بعد 33 سنة من عمر أيام قرطاج المسرحية: أحلام المهرجان تكبر… التحديات تزداد … والقاعات تندثر

ليلى بورقعة

في سنة 1983 بُعث للوجود مهرجان أيام قرطاج المسرحية ليكون شاهدا على العصر ومرآة عاكسة لعطاء أجيال وأجيال من المسرحيين وملتقى للمسارح العربية والإفريقية… وبعد 33 سنة من التأسيس والإبداع، يطمح هذا المهرجان في دورته 18 إلى تأكيد التزامه بالتنوع الثقافي

والمزج بين مختلف الخصوصيات الفنية للمسرح العربي والإفريقي من خلال رؤية واضحة للإبداع المسرحي المعاصر في العالم العربي وإفريقيا…ومن سنة إلى أخرى يكبر الحلم وينمو طموح الأيّام مقابل تفاقم أزمة القاعات وفضاءات العرض من سنة إلى أخرى …

على امتداد أكثر من مائة سنة تراكمت خبرات المسرح التونسي ونضجت تجاربه …حتى صار له شأن وباع على ركح الفن الرابع في تونس وخارجها خصوصا وأن هذا الطموح إلى التميز والنجاح رافقه بعث مهرجان تونسي مختّص في أب الفنون، فكان مهرجان أيام قرطاج المسرحية بما هو موعد هام منتظم الدورات عنوانا بارزا للإشعاع في سماء المسرح العربي والإفريقي …

مسرحيات بمعدّل عرضين اثنين لاحتواء أزمة القاعات

بعد أن أصبح موعدا سنويا قارا بعد أن كان ينتظم كل سنتين بالتداول مع أيام قرطاج السينمائية، فإن رهانات مهرجان أيام قرطاج المسرحية تزايدت وتحدياته تعاظمت … مقابل الإصرار على الظهور البارز والحضور اللافت وجذب الاهتمام بالرغم من منافسة مهرجانات مسرحية عربية تفوق مهرجان تونس للمسرح ميزانية ووسائل تقنية…

ولعل من أهم الصعوبات التي تواجه مهرجان أيام قرطاج المسرحية وأيضا مهرجان أيام قرطاج السينمائية وشتى التظاهرات الكبرى هي أزمة القاعات وشح فضاءات العرض التي تتفاقم من سنة إلى أخرى حيث لم تنفع «الرُقيّة» الوقتية في تهيئة القاعات ظرفيا حسب المناسبات في حل معضلة الفقر المدقع في الفضاءات…

الدورة 18 من أيام قرطاج المسرحية حاولت تلافي هذا الإشكال وتجنب الفوضى والتدافع العنيف للدخول إلى قاعات العرض بتأمين عرضين اثنين لجلّ المسرحيات التونسية والأجنبية المبرمجة في الأيام. وأن تتضمن الدورة 18 مشاركة 62 عملا مسرحيا : 18 تونسيا و17 عربيا و10عروض إفريقية و17 أجنبيا، فإن عدد العروض المبرمجة هو 96 عرضا أي مع تكرار جل المسرحيات لمرتين ليتوزع عدد العروض المسرحية كما يلي : 31 تونسيا و21 عربيا و18 إفريقيا و26 أجنبيا .

مدينة الثقافة : الحلّ أم المشكل؟

ربما من المشروع اعتبار أن الخاسر الأكبر من غلق المسرح البلدي للصيانة والترميم هو مهرجان أيام قرطاج المسرحية باعتبار أنه الفضاء الأكبر مساحة والأنسب من ناحية التقنية لاحتضان عروض الفن الرابع. ولهذا سعت بوصلة المهرجان الى البحث عن حل بديل للفضاء الأثير لديها لتقديم إبداعات الفن الرابع ، فلم يكن من مجال سوى تكرار العروض لمرتين حتى لا تهضم حقوق ضعاف البنية الجسدية أو المترفعين عن كر وفر التدافع بالمناكب والأطراف في مواكبة مسرحيات الأيام . وما بين فضاءات الريو والفن الرابع والكوليزي والمونديال والحمراء والتياترو والمدار وابن رشيق ومركز فن العرائس وفضاء كارمن والمعهد العالي للفن المسرحي … تتوزع عروض الفن الرابع ضمن فعاليات مهرجان أيام قرطاج المسرحية في العاصمة. ولا شك أن المشكل أعمق والإشكال أكبر في الجهات والمعتمديات التي تفتقر إلى الفضاءات الثقافية المتوفرة على أبسط التجهيزات والتقنيات… !

وأمام أزمة الفضاءات ومشكلة النقص في القاعات القديمة الجديدة، المتزايدة في الاستفحال والخطورة يفرض ملف مشروع مدينة الثقافة نفسه في تساؤل ملّح ككل مرة: متى تنتهي الأشغال وتجهز المسارح والمكتبات وقاعات السينما فيكون الخلاص لحلم طموح في الإبداع لكنه يختنق بضيق المكان وانسداد الفضاء؟

———————————————————-

المصدر : مجلة الفنون المسرحية – المغرب

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *