«تجليات» عمل شاب يعيد إرث شكسبير إلى الخشبة

عرض يسبر أغوار الواقع في «دبي لمسرح الشباب»

«تجليات» عمل شاب يعيد إرث شكسبير إلى الخشبة

لم يكد ويليام شكسبير يغادر خشبة مهرجان دبي لمسرح الشباب، الذي تربع عليه في «لير ملك النحاتين»، حتى أطل عليه، أول من أمس، مجدداً، في عرض آخر حمل عنوان «تجليات»، والذي جمع فيه مشاهد عدة من أعمال شكسبير، ضمن رؤية إخراجية شبابية حملت توقيع مهند كريم ونبيل المازمي، ليكشف العرض الذي قدمته فرقة مسرح الشارقة الوطني، عن طاقات شبابية، بدت مستعدة لأن تخلع عنها ثوب الهواة وارتداء عباءة الاحتراف في المسرح.

«تجليات» عمل يدعي أنه يسبر أغوار الواقع ويفتح فتوح المستقبل، حيث تقارب المسرحية بين قصتين واحدة مقتبسة من التراث الصوفي، والثانية من التراث العالمي، لتسير في مشاهدها في خطين متوازيين، فكما قتل يوليوس قيصر اتباعه من وزراء روما، قتل شمس التبريزي على يد أتباعه من تلاميذ تكية قونيه، بسبب غيرتهم من تقربه الشديد من معلمهم الأكبر جلال الدين الرومي.

أداء

العرض الذي اتخذ من خشبة ندوة الثقافة والعلوم بالممزر مكاناً له، بدا مقنعاً برغم هفواته للكثير من عشاق المسرح، الذين شاهدوه ليثنوا جميعاً على أداء الممثلين والرؤية الإخراجية التي تمتع بها مهند كريم ومازن المازمي، ليشار في الندوة التطبيقية التي أدارها سعيد العيان، إلى أننا أمام طاقتين شابتين يجدر الالتفات إليهما، موجهين في الوقت ذاته الشكر إلى فرقة مسرح الشارقة الوطني على احتضانها لهما ولبقية ممثلي العمل.

تميز العمل، وفقاً للنقاد، بجرأته وتناوله العميق للفكرة، وبتصديه لأعمال شكسبير التي قالوا إنها تصلح لكل زمان، فضلاً عن اشتغال مخرجيه على الجماليات من خلال سينوغرافيا مفتوحه الأفق تتحرك في كل مكان، وفي كل حركة تحمل معها دلالة معينة، ورغم ذلك فقد تمنى البعض لو أن المخرجين قد ضيقا مساحة العرض شيئاً ما، كي لا يقع في فخ الاستنساخ بالمشاهد التي تكررت مرات عدة، ليشوب العرض بعض الثبات في الأداء والسينوغرافيا.

جمالية عالية

طلال المحمود أشار في مداخلته، إلى أنه يتضح بأن «تجليات» كان نتيجة ورشة عمل متكاملة في الإعداد والتمثيل والإخراج، وذلك لما لمسه من جمالية عالية فيه، قائلاً: «إن الشباب قدموا تجربة إخراجية جديدة»، مطالباً إياهم بعدم الاعتماد على نصوص معينة ذات طابع محلي أو عربي، وإنما أن يكونوا منفتحين على النصوص العالمية أيضاً.

في حين أكد محمد الكشف أن تماسك الممثلين ومنحهم العمل روحاً جماعية، أدت إلى ما تمتع به من جماليات، بينما أعرب الفنان أحمد الجسمي، رئيس مجلس إدارة فرقة مسرح الشارقة الوطني عن سعادته بتبني هذه المجموعة وبما قدمته من عرض، قائلاً إنهم «بيضوا الوجه»، واصفاً أنهم «أرعبوه» في التمثيل، من خلال حضورهم الطاغي على الخشبة.

لقاء المسرحيين

وإلى جانب عرض «تجليات» كان المهرجان، أول من أمس، على موعد مع مجموعة من الشباب المسرحيين، الذين عقدوا في الردهة الخلفية للندوة ملتقاهم الذي عبروا فيه عن طموحاتهم وأحلامهم، حيث أكد المسرحيون أن الفرصة متاحة أمام الشباب، وضرورة عدم إقصار عروضهم على المهرجانات، وألا تكون الأعمال المقدمة مرتدية لعباءة المحلية فقط، وإنما تكون لديهم القابلية لترجمة نصوص عالمية على الخشبة.

خلال اللقاء، أطل الفنان القطري غانم السليطي، الذي حث الشباب على التشبث بالخشبة، وقتل شبح المهرجانات الموجود في عقولهم، قائلاً: «تذكروا دائماً أن الجمهور هو لجنة التحكيم الحقيقية لأي عرض، وهو الأستاذ الذي يقدم لأجله أي عرض مسرحي».

وأضاف: «تفكير الشباب في المهرجانات قادهم إلى الجنوح في أعمالهم نحو الإبهار والغموض والتصعيب، بعيداً عن الناس»، معرباً عن طموحه بإلغاء كل الجوائز التي تقدمها المهرجانات، ليكون العمل المقدم من أجل الجمهور فقط، الذي قال إنه هو الذي يمنح الفنان شهادة الاستمرار أو صك الوفاة.

كوميديا

خلال الندوة التطبيقية لعرض «تجليات» سعى مديرها سعيد العيان، إلى نثر أجواء الكوميديا في القاعة، من خلال تعليقات خفيفة الظل، ليؤكد الفنان بلال البدور في الوقت ذاته أن مهرجان دبي لمسرح الشباب، مفتوح على كل المبدعين من مختلف جنسيات الدنيا، وليس قاصراً على المواطنين فقط، وذلك في رده على تساؤل تردد صداه في جنبات القاعة.

—————————————————————-

المصدر : مجلة الفنون المسرحية –  غسان خروب – البيان

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *