بعد غياب ربع قرن.. غليندا جاكسون تعود الى المسرح مع الملكة لير

بدأت في لندن عروض مسرحية (الملكة لير) التي طالما انتظرها الجمهور لانها شهدت عودة الممثلة البريطانية غليندا جاكسون الى خشبة المسرح بعد غياب استمر لمدة 25 عاما،وجاكسون هي ممثلة مسرحية مذهلة كما يصفها الكثير من النقاد . 

وقد تفرغت غليندا جاكسون (1936) ، للعمل السياسي بعد ان اعتزلت التمثيل سنة 1992، و أصبحت نائبة عن حزب العمّال في البرلمان، وأعلنت أنها لن تخوض الانتخابات مرة أخرى بعد دورة 2010-2015، وها هي تعود الى خشبة المسرح من خلال شكسبير في عمل مضمونه ليس بعيداً عن السياسة في الملك لير ،بعد أن صرّحت في مقابلة معها العام الماضي، أن هناك أدوارا مسرحية قليلة للمرأة الكبيرة السن، على العكس من حضور الرجل الكبير في العمر في النصوص الدرامية بقوّة.ولن يكون الملك لير في هذا العمل  امرأة فحسب ، بل إن  من يخرج العمل هو امرأة ايضا وهي البريطانية ديبورا ويرنر.

الناقد المسرحي لصحيفة الغارديان مايكل بيلنغتون بدأ حديثه عن المسرحية قائلا :

سيكون من السهل أن نأسف لغياب غليندا جاكسون عن خشبة المسرح  مدة 25 عاما ومع ذلك فانها لم تفقد شيئا من غريزتها الابداعية . وأظن ان تجربتها في الحياة السياسية والظلم الموجود في العالم ساعد في اثراء فهمها لمسرحية الملك لير. وحتى لو قدمت شيئا غير تقليدي  في معالجة  المأساة التي كتبها شكسبير، فليس هناك من شك في أنها كانت هائلة في لعب هذا الدور.و بطريقة غريبة، قامت بعملية تحويل  بين الجنسين. وما تراه، في هذا العمل المسرحي الذي اخرجته  ديبورا وارنر، هو، صورة لممثلة رابطة الجأش  ليس في ادائها ملامح  تدل على التقدم في العمر. وجاكسون، مثل كل الذين ادوا دور الملك لير باتقان  ،  تؤدي ببراعة تلك الانتقالات ما بين الجنون والعقل، والغضب والحنان والقوة الصوتية والضعف البدني.

وهديتها العظيمة لنا، مع ذلك، هي جعلنا  نفكر في كل لحظة ان المسرحية تولد من جديد.فهي  تدخل دون مراسم لا مبرر لها، جنبا إلى جنب مع حبيبتها كورديليا. ولكن تتجلى  السخرية عندما تعلن، في تشدق يسخر من الذات ، أنها سوف “تزحف” دون مبالاة نحو الموت. وبعد أن أعطت جونيرل وريغان  حصتهما من المملكة، تصيح وهي تبكي مبتهجة  “الآن حان وقت  الفرح” و تتحول إلى كورديليا، وفي البداية تحيي رفضها لعب اللعبة مع  ضحكة مرتابة. ولكن فجأة تتحول إلى العنف لأنها توقع كورديليا على الأرض وتقذف  الدوق كينت بأحد الكراسي الزرقاء التي تزين المكان ولكن حتى هنا، يتغير مزاجها بأسرع وقت حينما تقرر منع   مغادرة كينت  بنبرة ملكية ساخرة.

لقد قمت بوصف المشهد الافتتاحي بالتفصيل، لأنه يضع الأساس لكل ما سيحدث بعده. فهو يبين تحيز لير القاتل ، تمردها  المتقلب ، وحتى  نكاتها الوحشية  . كل هذه الصفات التي تظهر في سياق المسرحية تبين براعة  جاكسون في اداء الدور. ولانها تتعرض  للسخرية من اكبر بناتها سنا، فانها تحاكي على سبيل السخرية تداعيها المفترض في حين تغمز بهدوء الى الجنون. وهي حتى الآن تمتلك القوة لتمد مخالبها  بشراسة نحو غونيرل..

تقدم المسرحية إطارا واضحا لتقديم عملية تحطم الانسان . ديكور المسرحية عبارة عن  تصميم بسيط يتكون من شقق بيضاء مستطيلة: وفي داخلها مكان دوار يكشف عن الثلاجة التي خزنت فيها البيرة في منزل غونيرل. وتهب عاصفة من خلال تصاعد ورقة سوداء، ، وعاصفة ممطرة متوقعة. ومنظر البحر الأزرق البعيد يخبرنا أننا في  ميناء دوفر. وبعض التفاصيل هي بالتأكيد غريبة: فكل من ادموند وإدغار يعرضون اردافهم للجمهور ما جعلني أتساءل عما إذا كانت السخرية والتفاهة هي من صفات العائلة . و حينما تلقي ريغان جزءاً من عين غلوستر  إلى الجمهور. 

حتى لو كانت هاملت وماكبث من اعظم  مسرحيات شكسبير، فان أداء جاكسون أدرك تماما الأنماط المتعرجة من تصرفات  لير حيث تختلط البصيرة والجنون.

———————————————————————————————-

المسدر : مجلة الفنون المسرحية – ترجمة: احمد الزبيدي – عن الغارديان- المدى

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *