سيمياء المسرح

المشروع السيميائي

تعد السيمياء الحدث الأكبر في تاريخ التطور العظيم لما يسمى عادة بالعلوم الإنسانية. تعرف السيمياء عموما بأنها علم إنتاج المعنى في إطار المجتمع، وهي تهتم أيضا بالدلالة وبالتواصل، أي بالوسائل التي يولد منها المعنى، ويتقاطع اهتمامها لذلك بكل أنظمة العلامة، وبعمليات تشفير الرسائل وتفكيك شفرتها.

العلامات في المسرح:

بنيوية براغ[2] والعلامة المسرحية:

مدرسة براغ:

كانت سنة1931 تمثّل تاريخا مهما في مجال الدراسات المسرحية، فقبل هذه الفترة عرفت الشعرية باعتبارها دراسة وصفية للمسرحية، تطورا هزيلا انطلاقا من أصوله الأرسطية. ومنذئذ أصبحت الدراما مجالا للنقد الأدبي بينما اعتبر التمثيل المسرحي حادثا عرضيا ليس مهما للحد الذي يستحق التعهد بالدراسة المنهجية. ولتلك الأسباب بقي التمثيل المسرحي لفترة طويلة مجالا للفحص من قبل الممثلين والمؤرخين وأشباه المنظرين الذين ينقصهم كثيرا التحليل المعمق.

ولكن ظهور دراستين عن المسرح في (تشيكوسلوفاكيا) مثل منعرجا حاسما في الدراسات التي تهتم بالمسرح، هما:

جماليات الفن والمسرح لكاتبها (أوتاكار زيتش)[3].

مقالة في التحليل البنيوي لظاهرة الممثّل لكاتبه: (يان موكاروفسكي)[4].

لم يعط (زيتش) الأولوية للنص المكتوب بل اعتبره عنصرا من بين عناصر أخرى، أما (موكاروفسكي) فقد كان التحليل البنيوي عنده أولويّا من أجل سيمياء العرض المسرحي.

العلامة:

عرفت بنيوية (براغ) تطورا هاما انطلاقا من التّأثير المزدوج لشعرية الشكلانيين الروس[5] ولسانيات (دي سوسير)[6].

لقد ورثت من (دي سوسير)مشروع تحليل سلوك الإنسان التواصلي وورثت منه كذلك أن العلامة تتكون من واجهتين، حيث إنّها تربط الدال المادي بالمفهوم الذهني أو المدلول.

لقد استوحى (موكاروفسكي) ثنائية (دي سوسير) فيما يتعلق بالعلامة اللسانية، فطبق الثنائية نفسها على النص المسرحي. فأصبح الدال فيما هو مسرحيّ مجموعة عناصر مادية والمدلول الموضوع الجمالي الذي يجب اكتشافه في الوعي الجماعي للجمهور عبر ردود فعلٍ مثل التصفيق أو الاستهجان. وفي هذا السياق أصبح النص المسرحي “علامة كبرى” تبحث عن معناها ضمن ردود فعل الجمهور. وتكتسي هذه المقاربة أهميتها من كونها تلح على أن كافة عناصر التمثيل المسرحي خاضعة لكيان شامل هو النص، ولها أهمية بالغة لأنها تلح أيضا على دور المشاهد باعتباره عنصرا أساسيا لتوليد المعنى. ومن المهم الإشارة أيضا إلى أن هذه الدالة الكبرى قابلة للتقسيم إلى وحدات أصغر. وبهذا المعنى فإن استراتيجية التحليل التي تبنّاها (موكاروفسكي) قامت على تحليل المشهد، لا باعتباره علامة مفردة، بل باعتباره شبكة من الوحدات السيميائية التي تنتسب لحقول وأنساق مختلفة.

جعل العلامة سيميائية:

كان (بيتر بوغاتيريف)[7] أحد أوائل الشكلانيين الروس الذين وضعوا أسس “سَمْيَلَجَة المسرح”، فلدراساته أهمية كبرى، خاصة عندما أشار إلى أن”المسرح يغير بصورة حاسمة كل الأشياء وكل الأجسام التي تتحرك فيه ويمنحها طاقة دلالية عالية، وقد تكون أهميتها دون ذلك في الحياة اليومية. في المسرح الأشياء التي تلعب دور العلامات، تكتسب طوابع لم تكن تتمتع بها في الحياة الفعلية. وفي هذا المعنى بالذات ألح (فلتروسكي) على أولوية الدلالة في كل مكونات التمثيل المسرحي. فكل شيء في المسرح علامة.

يمكن أن نطلق على المبدإ الأول في النظرية المسرحية لمدرسة (براغ) مبدأ جعل الذّات سيمياء، فالظهور الفعلي للأشياء على المسرح ينزع منها وظيفتها التداولية لصالح دور الدال والرمزي، وهكذا “ففي الوقت الذي قد تكون فيه الوظيفة النّفعيّة لموضوع ما في الحياة الفعلية أكثر أهمية من دوره الرمزي فإن الدلالة في المسرح قد تكون لها الأولوية المطلقة”. (بروساك 1938 ص62).

تهتم السيمياء أيضا بالممثل وخاصة بمميزاته البدنية والاعتباريّة. وهكذا فالممثل حسب رأي(فلتروسكي) يجسد ” الوحدة الحركية لمجموعة كاملة من العلامات”. ففي التمثيل المسرحي الكلاسيكي يكتسب جسم الممثل كل طاقاته التعبيرية بتحوله إلى موضوع آخر، مختلف عن نفسه.

الدلالة الإيحائية:

للعلامة المسرحية، فضلا عن دلالة المطابقة، دلالات ثانوية عند المشاهدين إذ يربطونها مباشرة بقيم أخلاقيّة وإيديولوجية متبعة في وسط المجموعة التي ينتمي إليها الممثلون وينتمي إليها النظارة. لقد لاحظ (بوغاتيريف) قدرة المدلول على تجاوز المعنى الأول. ما هو الزي المسرحي أو الديكور؟ هذان العنصران اللّذان يوظّفهما التّمثيل المسرحي ليسا في الواقع علامتين، أي شيئين ماديين، بل هما علامتان تعكسان علامات أخرى تحتاج إلى تأويل من قبل النظارة. وهكذا فإن بذلة عسكرية لا تعكس شيئا فعليا بل يمكن أن تشير إلى صفات كالشجاعة والفحولة والبسالة، وأيضا فإن منزلا بورجوازيا يمكن أن يعبر عن البذخ أوالنّفاق أو انعدام الذوق.

تحكم جدلية دلالة المطابقة[8] /دلالة الإيحاء[9]، كل ظاهرة مسرحيّة؛ فالديكور ووجسم الممثل وحركاته وكلامه تَطْبَع وتنطبع عادة عبر شبكة دلالات أولية وثانوية.

إن استعمال عدد محدود من الدوال لتوليد عدد غير محدود من الوحدات الدالة يمكن اعتباره حجر زاوية الاقتصاد السيميائي للعرض المسرحي.

هذه القدرة الاستفساريّة العالية لدى الدوال المسرحية تعود، في القسم الأكبر منها، لقدرتها الإيحائية. وهذا ما يفسر أيضا التّعدّد الدّلاليّ للإشارة المسرحيّة. فالدال يمكن أن يكون له عدد غير محدود من المعاني. وهكذا فإن بذلة يمكن أن تعكس طوابع اجتماعية أو اقتصادية ونفسية وخلقية… هذا الالتباس الدلالي قد تكون له فائدة كبرى في إعادة النشاط والحيوية إلى العرض المسرحي لأنه يفتح الباب واسعا للتأمل والحدس.

وبالطبع ليست دلالة الإيحاء، فيما يتعلق بالسَّمْيَجَةِ المسرحيّة، هي الشيء الوحيد الذي يساعدنا على فهم العرض المسرحي. إن قدرة المشاهد على فك رموز المشهد ترجع في جزء كبير منها إلى قيم خارجة عن خشبة المسرح، أي إلى قيم ثقافية يتم تناولها أثناء التمثيل.

قابلية العلامة للتحول:

إن الدال المسرحي يمكن أن يكون متحولا في دلالته، ليس فقط على مستوى دلالة الإيحاء وإنما أيضا على مستوى دلالة المطابقة. وهكذا فمقبض السيف في مشهد يمكن أن يتحول إلى صليب في مشهد آخر، فيترك السياق الحربي موقعه بسهولة فائقة للسياق الديني بتعديل بسيط يجري على موضوع الخطاب. إن مطاطية الدال(المحال إليه) تستكمل عموما بحركة التأثيرات الدرامية التي يجب أن تتم خلال ذات مادّيّة شاملة وواحدة. ومن اليسير إبراز الاختلاف المهم بين القوة النشطة التي يجسدها الممثل والمكونات الأخرى للتمثيل التي تشارك في الفعل بواسطته. ولكن (بيتر فتروسكي) تجاوز مبكرا هذا التقابل بين الممثل وعناصر العرض الأخرى، بتعويضه بمفهوم تحليلي أفضل هو الاستمرارية الذاتية الموضوعية. وعبر هذا المفهوم فكل الدوال المسرحية(الممثل، الديكور، الأزياء، الإضاءة، الموسيقى…) تتحرك في إطار عرض متجانس. وهكذا فإن علاقة الممثل الذي يجسّد صورة محدودة للفاعل النشط في مواجهة ديكور جامد لا حراك له، يُمْكِن مراجعتها بل وربّما قلبها رأسا على عقب. إن القوة الدرامية للممثل يمكن أن تتقلّص حتى تصل درجة الصفر إذا كنا نتحدث مثلا عن صورة نمطية مثل الجنود المتجمعين عند مدخل مبنى لإظهار أن هذا المبنى هو ثكنة عسكرية. في المقابل فإنّ خنجرا مخضّبا بالدم اسْتُعْمِلَ لاغتيال (يوليوس قيصر)، يمكن أن يكون محرِضا على الفعل لأن وجوده في ذاته يعبر عن الجريمة المرتكبة كما يوحي، موازاة لذلك، بالثأر المتوقَّع[10].

التدرج في التمثيل المسرحي:

لقد قدم (موركوفسكي) مبكرا التمثيل المسرحي على أنه بنية، أي مجموعة عناصر تتحقق جماليا وتتجمع في تدرج هرمي يمنح الهيمنة لعنصر على عناصر أخرى. ولكن كافة المنظرين البنيويين للمسرح يؤكدون أن هذا التدرج ليس قائما سلفا ولا أزليا، لذلك فإن قدرة عناصر التدرج على الحركة تعود إلى حركية العلامة المسرحية ذاتها.

وما يجذب الانتباه في بنية كل تمثيل مسرحي متحرك، هو قمة الهرم التي تجذب كل اهتمام الجمهور. وهنا يمكن أن نستخدم مفهوم التحيين. فالتحيين اللساني يتمّ عندما يجتذب الاستعمال غير المتوقع، اهتمام القارئ أو المستمع، حتى لتوجيه اهتمامه إلى المحتوي بدل المحتوى. فيتم وضع المؤشر على اللغة ذاتها لإظهار أن الرسالة خالية من أية آلــيــة (الرسالة ليست آلية) وأنها قد فقدت كل حظها من التلقائية لتصبح ما يطلق عليه في سياق الشعرية، الاستعارة الحية..

في لغة النظارة يكتسب التمثيل المسرحي طابعه الآلي والتلقائي عندما يتركح الممثل على قمة الهرميّة الدّراميّة ليجتذب اهتمام كل المشاهدين، وهناك عناصر أقل أهمية يمكن أن تتقدم على الممثل، فتحتل أحيانا قمة الهرميّة. يمكن أن يقع التركيز الدرامي على عنصر من الديكور أو على غرض مثلا في شريط (هارباغون) في مسرحية البخيل[11] الذي يصبح المحرك الأساسي للفعل.

فئات العلامات:

العلامة الطبيعية والعلامة الاصطناعية:

في سنة 1964 أعلن (رولان بارت)[12] أن المسرح يتميز بتعدد الأصوات الإخبارية وبكثافة العلامات مما يجعل منه حقلا للبحث السيميائي شديد الخصوبة. إن طبيعة العلامة أيا كانت: اشتقاقية، رمزية أو اصطلاحية، ودلالة الرسالة أيا كانت مطابقة أو إيحائية؛ كل هذه العناصر السيميائية توجد في المسرح.

وفي سنة 1968 قام البولندي (تاديوز كوزان)[13] بوضع تقسيم بالغ الأهمية، للعلامة المسرحية. في البداية ميز بين العلامة الطبيعية والعلامة الاصطناعية. وبناء عليه فالعلامات الطبيعية تحكمها علاقة السبب بالنتيجة بين الدال والمدلول، فالسعال يشير إلى المرض، والدخان يشير إلى النار أو الحريق. أما العلامات الاصطناعية فيميزها الغياب الكلي لعلاقة السبب بالنتيجة.

الأيقونة والمؤشر والرمز:

الأيقونة:

تجدر الإشارة هنا إلى أن مصدر هذا التقسيم الثلاثي هو (بِيرْس)[14].

تقوم الأيقونة على علاقة المشابهة، إنها تعبر عن موضوعها عبر نوع من التماثل بين الدال وموضوعه. ويتعلق الأمر في الحقيقة بمفهوم عام، لأن كل شبه بين علامة وموضوعها يمكن أن يكون بالضرورة كافيا للحديث عن علاقة أيقونية. وهكذا فكل شيء أيا كان، شخصا أو شيئا، أو وضعية يمكنه أن يكون أيقونة، ما دام فيه علاقة شبه وتماثل وما دام هذا الشيء ذاته قد استخدم علامة. وفي وقت لاحق قدم (بيرس) ثلاثة أنواع من الأيقونات هي: الصورة والرسم البياني و المجاز.

المؤشر:

للمؤشر علاقة مباشرة بموضوعاته؛ ويتم تحقيق هذه العلاقة عموما من خلال ظاهرة التّقاربيّة. وهكذا فطرق الباب يؤشر بوجود شخص في الخارج. والإشارات الإحاليّة كالضّمائر والمفاعيل المطلقة إلخ. كلها مؤشرات.

الرمز:

في هذا السياق يمكن أن تكون العلاقة بين الدال والمدلول تواضعية وليست معللة. ويمكن اكتساب المعنى بذلك عبر شبكة من المعارف المشتركة بين المتخاطبين.

ولكن على الرغم من هذا التوزيع الثّلاثيّ فإن (بيرس) نفسه يقول إن أيّ شيء في المسرح لا يمكن أن يكون بشكل كامل إيقونة أو مؤشرا أو رمزا، بل يمكن أن يكون الثلاثة معا. ولكن المسرح يظل مع ذلك مجال الأيقونة. إن العلاقة الأيقونية الأكثر بِدْئِيَّةً هي علاقة الممثل/ الشخصية. أول المنظرين الذين استوحوا من أعمال (بيرس) السميولوجية هو (كوط)[15] الذي جعل الأيقونة الأساسية المسرح هي التشابه بين جسد الممثل وصوته. ولكن قد يكون من الخطإ قصر التشابه على الصورة “البصريّة “على هذا النحو إذا كان المسرح يقوم على التشابه، وعليه فمن الضروري الحديث عن التشابه السمعي، فقد بيّن (باتريس بافي)[16] أن لغة الممثل عندما يتحدث، تعمل عمل الأيقونة. ويعني ذلك أن يصبح الممثل بهذا المعنى تمثيلا لشيء موجود مسبقا. وهناك أيضا تشابه آخر يسميه البلاغيون التشكيل الكتابي عندما يوجد تشابه بين التمثيل اللغوي القائم على الوصف والمشهد الموصوف.

الدلالة والتواصل:

هل يؤدّي المسرح وظيفة تواصلية؟

رفض اللساني الفرنسي (جورج مونين)[17] سنة 1969 أن يمنح علاقة المفسر/ الممثل منزلة التواصل مستندا في ذلك إلى أن كل تواصل حقيقي يعتمد على تبادل مباشر، يتم خلاله استعمال الشفرة ذاتها(مثلا اللغة ذاتها) ويتم بسهولة تبادل الدور بالتحول من مخاطِب إلى مخاطَب حسب موقع المتكلم أو السامع. بينما في المسرح يبقى الباث خلال التمثيل باثا ويبقى المشاهد متقبلا، ويمكن أن نعرض تصور ( مونين) بواسطة المخطط التالي: الباث(الممثل)…….المثير: (النظارة)……المتقبل( المشاهد)……رد الفعل.

وقد رد على هذا الرأي(ماركو روفيني)[18] بالقول التالي: ” إذا كان الباث كالمتقبل يستطيع التعرف على شيفرة مخاطبه فقد لا يكون من الضروري إذا، أن تكون الشيفرتان المستعملتان متطابقتين ولا أن يكون التواصل متحققا من قبل الطرفين عبر القناة.

نحو أنموذج تبسيطي للتواصل المسرحي:

يمكن اعتبار التواصل عموما، نقلا لإشارة ما انطلاقا من مصدر للوصول إلى هدف ما، العامل الأول أي المصدر، يمكن أن يكون فكرة أو حدثا واقعيا. يبدأ الباث الإجراء التواصلي من مصدر هو فكرة مجسدة بصوت المتكلم، وأثناء نقل المعلومة يمكن لوشوشات كالجعجعة أن تشكّل عقبات أمام تواصل مثالي. يتم استقبال المعلومة من قبل عضو مادي: العين أو الأذن فيحوله إلى رسالة منسجمة، لها بالتأكيد غاية تروم الوصول إليها.

مَصْدَر…مرسِل….علامة…قناة….علامة ….مستقبِل…. رسالة….غاية.

في هذا السياق الأولي للتواصل المسرحي نحن مضطرون إلى التأكيد على أن المشهد يحسِّن من وسائل التواصل. وعليه يمكن تحديد مصادر المعلومة المستقاة من النص الأول الذي يمثل في الواقع نصا سابقا، وهو في الوقت نفسه عنصر ضروري للمشهد، ثم في المخرج الذي يوجه الممثلين إلى الغايات التي يسعى إليها. تنبع مصادر المعلومة موازاة لذلك من فَنِّيِّي الديكور والإضاءة وحتى الممثلين الذين يمكنهم في النهاية أن يرتجلوا لتقليص مجال الإكراه المحدد من طرف النص أو المخرج.

تلعب أجساد الممثلين وأصواتهم دور الباثِّين في البداية ثم تؤدي الترسانة المشهديّة أيضا دور الباث لبعض المعلومات، مثل الديكور والأزياء والموسيقى وحتى الإضاءة. وأمام تعدد المكونات الدرامية يمكن أن يكون من العسير الحديث عن رسالة مسرحية واحدة. يتكون العرض، حسب عبارة (أ. مولس)[19] من رسائل كثيرة تستخدم بالتزامن لإنجاز فضاء من القنوات التي تتجمع في إطار بنية جمالية وإدراكيّة. يمكن للمشاهد رؤية هذه البنية الخبريّة التي تتكون من أنساق مختلفة (الكلام، المحاكاة، الديكور…) كنص وحيد، ويستطيع أن يساهم أيضا في هذا النص بتوجيه مؤشرات للاعبي الأدوار، تتجسد عموما في الضحك والتصفيق وحتى في الاستهجان. يمكن أن يعتبر رد الفعل، أو ما يسمى بالتغذية الراجعة( الْفِيدْبَاك )، الضمان الحقيقي لنجاح كل عرض مسرحي. وبهذا المعنى اعتبر (بارث) المسرح ماكينة سِبْرانِيَّة. وهذا ما يبين أن العلاقة الممثل/ المشاهد ليست علاقة تواصل مباشر إلا في المونولوجات والسرود والاستطرادات والمراثي، إنها على العكس من ذلك، علاقة غير مباشرة تتم عبر السِّياق الدراميّ.

المعلومة في المسرح:

تنتشر المعلومة في المسرح عبر واحد أو أكثر من الأنظمة المكونة لعملية التمثيل الدرامي، وهكذا فالمعلومة “أطبق الظلام” يمكن التعبير عنها بالخطاب أوبالإضاءة أو بالموسيقى أو بالأزياء، أو بكل هذه مجتمعة.

الهوامش

[i] – ورد هذا النص باللغة الفرنسية في موقع http://kays.e-monsite.com/ دون ذكر لكاتبه، وعنه ترجمناه إلى العربية وأضفنا إليه من عندنا الهوامش. أد. محمد عبد الحي

[2] – تأسست “حلقة براغ اللغوية” Prague Linguistic Circle في السادس من أكتوبر عام (1926م)، ويرجع فضل تأسيسها إلي (فيليم ماثيوس) Vilém Mathesius رئيس حلقة بحث اللغة الإنجليزية بجامعة تشارلز Charles University، وقد شاركه في تأسيسها أربعة هم (ر. ياكوبسون) R.Jakobson و (ب.هافرنيك) B.Havránek و (ب.ترنكا) B.Trnka و (ي.روبكا) J.Rypka، وذلك على إثر اجتماع هؤلاء الخمسة لمناقشة محاضرة ألقاها اللساني الألماني الشاب (هـ.بيكر) H.Becker، فولدت الفكرة، وأصبغ (ماثيسيوس) علي المجموعة الطابع التنظيمي، والتوجه التنظيري الواضح، وسرعان ما اتسعت دائرة هذا التجمع، فأصبح يضم بين صفوفه حوالي خمسين من الباحثين المختلفين علي مستوى العالم.

[3] – (Otakar Zich (1879 –1934

[4] – Jan Mukařovský (1891 –1975)

[5] – مصطلح الشكلانية الروسية يطلق على مدرسة من اللغويين والمنظرين الأدبيين الذين أحدثوا فيما بين 1914-1930، ثورة في مجال النقد الأدبي من خلال وضع إطار ونهج مبتكر فيه. يمكن أن نميز في الشكلانيين بين مجموعتين: مجموعة موسكو بقيادة رومان ياكوبسون، ومجموعة سانت بطرسبرغ، OPOYAZ بقيادة فيكتور شكلوفيسكي. أحدث الشكلانيون الروس تأثيرا كبيرا على السيميولوجيا واللسانيات في القرن العشرين، ولا سيما من خلال البنيوية.

[6] – اللسانيات هي الدراسة العلمية للغة لبيان حقيقتها وعناصرها ونشأتها وتطورها ووظائفها وعلاقاتها وقوانينها ويحدد (فردينان دي سوسير) Ferdinand de Saussurer 1857 1913 ) ) مؤسس هذا العلم مهمة اللسانيات في ثلاث نقاط: 1- تقديم وصف للغات وتاريخها وإعادة بناء اللغات الأم في كل منها. 2- البحث عن خصائص اللغات كافة، ثم استخلاص قوانينها العامة. 3- أن تحدد اللسانياتُ نفسها ويُعترَفَ بها ضمن حقل العلوم الإنسانية.

[7] – Petr Bogatyrev, ( 1893 – 1971 )

[8] – La denotation

[9] – la connotation

[10] – في مسرحية يوليوس قيصر لوليم شكسبير(ت 1616) التي تستمد موضوعها و حوادثها من حياة يوليوس قيصر و ماركوس أنطونيوس.

[11] – البخيل ( L’Avare ou l’École du mensonge) هي مسرحية للأديب الفرنسي موليير (ت1673) وهي من أشهر أعماله على الإطلاق. تناولت الدراما أكثر من مرة وتعد من معالم المسرح الفرنسي .تتناول المسرحية الساخرة حياة البرجوازي الغني (هاربجون) Harpagon الذي يتصف بالبخل الشديد وتكويم الثروة باخلا على أسرته التي عانت شحّه. فحبه للمال جعله يرفض حق ابنه وبنته في اختيار شريكيهما في الحياة ويسعى لتزويجهما من غنيّين حتى وإن كانا يكبرانهما سنا.

[12] – رولان بارت(1915-1980) فيلسوف فرنسي، ناقد أدبي، دلالي ومنظر اجتماعي واتسعت أعماله لتشمل حقولاً فكرية عديدة.

[13] – تاديوز كاوزن Tadyuz Kowzan ناقد مسرحي بولوني.

[14] – شارل ساندز پيرس Charles Sanders Peirce) )(1839- 1914) سيميائياتي وفيلسوف أمريكي يُعدّ، إلى جانب فرديناند دي سوسير، أحد مؤسسي السيميائيات المعاصرة. في العقود الأخيرة، أعيد اكتشاف فكره بحيث صار أحد كبار المُجدِّدين، خصوصا في منهجية البحث وفلسفة العلوم.

[15].جان كوط Jan Kott (1914-2001)ناقد ومنظر مسرحي بولوني.

[16] – باتريس بافي PAVIS Patriceأستاذ الدراسات المسرحية في جامعة كينت في كانتربري. له أعمال عديدة في نقد المسرح.

[17] جورج مونين dit Georges Mounin(1910-1993) أستاذ اللسانيات والسميولوجيا السابق في جامعة أكس آن بروفينس.

[18] – مركو روفيني Marco Ruffiniأستاذ الآداب والقنون في جامعتي روما وكاليفورنيا.

[19] – أبرهام مول Abraham Moles(1920-1992) فرنسي متخصص في المعلوماتية وعلوم الاتصال والفنون.

—————————————————————————————————

المصدر : مجلة الفنون المسرحية – ترجمة : أد.محمد عبد الحي – شبكة مشاهد نت

شاهد أيضاً

المسرح متعدد الثقافات، أم مسرح المهجر … مادة بحثية حـسن خـيون

المسرح متعدد الثقافات، أم مسرح المهجر … مادة بحثية  حـسن خـيون  المقدمة  في قراءة للتاريخ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *