الممثل المسرحي وعضو لجنة التحكيم صالح بوبير : “لا يمكن الحديث عن المسرح الأمازيغي إلا إذا أنتجه مبدع أمازيغي”

هو أحد فرسان المسرح الذي صال وجال على خشباته في أعمال خلاقة ومتميزة لا تنساها الذاكرة، هو فنان موهوب، ساهم في تنشيط الحركة المسرحية على الساحة المحلية والوطنية، واستطاع أن يجذب عشاق الفن الرابع إليه بتمثيله الناجح فوق خشبة المسرح، إنه الممثل المسرحي صالح بوبير عضو لجنة التحكيم خلال هذه الطبعة السابعة من المهرجان الثقافي الوطني للمسرح الأمازيغي.

من هو الممثل صالح بوبير في سطور؟

صالح بوبير ابن مدينة باتنة، ممثل مسرحي، دخل عالم هذا الفن الإبداعي منذ سنة 1975، شاركت في عدة أعمال فنية تلفزيونية إضافة إلى مشاركتي في المهرجان الوطني للمسرح الأمازيغي الذي يحتضنه المسرح الجهوي باتنة، هذا المهرجان الذي أعتبره بمثابة الفرصة لإبراز التراث والثقافة الأمازيغية بالأوراس، كانت لي تجربة في الإخراج المسرحي وذلك في الطبعة الأولى من فعاليات هذا المهرجان الثقافي الأمازيغي، أين أشرفت حينها على إخراج مسرحية “ألغم أبوهالي”، كما شاركت في المهرجان ذاته وفي الطبعة الرابعة كمساعد مخرج لمسرحية “إكنكر” التي أخرجها زميلي “سمير أوجيت”، وأواصل حاليا عملي الدؤوب في هذا المجال الإبداعي.

المسرح عاد في السنوات الأخيرة إلى الواجهة، ما السبب في رأيك؟

الفن الرابع يعتبر فطرة راسخة عند الشعوب وشكلا من أشكال وعيها وشعورها، يتداخل فيه الواقع بالأسطورة، والمعقول بالمتخيل، والوعي باللاوعي، فسبب صعود الظاهرة المسرحية في بلادنا وتطور ألوانها، يعود إلى أن هذا الفن قد نما وسط رعاية متميزة من نخبة من المسرحيين المحترفين وضمن فترات مختلفة، ممن اتخذوا من فن المسرح منهجا وطريقة حياة، ومنحه من وقته وروحه الكثير كي ينتعش، فالمسرح من خلال  صياغته المجالية يستطيع أن يخاطب الإنسان البسيط والمثقف على السواء وكل أذواق المجتمع بما يبتكره من جمال وسحر، وأقول إن المهم في التجربة المسرحية ليس لسانها، دارجا أم فصيحا أم أمازيغيا وإنما مضمونها والشكل الذي يعتمد في نحت هذا المضمون وإيصاله إلى المتلّقي دون التفريق بين شريحة وشريحة، إنما يكون هذا الخطاب وفي سعيه الجمالي الخلاق مستعدا لإرضاء الحاجة المعرفية والذوقية لمتلق ذكي وذواق.

إلى أي مدى يمكن للمثل المسرحي أن ينجح في إرضاء حاجة المتلقي؟

من المهم جدا أن نسلم بأن الممثل في المسرح يحمل ويتحمل مسؤولية الأداء على عاتقه لأنه يخاطب المتفرج عبر عمليات متعددة تعني الإدراك بالحواس والفكر التي تعتبر من العوامل المهمة في عملية بث الخطاب الفني في عملية الإرسال والاستلام، لأن الممثل المسرحي يخاطب حاستي البصر والسمع ويخلق بذلك متعة جميلة، يخلق هذه المتعة الأداء في عملية التواصل هذه عبر حامل الخطاب الممثل لأنه الوسيط والمسؤول عن توصيل رسالة العرض كما ينبغي لإشباع حاجة المتلقي، أين تتجمع  لديه عملية مهمة في تشكيل المعنى العام للعرض المسرحي بنجاح وذلك هو المطلوب، لأن الممثل لابد أن يعرف كيف يؤدي دوره وأن يكون مبدعا، وهنا يمارس تأثيراته على المتفرج بأن يتحرك بشكل سهل يتناسب وتصرفه وبالتالي يعكس مضمون النص بشكل دقيق .

هل صحيح أن الفرجة المسرحية الأمازيغية لن تتحقق إلا إذا كان العرض متكاملا ذاتا ولغة وهوية وموضوعا؟

الاهتمام  بالمسرح الأمازيغي والحفاظ على استمراريته ضرورة، ولهذا يجب جعل الأعمال الدرامية لهذا النوع من المسرح مستقاة من التراث والحضارة الأمازيغية، إضافة إلى وجوب الاحتكاك وتبادل الخبرات بين الممثلين والمخرجين خدمة لهذا النوع من الفن، فالإبداع في المسرح الأمازيغي يجب أن يواكب الاهتمام البالغ باللغة الأمازيغية، فهي اللبنة الأولى والقاعدة المتينة لنجاح العمل الدرامي في المسرح الأمازيغي الذي أنتجه الإنسان البربري منذ تواجده، فلا يمكن التحدث عن المسرح الأمازيغي والفرجة المسرحية الأمازيغية إلا إذا أنتجهما أو ساهم فيهما المبدع الأمازيغي ذاتا ولغة وهوية وموضوعا وقضية، وبالتالي لا يمكن اعتبار المسرح إرثا أو إنتاجا أمازيغيا إلا إذا كانت الذات الأمازيغية حاضرة على مستوى الإبداع والإنتاج أو كانت اللغة الأمازيغية حاضرة على مستوى الكتابة والتشكيل والتوصيل وموضوعا وقضية محورية للفرجة المسرحية.

أين تظهر إمكانات الممثل وإبداعاته فوق الركح؟

الممثل الذي يعتلي خشبة المسرح لكي يقدم مهاراته وفنه كحامل خطاب مهم إلى الجمهور، يجب عليه تكثيف الأحداث وإيصال هدف العمل للجمهور عبر وسائله وأدواته في الأداء والإلقاء وقراءة النص وقوة التعبير، موضحا القدرة الفنية والوظيفة الفنية لتلك المهمة، وأن يعرف جيدا ما هو التأثير الحاصل على المتفرج عبر ذلك السحر والمتعة التي يقدمها، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، على الممثل وهو الذي يمتلك القدرة السحرية على سرد تلك الأحداث وتأدية عمله على خشبة المسرح، أن يضع بين نصب عينيه بشكل مميز كيف يتعامل مع سينوغرافيا العرض وأهمية توظيفها لخدمته بالإضافة إلى الإنارة، لأن الضوء لغته التي تنافس لغة الحوار في تأثيرها على المتفرج، كما هو الحال في بعض الاتجاهات المسرحية الحديثة التي تعتمد على السينوغرافيا في إيصال رسالتها إلى المتلقي إلى جانب الموسيقى والتنويعات الأخرى، كما أن من صفات الممثل الناجح، سلامة النطق والفصاحة ووضوح الكلمات المنطوقة ومخارج الحروف وغيرها .

ماذا يعني المسرح بالنسبة للممثل صالح بوبير؟

أنشغل بالمسرح تفكيرا، طموحا وحلما، وتمثيلا، إقامة وترحالا وحياة، أنشغل بالمسرح لأنه خياري المميز منذ أن وطأ قلبي عتبة هذا الفن، وأفر إلى فضاء المسرح وطنا ثانيا، أنشغل بالمسرح وسيطا للإبداع، للثقافة والجمال، لبناء الوطن والإنسان .

كلمة أخيرة

 

أشكر جريدة “المحور اليومي” في المقام الأول وكل وسائل الإعلام على تغطيتها الجيدة للطبعة السابعة لهذا المهرجان الثقافي، كما أثني من خلال هذا المنبر الإعلامي على المجهودات الجبارة التي قامت بها محافظة المهرجان لإنجاح التظاهرة، وآخر كلماتي في هذا الحوار الشيق معكم، أنني أتمنى مستقبلا زاهرا للمسرح الأمازيغي بشكل عام وأتمنى حياة كريمة لكل  الفنانين في هذا المجال عبر كامل ربوع وطننا الحبيب.

 باتنة: فتح الله بلعيد

http://elmihwar.com/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *