المسرحي فرحان بلبل: حمص حملت شعلة المسرح السوري بعد توقف القباني

وصُقلت موهبته عندما عمل في دمشق فالتقى بالشيخ أبي خليل القباني وحضر مسرحياته، فلما عاد إلى حمص بدأ بأعماله المسرحية عام 1870 فأحيا  النشاط المسرحي الذي كان متوقفاً بعد أن بدأ على يد الحاج سليمان صافي 1860 الذي قدّم في حديقة بيته عروضه المؤلفة من شخصين أو ثلاثة على طريقة ما كان معروفاً في المسرح الأوروبي، قدّم الوفائي خمس مسرحيات بين 1870 و1880 ، وخصص ريعها للمشاريع الخيرية في المدينة واستطاع أن يغرس هذا الفن المثقف في نفوس مشاهدي عروضه رغم ثقافتهم المحدودة واستعان على ذلك – كما استعان الرواد قبله – بالموسيقا، فكانت مسرحياته تحوي الغناء والموسيقا.

الكاتب الثاني هو داود قسطنطين الخوري الذي أخذ عن والده اللغة العربية وآدابها، وتعلّم الموسيقا وكان له صوت شجي، وخلال وظيفته بدمشق تعرف على القباني الذي اصطفاه لعبقريته، فرافق القباني لمصر وعمل معه لسنوات، ثم عاد لحمص واتجه للمسرح 1890 وكتب ست مسرحيات، وعدداً كبيراً من الروايات الصغيرة والمشاهد الهزلية، التي ضاع أكثرها.

أمّا الكاتب يوسف شاهين فلم يكن له باع طويل في المسرح، فقد ظهر مع الخوري في عام 1890 وقدم لطلاب المدرسة الأرثوذكسية (الملك كورش)، وقد وضع ألحانها داود قسطنطين الخوري، وفي عام 1891 اشترك مع الخوري في كتابة مسرحية (سميراميس).

والكاتب الرابع هو أكبر الكتّاب الذين عرفتهم حمص في تلك الفترة وأبعدهم أثراً فيها وفي بلاد الشام وهو الشيخ محمد خالد الشلبي، فهو من أوائل من اتجه بالمسرح نحو السياسة وجعله يخوض المعركة الوطنية في وجه الاحتلال العثماني، وقد كان المسرح قبله يكتفي بالجانب الاجتماعي وعظاً وتوجيهاً، وهو أول كاتب مسرحي عربي استغنى عن الغناء في بعض مسرحياته، لاعتقاد منه أن المسرح توعية سياسية تحتاج إلى تفتّحٍ في الذهن وإصغاء إلى الأفكار، وكتب ثمان مسرحيات.

وفي حديث المسرحي بلبل عن المرحلة الثانية (1918- 1925 ) يقول: تأسس النادي العربي عام 1919 وكان فرعاً للنادي العربي الذي أسس في دمشق في عهد “حكومة الأمير” فيصل، قدم هذا النادي في أول تأسيسه مسرحية (مظالم جمال باشا السفاح) ومسرحية (جلاء الأتراك عن سورية) وكلتاهما من تأليف خالد الشلبي.

وأشار بلبل إلى تشابه بين الحركة المسرحية في حمص ودمشق حتى هذه المسرحية، إذ كان النص نفسه يقدم في كل منهما، لكن المسرح في حمص بعد هاتين المسرحيتين يتّخذ مساراً مختلفاً عن مساره في دمشق، فالمسرح في دمشق يتوقف أو يضعف، أما في حمص فيستمر ويقوى بقوة، ويستمر في تصاعده حتى انطلاق الثورة السورية الكبرى عام 1925 وكان النادي العربي حتى تلك اللحظة قد قدّم عشر مسرحيات وطنية، لكن هذا النادي أغلقه الفرنسيون بمجرد دخولهم حمص.

ورأى بلبل أن من أهم ميزات المسرح في حمص خلال الاحتلال الفرنسي لسورية أنه استمر يقدم مسرحاً سياسياً لأن المسرح ولد في سورية سياسياً، لكنه اتخّذ خلال الاحتلال وجهاً جديداً هو (العدائية) السافرة للسلطة الفرنسية، وتدرك هذه السلطة ذلك تمام الإدراك فتقوم بينها وبين المسرح في حمص حرب خفية ومعلنة، ويختلط النشاط المسرحي بالحرب الدائرة بين السوريين والفرنسيين، فلا نكاد نفرّق بين الحرب بالمسرح وبين الحرب بوسائل النضال المتاحة للمواطنين يومذاك  سواء كانت بالإضرابات والتظاهرات أم كانت بالسلاح.

وبرز في هذه الفترة نشاط فرقة الشباب الوطني الذي أزعج السلطات الفرنسية بالعروض المسرحية التي قدمها ما دفعه لأخذ قرار منع أي عرض مسرحي في حمص، ولتنشغل الناس بالثورة السورية الكبرى، فلا يعود المسرح في حمص إلاّ بعد توقف الثورة ولكن عودته  تكون بإطار جديد.

 

 

http://tishreenonline.sy/

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *