المسرح التحريضي في العراق

يقصد بالمسرح التحريضي ما يقدم من مسرحيات تدعو الجمهور الى التفكير في الواقع المر الذي يعيشونه تحت سلطة ظالمة تفكر بمصالحها اكثر مما تفكر بمصلحة الشعب وبالتالي تحرضهم على الوقوف ضد تلك السلطة الحاكمة وربما الثورة عليها وتغييرها.
وكان الشاعر واستاذ اللغة العربية (محمد مهدي البصير) اول من كتب مسرحية تحريضية في العراق مدفوعاً بموقفه من الاستعمار والثورة ضد الاحتلال الاجنبي.
قام (الدكتور علي الربيعي) وهو استاذ الدراما في جامعة بابل بنشر مسرحية البصير الموسومة (وفود النعمان على كسرى انو شروان) ومسرحيته الثانية (دولة الدخلاء). ويصف (الدكتور علي) كلتا المسرحيتين بكونهما تنتميان الى المسرح التحريضي ويذكر بأن المسرحية الاولى ظهرت عام 1920 على مسرح سينما اولمبيا في بغداد، ويدور موضوع المسرحية “عن مدافعة النعمان عن حقوق العرب في حضرة كسرى ملك الفرس”. وكانت مسرحيته الثانية (دولة الدخلاء) قد كتبت عام 1925 ولم يثبت انها قدمت على خشبة المسرح ويقول عنها كاتبها “غرض هذه الرواية قبل كل شيء تنبيه الافكار الى ما نشأ او ينشأ عاجلاً ام آجلاً من الويلات والمصائب عن تكالب الزعماء على منافعهم الذاتية الخسيسة واشراك الدخلاء في مصالح الوطن وخبراته، كأنهم من ابنائه”.
تعد مسرحية (وحيدة) لمؤلفها الدبلوماسي العراقي المعروف (موسى الشابندر) والتي كتبها اواخر العشرينات من القرن العشرين، من ابرز وانضج المسرحيات التحريضية العراقية. والمسرحية اشبه بالدراما الاجتماعية الشبيهة بمسرحيات اسكندر دوماس الابن ، وهي ان تناولت في موضوعاها “الحب الشريف القوي بين وحيدة وابن عمها احمد – واستطاع ان يضع هذا الحب بين قوى الشر الكاسحة وقوى الخير الضعيفة في مجتمع متأخر حيث يتغلب الشر على الخير”. فانها في محورها الثاني تحرض على الوقوف ضد الاحتلالين العثماني والانكليزي، وتحرض ايضاً على تغيير المجتمع المتخلف وعاداته البائدة الى مجتمع افضل.
كانت مسرحيات (يوسف العاني) الاولى مثل (راس الشليلة) و(ماكو شغل) و(تؤمر بيك) و(فلوس الدوه) وكتبها جميعا باللغة العامية (اللهجة) ، نماذج للمسرحية التحريضية فالاولى تحرض المتفرج ضد الروتين الحكومي والبيروقراطية، والثانية تحرض ضد البطالة وتتعرض للاستعمار، والثالثة تحرض ضد استغلال الطبقة الكادحة، والرابعة تحرض ضد الجهل والفقر. وفي جميع تلك المسرحية هناك شخصيات ظالمة واخرى مظلومة والصراع فيها جميعاً بين الاثنين، وتوج (العاني) تحريضه في مسرحيته الملحمية (الخرابة) التي كتبها باللهجة ايضاً مع ان موضوعاتها المتنوعة شمولية ومنها تخص ما هو دولي وماهو عالمي. مثل قضية فلسطين وعروبتها ونضال شعبها ضد الاحتلال الصهيوني ومثل نضال الشعب الفيتنامي ضد الاحتلال الاميركي وتتعرض المسرحية لثورة العشرين العراقية وللثورة الاشتراكية في روسيا. وتتعرض (كلكامش) وصراعه مع قوى الشر في العالم. وتتعرض ايضاً الى التمييز العنصري في اميركا وتهاجمه. وقال المخرج الراحل (بسام الوردي) عن اخراج المسرحية “لقد استعملا (يقصد المخرجبن سامي عبد الحميد وقاسم محمد) كل ذلك بتأليف جميل، ليزاوجا كما زاوج المؤلف.. (يوسف العاني بين الملحمية والتسجيلية). وقال الكاتب (عادل عبد الجبار) عنها “اما المسرحية ذاتها فهي عمل جمع من حيث الدلالة والمضمون جملة قضايا ترتبط معا لتدين الاستعمار والامبريالية العالمية”.

 

سامي عبد الحميد

http://www.almadapaper.net/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *