الكاف (تونس) – ينظم مركز الفنون الدرامية والركحية بمحافظة الكاف (شمال غرب تونس) دورة جديدة من تظاهرة “24 ساعة مسرح” أواخر شهر مارس الجاري بحضور عدد هام من العروض المسرحية التونسية.
ويؤكد المنظمون أن هذه الدورة تأتي في ظروف استثنائية بامتياز، حيث تعرف تونس كما سائر بلدان العالم انتشار فايروس كورونا، ولما كان الحجر الدائم يقضي على الفايروس وعلى حياتنا في نفس الوقت، فإنه لا مهرب من ضرورة التأقلم معه لاستمرار الحياة وإرساء ثقافة التعايش مع الوباء لمحاصرته، وهي ثقافة تشترط الالتزام بقواعد الصحة في الغرض من جهة والوعي بضرورة تواصل جميع أشكال الحياة على خلاف الصيغ الروتينية المألوفة بما فيها تواصل العمل الثقافي كعنصر هام على المستويين الاجتماعي والنفسي.
ويأمل القائمون على المهرجان في أن تكون دورته الـ19 استثنائية من حيث قيمة المادة الفنية المقترحة، رغم الغياب اللافت للعروض وللمختصين الأجانب، وتوقف العروض ليلا نتيجة التراتيب الصحية.
ويبلغ المهرجان هذه السنة دورته التاسعة عشر، حيث صار له تاريخ حافل بالإبداع والفن الراقي والهادف وهو يواجه ذاته حينا ويوجه واقعه حينا آخر، فارضا نفسه كأحد أهم المناسبات الوطنية التي تحتفي بالمسرح أداة للتعبير وفضاء للإمتاع والإبداع وفرصة للقاء والتواصل.
وككل سنة ينتظم المهرجان احتفالا باليوم العالمي للمسرح، متفردا في الشكل وثريا ومتنوعا في المضمون من خلال برمجة عروض فنية متنوعة تتراوح بين المسرح والموسيقى، الرقص والشعر والمعارض، الندوات والورشات التجليات والفنون التشكيلية. محاولا الانفتاح على محيط المؤسسة وعلى فئات اجتماعية مختلفة عبر توزيع فقرات التظاهرة على فضاءات متعددة منها مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف، ومواقع أثرية، وشوارع المدينة، وبعض الأحياء الشعبية والساحات العمومية والفضاءات الثقافية الخاصة، مع محاولة التوجه إلى فئات محرومة من النشاط الثقافي كفاقدي السند والسجناء والمسنين، إضافة إلى تلاميذ المدارس الحدودية وذوي الإعاقة، تكريسا لثقافة القرب والحق في الثقافة للجميع.
ودعما لانفتاح المهرجان تسعى الدورة الـ19 إلى تشبيك العلاقات مع المؤسسات المسرحية العمومية والمستقلة كالمسرح الوطني، وبعض مراكز الفنون الدرامية والركحية في المحافظات التونسية الأخرى وغيرها من مؤسسات الإنتاج المسرحي، وهي شراكة تهدف إلى خلق ظواهر ثقافية مساهمة ومساعدة للتعريف بأكثر ما يمكن من التجارب المسرحية وإتاحة الفرصة سواء للجمهور لمواكبة عروض مختلفة أو للمختصين لاستكشاف آخر التقنيات والمهارات الفنية المعتمدة في هذا المجال.
ونظرا إلى أهمية الندوات الفكرية ذات الصلة والمختصة في إثراء ونقد الفعل المسرحي وتنشيطه وزيادة تأثيره، فقد أولى المنظمون الجانب النظري الحظوة التي يستحقها لما يطرحه من تجادل للأفكار عبر النقاش والتحليل والنقد المفضي إلى استشراف أفق مغاير للإضافة والتطوير.
وفي هذا الإطار تنتظم ندوة فكرية يقدمها مجموعة من النقاد والمسرحيين يدور محتواها حول موضوع “راهن المسرح وتكنولوجيا المعلومات”. وضمن نفس التوجه ولارتباط الفن الرابع الوثيق بالتحولات الاجتماعية ودوره الأصيل في التنوير والتحديث والدفاع عن قيم الحرية والتعددية الفكرية والانفتاح والانتصار لذات الإنسان ولحقوقه وكشف المستور والبحث عن الحقيقة في خفايا السياسة والمجتمع؛ تقدم بمناسبة هذه الدورة مائدة مستديرة بعنوان “في الثقافة والسياسة: الآن وقبل الآن”.
ومواصلة للنهج التكويني الذي دأب عليه مركز الفنون الدرامية والركحية بالكاف من خلال مختبراته التي تستقطب شباب الجهة (هواة كانوا أو طلبة ومحترفون) سيكون للجانب التطبيقي حضور نوعي عبر برمجة تربص تكويني يشرف عليه الفنان الفاضل الجعايبي يتمحور حول “الممثل وقرينه”، وكذلك ورشة في “الدراماتورجيا” يؤطرها الأكاديمي رضا بوقديدة. كما تنتظم بالمناسبة ورشات تدريبية موجهة للسجناء وذوي الإعاقة تفعيلا لدور المسرح في الإدماج والعلاج .
ومن جهة أخرى يكرم المهرجان العديد من الوجوه المسرحية اعترافا بالمنجز الفني والثقافي الذي قدموه في سبيل إعلاء مكانة المسرح وتأكيد حضوره.
وبهدف إضفاء النجاعة من حيث حصول المتعة والإفادة للجمهور أو المشاركين في المهرجان، فقد قرر المنظمون أن يستبقوا يومي 26 و27 مارس الجاري والتمديد في عمر المهرجان بأربعة أيام كاملة، لإتاحة الفرصة والمجال للورشات التكوينية وللندوات الفكرية والفعاليات التنشيطية الخارجية مع بعض العروض المسرحية.
وتفتتح الدورة الجديدة من المهرجان يوم 22 مارس الجاري لتختتم في الـ27 من نفس الشهر، حيث ستستقطب أهم المسرحيين التونسيين. وبالرغم من غياب الأعمال الدولية استثنائيا هذا العام بسبب انتشار فايروس كورونا والإجراءات الاحترازية، إلا أن المهرجان يعد جمهوره بدورة مختلفة على كل الأصعدة.
https://alarab.co.uk/