السقوط :تكريم ألبير كامو و تفكيك السرد الروائي لصالح الدرامي / عزيز ريان -شفشاون المغرب

ورقة تقنية:

اسم العرض: السقوط

إنتاج: نبيل لحلو

تمثيل: صوفيا هادي

إخراج: نبيل لحلو

قصة المسرحية :”السقوط” والتي أخذت عنها رواية بنفس العنوان،والتي تعدنا قبلا لعالم الفيلسوف والروائي الفرنسي المعروف ألبر كامو المخلخل للتوابث والمعتاد.

كامو عودنا على دخوله إلى منعطفات فلسفية وفكرية إنسانية،كأننا نراه فوق الركح بآثار واضحة للواقع الاجتماعي وقتها مع ما طرح من إشكالات وأطروحات عبر التاريخ.

السقوط هي أخر عمل للكاتب والذي فاز بجائزة نوبل للأداب وتوفي عام 1960. حيث هي عبارة عن يوميات لقاضي مهنته تبدو غريبة مبدئيا : قاضي تائب. لنعرف أن المهنة هي من إبداع القاضي الذي يحاكم بها نفسه. فيحكي ماضيه حيث يصبح قاضيا بعد أن كان محاميا بباريس،مشبع بالنجاح والسعادة. (حياة عبارة عن حفلة،كان سعيدا) كما كتب كامو على لسان القاضي. بعد أن سمع ضحكا غريبا بقنطرة وشاهد ابتسامة مزدوجة بالمرآة. فبدأ “اعترافه” بكل تفاصيل حياته.

النص البصري يكتب بسرد غير روائي:

عرض موندراما يحكي عن قصة القاضي (التائب) كليمونس(Clamence) والذي نصير داخل عوالمه المتشعبة والنفسية والتخييلية. فتختلط علينا المرأة القاضية والرجل القاضي،في سوريالية نحجت في زرع التنوع عبر فصول المسرحية الفردية الناطقة باللغة الفرنسية. نغوص معها أو معه بتفاصيل اليومي بارتياده لبار بهولندا يدعى:ميكسيكو سيتي حيث الخمر (محكمة) أخرى تحمله وتحملنا معه لواقع وشخصيات متعددة في أداء مختلف وقوي للفنانة صوفيا هادي التي أبانت عن قيمتها الأدائية بشكل واضح. يخرج القاضي ويدخل ويجلس ويعاقر الكأس ويحكي ويشكي ويهولس فنعرف مراحله قبل دخول سلك القضاء فهو محامي سابق ارتفع شأنه ليصل إلى منصب حساس أتعبه.صوفيا هادي إذن تظهر قدرتها الفنية حيث أضافت التوهج والجمال لشخصيتها،بصدق عبر صوتها،حركتها،عيونها..

القاضي يحاور شخوصا متخيلة تمر باليومي لديه،وشخوص أخرى صادفها عبر جلسات ارتشاف النبيذ. يحاور نفسه،صوره والمتلقي أمامه. فالقاضي في عزلة تامة تمنعه من الاختلاط بالعامة أو البوح. فأحكامه يجب أن تبقى محايدة دون تأثير يذكر.

السينوغرافيا عبارة عن طاولة ومقعد لبار تظهر فوقها قنينة خمر وكأس. خلفية عبارة عن ستارة شفافة من البلاستيك،اشتغلت عليها الإنارة لتوحي لنا بأنها روح البطل أو البطلة فالقاضي لا يعرف نفسه هل هو ذكر أم أنثى. الملابس تغيرت بين اللباس الرسمي الأنثوي والرجولي للشخصيات العامة التي عليها الاهتمام بالمظهر بشكل يومي وكثيف مادامت محط أنظار للجمهور بشكل اعتيادي. هل للقاضي روح ودواخل شفافة؟ نتابع حواره وتحوله بين الذكر والأنثى بشكل أبعد الملل من مثل هذا النوع من العروض الفردية.

الديكور تابث كحياة الشخصية،بل تتغير الأبعاد النفسية للشخصية ولباسها. تلعب الإنارة دورا هاما تكمل فيها نواقص هموم البطلة. ديكور رمزي قد يحيلنا لدماغ البطل بشكل الذي يصارع بين الشفافية وبين الهشاشة وبين الغموض والضياع. فالإنارة الخافتة التي تعودناها بالمحلات الليلية(بار،علب ليلية) تتحول إلى لعب نفسي بين ألم المصارحة وبين شكوك الظلم في الأحكام. عليها أن تعري وتفضح دواخل التصارع الفكري والإشكالي بين العدل والقانون والظلم والحيف دون قصد.

العرض بلغة فرنسية مبسطة ومنقحة لتلائم هذا العصر،لا تحتوي على الكلمات الفلسفية والأكاديمية بل سهلة ممتنعة.

يدخل المخرج نبيل لحلو قبل نهاية العرض كنادل يرتب الطاولات ويخرج للكواليس في صمت.

العرض يدخل في إطار ما اختارته إدارة المهرجان من شعار: المنعطف السردي في المسرح،عودة فنون الحكي حيث المونودراما حقل خصب للحكي والسرد بكل أنواعه. فالقاضي شخصية غالبا لا يتنبه إليه الكثيرين بل الأغلب يتجه نحو المتهم أو الشرطة داخل فضاء المحاكم.

محمد سامي / مجلة الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *