الرؤى الإخراجية لتشكيل العرض في مسرح علي بن عياد

فاتن حسين ناجي 
 
يشكل الموجود في الواقع العام نقطة انطلاق المخرج للبحث عن كل ماهو مخالف للوجود، وبقدر مايكون الموجود او الواقع الفكري والاجتماعي والسياسي حاضراً بقدر ماتكون  انطلاقة الفكرة الأساس فاعلة في موضعها الانتقادي للواقع .وثيمة البحث عن حداثة وثيمة التجديد هي اهم المنطلقات التي انطلق منها بن عياد في مسيرته المسرحية . .

علي بن عياد ممثل ومخرج مسرحي تونسي، ولد في 1930، وتوفي بباريس (فرنسا) 1972. في عام 1963  بدأ بإدارة فرقة بلدية تونس للمسرح. احدث في المسرح تغييرا جذريا كان يبدو حينها ضرباً من الحلم والرؤى المستقبلية للتقنيات الحديثة. فقد اهتم هذا الفنان باستخدام  الوسائل والأدوات المستعملة في المسرح كالملقن ودور الستارة الخارجية واستعمل الأضواء والستائر السوداء ليعطي للمشاهد المسرحية صورة خاصة مميزة ومقيدة بأطر تبرز مابداخل المشهد من ديكور وأزياء. وباستخدامه للستائر السوداء والأضواء يكون من اول الممهدين العرب للمسرح الأسود من خلال تركيزه على تقنية مزج الأضواء مع الستائر السوداء حيث ان بن عياد كان فناناً يدرك ضرورة الخيال وضرورة إدراك كون التكوين العام للتقنية المسرحية امتداداً للخيال المسرحي ذاته . اما عن الأزياء ذاتها فقد اكد بن عياد على أهمية إبراز التراث التونسي في الأعمال المسرحية وان على مصصم الأزياء ان يضيف تلك الصورة التونسية المشرقة على جميع مكونات الزي المسرحي. ولعل تعاونه المتكرر مع الرسام التونسي ((زبير التركي)) (1924 – 2009)، رسام ونحات تونسي ومن كبار رواد الفن التشكيلي في تونس، اذ لم يكن دور زبير التركي مقتصراً على الرسم على الملابس فقط بل تعدى ذلك ليصمم الديكورات المسرحية للكثير من العروض التي قدمها بن عياد مخرجاً حيث ان لغة العرض شهدت تطوراً كبيراً في ذلك الوقت حيث ان تظافر جهود الزبير مع بن عياد أسس ومهد لظهور مسرح يعتبر نقلة نوعية في تاريخ المسرح على الصعيد الوطني التونسي.

كما كان لاهتمامات بن عياد بقضية المراة انعكاس على اختياره للنصوص التي يقدمها للعرض حيث ركز على النصوص التي تؤيد قضية حرية المرأة والتاكيد على دورها الأساس في المجتمعات ولم يقتصر ذلك على النصوص فقط بل كان له دور في ظهور العديد من الممثلات التونسيات على خشبة المسسرح واللاتي اصبح لهن شأن مهم في النتاج المسرحي التونسي بعد ذلك.
ولتأكيده على انتمائه الوطني وانتمائه العربي اكد بن عياد على اهمية ان تقدم المسرحيات باللغة العربية الفصحى لاسيما وان اغلب مسرحياته قدمت في باريس حيث كان يؤكد على عملية انتقال اللغة العربية الى خارج أسوارها ممزوجة بلغة العرض المسرحي ..وجاء تأكيده ايضا على ان تكون النصوص المقدمة على المسارح التونسية هي من تأليف الكتاب التونسيين حيث اقنع الكثير من الأدباء والكتّاب على ان يكتبوا للمسرح ومن بينهم عز الدين المدني .
ورغم عمره القصير إلا أن بن عياد استطاع ان يقدم 27 عملاً مسرحياً كمخرج لاسيما وان اغلب عروضه تلك عمل بها مخرجاً وممثلاً ايضا . ولم يقتصر اداؤه الفني على المسرح فقط بل تجاوز ذلك للسينما كأول الممثلين التونسيين الذين سجلوا مشاركات هامة في أفلام أجنبية حيث قام بدور البطولة في فيلم” الموت الغامض” وشارك بدور هام في فيلم” انجيليك و السلطان” وفي أفلام ”أولاد الاوغاد” و”الحب الضائع” .
———————————————–
المصدر : مجلة الفنون المسرحية – المدى

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *