رحلتك  الطويلة مع الفن ؟

– المحطات في حياتي متعددة تبدأ من مرحلة الطفولة في منطقة باب الشيخ فضوء عرب حين كنت في ليالي السمر أقلد الخالات وأبناء المحلة بطريقة كاريكاتورية وحين كنت أقدم الفعاليات الفنية في مدرسة المباهج الابتدائية وكذلك الحال حين كنت أساهم في الفعاليات والانشطة الفنية داخل متوسطة النهضة للبنات وبعدها إعدادية المنصور للبنات أكتب وأقرأ الخطب المدرسية وكونت فرقة مسرحية من صديقاتي وكنت أكتب وأخرج وأمثل معهن  ، وفي المرحلة الثانوية ولجت بوابة الاذاعة والتلفزيون التي فتحت لي باب العمل الاذاعي والتلفازي وبعدها المسرحي وبدلا من أن أكون مقدمة تلفزيونية أصبحت ممثلة وهناك تعرفت على رفيق مسيرتي الاستاذ عزيز وأكملنا  معا وما زلنا  رحلتنا الشاقة والممتعة مع أبو الفنون المسرح

{ هل ثمة شواغل في نفسك تودين التعبير عنها عبر هذا المنبر

– هناك الكثير من الهموم التي تملأ روحي بالأسى فأنا من الفنانات اللواتي عملن بقناعة وإخلاص بأهمية المسرح العراقي وكنت امرأة مثابرة وما زلت لا أعرف التوقف أو التردد أو الانبطاح ومن يخطئ أقول أنه أخطأ ومن يسرق أقول إنه سرق ومن يذبح تقارير الذبح بحق زملائه من الفنانين والمثقفين أقول إنه فعل لم أخف يوما من وزير أو مدير عام أو مسؤول معتمدة في جرأتي على ثقافتي ونظافة يدي ّ وشهدت خلال مسيرتي وجوها  انكفأت وسقطت وتلونت وتبدلت وباعت الضمير والصحبة وحتى الوطن ، كتبت أعمالي وأخرجتها بنفسي وخلقت لي أسلوبا وملمحا خاصة بي عبر رؤيتي الفنية والفكرية والجمالية وأعماله لا تتوقف عند حدود الآني الزائل بل تستمد خلودها من الذات الانسانية التي تعاملت معها عبر الشخوص والاحداث في نصوصي ، ولطالما أغلقوا أمامي ومازالت أبواب العمل ووضعوا العصي في طريقي ومع ذلك قفزت عليها واجتهدت وعملت ، في وزارة الثقافة كنت واضحة ومؤثرة وصريحة حين فضحت المسكوت عنه من فساد وانتهاك وتلاعب بحقوق المثقفين والفنانين من أصحاب الكفاءات ولاسيما النساء وكانت عقوبتي هي إحالتي الى التقاعد قسرا بأمر من وزير الثقافة السابق ومعه مدير عام دائرة السينما والمسرح الذي أعفي من منصبه في الوزارة ، ولم يكن سبب الإحالة عدم الكفاءة أو عدم التميز بل خلاف يعود الى فترة قديمة  بيني وبين الوزير السابق قبل أن يصبح وزيرا للثقافة ويحولها الى محاكم تفتيش ولجان تحقيق وعسكرتاريا ولن أسكت عن فضح الحقائق كي يعرف المثقفون والفنانون من كان يقود هذه الوزارة المسكينة ولم أجد نصيرا لي في كل وزارة الثقافة ولا في دائرة السينما والمسرح بل كان الجميع في حالة صمت وانبطاح وتلون .

{ ماذا  اضاف لك عزيز خيون ؟

– كنا وعزيز خيون رفقة محبة وعمل وفكر ، منحني الثقة وأمن بي وقدمني وكان لي خير عون لم يكن أستاذا ولم يكن متفضلا ولم يكن مشككا بل كان ودودا ومحفزا ومناصرا حتى هذه اللحظة ، كانت شراكتي معه في الحياة وفي الفن والعمل شراكة متكافئة قائمة على المساواة والاحترام والتعاون .

{        ما الذي يميز الفنان او الفنانة العراقية عن غيرها في البلدان العربية؟

– ما يميز الفنان والفنانة العراقية عن غيرهم من فناني الوطن العربي أنهم يعملون بجهدهم ومثابرتهم دون رعاية أو دعم ليس ثمة حام من المخاطر والأضرار التي يتعرضون لها وليس ثمة من مدافع عنهم اذا ما تعرضوا الى المساءلة أو المحاسبة وهم يقفون فوق خشبة المسرح ليفضحوا الفساد والفاسدين ومن الممكن وبسهولة أن يشي بهم ويؤول أعمالهم مخبر سري سيّء أو مدير عام ناقص الأهلية أو وكيل وزارة ناقص الوعي والقدرة كما حدث معي في مسرحية برلمان النساء التي تم تعطيل المنظومة الكهربائية من قبل وكيل وزارة ومدير عام كلاهما أعفي من منصبه لأني تعرضت من خلال هذا العرض الى فساد البرلمان العراقي وخفاياه

{        في واقعنا العراقي المرتبك  هناك فوضى سياسية  تعم  يختلط فيها الحابل بالنابل  والفنان جزء حيوي  من عملية البناء الحضاري للدولة ومؤثر فيها  ،كيف تنظرين لواقعنا السياسي ؟

– عندما ترى التصريح حول مسائل مصيرية وحساسة تخص العراق تنهال علينا من أكثر من جهة ومن أكثر شخصية حزبية وكتلوية وهي تصريحات متضاربة ومتقاطعة حسب الولاءات والمصالح فإنك تدرك مقدار الفوضى التي يعيش فيها الوطن والمواطن بسبب سياسيين جاءت بهم أمريكا وحظ العراق المصخم ليقودوا وطنا بقامة العراق وهم ما كانوا يحلمون بأن يكونوا معلمين في أطراف بغداد ونواحيها وإذا بهم الان يحكمون ويتحكمون ويقهرون شعب العراق الذي ابتلي بهم وبوجودهم ، هي فوضى في الرؤية  وفي القيادة وفي التخطيط وهم منفذون لأرادة من جاء بهم من جنرالات أمريكا ولنا الله وللعراق أهله الشرفاء والمخلصين .

تعرضوا الى المسألة أو المحاسبة وهم يقفون فوق خشبة المسرح ليفضحوا الفساد والفاسدين ومن الممكن وبسهولة أن يشي بهم ويؤول أعمالهم مخبر سري سيّء أو مدير عام ناقص الأهلية أو وكيل وزارة ناقص الوعي والقدرة كما حدث معي في مسرحية برلمان النساء التي تم تعطيل المنظومة الكهربائية من قبل وكيل وزارة ومدير عام كلاهما أعفي من منصبه لأني تعرضت من خلال هذا العرض الى فساد البرلمان العراقي وخفاياه .

{        ماهي الجوائز والشهادات التي حصلت عليها خلال مسيرتك الفنية ؟ – نلت عبر مسيرتي الفنية والثقافية العديد من الجوائز والتكريمات وكتب التقييم والشكر من مهرجانات عربية وعالمية  ومحلية من العراق وتونس والمغرب والجزائر ومصر والأردن وقطر والإمارات وألمانيا وإيطاليا وفرنسا وأمريكا كممثلة وكاتبة ومخرجة وناقدة مسرحية ، ومثلت المسرح العراقي في أكثر من محفل وملتقى ومهرجان  عالمي وعربي ومحلي كعضوة لجان تحكيمية ومنظرة مسرحية وناقدة وباحثة  ومؤطرة للورش المسرحية  في الإخراج والتأليف.

{        هل ترين ان على الفنانة او الفنان ان يلعب دورا سياسيا او يكون جزء من واقع سياسي اذا ما علمنا ان الساسي اثبت فشله  في تأدية مهامه  في خدمة الشعب ؟

– السياسة تدخل في كل مفصل من حياتنا ولا غبار أن يكون الفنان سياسيا وفاعلا في الحياة الاساسية لأنه بوصفه فنان هو قائد ومعلم ومربي وموجه هو صاحب رسالة وبناء الانسان وبناء المجتمع عبر الفنون والثقافة هو أساس عمله أنا مع أن يخوض الفنان صاحب العقل النير والمتفتح المعترك السياسي وأن يأخذ موقعه الفاعل والمؤثر عوضا من أن يكون تابعا ومنفذا للجهلة والانصاف وسياسي الصدفة .

{        ماهي الادوار التي تعتزين بها والتي شكلت جسرا بينك وبين الجمهور والذي هو محط اهتمامنا ؟

– كل الأدوار التي قدمتها في المسرح والتلفزيون والسينما والإذاعة سواء التي مثلتها أو أخرجتها أو كنت ممثلة بها عزيزة عليَ لأنها تحمل جزءا من روحي وضميري وتدلل على حسن انتقائي واختياري وبعد نظري في الاختيار لأني أختار وأنا أفكر بما يحققه العمل في ضمير ووجدان الناس عراقيين وعرب وأجانب  ليس للوقت الآني بل للزمن المقبل .

{        يعاني الفنان من سلبيات  كإنسان وفنان او لنقل فهم خاص  لأمر ما وتباين تلك الصورة عند الاخر .. ماهي سلبياتك  وهل استفدت منها لاحقا في تجربتك الفنية ؟

– الاختيار للفنان حالة وعي وفهم ومسؤولية لذا لا يمكن أن يكون هناك سلبيات أو سوء فهم  وأنا أتحدث عن ألفنان الملتزم المثقف والمجتهد وليس على الطارئ الذي جاء بهدف الربح والشهرة وتحقيق الحضور دون التفكير بأهداف الفن ورسالته في التثقيف والتوعية والتنوير ، لا يمكن أن نعمم حالة خاصة وسلبية على مسيرة فنية للمبدعين عراقيين يشهد لهم تواصلهم وعطاءهم وطبيعة عروضهم وأعمالهم بحقيقة ننجدهم وأهميته في تأريخ المسرح والدراما في العراق .

{        كيف تنظرين للفنانات الحاليات وماهي نصائحك وملاحظاتك للارتقاء بمستوى الأداء  لما تطمح  اليه تلك الفنانات ؟

– ليس من حقي أن أمنح النصح أو التوجيه  لأحد إيمانا مني بأهمية حق الفنان في التعبير عن ذاته حسب وعيه وإدراكه ومفهومه عن ضرورة الفن والثقافة ، فليس من حق أحد مهما بلغ مقامه أن يكون وصيا على الاخر ومن حق الاخر أن يعبر عن ذاته ولكل شيخ طريقة لكني لا أفصل ولا أميز في العمل الفني بين المستوى الاخلاقي والوطني العالي وبين الأداء الملتزم العالي اذ أن أحدهما يكمل الاخر .

{ كيف تقيمين اداء المؤسسات الثقافية ومستوى تعاملها مع الفنان  وهل لبت طموحاته؟

– المؤسسات الثقافية والفنية دون المستوى المطلوب منها لأنها تعاني من نقص التمويل والاهمال المتعمد وقلة البنى التحتية وقلة الخبرات الفنية المدربة ونخص بالذكر كنموذج دائرة السينما والمسرح ، وإذا كان الدستور العراقي الذي تمت كتابته بعجالة وحسب أهواء ورغبات الأحزاب السياسية وأربابها وحسب رغبة الامبراطورية الامريكية وجنرالاتها لاتضع  للفنان حضورا في بنودها وقوانينها وليس ثمة ذكر للثقافة فيه ولجنة الثقافة والاعلام في البرلمان العراقي لا تسأل عنه وإذا كان أعضاء البرلمان يصاب بالحكاك والزغطة حين يذكر اسم الفنان كيف مؤسسات الدولة بمهامها ، إنها مؤسسات عاجزة وعاطلة وتعاني من البطالة المقنعة فكيف تترجى العنب من أرض بور !!

{ ماهي ملاحظاتك  حول وزارة الثقافة العراقية وهل استوعبت حاجات المثقف العراقي  الذي يعيش في اسوء حالاته ؟

– وزارة الثقافة قطار صدئ بدلوا الوزير ولم يبدلوا القاطرات الصدئةً لذا جاء السيد فرياد راوند زي على تركة وإرث ثقيل ثم زاد من ثقلها وجود المحاصصة التي تمنع تحريك البيادق وإزاحتها بطاقات خلاقة ومفكرة لذا ظلت وزارةً الثقافةً تتحرك بذات الترهل والتضخم والضعف مما جعل الفجوة بينها وبين الفنانين والمثقفين تزداد عمقا وتباعدا ، ولولا وجود بعض الكفاءات المعدودة في الوزارة لكانت الوزارة الان موالا وأغنية تدار أسطوانتها في كل المحافل والمنتديات وهي كما قال عنها أحد السياسيين العباقرة من سياسي الصدفة أنها وزارة تافهة ويقصد أن لا لغف يسمن فيها ونسي ان ملف بغداد عاصمة للثقافة العربية يشهد بما بلغت به الوزارة من لغف وبلع وفساد وبقيت بغداد المسكينة بأشكالها البالية وشوارعها المتكسرة ومعالمها العتيقة وزاد الطين بلة أننا جئنا بخيمة كي نفتتح بها الفعاليات  وأبقينا دار الأوبرا حفرة لمياه الأمطار وذهبت المليارات الى بُطُون جاعت ثم شبعت فازدادت شراهة وغلظة ، يحتاج وزير الثقافة الحالي الى انتفاضة كي ينفض الوزارة مما علق  فيها ويضع الرجل او المرأة الاكفاء في أماكنهم المناسبة وأن لا تصبح المناصب والدرجات مكافآت يمنحها الوزير لأكثر الموظفين انبطاحا وتبعية له كما فعل الوزير السابق ، والخلاصة وزارة الثقافة وزارة ضعيفة بتمويل ضعيف ولابد من خروجها من عباءة المحاصصة .حين التقيت السيد راوند زي وأطلعناه على ما وقع عليَ من حيف في الإحالة القسرية الى التقاعد خلافا لتعليمات مجلس الوزراء الذي يوصي بالتمديد لأصحاب الكفاءات والخبر من حملة الشهادات العليا في دوائرهم ، لم يتخذ أي إجراء لرد الاعتبار أو الدفاع عن الحقوق وأكتفى بالاستماع وكذلك الحال مع من عرف بالأمر من مسؤولين في البرلمان أو الدولة العراقية فأدركت أنهم لا يرحبون بالمبدع وصاحب المنجز والكفوء لأنه يكشف جهلهم وهشاشتها ويشكل وجوده لوعيه وجرأته خطرا على مواقعهم وكراسيهم التي التصقت بهم والتصقوا بها ، لذا لن أستغرب حين تتخلف الثقافة وتتراجع الفنون وتشوه الهوية الحضارية لان هذا هو الذي جاءوا لتنفيذه ، أما نحن العراقيون ملح الارض ونجومها الحالمون الناحتون في صخر الصعاب ، فإنهم يخشوننا خشيتهم من نور الصباح ووهج الحروف ويقين الإيمان ، لذا نحن باقون وعاملون ومغيرون هذا الواقع المزرى والمعادن والركيك قبل أن يضيع الوطن وتحولنا هاوية الجهالة الى قاعها المظلم ، نحن الطليعة ونحن نبض الحياة انا د.عواطف نعيم كاتبة ومخرجة وممثلة وناقدة مسرحية ما زلت أتنفس العراق حياة مبدعة.

 

 

 

 

احمد جبار غرب

http://www.azzaman.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *