المسرح يقول كل شيء..ومسرحيونا لم يقولوا شيئاً

لا أدري إن كان القصد من قطعة السكاكر التي خرزت على الـ”البروشور” – المأسوف عليه- محاولة لسد الأفواه أما أنّها كانت محاولة لكسر الروتين خارج صالة مسرح الحمراء والتغطية على ماقدّم على خشبته من عرض فقير لايليق بأب الفنون في يومه العالمي، ولا بكلمة المخرج الروسي “أناتولي ألكسندرفيتش فاسيليف” التي نشرتها الهيئة العالمية للمسرح في كلمة اليوم العالمي للمسرح 2016 وكررها المحتفلون بمسرح الحمراء لكن على ألسنة بعض المسرحيين السوريين كتاباً ونقّاداً ومدرسين في فيلم وثائقي يبدأ بالحكاية ومن ثم يكملها بعض المممثلين على الخشبة الفقيرة أيضاً إلا من شاشة عرض وصندوق فرجة ماعاد يلزمنا في أزمتنا هذه ولا في أزمة المسرحيين الذين هربوا جملة إلى التلفزيون المحلي والعربي وفي قلب بعضهم غصة وحرقة لا يطفئها عرض مسرحي في السنة ولا عرضين بالكاد يؤمّن لهم معيشة شهر.

يوم المسرح العالمي ورغم قوة الكلمة التي وجهها “فاسيليف” -التقليد السنوي- وشموليتها ودقتها إيجازها، ورغم تشديده على أنّ المسرح قادر على قول كل شيء، لم يقل مسرحيونا في هذا اليوم شيئاً، لا كلمة ترحيب ولا شكر، ولا نقد، لا لشيء فقط لأنهم لم يحضروا، لم نجد أحداً من بائعي الكلام والحب والهوى المسرحي، ولو أردنا إحصاءهم لما حصينا أكثر من عشرين يزيدون أو ينقصون خمسة، نعم امتلأت الصالة بالشباب وطلاب المعهد العالي للفنون المسرحية لكن الكم لم يكن يوماً دليلاً على نوعية عملٍ ما ولن يكون، لم نجد أيمن زيدان ولا جهاد سعد ولا غسان مسعود -الذي استشهدوا بإحدى مسرحياته الأوائل- ولا أمانة والي التي اقتصر حضورها على شاشة العرض في قراءة لعبارة من كلمة “فاسليلف” كذلك الأمر بالنسبة لسامر عمران وزيناتي قدسية ولا هشام كفارنة ولا ..ولا..، وإن أردنا التحدث عن الحضور الرّسمي، فالأمر مخجل جداً لاحتفالية سنوية ترعاها وزارة الثقافة وتغيب عنها، باستثناء زوجة الوزير التي أثار حضورها استغراب كل من يعرفها وهمزه ولمزه، ولا نريد أن نجزم هنا أنها تنوب عن الوزير خليل في هذه الاحتفالية أم أنها تحرص على متابعة النشاطات الثقافية لكونها شوهدت أكثر من مرة في فعاليات أخرى..

احتفالية “أهلية بمحلية” جل مايمكن قوله، احتفالية خاصة بالإداريين والعاملين في مديرية المسارح لا أكثر، لافكرة جديدة تذكر كل شيء مطروق سابقاً، باستثناء فقرات رقص لامبرر لها جاءت أشبه بفقرات الرقص التي قدمتها مجموعات من الشباب في برامج المسابقات الخاصة بالرقص وكشف المواهب.

لا أدري حقيقة بماذا كان يفكر مخرج العرض، حين عاد بنا إلى كركوز وعواظ وأبيهما الصيني -في دلالة إلى الأصل الصيني لخيال الظل-، ولا ذاك الإسقاط  حول السفر وحول نصيحة الأب بالبقاء في الوطن، إسقاط صار مفهوماً حتّى من الأطفال، أمّا صندوق الفرجة أو الدنيا فحتى الأطفال ملّوه وما عاد يثير دهشتهم، ولو نزل الممثل عن الخشبة وتنقّل بصوته بين مقاعد الحاضرين في محاولة فاشلة لخرق العادة، لكن الخرق الذي حصل متأخراً وأخيراً في نهاية العرض هو تلك الطفلة الصغيرة التي خرجت من بين المقاعد وصعدت إلى الخشبة لتسأل الممثل عن الحاضر فيرد عليها بصندوقه ويريها بعض آثار الإرهاب على بلدنا، تبكي الطفلة ثمّ تسأله عن المستقبل فيطلب منها إغماض عينيها لترى المستقبل جميلأً سعيداً، أما الختام فكان وكما درجت العادة مؤخراً موسيقى أغنية موطني..

موسيقى أغنية موطني، كل ما استطاع مسرحيونا قوله في يوم المسرح العالمي، لم يستطيعوا كتابة نص يليق بأزمة وطننا وقضيتنا عموماً ولاقضية المسرحيين خصوصاً، الأجور، النصوص، صالات التدريب والبروفات، انقطاع الكهرباء أثناء العرض المسرحي، الشللية، وكأني بهم لايعانون شيئاً ويعيشون رفاهية مسرحية -إن صح القول- يحسدون عليها..

باختصار…الاحتفالية لم تقل شيئاً، لذلك خير ما أنهي به مقتطفات من كلمة “فاسيليف”: المسرح يستطيع أن يقول كل شيء..فلتذهب الكمبيوترات والأجهزة إلى الجحيم.. اذهبوا إلى المسرح، احتلوا الصفوف الأمامية وفي البلكونات، اصغوا إلى الكلمات وأمعنوا النظر في المشاهد الفنية الحية…

إلى قوله: نحن بحاجة إلى المسرح بكل أنواعه، إلا مسرحاً واحداً لسنا بحاجة إليه – مسرح الألاعيب السياسية، مسرح الإرهاب اليومي، مسرح الجثث ومسرح الدم في الشوراع..

نجوى صليبه- تشرين أونلاين:

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *