المؤتمر الفكري التجارب المسرحية المغربية، الامتداد والتجديد (الندوات الفكرية..تفاعل حيوي، تطبيق وتدريب) حوصلة الجلسة الخامسة – المحوصل: حسين أوعسري     

 

 

المؤتمر الفكري

التجارب المسرحية المغربية، الامتداد والتجديد

(الندوات الفكرية..تفاعل حيوي، تطبيق وتدريب)

حوصلة الجلسة الخامسة

      المحوصل: حسين أوعسري     

 

تأتي الجلسة الخامسة التي دارت يوم الجمعة 13 يناير 2023 من الساعة 12.05 إلى 14.00 زوالا في سياق المؤتمر الفكري الذي خصصته الهيئة العربية للمسرح هذه السنة لمساءلة تجربتين مهمتين وبارزتين من تجارب المسرح المغربي، وهما تجربتا المخرجين بوسلهام الضعيف ومحمد الحر.

بالنسبة للتجربة الأولى التي عنون بوسلهام الضعيف مداخلتها ب “المسرح ورشة مفتوحة، فقد استهلها بطرح جملة من الأسئلة بعضها متعلق بكيفية مجيئه للمسرح وطبيعة التأثير القوي الذي مارسته البيئة والجغرافيا معا على تجربته واختياراته، وبعضها الآخر مرتبط بعلاقة اللغة بالهوية وعلاقة الترجمة بالثقافة وعلاقة تجربته بالجمهور وما ينتظره منه. وبعد ذلك تطرق إلى ماهية الإخراج وعمل المخرج الذي حصره في ثلاث مساحات: مساحة المسرح ومساحة المعرفة، ومساحة الذات، وعرض كذلك أهم المفاهيم المؤطرة لطريقة عمله وفي مقدمتها النصوص التي لها حظوة كبيرة عنده وما يرتبط بقراءتها من شروط من قبيل (قراءة عارية، جعل الممثل لا يرتكن للنص، القراءة بعد تدريبات جسدية، تفضيله للنصوص المخطوطة…)

ولإبراز أهمية الإعداد وصعوبته قدم تمرينا بين من خلاله كيف يتم التمرن على قراءة النص من لدن الممثلين.

أما المساءلة التي قدمها الدكتور ابراهيم الهنائي، فقد انصبت حول مساءلة الروافد الفنية والفكرية التي أثرت في مشروع بوسلهام الضعيف من جهة وحول الوازع المتحكم في اختياره للمتون/النصوص.

وفي معرض إجابته عن هذه الأسئلة وكذا الأسئلة التي طرحها بعض الحاضرين والتي ركزت هي الأخرى على الكيفية التي تتم بها مسرحة بعض النصوص الأدبية وفي مقدمتها الرواية أكد من جديد على أنه يراهن دائما على البحث عن آفاق جديدة لأن المسرح عندما يعيش بنصوص قوية يضع أمام ذواتنا، وأضاف أن عملية الانتقال من النص إلى العرض تقتضي الحفاظ على روح النص وليس المعنى.

أما بالنسبة للمتدخل الثاني محمد الحر الذي عنون ورقته ب رهانات السرد” فقد خصصها للحديث عن تجربته من خلال مسرح أكون. ذكر في البدء سياق المشروع الذي حصره في زمن الحجر الذي منحه وفرقته “مساحة زمنية للتأمل في المنتج” على حد تعبيره، ولمراجعة المسار وأدوات الاشتغال. وبعد ذلك طرح سؤالا عاما: ما السرد/الحكي؟ يرى الحر أن ديوان العرب هو الحكاية، فالحكي ظاهرة بيولوجية لازمت الإنسان في مختلف مناحي حياته، وهو ما يجعله مرادفا للوجود والخلود عند الحر “أنا أحكي إذن أنا موجود، أو أنا أحكي إذن موجود.

أما سبب توجه مسرح أكون نحو هذا الاختيار فيؤكد أنه ليس وليد الصدفة بل فرضته صيغ المسرح المغربي الذي ينقسم إلى مسرح موغل في النخبوية (نخبوي) ومسرح موغل في الشعوبية (شعبوي)، ومسرح أكون توسط الفئتين، إنه المسرح الذي يخاطب مغرب اليوم.

وعلى غرار التجربة الأولى قدم مسرح أكون بدوره تمرينا من التمارين التي يقومون بها في كل عمل مسرحي، يظهر كيفية التعامل مع الممثل على مستوى الحركات والنظرات وغيرها في المراحل الأولى قبل الشروع في التداريب.

أما مساءلة هذه التجربة فقد ركزت على الكيفية والعوامل المتحكمة في اختيار النصوص، وعن الكيفية التي تتم بها المزاوجة بين الممثل والسارد والمخرج، وفي الإتجاه نفسه سارت أسئلة الحاضرين الذين استفسروا بدورهم عن حضور السرد في المسرح، وكذا عن الهدوء الذي يميز مسرح أكون.

ولقد فسر المخرج محمد الحر أن الرهان الحقيقي من توظيف السرد هو البحث عن كيفية تأطير السرد داخل لغة مشهدية.

ولا يمكن إلا أن نوافق محمد الحر في هذا الطرح لأن السرد في مسرحياته من وجهة نظرنا لا يتحقق على مستوى اللغة فحسب بل يحضر وبقوة على المستوى البصري. فالسرد في مسرحياته يتمظهر سمعيا ولفظيا وبصريا، ولا يتحول إلى خطابة بل إلى عنصر يعين على البوح كما في “سماء أخرى” و” حدائق الأسرار” وغيرها.

يبدو أن لأصحاب هاتين التجربتين اختيارات واعية على مستوى الشكل والمضمون فإن أهم ما يميز تجربتهما في نظرنا هو قدرتهما على مساءلة التجربة وعلى مساءلة المسار، فبوسلهام الضعيف يقول: “أشتغل على نصوص تدفعني لمراجعة معرفتي بالمسرح”، وفي السياق نفسه يقول محمد الحر: “إن جائحة كورونا منحتنا مساحة زمنية للتأمل في منتجنا”، ولهذه المساءلة التي يقدمان علاقة وثيقة بمتلقي اليوم الذي يستحضره المخرجان على مستوى اختيار النصوص وإعدادها وكذا على مستوى الاختيارات الفنية والجمالية.

أما فيما يخص بعض المقترحات ، فالملاحظ أن أشرطة الفيديو أسهمت في إضاءة التجربتين معا، وتعريف الحضور بمسارهماوأعمالهما سواء أكانت نصوصا أم عروضا كما ساهمت التمارين المقدمة في تقريب الحاضرين من كيفية اشتغال المخرجين سواء على مستوى قراءة النصوص أو على مستوى تموضع الممثلين. ونرى أن هذا الجانب العملي مهم جدا ولو تعطى مساحة زمنية مهمة لمثل هذه الورشات والتمارين، فإن ذلك قد يكون مفيدا أكثر في التعرف على طرائق الاشتغال وفي الاستفادة منها كذلك لاسيما وأن هناك باحثين وطلبة متخصصين في المسرح حضروا لندوات المؤتمر الفكري.

 

 

 

This will close in 5 seconds